في كل بقعة على أرض الله قلب يخفق بحبه، ويشفق من عقابه، ويسبح بحمده، قلوب نعمت بدين الفطرة، وأخرى ولدت مسلمة، ولكنها حادت عن فطرتها لتعود إليها مرة أخرى معلنة إسلامها بعد عمر من النصرانية أو الإلحاد.
معنا قلبان، قلب مسلم أمريكي، يعمل أستاذًا للرياضيات، ومع ذلك لم يستطع أن ينظر إلى صلاته لأول مرة سوى نظرة روحية بعيدة عن الحسابات والمنطق، ويصفها وصفًا بليغًا
والثاني ياباني، أحب الإسلام من خلال مجموعة عايشهم وهو على إلحاده وعندما أسلم كانوا أول من علمه الدين وباركوا إسلامه
جيفري لانج، وأمين توكوماس أخوان في العقيدة، أحدهما في أقصى الغرب، والآخر فى أقصى الشرق، ولكنهما رأيا معًا بقلب وعقل واحد عظمة الإسلام
أمين وفاطمة من البوذية إلى ترجمة الكتب الإسلامية والرغبة فى دراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية .
تحكي الكاتبة المسلمة «سارة تاكاهاشى» فى دراستها حكاية أسرة مسلمة بطلها «كيمياكي توكوماس» الذي صار فيما بعد «أمين توكوماس»، فتقول: ولد أمين توكوماس في بلدة هماماتس الواقعة في محافظة «شيزوكا» بين مدينة طوكيو وأوساكا، وبدأت علاقته بالبروفسور «عبد الكريم سايتو» من خلال دراسة اللغة العربية، ولا يزال «أمين توكوماس» يذكر الأثر العميق الذي تركه في نفسه مدرسو اللغة العربية، فيقول: كان المدرسون في معظمهم من الطلاب المبعوثين من البلاد العربية للدراسة في اليابان، ومن موظفى السفارات العربية، وأذكر منهم الأستاذ بيومي الذي قدم من جامعة الأزهر ليكمل دراسته في جامعة طوكيو، والأستاذ عمر الذي قدم من جامعة الأسكندرية لدراسة الكيمياء، أما الأستاذ درديرى فكان موظفًا في السفارة المصرية.
ويذكر أمين توكوماس أن الدكتور صالح السامرائي، وهو من العراق كان يدرس فى اليابان، ويدير المركز الإسلامي في طوكيو، والدكتور موسى السوداني كانا يقومان بتدريس اللغة العربية أحيانًا، ويساعدهما في ذلك الدكتور مصطفى السباعي أحد الطلاب السوريين.
وهنا يقول أمين توكوماس: من خلال هؤلاء جميعًا تعرفت وزملائي على الإسلام، فقد ربطتنا بهم علاقة طيبة، وكانوا مخلصين في عملهم، وفي حياتهم، فكانوا عونًا لنا في شرح كل ما يتعلق بجوانب الحياة الإسلامية، بدأنا قراءة القرآن الكريم عن طريق الترجمة اليابانية لمعانيه، تلك الترجمة التى قام بها الأستاذ «إيتستو» وهو ياباني غير مسلم، وهي في ثلاثة أجزاء.
إلـى مصــر
تضيف الدراسة: حين كان أمين توكوماس في السنة الثالثة من المرحلة الجامعية رغب في السفر إلى بلد مسلم ليتعرف على الإسلام، وبناء على نصيحة البروفسور «عبد الكريم سايتو» سافر أمين إلى مصر، كما يقول أمين توكوماس: ذهبت عام 1965 للدراسة في جامعة الأزهر، وكان ذلك على حساب المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبقيت في مصر حتى عام 1975 أي عشر سنوات مرت سريعة أذكرها بسعادة، ففي تلك الفترة تعرفت على زوجتى، والتى التقيتها أول مرة حين اندلعت حرب 1967، كانت الطالبة اليابانية الوحيدة في القاهرة، كانت تدرس في قسم اللغة العربية بآداب القاهرة طالبة مستمعة، وكنت قد قطعت المسافة من طوكيو إلى بور سعيد بالسفينة، وحصلت على منحة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وهي متواضعة، فعملت زوجتي في شركة الخطوط الجوية اليابانية إلى جانب دراستها بقسم اللغة العربية.
