Unconfigured Ad Widget

Collapse

وقفات مع بلاغة القران الكريم

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    وقفات مع بلاغة القران الكريم

    الأدباء والشعراء كانوا يقتنصون الأدب من كتاب الله تبارك وتعالى، فأبلغ الشعراء كالمتنبي كان يتتبع آيات الله تبارك وتعالى فيقتنص من طريقة البلاغة ومن بلاغة القرآن فيحاول أن يُحدِث مثل هذه البلاغة في شِعره، لذلك قيل: أن الشعر إذا ما وجدت حكمة ووجدت شعراَ يحوي حكمة فاعلم أن هذا الشعر للمتنبي لأنه كان يتتبع كتاب الله عز وجل فيحاول أن يتوصل إلى البلاغة التي من خلالها أعجز الله عز وجل العرب، فأخذ شيئاً من بلاغة القرآن وحاول أن يطبق مثل هذه البلاغة في شعره فوصل إلى ما وصل إليه لذلك هو رأى نفسه بعد فترة فزعم بأنه نبي من عند الله ثم بعد ذلك رجع وتاب إلى الله تبارك وتعالى.

    كذلك من أبلغ الشعراء ومن أشهرهم أبو نواس قالوا: وهو شاعر ماجن لكنه كان يقتنص بعض البلاغة من كتاب الله تبارك وتعالى حتى بعد ذلك قال شعراً لم يقل أحد مثل هذا الشعر أبدا إلى يومنا هذا. فقط إن تتبع شيئاً من كتاب الله تبارك وتعالى وجزءاً من بلاغة القرآن. والأمين أخو المأمون (الأمين ابن زبيدة) قال لأبي نواس مرة: هل تصنع شعراً لا قافية له؟ قال: نعم. وصنع من فوره ارتجالاً، فقال:
    ولقد قلت في المليحة قولي،، من بعيد لمن يُحبكِ (فأشار إشارة أي إلى قبلة)
    فأشارت بمعصمٍ ثم قالت،،،، من بعيد خلاف قولي (فأشار بـ لا لا)
    فتنفست ساعةً ثم إني،،،،،، قلت للبغل عند ذلك (فأشار أي قلت للبغل امش)
    فتعجب الحضور، كما تعجب الأمين من ذلك وحسن تأتيه حتى بعد ذلك وصله بصلة شريفة. هذه البلاغة التي قام بها وصنعها أبو نواس، أخذها من كتاب الله تبارك وتعالى.
    - ذلك إن الإنسان إذا ما قرأ كتاب الله تبارك وتعالى كسورة المطففين قال الله تبارك وتعالى:" كلا إن كتاب الفجار لفي سجين & وما أدراك ما سجين & كتاب مرقوم & ويل يومئذ للمكذبين & الذين يكذبون بيوم الدين & وما يكذب به إلا كل معتد أثيم & إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين & كلا بلْ (ثم يسكت القارئ ثم يقرأ) رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون &". فالعرب تقول: كلا بلْ رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون، أما القراءة المشهورة:" كلا بلْ (ثم يسكت القارئ سكتة خفيفة ثم يقرأ) رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون". ماذا تعني هذه الإشارة؟ أو هذه الوقفة ماذا تعني؟ لماذا وقف النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الموقف؟ هذه بلاغة اقتنصها أبو نواس.
    - عندما تقرأ قول الله تبارك وتعالى في سورة القيامة قال الله تبارك وتعالى:" ووجوه يومئذ ناضرة & إلى ربها ناظرة & ووجوه يومئذ باسرة & تظن أن يفعل بها فاقرة & كلا إذا بلغت التراقِي & وقيل منْ (ثم يسكت القارئ سكتة خفيفة ثم يقرأ) راق & وظنّ أنه الفراق ". عند العرب يقولون: وقيل منْ راق. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها في إحدى قراءاته:" وقيل منْ (ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم سكتة خفيفة ثم قرأ) راق. ماذا تعني هذه الإشارة؟ أو هذه الوقفة ماذا تعني؟
    - عندما تقرأ قول الله تبارك وتعالى في سورة الحاقة قال الله تبارك وتعالى:" ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية & يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية & فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابية & إني ظننت أني ملاقٍ حسابية & فهو في عيشة راضية & في جنة عالية & قطوفها دانية & كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية & وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابية & ولم أدر ما حسابية & يا ليتها كانت القاضية & ما أغنى عني مالية (ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم سكتة خفيفة وهذه السكتة ليست كباقي السكتات في نهاية الآيات وإنما أطال في هذه السكتة) & هلك عنّي سلطانية & خذوه فغلوه & ثم الجحيم صلّوه & ثم في سلسلة ذرها سبعون ذراعاً فاسلكوه &". لماذا سكت النبي صلى الله عليه وسلم هذه السكتة غير طبيعية في مثل هذا الموطن؟
    هذه السكتات وردت في كتاب الله تبارك وتعالى، لماذا هذه السكتات؟ وما هي الإشارة من وراء هذه السكتات؟
    الوقفة الأولى:
    إذا ما أتينا إلى الآية الأولى في قول الله تبارك وتعالى:" كلا بلْ (ثم يسكت القارئ ثم يقرأ) رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون". حتى نصل إلى المغزى من هذه السكتات أو بعض الحكم من هذه السكتات، فلنفهم معنى ران. ما معنى ران؟ هناك في كتاب الله تبارك وتعالى ذكر الله عز وجل عن الكفار:-
    * الريْن،
    * الأكنّة: وهي الستر أو الستار الذي يحفظ ما في داخله بحيث يكون مكنوناً قال تعالى:" قلوبنا في أكنّة مما تدعونا إليه ".
