بقلم د/سعود بن عبد الله الفنيسان
القنوت في النوازل في الصلاة المفروضة والنافلة سنة ثابتة عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، مجمع عليها في كل المذاهب الفقهية، وإنما وقع الاختلاف بين العلماء في القنوت لغير النازلة كالقنوت في الوتر، جاء في ذلك نصوص كثيرة منها: حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في صحيحي البخاري (804) ومسلم (675) "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حين يرفع رأسه –يعني من الركوع- يقول: سمع الله لمن حمده؛ يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول:"اللهم أنج الوليد ابن الوليد وسلمة ابن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المسلمين، اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف".
ومنها حديث عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- في سنن أبي داود (1443) قال:"قنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة؛ إذا قال: سمع الله لمن حمده –من الركعة الآخرة- يدعو على أحياء من بني سليم: على رعل وذكوان وعصيه، ويؤمِّن من خلفه".
وقفات تأملية في فقه الحديثين أمام النازلة:
1) مشروعية القنوت في أثناء الصلاة المفروضة، وإذا جاز في الفريضة ففي النافلة من باب أولى.
2) السُّنة الثابتة أن يُبدأ الدعاء بالنجاة للمسلمين المستضعفين المعتدى عليهم، قبل الدعاء بالهلاك على المعتدين الظالمين.
3) يجوز الدعاء لأشخاص بأعيانهم من المستضعفين المسلمين -إن دعت الحاجة لذلك-، أما الدعوة بالهلاك على الكافرين المعتدين فلا تُذكر أسماؤهم بالتعيين؛ حيث ترك ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد أن نزل عليه قوله تعالى:"ليس لك من الأمر شيء..." [آل عمران:128]. فلم يذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد نزول هذه الآية أحداً من أعيان المشركين باسمه، بل يدعو عليهم مجتمعين دون تخصيص كدعائه على مضر ورعل وذكوان وعصيه.
ولعل الحكمة من هذا –والله أعلم- تطهير لسان المسلم أثناء الصلاة وهو يناجي ربه من أسماء أعداء الله المحاربين له ولأوليائه، أو لعل الله كتب لبعضهم أن يُسلموا.
4) وفي الحديثين إثبات القنوت في غير الوتر، وأن القنوت في النوازل لا يختص ببعض الصلوات، وفي حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- رد على من خصص قنوت النازلة بصلاة الصبح فقط.
5) الحكمة من القنوت في صلاة النازلة –سرية كانت أو جهرية- هو تأمين المأمومين خلف الإمام لعل الله يستجيب دعاءهم ويرفع عنهم ما نزل بهم من بأس، وأيضاً في القنوت للنازلة رفع لمعنوية المؤمنين، وتقوية رابطة أخوتهم في الدين، ولما فيه من إلقاء الرعب في قلوب المعتدين الظالمين، ولطلب الأجر والثواب؛ كما جاء في الحديث "من وافق تأمينه تـأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه " البخاري (780) ومسلم (410).
6) لا يشترط في القنوت في الصلاة أن تحل النازلة ببلاد المسلمين، بل يشرع القنوت في النازلة ولو وقعت خارج بلاد المسلمين إن لحقهم منها ضرر أو أذى، ومن السنة أن يُدعى في كل نازلة بما يناسبها من الدعاء، وحديث أبي هريرة –رضي الله عنه- السابق نص في هذا حيث قنت الرسول –صلى الله عليه وسلم- على أولئك المذكورين من أهل مكة، ومكة آنذاك لا تزال دار كفر.
هل لأحد أن يمنع القنوت في النوازل؟
الدعاء مخ العبادة، وهو أقوى سلاح يوجهه المسلم إلى العدو مباشرة دون خسائر مادية أو بشرية، وأفضل ما يكون في صلب الصلاة، وما شرع القنوت في النوازل إلا من أجل الدعاء، حيث العباد يناجون ربهم، فالقنوت جزء من الصلاة كتلاوة القرآن، والتسبيح في الركوع والسجود، فلا فرق بين هذا وذاك، فكلا الحالين سنة ثابتة واجبة الاتباع، فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يمنع الناس من الصلاة جماعة، يناجون فيها ربهم عندما تنـزل بهم نازلة، أو تحل قريباً من دارهم، كما لا يجوز لأحد أن يزيد أو ينقص في أركان وواجبات الصلاة، قال تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر:7]، وقال:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب:36]، فلا يجوز أن يُمنع المظلوم من الدعاء على ظالمه؛ لحديث:"اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" البخاري (1496) ومسلم (19)، كما لا يجوز لأحد أن يَمنع المسلم من الدعاء لإخوانه المسلمين المستضعفين والمضطهدين في كل مكان من الأرض، لما جاء في الحديث "إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك: ولك بمثل" مسلم (2732).