حيـاة حـافلة
عاد أمين إلى طوكيو عام 1971 ليعقد قرانه على شريكة حياته، وكانت تعتنق المسيحية، فأعلنت إسلامها بعد الزواج، وأخذت تدرس الإسلام بعمق، كما يقول أمين، تم عقد القران، وكان أمامنا يوم واحد فقط قضيناه معًا فى فندق المطار؛ إذ كان عليّ أن أعود إلى القاهرة لاستكمال الدراسة، أما زوجتي فلحقت بي بعد ستة أشهر، كنت أدرس في قسم الدراسات الخاصة بمدينة البعوث الإسلامية، ثم قدمت طلبًا للالتحاق بكلية التجارة جامعة القاهرة، كنا مجموعة من الطلبة المسلمين أردنا أن نوزع التخصصات على أنفسنا.
تقول الدراسة: كانت حياة أمين مع زوجته فاطمة حياة ملأى بالدراسة، والعمل من أجل الإسلام، والتعريف بمبادئ الإسلام، وكانت الزوجة تعمل أحيانًا، وتتفرغ أحيانًا لرعاية طفلتيها، ثم جذبها العمل الإسلامى، فأرادت أن تقدم لليابانيين نماذج من الفكر الإسلامي، وأخذت تبحث هنا وهناك إلى أن وجدت كتاب «نساء النبيي» للدكتورة بنت الشاطئ، فأرادت أن تترجمه حتى تصحح المفاهيم الخاطئة لدى اليابانيين عن تعدد الزوجات في الإسلام، وكما يقول أمين: فكرنا معًا، ورأت زوجتى أن تقوم بزيارة للدكتورة بنت الشاطئ، فقابلناها، وطلبت زوجتي منها الإذن بترجمة كتاب نساء النبى، فرحبت الدكتورة بذلك كثيرًا، وبدأت زوجتي الترجمة، ونشرت جريدة الأهرام القاهرية هذا الخبر.
وتقول الدراسة: لم تكتف السيدة فاطمة بترجمة كتاب نساء النبي، بل قامت بترجمة بنات النبي، وطبع الكتابان بلغة يابانية جميلة.
مسلم أمريكي يحكي شعوره فى أول صلاة
هل يذكر أحد أول صلاة؟ له وكيف كانت مشاعره وهو يؤديها؟
هل يستطيع واحد منا أن يصف الفارق بين هذه الصلاة وآخر صلاة أداها ويرصد التطور الشعوري الروحي له بين الصلاتين؟
مسلم أمريكي فعل هذا، وتحدث عن أول صلاة أداها بعد دخوله فى الإسلام، وهو «جفرى لانج» أستاذ مساعد الرياضيات والذي يحكي عن تجربة أول ركعة له.
الأستاذ جفري لانج أستاذ مساعد الرياضيات
فى اليوم الذى اعتنقت فيه الإسلام، قدّم إليّ إمام المسجد كتيبًا يشرح
كيفية أداء الصلاة، غير أني فوجئت بما رأيته من قلق الطلاب المسلمين، فقد ألحوا عليّ بعبارات مثل: «خذ راحتك»، «لا تضغط على نفسك كثيرًا»، «من الأفضل أن تأخذ وقتك»، «ببطء شيئًا فشيئًا»، وتساءلت فى نفسى: «هل الصلاة صعبة إلى هذا الحد؟».
لكنني تجاهلت نصائح الطلاب، فقررت أن أبدأ فورًا بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها، وفي تلك الليلة أمضيت وقتًا طويلاً جالسًا على الأريكة في غرفتى الصغيرة بإضاءتها الخافتة؛ حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها، وكذلك الآيات القرآنية التي سأتلوها، والأدعية الواجب قراءتها في الصلاة، وبما أن معظم ما كنت سأتلوه كان باللغة العربية، فقد لزمني حفظ النصوص بلفظها العربي، وبمعانيها باللغة الإنكليزية.