    * الغُلاف: وهو الغلاف الذي يغلّف القلب قد يكون رقيقاً وقد يكون سميكاً فهو لا يشير إلى سُمْك معين قال تعالى:" قلوبنا غلف ".
    * الحجاب: قال تعالـى: " بينِنا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون " وهو الغطاء السميك الغليظ الذي يحجب العين.
    * وقر: وهو الحجاب الذي يحجب الآذان، غشاوة وهي الغطاء الرقيق إلى غير ذلك.
    * الران: هو أغلظ الحُجُب، وأكثف الحُجُب، وأثقل الحُجُب، هو حجاب على القلب ولكنه ليس بالحجاب الرقيق، وليس كأي حجاب أو حجاب سميك يمنع الرؤيا والبصيرة وإنما هو ثقيل على القلب بحيث أصبحت هذه السيئات قد ملأت القلب وثقلت عليه فأصبح القلب ثقيلاً من هذه الذنوب ومن هذه السيئات. أي غطى القلب بحجاب كثيف ثقيل فما يستطيع الإيمان أن يصل إلى مثل هذا القلب. فالران هو أكثف الحُجُب وأغلظها كما يقول ابن القيم. كذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الترمذي الذي حسّنه الشيخ الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكِتت في قلبه نُكْتَة سوداء فإذا هو نزع (أي ترك الذنب واستغفر وتاب) صُقِل قلبه (أي رجع كما كان وصقل بالبياض) وإن زاد (أي في السيئات) في القلب حتى تعلوَ قلبه قال النبي صلى الله عليه وسلم: وهو الران الذي ذكر الله تبارك وتعالى:" كلا بلْ رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون". فعندما قال الله عز وجل:" كلا بلْ رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون & كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"، فعندما سعوا هم في حجب القلب عن محبة الله، فالله عز وجل احتجب عنهم ومنعهم الله عز وجل عن الاستمتاع برؤيته بعد أن منعوا قلوبهم من الاستمتاع بمحبة الله تبارك وتعالى.
    الحكمة الأولى: هذه المقدمة للوصول إلى مفهوم هذه السكتة، لماذا يقف القارئ ؟ولماذا وقف النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال:" كلا بلْ (ثم يسكت القارئ سكتة خفيفة ثم يقرأ) رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون". هذه الوقفة إشارة إذا ما كنت تسير في الطريق وكلما رأيت شيئاً أخذته أو دفعته ثم بعد ذلك ربما تصل إلى شيء ما إلى شيء ثقيل، فهل تستطيع بسهولة أن تدفع هذا الشيء؟ لا. إلى ما سرت ودفعت هذا وذاك لكن إذا ما وصلت إلى شيء ثقيل سميك تقول: لا، لنقف فترة لنسترجع النفس حتى بعد ذلك نستطيع أن ندفع بقوة هذا الثقيل السميك. فهذه إشارة من عند الله تبارك وتعالى فمن شدة هذه السيئات وهذه الذنوب وهذه النُكَت السوداء التي نُكتت في القلب وهذه العظائم من شدتها يقف القارئ عند هذه الآية ويقرأ: كلا بلْ (ثم يسكت القارئ سكتة خفيفة ثم يقرأ) رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون. إشارة لثقل ما في قلبه من سيئات ومن ذنوب ومن معاصي. فلذلك قال تعالى:" كلا بل" فتقف تتذكر أن هذه الذنوب وهذه السيئات تثقل على العبد فتُثقِل ميزانه في السيئات حتى تكبه في نار جهنم، فيتوقف من شدة هذا.
    فهذه الإشارة الأولى التي اقتنصها أبو نواس فأخذ يشير إشارات عندما تكلم وذكر القافية. فالإشارة تغني عن مثل الكلمات الزائدة، كان من الممكن أن يتكلم الله عز وجل بكلمات، ولكنها كلمات زائدة فأراد الله عز وجل أن تكون كلماته بليغة.