هل القنوت في النوازل من المصالح المرسلة؟
المصلحة المرسلة قاعدة من قواعد الأصول التبعية في الشريعة، تأتي بعد الأصول الأربعة (الكتاب والسنة والإجماع والقياس).
ومعنى كونها تبعية، أي: أنها ليست أصلاً بنفسها؛ بل تابعة لأحد هذه الأصول الأربعة، ومعنى كونها مرسلة أي مطلقة خالية من الدليل الخاص على موضع النـزاع أو البحث إذ لو كان عليه دليل لألحق بالكتاب إن كان الدليل آية، أو بالسنة إن كان الدليل حديثاً أو أثراً، والقنوت في النازلة –محل النـزاع- ورد فيه دليل خاص بعينه، كالحديثين المشار إليهما أعلاه، فلا يدخل حينئذ قنوت النازلة تحت المصلحة المرسلة بحال، ومثال المصلحة المرسلة التي يجوز للحاكم التدخل فيها بالأمر أو المنع: كصيد الطيور وبيع السلاح في زمن معين، لا على الإطلاق، لأن صيد الطيور وبيع السلاح هو في الأصل مباح بأدلة الإباحة الشرعية العامة، وهذه الإباحة غير محددة بزمن أو حال أو هيئة، فمتى رأى ولي الأمر في المنع أو الجواز مصلحة راجحة للأمة جاز له الأمر أو المنع من ذلك، ووجب على الناس الالتزام والاتباع.
وتحديد النازلة ليس موكولاً لأحد بعينه، ولا أعلم أحداً من العلماء خصصها بولي الأمر، حيث النازلة كارثة وضرر عام يلحق بالأمة، يحسه الناس كلهم ولا تختلف على وقوعه أو وصفه أنظار الناس، ولو كان موكولاً لولي الأمر أو آحاد الناس لارتبط بهؤلاء تشريع الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها، وهذا معلوم بطلانه لكل ذي عينين.
ويجب أن يعلم أنه ليس من السنة في دعاء القنوت أن يخرج عن سبب النازلة، فيدعى على عموم الكفار بالموت والهلاك، والنازلة التي نزلت بالمسلمين هي الظلم والاعتداء عليهم بتدمير بلادهم، وأخذ أموالهم وانتهاك حرماتهم، فالعلة في الدعاء على الكفار في النوازل هي تجدد الاعتداء والظلم على المسلمين، أما تكذيب الكفار لما جاء به الأنبياء وعداوتهم للمسلمين فهي ملازمة للكفر دوماً وأبداً، منذ كفر إبليس بربه، وإهباطه من السماء إلى الأرض إلى قيام الساعة، فوصف اليهود والنصارى بالكفر وصف كاشف لا ينتج الحكم وهو الدعاء عليهم بالهلاك، أما الظلم والاعتداء فهو الوصف المؤسس المنتج للحكم المذكور (القنوت)، وسنة الله أن الكفار أكثر عدداً من المسلمين قال تعالى:"وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" [يوسف:103]، وحديث:"يا آدم أخرج بعث النار، فيخرج من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين" البخاري (3348) ومسلم (222)، وما ورد من آثار في الدعاء على الكفار من أهل الكتاب فيراد بهم المحاربون منهم للمسلمين، وكان عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- إذا أبطأ عليه خبر جيوش المسلمين قنت، فكان مما قاله ذات مرة:"اللهم العن كفرة أهل الكتاب، الذين يكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك" فوصفهم بالكفر والتكذيب ليس جديداً، وكونهم يقاتلون أولياء الله في عهده –رضي الله عنه- هي العلة المسببة للدعاء عليهم باللعنة والهلاك، ومن لم يقاتلنا لا ندعو عليه؛ بل ندعو له بالهداية، وهذا معنى قول الله "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"[الممتحنة:8]، فإن القرآن يفسر بعضه بعضاً، ومعنى ذلك أن من سالمنا سالمناه، ومن اعتدى علينا قاتلناه،
والحقيقه إن غزو أمريكا وبريطانيا للعراق نازلة كبرى، ومنكر عظيم، وجريمة لا يستهان بها، لا يصح للمسلمين عامة السكوت عليها، لا سيما والمؤشرات تدل على أن العدو يريد المنطقة كلها، فيتعين مناصرة الشعب العراقي المسلم، وإعانته بكل ما يستطيعه المسلمون من وسيلة مادية أو معنوية لطرد العدو الغاصب المعتدي، ولا أقل من مناصرة إخواننا العراقيين بالقنوت في هذه النازلة، ، وصلى الله على نبينا محمد.