وتفحصت الكتيب ساعات عدة، قبل أن أجد في نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى، وكان الوقت قد قارب منتصف الليل، لذلك قررت أن أصلي صلاة العشاء، دخلت الحمام، ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحًا على الصفحة التى تشرح الوضوء، وتتبعت التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة، بتأنٍّ ودقة، مثل طاهٍ يجرب وصفةً لأول مرة في المطبخ، وعندما انتهيت من الوضوء، أغلقت الصنبور، وعدت إلى الغرفة والماء يقطر من أطرافي، إذ تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب ألا يجفف المتوضئ نفسه بعد الوضوء، ووقفت في منتصف الغرفة، متوجهًا إلى ما كنت أحسبه اتجاه القبلة.
نظرت إلى الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب شقتى، ثم توجهت إلى الأمام، واعتدلت في وقفتي، وأخذت نفسًا عميقًا، ثم رفعت يديّ براحتين مفتوحتين، ملامسًا شحمتى الأذنين بإبهاميّ.
ثم بعد ذلك قلت بصوت خافت «الله أكبر»، كنت آمل ألا يسمعنى أحد، فقد كنت أشعر بشيء من الانفعال؛ إذ لم أستطع التخلص من قلقي من كون أحد يتجسس عليّ، وفجأة أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة، وتساءلت: ماذا لو رآنى أحد الجيران؟ تركت ما كنت فيه، وتوجهت إلى النافذة، ثم جلت بنظري في الخارج لأتأكد من عدم وجود أحد، وعندما رأيت الباحة الخلفية خالية، أحسست بالارتياح، فأغلقت الستائر، وعدت إلى منتصف الغرفة.
ومرة أخرى توجهت إلى القبلة، واعتدلت في وقفتي، ورفعت يدي إلى أن لامس الإبهامان شحمتي أذني، ثم همست «الله أكبر».
وبصوت خافت لا يكاد يسمع، قرأت الفاتحة، فاتحة الكتاب ببطء وتلعثم، ثم أتبعتها بسورة قصيرة باللغة العربية، وإن كنت أظن أن أي عربي لم يكن ليفهم شيئًا لو سمع تلاوتي تلك الليلة.
ثم بعد ذلك تلفظت بالتكبير مرة أخرى بصوت خافت، وانحنيت راكعًا حتى صار ظهرى متعامدًا مع ساقى، واضعًا كفي علي ركبتي، وشعرت بالإحراج؛ إذ لم أنحن لأحد فى حياتي، ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة، وبينما كنت لا أزال راكعًا، كررت عبارة «سبحان ربي العظيم» عدة مرات، ثم اعتدلت واقفًا وأنا أقرأ: «سمع الله لمن حمده»، ثم «ربنا ولك الحمد».
أحسست بقلبي يخفق بشدة، وتزايد انفعالي عندما كبّرت مرةً أخرى بخضوع، فقد حان وقت السجود، وتجمدت في مكاني، بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي؛ حيث كان عليّ أن أهوي إليها علي أطرافي الأربعة، وأضع وجهي على الأرض.
لم أستطع أن أفعل ذلك.
لم أستطع أن أنزل بنفسي إلى الأرض، لم أستطع أن أذل نفسي بوضع أنفي على
الأرض، شأنَ العبد الذي يتذلل أمام سيده، لقد خيل لي أن ساقى مقيدتان لا تقدران على الانثناء، لقد أحسست بكثير من العار والخزي، وتخيلت ضحكات أصدقائي ومعارفي وقهقهاتهم، وهم يراقبونني، وأنا أجعل من نفسي مغفلاً أمامهم، وتخيلت كم سأكون مثيرًا للشفقة والسخرية بينهم، وكدت أسمعهم يقولون: «مسكين، فقد أصابه العرب بمسّ في سان فرانسيسكو، أليس كذلك؟».
