Unconfigured Ad Widget

Collapse

ماذا تطبخ أمريكا بعد احتلال العراق ؟!

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    ماذا تطبخ أمريكا بعد احتلال العراق ؟!

    قبل أن تشن واشنطن حربها على العراق وتحتل أراضيه، كانت هناك دراسات وخطط ووثائق عديدة أعدتها مراكز أبحاث أمريكية مشهورة، تضم مسئولين سابقين منذ أكثر من عامين، تحدد ملامح ما حدث الآن بالفعل ولكن لم تلتفت لها الدول العربية، أو تعاملت معها بإهمال، وكانت المفاجأة أن السيناريوهات التي وضعت في هذه الوثائق والدراسات هي ما تم تنفيذه بالفعل، ما يدفع لإعادة قراءة ما في هذه الوثائق لمرحلة ما بعد صدام !.
    فهناك عشرات المؤسسات البحثية الأمريكية من قبيل معهد بروكنز ومجلس العلاقات الخارجية ((The council on foreign Relations، ومعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وغيرها ممن يلعب دورا لصالح دوائر صنع القرار السياسي الأمريكي، مشغولة بإعداد المشاريع والتصورات عن كيفية تصرف الولايات المتحدة في العراق بعد تحقيق الانتصار العسكري المفترض، أو ما اصطلح عليه الأدبيات السياسية هناك بـ (سيناريو اليوم التالي..) بعضها وضع بالفعل تصورات للتعامل مع (العدو التالي) .
    ولا ترجع أهمية هذه المؤسسات لاعتماد التركيبة السياسية الأمريكية -بحكم وصول حكام جهلة بالشئون السياسية للسلطة - على الدراسات التي تصدر عن هذه المؤسسات ومراكز البحوث لإنارة الطريق لها فقط، ولكن أهميتها تنبع أيضا من أن المسئولين عنها هم من رجال الإدارات الأمريكية السابقة، ومسئولون استخباريون واقتصاديون سابقون، لديهم خبرات كبيرة في مناطق العالم .

    ومن أهم الدراسات التي قدمتها هذه المعاهد وغيرها مؤخرا، دراستان تكشفان النيات الأمريكية تجاه سوريا وإيران، وفترة ما بعد صدام على النحو التالي :

    الدراسة الأولى : ضد سوريا وإيران
    وهذه الدراسة أعدها خبراء (معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى) القريب من اللوبي الصهيوني (إيباك) : وهو معهد اشتهر بتقديم دراسات للحكومات الأمريكية منذ الثمانينات، وتم الأخذ بقسم كبير منها، وأبرزها وثيقة وضعها خمسون من قادة الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) والمسئولون السابقون والحاليون في عهد كلينتون، ثم نفذتها إدارة بوش الحالية ودعت – لأول مرة – لتغيير (نظم عربية) على رأسها نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين .
    والدراسة الجديدة جاءت تحت عنوان (لكي نكسب السلام في الشرق الأوسط)، وهدفها - كما قال (روبرت ساتلوف) المدير السابق للمعهد ( وهو صهيوني ليكودي التوجه) – تسهيل الأمور على الإدارة في اتخاذ القرارات، وتضمنت خمسين توصية مختلفة بشأن العراق وقضايا الإرهاب، والخطر الذي تمثله الدول التي وصفوها بـ (المارقة) مثل سوريا وإيران وليبيا والسودان، ثم الخطر الذي تمثله الدول التي وصفوها بـ(السلطوية) أو authoritarian government على المصالح الأمريكية، وأخيراً عملية السلام الفلسطينية –الإسرائيلية .
    ويمكن تلخيص أخطر ما في هذه الوثيقة على النحو التالي :
    1- ركزت الوثيقة على موقف أمريكي جديد وخطير، يتلخص في أن الموقف الآن -بعد احتلال العراق- يختلف كلياً عن الموقف في عام 1991 من زاوية أن تحرير الكويت بواسطة تحالف دولي شاركت فيه الدول العربية عام 1991 خلق وضعاً جديداً للعرب، تلخص في التوجه نحو تسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي (اتفاقات أوسلو)، أما الآن فهناك وضع جديد يتلخص في أن هناك حرباً أمريكية مستمرة على الإرهاب، وتقوم بها واشنطن وحدها، وبالتالي فليس هناك جوائز لأحد !.
    وقد لخص (ساتلوف) هذا بقوله: "إن البيئة السياسية الحالية تختلف جذريا عن تلك التي تسود عقب تحرير الكويت، إذ إن تحرير الكويت خلق معطيات إيجابية دفعت الجميع للتوجه لعملية السلام. أما في عام 2003 فإن هناك أخطاراً تهدد المصالح الأمريكية، ويجب أن يكون لها الأولوية المطلقة "، ويعني هذا باختصار ألا تكافئ أمريكا العرب عقب الانتهاء من احتلال العراق، بل على العكس تستمر في خطواتها للتعامل مع الدول المارقة والسلطوية وفق تصور يقول إنها خطر على المصالح الأمريكية، أي أنه لا حل للقضية الفلسطينية !.
    وهنا أيضا نشير إلى قول (ريتشارد بيرل)، عضو مجلس سياسات الدفاع التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، وأبرز صقور المحافظين الجدد المؤيدين للحرب ضد العراق: أنه "لا يجب تعويض العرب على حرب العراق، من خلال الإسراع في تطبيق عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية "، وقوله – في محاضرة أمام معهد الأبحاث (أمريكان إنتربرايز) في الخامس عشر من أبريل الحالي، عن مستقبل العراق-: إن "شعورنا (نحن الأمريكيين) بأنه ينبغي علينا فعل شيء لتعويض العرب؛ لأننا ذهبنا إلى العراق، وحاربنا حربا لتحرير العراق". فهو ينتقص من نبالة ما حدث في العراق، ويرسل رسالة سيكولوجية خاطئة".
    دعوته صراحة إلى استبعاد كل من عارضوا تحرير العراق؛ لأن أمريكا – كما قال - ليست في حاجة لهم؛ لأنها لن تحتاجهم في تمويل عملية إعادة بناء العراق؛ لأن العراق يمتلك موارد وطنية هائلة، ثم دعوته الكونجرس لبدء دعمه للجماعات المعارضة للنظام السوري في الخارج !.
    2- تشدد الوثيقة الأمريكية على ضرورة التصعيد الفوري مع سوريا، ( لاحظ تصريحات بوش ورامسفيلد الأخيرة ضد سوريا)، وتهديد سوريا صراحة والتلويح لها بالحوافز (زيارة كولن باول لسوريا تتولى هذا الجانب)؛ للتخلي عن سلوكها المتعلق بدعم جماعات حزب الله والجهاد، والتخلي عن أسلحة الدمار الشامل، أوالتهديد بإجراءات عقابية، مع تذكيرها أن القوات الأمريكية على حدودها، وأنها باتت محاصرة بدول صديقة لأمريك (إسرائيل وتركيا والعراق والأردن)، وكذلك الحال مع إيران، مع التركيز على سوريا أولاً .
    3- تشير الوثيقة بوضوح إلى أن الغرب سوف يقلل اعتماده على السعودية، في إشارة لمسألة الوجود الأمريكي هناك، وأن الجيش العراقي الوليد الموالي للغرب سوف يلعب دوراً في حفظ الأمن في منطقة الخليج، مع تحديد حجم قوة هذا الجيش الجديد، وفق استجابة طهران للضغوط الأمريكية أم لا ؟!.
    4- كانت الخيارات التي قدمتها الوثيقة بشأن القضية الفلسطينية باهتة وغامضة، وتفتح الباب للإسرائيليين؛ ليفعلوا ما يشاءون، حيث وضعت ثلاثة خيارات تدور حول التوصل لاتفاق وفق خارطة الطريق، أو آخر محدود لدولة فلسطينية مؤقتة، أو ترك الطرفين يدبران أمرهما!.. والملفت هنا أن السفير الإسرائيلي في أمريكا سابقاً (صمويل لويس) هو الذي اعترض على هذا التصور، بخصوص القضية الفلسطينية، واستغرب عدم مطالبة الوثيقة إسرائيل بفعل أي شيء محدد في الفترة المقبلة، أو تحديد أي خطوة أو طلب منها!!.