القنوت في النوازل في الصلاة المفروضة والنافلة سنة ثابتة عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، مجمع عليها في كل المذاهب الفقهية، وإنما وقع الاختلاف بين العلماء في القنوت لغير النازلة كالقنوت في الوتر، جاء في ذلك نصوص كثيرة منها: حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في صحيحي البخاري (804) ومسلم (675) "كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حين يرفع رأسه –يعني من الركوع- يقول: سمع الله لمن حمده؛ يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول:"اللهم أنج الوليد ابن الوليد وسلمة ابن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المسلمين، اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف".
ومنها حديث عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- في سنن أبي داود (1443) قال:"قنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة؛ إذا قال: سمع الله لمن حمده –من الركعة الآخرة- يدعو على أحياء من بني سليم: على رعل وذكوان وعصيه، ويؤمِّن من خلفه".
وقفات تأملية في فقه الحديثين أمام النازلة:
1) مشروعية القنوت في أثناء الصلاة المفروضة، وإذا جاز في الفريضة ففي النافلة من باب أولى.
2) السُّنة الثابتة أن يُبدأ الدعاء بالنجاة للمسلمين المستضعفين المعتدى عليهم، قبل الدعاء بالهلاك على المعتدين الظالمين.
3) يجوز الدعاء لأشخاص بأعيانهم من المستضعفين المسلمين -إن دعت الحاجة لذلك-، أما الدعوة بالهلاك على الكافرين المعتدين فلا تُذكر أسماؤهم بالتعيين؛ حيث ترك ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد أن نزل عليه قوله تعالى:"ليس لك من الأمر شيء..." [آل عمران:128]. فلم يذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد نزول هذه الآية أحداً من أعيان المشركين باسمه، بل يدعو عليهم مجتمعين دون تخصيص كدعائه على مضر ورعل وذكوان وعصيه.
ولعل الحكمة من هذا –والله أعلم- تطهير لسان المسلم أثناء الصلاة وهو يناجي ربه من أسماء أعداء الله المحاربين له ولأوليائه، أو لعل الله كتب لبعضهم أن يُسلموا.
4) وفي الحديثين إثبات القنوت في غير الوتر، وأن القنوت في النوازل لا يختص ببعض الصلوات، وفي حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- رد على من خصص قنوت النازلة بصلاة الصبح فقط.
5) الحكمة من القنوت في صلاة النازلة –سرية كانت أو جهرية- هو تأمين المأمومين خلف الإمام لعل الله يستجيب دعاءهم ويرفع عنهم ما نزل بهم من بأس، وأيضاً في القنوت للنازلة رفع لمعنوية المؤمنين، وتقوية رابطة أخوتهم في الدين، ولما فيه من إلقاء الرعب في قلوب المعتدين الظالمين، ولطلب الأجر والثواب؛ كما جاء في الحديث "من وافق تأمينه تـأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه " البخاري (780) ومسلم (410).
6) لا يشترط في القنوت في الصلاة أن تحل النازلة ببلاد المسلمين، بل يشرع القنوت في النازلة ولو وقعت خارج بلاد المسلمين إن لحقهم منها ضرر أو أذى، ومن السنة أن يُدعى في كل نازلة بما يناسبها من الدعاء، وحديث أبي هريرة –رضي الله عنه- السابق نص في هذا حيث قنت الرسول –صلى الله عليه وسلم- على أولئك المذكورين من أهل مكة، ومكة آنذاك لا تزال دار كفر.
هل لأحد أن يمنع القنوت في النوازل؟
الدعاء مخ العبادة، وهو أقوى سلاح يوجهه المسلم إلى العدو مباشرة دون خسائر مادية أو بشرية، وأفضل ما يكون في صلب الصلاة، وما شرع القنوت في النوازل إلا من أجل الدعاء، حيث العباد يناجون ربهم، فالقنوت جزء من الصلاة كتلاوة القرآن، والتسبيح في الركوع والسجود، فلا فرق بين هذا وذاك، فكلا الحالين سنة ثابتة واجبة الاتباع، فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يمنع الناس من الصلاة جماعة، يناجون فيها ربهم عندما تنـزل بهم نازلة، أو تحل قريباً من دارهم، كما لا يجوز لأحد أن يزيد أو ينقص في أركان وواجبات الصلاة، قال تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر:7]، وقال:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب:36]، فلا يجوز أن يُمنع المظلوم من الدعاء على ظالمه؛ لحديث:"اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" البخاري (1496) ومسلم (19)، كما لا يجوز لأحد أن يَمنع المسلم من الدعاء لإخوانه المسلمين المستضعفين والمضطهدين في كل مكان من الأرض، لما جاء في الحديث "إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك: ولك بمثل" مسلم (2732).