وأخذت أدعو: «أرجوك، أرجوك أعنّي على هذا»، أخذت نفسًا عميقًا، وأرغمت نفسي على النزول، الآن صرت علي أربعتي، ثم ترددت لحظات قليلة، وبعد ذلك ضغطت وجهي على السجادة.
أفرغت ذهني من كل الأفكار، وتلفظت ثلاث مرات بعبارة «سبحان ربي الأعلى»، «الله أكبر» قلتها، ورفعت من السجود جالسًا على عقبي، وأبقيت ذهني فارغًا، رافضًا السماح لأي شيء أن يصرف انتباهي، «الله أكبر»، ووضعت وجهي على الأرض مرة أخرى، وبينما كان أنفي يلامس الأرض، رحت أكرر عبارة «سبحان ربي الأعلى» بصورة آلية، فقد كنت مصممًا على إنهاء الأمر مهما كلفنى ذلك، «الله أكبر»، وانتصبت واقفًا، فيما قلت لنفسى: لا تزال هناك ثلاث جولات أمامي، وصارت عواطفي وكبريائي في ما تبقى لي من الصلاة، لكن الأمر صار أهون في كل شوط، حتى أنني كنت في سكينة شبه كاملة في آخر سجدة.
ثم قرأت التشهد في الجلوس الأخير، وأخيرًا سلمتُ عن يميني وشمالي، وبينما بلغ بي الإعياء مبلغه، بقيت جالسًا على الأرض، وأخذت أراجع المعركة التي مررت بها، لقد أحسست بالإحراج لأنني عاركت نفسي كل ذلك العراك في سبيل أداء الصلاة إلى آخرها، ودعوت برأس منخفض خجلاً: «اغفر لي تكبري وغبائي، فقد أتيت من مكان بعيد، ولا يزال أمامي سبيل طويل لأقطعه».
وفي تلك اللحظة، شعرت بشيء لم أجربه من قبل، ولذلك يصعب عليّ وصفه بالكلمات، فقد اجتاحتنى موجة لا أستطيع أن أصفها إلا بأنها كالبرودة، وبدا لى أنها تشع من نقطة ما في صدري، وكانت موجة عارمة، فوجئت بها في البداية، حتى أنني أذكر أنني كنت أرتعش، غير أنها كانت أكثر من مجرد شعور جسدي، فقد أثرت في عواطفي بطريقة غريبة أيضًا، لقد بدا كأن الرحمة قد تجسدت فى صورة محسوسة، وأخذت تغلفني وتتغلغل فيّ، ثم بدأت بالبكاء من غير أن أعرف السبب.
فقد أخذت الدموع تنهمر على وجهي، ووجدت نفسي أنتحب بشدة، وكلما ازداد بكائي ازداد إحساسي بأن قوة خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني، ولم أكن أبكي بدافع من الشعور بالذنب، رغم أنه يجدر بي ذلك، ولا بدافع من الخزي أو السرور، لقد بدا كأن سدًا قد انفتح مطلِقًا عنانَ مخزونٍ عظيم من الخوف والغضب بداخلي.
وبينما أنا أكتب هذه السطور، لا يسعني إلا أن أتساءل عما لو كانت مغفرة الله (عز وجل) لا تتضمن مجرد العفو عن الذنوب، بل وكذلك الشفاء والسكينة أيضًا.
ظللت لبعض الوقت جالسًا على ركبتي، منحنيًا إلى الأرض، منتحبًا ورأسي بين كفي، وعندما توقفت عن البكاء أخيرًا، كنت قد بلغت الغاية فى الإرهاق، فقد كانت تلك التجربة جارفة وغير مألوفة إلى حد لم يسمح لي حينئذ أن أبحث عن تفسيرات عقلانية لها، وقد رأيت حينها أن هذه التجربة أغرب من أن أستطيع إخبار أحد بها.
أما أهم ما أدركته في ذلك الوقت: فهو أنني في حاجة ماسة إلى الله، وإلى الصلاة، وقبل أن أقوم من مكاني دعوت بهذا الدعاء الأخير: «اللهم إذا تجرأتُ على الكفر بك مرة أخرى، فاقتلني قبل ذلك - خلصني من هذه الحياة».
