Unconfigured Ad Widget

Collapse

العرب قبل البعثة

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    العرب قبل البعثة

    الحالة السياسية لم يكن للعرب فى يوم من الأيام قبل الإسلام أمة واحدة تجمع شعثهم، وتضم أطرافهم، بل كانوا قبائل متناثرة، فرقتها الصحراء الشاسعة بمفاوزها، وجبالها، وأفنتها الحروب المستعرة، والتى كانت تقوم بينها على أتفه الأسباب وأهونها. كان العرب حينئذ إحدى فرق ثلاث، أما الفريق الأول فيضم الملوك: آل غسان، وملوك الحيرة، وملوك اليمن. وهم ملوك وضعت فوق رؤوسهم التيجان، وسلب من أيديهم الاستقلال، فكان ملوك الحيرة تابعين لحكم الفرس، وكان ملوك آل غسان تابعين لحكم الروم، أما ملوك اليمن فقد تقاذفتهم أيدى الروم والأحباش تارة، والفرس أخرى، إلى أن اعتنق ملكهم الفارسى "بازان" الإسلام، فانتهى نفوذ الفرس على اليمن. وأما الفريق الثانى: فتمثل فى حكومة الحجاز والتى كانت لقريش، وقد كانت خليطًا من الصدارة الدنيوية، والزعامة الدينية، وكان العرب ينظرون إليها -على ضعفها- نظرة تقدير واحترام، وقسمت قريش بعد وفاة قصى بن كلاب المناصب بين ولديه عبد مناف وعبد الدار، فكان لبنى عبد مناف السقاية والرفادة، وجعلوها لهاشم بن عبد مناف، وكان لبنى عبد الدار دار الندوة واللواء والحجابة، وكان لقريش مناصب عدة سوى ذلك وزعوها فيما بينهم، وأما الفريق الباقى فيشمل سائر القبائل العربية المتناثرة فى الجزيرة، ومنهم من جاور غساسنة الشام، أو ملوك الحيرة، فتبعهم اسمًا لا فعلاً، ومنهم من ظل حرًا مطلقـًا داخل الجزيرة، وهؤلاء وأولئك كانوا يسمعون لرئيسهم ويطيعون، فترى القبيلة عن بكرة أبيها تسالم من سالم، وتحارب من حارب، لا تسأله، ولا تراجعه فى أمر، وهى فى ذلك تختصه بمزايا لا تكون لغيره، كحقه فى ربع الغنيمة وغيرها.

    الحالة الدينية كانت العرب تعبد الله وتوحده، متبعةً فى ذلك دين أبيهم إسماعيل -عليه السلام-، ثم جاء عمرو بن لحى رئيس خزاعة لهم بصنم رآه فى الشام فأعجبه، فجعلوه فى جوف الكعبة، يقدسونه، ويطلقون عليه هبل!! ولم تمض سنوات قلائل حتى اختلط حق إسماعيل بخرافات ابن لحى ومن طاوعه، فملأ الحرم بالأصنام حتى بلغ عددها ثلاثمائة وستين صنمـًا بعدد أيام السنة، وصار لكل قبيلة، بل لكل بيت صنم، يقدسونه، ويتعبدون له، وأصبحوا يعكفون على أصنامهم تلك، يبتهلون لها، ويستغيثون بها، ويطوفون حولها، بل ويتقربون إليها بالذبائح والحرث والأنعام، وكانوا إلى ذلك يستقسمون بالأزلام، ويضربون الميسر والقداح، ويؤمنون بأخبار الكهنة والعرافين ومن زعم التنجيم، وصارت فيهم الطيرة وهى التشاؤم بالشىء-، وعبادة النجوم والكواكب، وإنكار البعث والمعاد، وما عادوا يعرفون عن ربهم إلا النذر اليسير من بقايا حنيفية إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام-. وإلى جانب الأوثان ظهرت اليهودية فى الجزيرة العربية، حتى قيل إن عدد قبائل اليهود ربا على العشرين، كما دخلت اليمن على يد "تبان أسعد أبى كرب" الذى ذهب محاربـًا إلى يثرب فتهود، وعاد ينشر دعوته. وظهرت النصرانية فى اليمن على يد الأحباش، وانتشرت فى نجران على يد رجل زاهد صالح يسمى "فيميون"، كما دانت بها الغساسنة، وقبائل تغلب، وطىء، وغيرهم؛ لمجاورة الرومان. ومع هذه الديانات كان للمجوسية نصيب فى أرض العرب المجاورة لفارس، وعند بعض رجالات اليمن زمن احتلالها الفارسى، كما بقيت بعض آثار هزيلة للصابئية - وهى ديانة لقوم إبراهيم الكلدانيين- مختلطة مع المجوسية أو مجاورة لها.