    أما الحكمة الثانية: فهو لرحمة الله تبارك وتعالى، الإنسان إذا ما أراد أن يتكلم بخبر سيئ فيقول: يا فلان حصل كذا وكذا ثم تقف بعد ذلك لسوء الخبر ولسوء النتيجة، فتقف فترة ثم بعد ذلك أنت لا تريد أن تقول مثل هذه الكلمات وتخبره بهذه النتيجة ولكن الأمر شديد فأنت ولابد أن تخبره بمثل هذا فكأنك تقول هذا آسفاً أي حزيناً على هذا الكلام، فالله عز وجل رحمته قد غلبت غضبه، فكأن الله تبارك وتعالى لا يريد أن يخبر العبد بهذه النتيجة وهذه الأمور التي في قلبه وهذه السيئات وهذه الذنوب وهذه المعاصي التي ثقلت في قلبه وملأته، وقد حجبت القلب عن الإيمان وعن النور، ولكن الله عز وجل لابد وأن يبين مثل هذه الأمور. "كلا بل" لا يريد أن يخبر مثل هذا ولكنه لابد أن يخبر، فرحمته قد غلبت غضبه، وما ترددت في شيء ترددي عن قبض روح عبديَ المؤمن يكره الموت وأنا أكره إساءته. فالله عز وجل ربما يريد أمراً ما، ولو كانت هناك مصلحة من عدم القول ومصلحة في القول، فالله عز وجل يُغلِّب جانب المصلحة الأعظم، فيتكلم الله عز وجل بهذا ويفعل الله تبارك وتعالى ما هو الأصلح، كما يقبض روح العبد المؤمن هو لا يحب أن يُحزن هذا العبد ولكن الله تبارك وتعالى كما قال: يكره الموت وأنا أكره إساءته. فالله سبحانه وتعالى يكره إساءته لكن الموت لابد منه. فهنا الله عز وجل قال: "كلا بل"، أي لا أريد أن أخبر العبد بهذه الأمور، فالله عز وجل رحمته قد غلبت غضبه، ولكن لابد من الإخبار. لكنه سكوت فترة، سكت النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى ما أراده الله تبارك وتعالى ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: "رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون".
    الحكمة الثالثة: إنه في البداية قال تعالى:" إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين". فإذا تتلى عليه الآيات قال لا أريد أن أؤمن ولا أريد أن أصدق فأصدق من أصدقك أنت ما هي إلا أساطير الأولين، كما قال سهيل ابن عمرو عندما وقَّع معه النبي صلى الله عليه وسلم كتب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العقد: "هذا ما عاهد عليه محمد بن عبد الله رسول الله سهيل بن عمرو". قال سهيل: ماذا؟ رسول الله، امح رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِـمَ؟ قال: والله لو نعلم إنك لرسول الله لآمنّا بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امح رسول الله وإن كنت أنا رسول الله. فقال هذا الكافر: لو نعلم إنك رسول من عند الله تبارك وتعالى صدقناك ولكنه في الحقيقة أساطير الأولين، فهو يعتذر ظاهراً بهذه الأعذار يقول: إنها بسبب أساطير الأولين، ولو علمت أن القرآن من عند الله لآمنت بك. فهل هو الأمر كذلك فعلاً؟ هل هو بسبب إنه لم يتضح له الأمر ولم تتضح له الحقيقة ولم يتبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم هو من عند الله؟ لا. بل هو تبين له. فالله عز وجل يعلم ما في قلبه لكنه هو الذي أخفى ما في قلبه. فعندما أخفى هو ما في قلبه فأظهر بعض الأمور، قال: ما هي إلا أساطير الأولين. فالله عز وجل يحب الستر، ولا يحب أن يفضح الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الإمام أحمد، وأبي داود والنسائي والألباني يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حليم حييّ ستِّـير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر. فالله عز وجل يحب أن يستر على الناس ولا يحب أن يخرج ما في قلوب الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مسلم: "كل أمتي معافاة إلا المجاهرين". وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا ثم يصبح قد ستره الله عز وجل به فيقول: يا فلان، (يذهب هذا الإنسان الذي أذنب في الليل وقد ستره الله عز وجل، وفي الصباح يقول قد عملت كذا وكذا ويفخر بذلك ويفضح نفسه ويكشف سِتْر ربه له) وقد بات يستره ربه تبارك وتعالى. الله عز وجل لا يحب أن يفضح الناس، فيحب الله عز وجل ما هو مكنون يجعله مكنونا، لذلك إذا ما أذنب العبد فاستتر يقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا ما اقترف أحدكم شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإن أظهر لنا صفحته أقمنا عليه الحد. لذلك يؤتى بالعبد يوم القيامة، فالله عز وجل يضع عليه كنفه (أي يغطيه ويستره على الناس) ويقول له: قد فعلت وفعلت وفعلت ألي كذلك؟ فيقول العبد: نعم. فيقول الله عز وجل: قد سترتها عليك بالدنيا وأنا أسترها لك هنا يوم القيامة. فالله لا يحب أن يفضح الناس ولا أن يخرج ما في قلوبهم. فهذا الكافر عندما قال :" إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين"، فأظهر إنما هي إلا أكاذيب فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فزعم إنما هي من عند الله، وأنها قد نزلت إليه. فقلبه قد تيقن إنه رسول من عند الله. فالله عز وجل لا يحب أن يفضحه ولكن الله لابد أن يظهر ذلك لمصلحة أعظم. فهو يقول:" إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين & كلا بلْ (لا أحب أن أفضحه ولا أحب أن أذكر ما في قلبه ولكنه لابد) رانَ على قلوبهم ما كانوا يكسبون" فالسيئات والذنوب هي التي أطبقت على القلب وهي التي جعلته يكفر. فهو يعلم هو رسول من عند الله تبارك وتعالى ففضحه الله عز وجل.