من الصعب جدًا أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب، لكنني لا أستطيع أن أعيش يومًا واحدًا آخر، وأنا أنكر وجودك.
معنا قلبان، قلب مسلم أمريكي، يعمل أستاذًا للرياضيات، ومع ذلك لم يستطع أن ينظر إلى صلاته لأول مرة سوى نظرة روحية بعيدة عن الحسابات والمنطق، ويصفها وصفًا بليغًا
والثاني ياباني، أحب الإسلام من خلال مجموعة عايشهم وهو على إلحاده وعندما أسلم كانوا أول من علمه الدين وباركوا إسلامه
جيفري لانج، وأمين توكوماس أخوان في العقيدة، أحدهما في أقصى الغرب، والآخر فى أقصى الشرق، ولكنهما رأيا معًا بقلب وعقل واحد عظمة الإسلام
أمين وفاطمة من البوذية إلى ترجمة الكتب الإسلامية والرغبة فى دراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية .
تحكي الكاتبة المسلمة «سارة تاكاهاشى» فى دراستها حكاية أسرة مسلمة بطلها «كيمياكي توكوماس» الذي صار فيما بعد «أمين توكوماس»، فتقول: ولد أمين توكوماس في بلدة هماماتس الواقعة في محافظة «شيزوكا» بين مدينة طوكيو وأوساكا، وبدأت علاقته بالبروفسور «عبد الكريم سايتو» من خلال دراسة اللغة العربية، ولا يزال «أمين توكوماس» يذكر الأثر العميق الذي تركه في نفسه مدرسو اللغة العربية، فيقول: كان المدرسون في معظمهم من الطلاب المبعوثين من البلاد العربية للدراسة في اليابان، ومن موظفى السفارات العربية، وأذكر منهم الأستاذ بيومي الذي قدم من جامعة الأزهر ليكمل دراسته في جامعة طوكيو، والأستاذ عمر الذي قدم من جامعة الأسكندرية لدراسة الكيمياء، أما الأستاذ درديرى فكان موظفًا في السفارة المصرية.
ويذكر أمين توكوماس أن الدكتور صالح السامرائي، وهو من العراق كان يدرس فى اليابان، ويدير المركز الإسلامي في طوكيو، والدكتور موسى السوداني كانا يقومان بتدريس اللغة العربية أحيانًا، ويساعدهما في ذلك الدكتور مصطفى السباعي أحد الطلاب السوريين.
وهنا يقول أمين توكوماس: من خلال هؤلاء جميعًا تعرفت وزملائي على الإسلام، فقد ربطتنا بهم علاقة طيبة، وكانوا مخلصين في عملهم، وفي حياتهم، فكانوا عونًا لنا في شرح كل ما يتعلق بجوانب الحياة الإسلامية، بدأنا قراءة القرآن الكريم عن طريق الترجمة اليابانية لمعانيه، تلك الترجمة التى قام بها الأستاذ «إيتستو» وهو ياباني غير مسلم، وهي في ثلاثة أجزاء.
إلـى مصــر
تضيف الدراسة: حين كان أمين توكوماس في السنة الثالثة من المرحلة الجامعية رغب في السفر إلى بلد مسلم ليتعرف على الإسلام، وبناء على نصيحة البروفسور «عبد الكريم سايتو» سافر أمين إلى مصر، كما يقول أمين توكوماس: ذهبت عام 1965 للدراسة في جامعة الأزهر، وكان ذلك على حساب المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبقيت في مصر حتى عام 1975 أي عشر سنوات مرت سريعة أذكرها بسعادة، ففي تلك الفترة تعرفت على زوجتى، والتى التقيتها أول مرة حين اندلعت حرب 1967، كانت الطالبة اليابانية الوحيدة في القاهرة، كانت تدرس في قسم اللغة العربية بآداب القاهرة طالبة مستمعة، وكنت قد قطعت المسافة من طوكيو إلى بور سعيد بالسفينة، وحصلت على منحة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وهي متواضعة، فعملت زوجتي في شركة الخطوط الجوية اليابانية إلى جانب دراستها بقسم اللغة العربية.