    الدراسة الثانية : ماذا نفعل في العراق ؟
    وهذه الدراسة بعنوان (مبادئ مرشدة لسياسة الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد الصراع مع العراق..)، وهي عبارة عن تقرير (لمجموعة عمل مستقلة) مدعومة من قبل مجلس العلاقات الخارجية، القريب جداً من دوائر صنع القرار في واشنطن، وكذلك من المعهد الثالث لـ(جيمس بيكر) للسياسات العامة في جامعة ريس(The James A. Baker III Institute for public policy of Rice University )، والمشاركون الرئيسيون في صياغة التقرير هم: إدوارد جيرجيان، فرانكج، ويسنر، راشيل برونسون، اندرو ويسس.
    ومع أن هذا التقرير ليس هو بالطبع ما ستفعله واشنطن في العراق بدقة، ولكنه يضع بعض استرشادات لتحرك الإدارة الأمريكية، يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي :
    1- المذكرة تقترح على الإدارة الأمريكية أن تتبنى منهجاً ثلاثي الأبعاد؛ للتمييز بين ضرورات المدى القصير، وأهداف وغايات المدى البعيد، والأهداف على المدى المتوسط، والتحدي الحقيقي سيكون نقل العراق من وضعه الحالي، إلى مستقبل أكثر أمناً ورفاهية، مع توقع أن يكون إعمار العراق عملاً شاقاً، ومرهقاً وخطراً .
    2- تقترح المذكرة خلق خلية لوضع استراتيجية للتعامل مع العراق، وإيجاد منصب منسق للعراق، ( U.S coordinator of IRAQ) يجب أن يكون له دعم كامل من البيت الأبيض، وتعطى له صلاحيات لإدارة الدبلوماسية العامة، وقيادة عمل القوات الأمريكية في عراق ما بعد صدام، (يلاحظ هنا دور الحاكم العسكري الأمريكي الجديد جي جارنر الذي يمثل الإدارة المدنية) .
    3- تؤكد الوثيقة أن الدور الامريكي لن يتوقف عند التدمير المادي لأسلحة الدمار الشامل ووسائل نقلها، بل يجب أن تتواصل في المستقبل، وتؤكد أن قوة العراق في عقول علمائه!، لذا يجب متابعة هؤلاء والتاكد من تحولهم للإطار المدني، ومحاكمة كبار العلماء المسؤولين عن إسلحة الدمار الشامل، ومنع اجتذاب هؤلاء العلماء للدول الإرهابية والخارجة عن القانون .
    وهنا يثور سؤال مهم: لماذا تنجح الحكومات الغربية في مخططاتها لتحقيق مصالح بلادها على حساب ما يمكن تسميته – تجاوزاً– المخططات العربية للدفاع عن مصالح أبناء شعبها؟! .. والجواب ببساطة: أن العلاقة بين المثقف والسلطة هناك محترمة ومصانة، وهناك سوابق تاريخية على أدوار لعبها مثقفون في التأثير على السلطة في الغرب، أما في العالم العربي فمكان المثقف هو المعتقل، لو تجرأ وطرح أي أفكار جدية على السلطة تنقص من سطوتها، ولا مكان إلا للمتزلفين والمصفقين !.
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
Working...