    الحالة الاجتماعية
    مجتمع تفككت أوصاله، وانحلت أواصره، وتحطمت جدرانه، هو مجتمع لم يبق له من صفة المجتمعات إلا الاسم فحسب. هكذا كان الحال فى مجتمع العرب الجاهلى حين أصابته الأدواء الاجتماعية، فلم تتركه إلا وقد أصبح حطامـًا، انتشر فيهم الزنا وفشا فيهم، حتى ما كانوا يستترون منه، إنما يعلقون على دوره الأعلام ويغشونها، وكانوا يئدون بناتهم خشية العار، ويقتلون أبناءهم خشية الفقر، يعاقرون الخمر، ويحتفون بها، حتى شغلت كثيرًا من أشعارهم، ويتبارون فى مجالس الميسر، حتى يعدون عدم المشاركة فيها عارًا، وانحدرت أوضاع المرأة عندهم إلى قاع سحيق، وشاع فيهم الرق كقانون من قوانين الحياة، وأصاب بنيانهم التفكك الاجتماعى حتى تناثرت أشلاؤه، ثم أنت إذا عدوت تفتش عن مؤسساتهم الاجتماعية، فى التعليم، والقضاء، والطب، وغيرها، لم تجد شيئًا يذكر، أو وجدت هياكل على عروشها، إذا ولجت فيها لم تظفر إلا بالخواء.