حيـاة حـافلة
عاد أمين إلى طوكيو عام 1971 ليعقد قرانه على شريكة حياته، وكانت تعتنق المسيحية، فأعلنت إسلامها بعد الزواج، وأخذت تدرس الإسلام بعمق، كما يقول أمين، تم عقد القران، وكان أمامنا يوم واحد فقط قضيناه معًا فى فندق المطار؛ إذ كان عليّ أن أعود إلى القاهرة لاستكمال الدراسة، أما زوجتي فلحقت بي بعد ستة أشهر، كنت أدرس في قسم الدراسات الخاصة بمدينة البعوث الإسلامية، ثم قدمت طلبًا للالتحاق بكلية التجارة جامعة القاهرة، كنا مجموعة من الطلبة المسلمين أردنا أن نوزع التخصصات على أنفسنا.
تقول الدراسة: كانت حياة أمين مع زوجته فاطمة حياة ملأى بالدراسة، والعمل من أجل الإسلام، والتعريف بمبادئ الإسلام، وكانت الزوجة تعمل أحيانًا، وتتفرغ أحيانًا لرعاية طفلتيها، ثم جذبها العمل الإسلامى، فأرادت أن تقدم لليابانيين نماذج من الفكر الإسلامي، وأخذت تبحث هنا وهناك إلى أن وجدت كتاب «نساء النبيي» للدكتورة بنت الشاطئ، فأرادت أن تترجمه حتى تصحح المفاهيم الخاطئة لدى اليابانيين عن تعدد الزوجات في الإسلام، وكما يقول أمين: فكرنا معًا، ورأت زوجتى أن تقوم بزيارة للدكتورة بنت الشاطئ، فقابلناها، وطلبت زوجتي منها الإذن بترجمة كتاب نساء النبى، فرحبت الدكتورة بذلك كثيرًا، وبدأت زوجتي الترجمة، ونشرت جريدة الأهرام القاهرية هذا الخبر.
وتقول الدراسة: لم تكتف السيدة فاطمة بترجمة كتاب نساء النبي، بل قامت بترجمة بنات النبي، وطبع الكتابان بلغة يابانية جميلة.
مسلم أمريكي يحكي شعوره فى أول صلاة
هل يذكر أحد أول صلاة؟ له وكيف كانت مشاعره وهو يؤديها؟
هل يستطيع واحد منا أن يصف الفارق بين هذه الصلاة وآخر صلاة أداها ويرصد التطور الشعوري الروحي له بين الصلاتين؟
مسلم أمريكي فعل هذا، وتحدث عن أول صلاة أداها بعد دخوله فى الإسلام، وهو «جفرى لانج» أستاذ مساعد الرياضيات والذي يحكي عن تجربة أول ركعة له.
الأستاذ جفري لانج أستاذ مساعد الرياضيات
فى اليوم الذى اعتنقت فيه الإسلام، قدّم إليّ إمام المسجد كتيبًا يشرح
كيفية أداء الصلاة، غير أني فوجئت بما رأيته من قلق الطلاب المسلمين، فقد ألحوا عليّ بعبارات مثل: «خذ راحتك»، «لا تضغط على نفسك كثيرًا»، «من الأفضل أن تأخذ وقتك»، «ببطء شيئًا فشيئًا»، وتساءلت فى نفسى: «هل الصلاة صعبة إلى هذا الحد؟».
لكنني تجاهلت نصائح الطلاب، فقررت أن أبدأ فورًا بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها، وفي تلك الليلة أمضيت وقتًا طويلاً جالسًا على الأريكة في غرفتى الصغيرة بإضاءتها الخافتة؛ حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها، وكذلك الآيات القرآنية التي سأتلوها، والأدعية الواجب قراءتها في الصلاة، وبما أن معظم ما كنت سأتلوه كان باللغة العربية، فقد لزمني حفظ النصوص بلفظها العربي، وبمعانيها باللغة الإنكليزية.