هل القنوت في النوازل من المصالح المرسلة؟
المصلحة المرسلة قاعدة من قواعد الأصول التبعية في الشريعة، تأتي بعد الأصول الأربعة (الكتاب والسنة والإجماع والقياس).
ومعنى كونها تبعية، أي: أنها ليست أصلاً بنفسها؛ بل تابعة لأحد هذه الأصول الأربعة، ومعنى كونها مرسلة أي مطلقة خالية من الدليل الخاص على موضع النـزاع أو البحث إذ لو كان عليه دليل لألحق بالكتاب إن كان الدليل آية، أو بالسنة إن كان الدليل حديثاً أو أثراً، والقنوت في النازلة –محل النـزاع- ورد فيه دليل خاص بعينه، كالحديثين المشار إليهما أعلاه، فلا يدخل حينئذ قنوت النازلة تحت المصلحة المرسلة بحال، ومثال المصلحة المرسلة التي يجوز للحاكم التدخل فيها بالأمر أو المنع: كصيد الطيور وبيع السلاح في زمن معين، لا على الإطلاق، لأن صيد الطيور وبيع السلاح هو في الأصل مباح بأدلة الإباحة الشرعية العامة، وهذه الإباحة غير محددة بزمن أو حال أو هيئة، فمتى رأى ولي الأمر في المنع أو الجواز مصلحة راجحة للأمة جاز له الأمر أو المنع من ذلك، ووجب على الناس الالتزام والاتباع.
وتحديد النازلة ليس موكولاً لأحد بعينه، ولا أعلم أحداً من العلماء خصصها بولي الأمر، حيث النازلة كارثة وضرر عام يلحق بالأمة، يحسه الناس كلهم ولا تختلف على وقوعه أو وصفه أنظار الناس، ولو كان موكولاً لولي الأمر أو آحاد الناس لارتبط بهؤلاء تشريع الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها، وهذا معلوم بطلانه لكل ذي عينين.
ويجب أن يعلم أنه ليس من السنة في دعاء القنوت أن يخرج عن سبب النازلة، فيدعى على عموم الكفار بالموت والهلاك، والنازلة التي نزلت بالمسلمين هي الظلم والاعتداء عليهم بتدمير بلادهم، وأخذ أموالهم وانتهاك حرماتهم، فالعلة في الدعاء على الكفار في النوازل هي تجدد الاعتداء والظلم على المسلمين، أما تكذيب الكفار لما جاء به الأنبياء وعداوتهم للمسلمين فهي ملازمة للكفر دوماً وأبداً، منذ كفر إبليس بربه، وإهباطه من السماء إلى الأرض إلى قيام الساعة، فوصف اليهود والنصارى بالكفر وصف كاشف لا ينتج الحكم وهو الدعاء عليهم بالهلاك، أما الظلم والاعتداء فهو الوصف المؤسس المنتج للحكم المذكور (القنوت)، وسنة الله أن الكفار أكثر عدداً من المسلمين قال تعالى:"وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" [يوسف:103]، وحديث:"يا آدم أخرج بعث النار، فيخرج من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين" البخاري (3348) ومسلم (222)، وما ورد من آثار في الدعاء على الكفار من أهل الكتاب فيراد بهم المحاربون منهم للمسلمين، وكان عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- إذا أبطأ عليه خبر جيوش المسلمين قنت، فكان مما قاله ذات مرة:"اللهم العن كفرة أهل الكتاب، الذين يكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك" فوصفهم بالكفر والتكذيب ليس جديداً، وكونهم يقاتلون أولياء الله في عهده –رضي الله عنه- هي العلة المسببة للدعاء عليهم باللعنة والهلاك، ومن لم يقاتلنا لا ندعو عليه؛ بل ندعو له بالهداية، وهذا معنى قول الله "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"[الممتحنة:8]، فإن القرآن يفسر بعضه بعضاً، ومعنى ذلك أن من سالمنا سالمناه، ومن اعتدى علينا قاتلناه،
والحقيقه إن غزو أمريكا وبريطانيا للعراق نازلة كبرى، ومنكر عظيم، وجريمة لا يستهان بها، لا يصح للمسلمين عامة السكوت عليها، لا سيما والمؤشرات تدل على أن العدو يريد المنطقة كلها، فيتعين مناصرة الشعب العراقي المسلم، وإعانته بكل ما يستطيعه المسلمون من وسيلة مادية أو معنوية لطرد العدو الغاصب المعتدي، ولا أقل من مناصرة إخواننا العراقيين بالقنوت في هذه النازلة، ، وصلى الله على نبينا محمد.
تعليق