    المرأة
    باستثناء بعض أوساط الأشراف الذين احتفظوا للمرأة بمكانتها بينهم، لم يكن للمرأة فى أرض العرب حق يعترف به، أو قوة تستند إليها. إذا ولدت سبق النور إلى بصرها وجه أبيها وقد علاه الحزن، وكساه الهم العميق، وقد يقضى عليها دون ذنب أو جريرة ألا تستمر فى الحياة أكثر من دقائق أو ساعات توأد بعدها، ويهال على وجهها البرىء التراب، فإن فرت من خطر الوأد لم يبق لها إلا حياة هى أقرب للموت منها للحياة، فكانت التى لم توأد مرة تمتد بها الحياة لتوأد فى كل يوم ألف مرة !! إن أراد وليها أن ينكحها فلا رأى لها أو نظر، وإن أراد زوجها أن يعلقها فيطلقها ثم يعيدها ثم يطلقها فيعيدها دون نهاية لذلك الوضع المهين، لم يبق لها إلا أن تستسلم وتنتظر، ثم إذا مات عنها زوجها ورثها مع متاعه ابنه أو أخوه، أو حبسها أهله لتكون فى خدمتهم وطاعتهم، فإن أرادت أن تتاجر وتشارك الرجال أسواقهم، طفف معها فى المكيال، وأصابها الظلم غير مستتر!، ثم هى مع هذا كله لا يحق لها طعام الرجال وشرابهم، إنما يتركون لها ما خلفته الموائد، وعافه النظر، فكأن المرأة فى هذه الأرض ليست إلا وسيلة متعة لرجال ليس لها عندهم إلا الظلم والقسوة والبطر.
    الرق
    قبل بزوغ شمس الحق -رسالة محمد صلى الله عليه وسلم- على الدنيا كان الرق واقعًا يسرى بين الناس دون دهشة أو إنكار، فى الدولة الرومانية وغيرها، بين اليهود الذين نظموا أساليب الاسترقاق وفقًا لتعاليم التوراة بزعمهم الباطل، وبين النصارى الذين يطالعون رسالة "بولس" إلى أهل أفسس فيقرؤون فيها: أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة!! فى بساطة قلوبكم للمسيح، ولا بخدمة العين كمن يرضى الناس، بل كعبيد المسيح، وهكذا كان شأن العرب، يسترقون الأحرار بحد السيوف فى المعارك، أو بالخطب والحيلة والغدر فى أحوال أخرى. ما كان أحد يتحدث عن الرقيق إلا باعتبارهم متاعًا يحق لسيده فيه التصرف كما يحلو له، حتى إن أراد أن يزهق روحه لم يلمه فى ذلك لائم، أو يعتب عليه عاقل، تكره الإماء على ممارسة البغاء؛ ليحصل سادتها الأجور، ويساق العبيد إلى العمل الشاق كما تساق البهائم والشياه، والأعجب من هذا كله ألا يسمع بين الرقيق صوت لمعارض أو ممانع!! كيف وهم يعلمون أنها قوانين الحياة وطبيعتها!.
    التفكك الاجتماعى
    لئن كانت صحراء الجزيرة العربية قد باعدت بين قبائل العرب وبطونها، فإن نظام العرب الاجتماعى كان أشد فرقة، وأكثر تشتتًا. لم يكن العربى يعرف سوى قبيلته، وما كانت تحركه سوى عصبيته الشديدة لها، يسالم من سالمت، ويحارب من حاربت، شعاره فى ذلك المثل العربى القائل: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. هان دم العربى على العربى، ودفعتهم طبيعتهم البدوية لحروب ضروس، ومعارك شرسة، امتد بعضها عقودًا عدة، وما حركها وأشعل نارها سوى الأسباب التافهة، والعقول السمجة، ألوفًا من الأرواح أزهقتها حرب داحس والغبراء، وما أشعلها سوى رهان بين فرسين، وأربعون عامـًا من القتال بين بكر وتغلب، وما بدأها سوى قتل كليب لناقة البسوس. وما اكتفوا بتفرقهم القبلى فحسب، بل قسمهم ترفع بعض البيوت على بعض، حتى كان التفاوت الطبقى من مسلمات المجتمع العربى، والعجيب أن يقنن ذلك فى شعائر الحج، فيسبق ناس آخرين فى الإفاضة والإجازة، ولا يشاركونهم الوقوف بعرفة لعلو منزلتهم، وسمو شرفهم بزعمهم الأحمق!.
    الحياة الاقتصادية
    ما كان للعرب صناعة سوى ما كانت تغزل نساؤهم، وما كانوا يحيكونه ويدبغونه فى أهل اليمن، والحيرة، ومشارف الشام، وتناثرت بقاع متفرقة يشتغل أهلها بالزراعة، أما الرعى فكان مهنة منتشرة على شقائها لقلة الكلأ وندرة العشب، وانصرف العرب إلى التجارة، فكانت أكبر وسيلة للتكسب والرزق، وشهدت أرض الجزيرة رحلاتهم الدائبة شمالاً وجنوبًا، صيفـًا وشتاءً، إلى الشام و اليمن، ترويجًا لتجارتهم المهمة، التى كانوا يعتمدون عليها، ويقيمون لها الأسواق الشهيرة: كعكاظ، وذى المجاز، ومجنة، وغيرها. إلا أن تجارتهم هذه، وأسواقهم تلك، كانت تتهددها حروبهم الدائمة، ومعاركهم الشرسة، وقبائل متناثرة فى الصحراء، لا تعرف لها حرفة سوى قطع طريق القوافل ونهبها؛ لذا فإن تجارتهم الخافتة ما كادت تضىء إلا فى الأشهر الحرم، وكان أهل الحجاز -العرب واليهود- يتعاطون الربا، ويبالغون فيه مبالغة شديدة، ولا يعتبرونه غبنًا أو منقصة خلق، إنما يرونه تجارة محضة، فقد سرت فيهم سريان الحياة الطبيعية.