وتفحصت الكتيب ساعات عدة، قبل أن أجد في نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى، وكان الوقت قد قارب منتصف الليل، لذلك قررت أن أصلي صلاة العشاء، دخلت الحمام، ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحًا على الصفحة التى تشرح الوضوء، وتتبعت التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة، بتأنٍّ ودقة، مثل طاهٍ يجرب وصفةً لأول مرة في المطبخ، وعندما انتهيت من الوضوء، أغلقت الصنبور، وعدت إلى الغرفة والماء يقطر من أطرافي، إذ تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب ألا يجفف المتوضئ نفسه بعد الوضوء، ووقفت في منتصف الغرفة، متوجهًا إلى ما كنت أحسبه اتجاه القبلة.
نظرت إلى الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب شقتى، ثم توجهت إلى الأمام، واعتدلت في وقفتي، وأخذت نفسًا عميقًا، ثم رفعت يديّ براحتين مفتوحتين، ملامسًا شحمتى الأذنين بإبهاميّ.
ثم بعد ذلك قلت بصوت خافت «الله أكبر»، كنت آمل ألا يسمعنى أحد، فقد كنت أشعر بشيء من الانفعال؛ إذ لم أستطع التخلص من قلقي من كون أحد يتجسس عليّ، وفجأة أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة، وتساءلت: ماذا لو رآنى أحد الجيران؟ تركت ما كنت فيه، وتوجهت إلى النافذة، ثم جلت بنظري في الخارج لأتأكد من عدم وجود أحد، وعندما رأيت الباحة الخلفية خالية، أحسست بالارتياح، فأغلقت الستائر، وعدت إلى منتصف الغرفة.
ومرة أخرى توجهت إلى القبلة، واعتدلت في وقفتي، ورفعت يدي إلى أن لامس الإبهامان شحمتي أذني، ثم همست «الله أكبر».
وبصوت خافت لا يكاد يسمع، قرأت الفاتحة، فاتحة الكتاب ببطء وتلعثم، ثم أتبعتها بسورة قصيرة باللغة العربية، وإن كنت أظن أن أي عربي لم يكن ليفهم شيئًا لو سمع تلاوتي تلك الليلة.
ثم بعد ذلك تلفظت بالتكبير مرة أخرى بصوت خافت، وانحنيت راكعًا حتى صار ظهرى متعامدًا مع ساقى، واضعًا كفي علي ركبتي، وشعرت بالإحراج؛ إذ لم أنحن لأحد فى حياتي، ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة، وبينما كنت لا أزال راكعًا، كررت عبارة «سبحان ربي العظيم» عدة مرات، ثم اعتدلت واقفًا وأنا أقرأ: «سمع الله لمن حمده»، ثم «ربنا ولك الحمد».
أحسست بقلبي يخفق بشدة، وتزايد انفعالي عندما كبّرت مرةً أخرى بخضوع، فقد حان وقت السجود، وتجمدت في مكاني، بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي؛ حيث كان عليّ أن أهوي إليها علي أطرافي الأربعة، وأضع وجهي على الأرض.
لم أستطع أن أفعل ذلك.
لم أستطع أن أنزل بنفسي إلى الأرض، لم أستطع أن أذل نفسي بوضع أنفي على
الأرض، شأنَ العبد الذي يتذلل أمام سيده، لقد خيل لي أن ساقى مقيدتان لا تقدران على الانثناء، لقد أحسست بكثير من العار والخزي، وتخيلت ضحكات أصدقائي ومعارفي وقهقهاتهم، وهم يراقبونني، وأنا أجعل من نفسي مغفلاً أمامهم، وتخيلت كم سأكون مثيرًا للشفقة والسخرية بينهم، وكدت أسمعهم يقولون: «مسكين، فقد أصابه العرب بمسّ في سان فرانسيسكو، أليس كذلك؟».
وأخذت أدعو: «أرجوك، أرجوك أعنّي على هذا»، أخذت نفسًا عميقًا، وأرغمت نفسي على النزول، الآن صرت علي أربعتي، ثم ترددت لحظات قليلة، وبعد ذلك ضغطت وجهي على السجادة.
أفرغت ذهني من كل الأفكار، وتلفظت ثلاث مرات بعبارة «سبحان ربي الأعلى»، «الله أكبر» قلتها، ورفعت من السجود جالسًا على عقبي، وأبقيت ذهني فارغًا، رافضًا السماح لأي شيء أن يصرف انتباهي، «الله أكبر»، ووضعت وجهي على الأرض مرة أخرى، وبينما كان أنفي يلامس الأرض، رحت أكرر عبارة «سبحان ربي الأعلى» بصورة آلية، فقد كنت مصممًا على إنهاء الأمر مهما كلفنى ذلك، «الله أكبر»، وانتصبت واقفًا، فيما قلت لنفسى: لا تزال هناك ثلاث جولات أمامي، وصارت عواطفي وكبريائي في ما تبقى لي من الصلاة، لكن الأمر صار أهون في كل شوط، حتى أنني كنت في سكينة شبه كاملة في آخر سجدة.
ثم قرأت التشهد في الجلوس الأخير، وأخيرًا سلمتُ عن يميني وشمالي، وبينما بلغ بي الإعياء مبلغه، بقيت جالسًا على الأرض، وأخذت أراجع المعركة التي مررت بها، لقد أحسست بالإحراج لأنني عاركت نفسي كل ذلك العراك في سبيل أداء الصلاة إلى آخرها، ودعوت برأس منخفض خجلاً: «اغفر لي تكبري وغبائي، فقد أتيت من مكان بعيد، ولا يزال أمامي سبيل طويل لأقطعه».
وفي تلك اللحظة، شعرت بشيء لم أجربه من قبل، ولذلك يصعب عليّ وصفه بالكلمات، فقد اجتاحتنى موجة لا أستطيع أن أصفها إلا بأنها كالبرودة، وبدا لى أنها تشع من نقطة ما في صدري، وكانت موجة عارمة، فوجئت بها في البداية، حتى أنني أذكر أنني كنت أرتعش، غير أنها كانت أكثر من مجرد شعور جسدي، فقد أثرت في عواطفي بطريقة غريبة أيضًا، لقد بدا كأن الرحمة قد تجسدت فى صورة محسوسة، وأخذت تغلفني وتتغلغل فيّ، ثم بدأت بالبكاء من غير أن أعرف السبب.
فقد أخذت الدموع تنهمر على وجهي، ووجدت نفسي أنتحب بشدة، وكلما ازداد بكائي ازداد إحساسي بأن قوة خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني، ولم أكن أبكي بدافع من الشعور بالذنب، رغم أنه يجدر بي ذلك، ولا بدافع من الخزي أو السرور، لقد بدا كأن سدًا قد انفتح مطلِقًا عنانَ مخزونٍ عظيم من الخوف والغضب بداخلي.
وبينما أنا أكتب هذه السطور، لا يسعني إلا أن أتساءل عما لو كانت مغفرة الله (عز وجل) لا تتضمن مجرد العفو عن الذنوب، بل وكذلك الشفاء والسكينة أيضًا.
ظللت لبعض الوقت جالسًا على ركبتي، منحنيًا إلى الأرض، منتحبًا ورأسي بين كفي، وعندما توقفت عن البكاء أخيرًا، كنت قد بلغت الغاية فى الإرهاق، فقد كانت تلك التجربة جارفة وغير مألوفة إلى حد لم يسمح لي حينئذ أن أبحث عن تفسيرات عقلانية لها، وقد رأيت حينها أن هذه التجربة أغرب من أن أستطيع إخبار أحد بها.
أما أهم ما أدركته في ذلك الوقت: فهو أنني في حاجة ماسة إلى الله، وإلى الصلاة، وقبل أن أقوم من مكاني دعوت بهذا الدعاء الأخير: «اللهم إذا تجرأتُ على الكفر بك مرة أخرى، فاقتلني قبل ذلك - خلصني من هذه الحياة».
من الصعب جدًا أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب، لكنني لا أستطيع أن أعيش يومًا واحدًا آخر، وأنا أنكر وجودك.