    الحالة الخلقية
    على حدة فى الطبع، ومعاقرة للخمر، وإدمان للميسر، وإغراق فى الشهوات والملذات، وكان فى العرب من الأخلاق الحميدة، والسجايا السامية، ما يفضى إلى الدهشة، ويأخذ بالألباب. امتاز العرب بالكرم، وهان على أحدهم أن يذبح ناقته التى لا يملك هو وعياله غيرها لضيف أو عابر سبيل يمر به، وكانوا يمتدحون الخمر ويسمونها "بنت الكرم" كأنها تشجعهم على البذل والإنفاق، ويشتغلون بالميسر لأنهم ينفقون ما ربحوه على المساكين والفقراء، وتحلى العرب بخلق الوفاء بالعهد، متى كان بينهم دينًا يتمسكون به، وإن قتل فى سبيله الأولاد وخربت الديار. ولا شك أن عزة النفس، والإباء عن قبول الضيم، تبقى إحدى أهم سمات العربى التى تدفعه شجاعة وغيرة لبذل نفسه، وإزهاق روحه. وكان العرب يمتدحون خلق الحلم والأناة والتؤدة -على ندرة ذلك الخلق بينهم- ويجعلونه مفخرة لمن اكتسبه واتصف به، ومع ذلك كان العربى إذا عزم على شىء يرى فيه المجد لم يصرفه عنه صارف، حتى يصل إليه أو يهلك دونه، ويبقى بعد ذلك كله سذاجتهم البدوية، التى باعدت بينهم وبين لوثات الحضارات المحيطة بهم بمكائدها وغدرها. والحق أن صفاتهم الثمينة تلك -وإن أوردتهم المهالك؛ لبعدهم عن هداية الله سبحانه وتعالى- إلا أنها ظلت رصيدًا مهمًّـا وجدت فيه الدعوة أساسًا متينًا لإقامة الدين.


    مكة
    مكة.. بلد الله الحرام، البلد الذى شرف بالكعبة، ومجد بذكره فى القرآن، وطهر بأقدام الأنبياء وآثارهم، ذلك البلد الذى مع مكوثه فى حضن الصحراء الموحشة الواسعة، إلا أنه ظل قبلة الوفود، وهوى الأفئدة على مر العصور. بسواعد إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- شيدت الكعبة، وارتفع بنيانها عشرين قرنًا قبل ميلاد المسيح -عليه السلام-، وقد ولى أمر مكة بعد إسماعيل ولداه، نابت ثم قيدار، ثم ولى أمرها بعدهما جدهما مضاض بن عمرو الجرهمى، فلم يبق لأولاد إسماعيل من الحكم شىء، خلا مركز محترم لمكانتهم. واستمر حكم جرهم لمكة واحدًا وعشرين قرنًا من الزمان، غير أنهم ضاقت أحوالهم، وساء أمرهم، فظلموا الوافدين إلى مكة، واستحلوا مال الكعبة، حتى أدركت خزاعة ذلك، وعلمت ما بينهم وبين العدنانيين -أولاد إسماعيل- من الغيظ، فتحالفت مع بنى بكر-وهم بطن من بطون عدنان- حتى أجلوا جرهم عن مكة، ثم استبدت خزاعة بالأمر فحكموا مكة ثلاثمائة سنة، وجاء رجل هو قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى القرشى فتزوج حبى بنة حليل بن حبشة من خزاعة، وكان واليًا على مكة، حتى إذا مات حموه، قاتل خزاعة قتالاً شديدًا. وقد انضمت إليه قريش وكنانة، حتى دان له الأمر بمكة، فجمع قومه من منازلهم إلى مكة، وأنزل كل قوم من قريش منازلهم التى أصبحوا عليها. ومن مآثره أنه أسس دار الندوة، التى كانت مجمع قريش، تفصل فيها مهام أمورها، وتقضى فيها بالحسنى كبار مشكلاتها. وظل أمر مكة إلى قريش، التى امتازت بالرياسة الدينية، والشرف الدنيوى لذلك حتى بعثة النبى -صلى الله عليه وسلم-.
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
  • صالح الكناني
    عضو مشارك
    • Apr 2003
    • 179

    #2
    ولله في خلقه شئون
    [FLASH=http://www.powow.com/ehsas/alkinanis.swf]WIDTH=400 HEIGHT=300[/FLASH]

    تعليق

    • علي الدوسي
      عضو مميز
      • Jun 2002
      • 1078

      #3
      الاخ صالح الكناني اشكرك على متابعتك لمواضيعي ولك اجمل التحية
      [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]

      تعليق

      Working...