    من بلاغة كتاب الله عز وجل أن النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوقفة في هذا الموضع من عند الله تبارك وتعالى، علمها النبي صلى الله عليه وسلم وقرأها هكذا ليشير إلى مثل هذه الإشارات العظيمة. قصد في اللفظ مع وفاء بالمعنى.
    الوقفة الثانية:
    قال تعالى:" وقيل منْ (ثم يسكت القارئ سكتة خفيفة ثم يقرأ) راق". الله عز وجل في هذه السورة (سورة القيامة) ذكر فيها آيات عظيمات، " كلا إذا بلغت التراقِي & وقيل منْ (ثم يسكت القارئ سكتة خفيفة ثم يقرأ) راق & وظنّ أنه الفراق ". كل إنسان متواجد عند المحتضر يحاول أن يعينه، الذي تكاد أن تخرج روحه. :" وقيل منْ (سكت النبي صلى الله عليه وسلم سكتة خفيفة ثم قرأ) راق & وظنّ أنه الفراق "، غلب على ظنه قد انتهى الأمر وأن الروح في طريقها إلى الخروج فلا شفاء بعد هذه اللحظة. قال تعالى: "والتفت الساق بالساق" فتلتف الساق بالساق بالكفن. قال تعالى:" إلى ربك يومئذ المساق" ساقوه في القبر، حتى بعد ذلك يساق إلى الله عز وجل يوم القيامة.
    الحكمة الأولى: إن الحكمة من الوقفة هنا أن الإنسان عندما كان عند إنسان محتضر وأحب الناس إليه هذا المحتضر، يحاول أن ينقذه بمثل هذا الموضع، ويبحث عن السبيل لعل الحياة أو الروح ترجع إليه، كما يحاول أن يجد من يقرأ عليه لعل الله يشفيه من هذا المرض، فعندما يقول "من" يبحث فيقال له: ماذا تريد؟ من ماذا؟ فالبال قد انشغل عن الكلمات. فالإنسان عندما يكون في وضع معين ويكون باله قد انشغل في أمر ما فعندما يقول: افعل فأنت تتساءل ماذا أفعل وهو يكرر ذلك وباله مشغول فعقله ليس مع الكلمات. فكذلك المحتضر يقول: من، وأنت تسأله: ماذا من؟ من راق، ما الذي يرقيه؟ فكأن البال انشغل عن الكلمات لهول هذا الأمر، ولعظم هذا الأمر ترى الروح تخرج أمامك ولا تستطيع أن تفعل شيئاً. فالسكتة هنا إشارة لهول هذه الحادثة ولهول هذا المطلع ولهول هذا الموقف.
    الحكمة الثانية: الإنسان في مثل هذا الموقف ربما باله ينشغل وربما يتلعثم وباله يبحث عن الكلمات. فعندما تُخاطب من قِبَل رجل عظيم أو رجل له مكانه فربما تتلعثم بالكلمات، فيقول لك: كذا ، فأنت عندك الجواب ولكنك تتلعثم فتريد أن تبحث عن الكلمة ولكنك لا تجدها، فالبال منشغل بالموقف وبالكلمة أيضاً. فهو يقول: "وقيل من" يريد أن يخرج "راق" فلا تخرج فبعد فترة تخرج، فربما لانشغال البال وربما إنه متلعثم لعظم هذا الأمر.
    الحكمة الثالثة: اختلاط الأمور عليه، "وقيل من" يريد أن يبحث عن قارئ يقرأ عنه، يريد أن يبحث عن الدواء، يريد أن يحتضنه يريد أن يقبله ويريد أن يقول له كلمات ويريد أن يأخذ منه وصية ويريد كذا ويريد كذا، في لحظة واحدة يريد أن يجمع كل هذه الأمور. ففي لحظة واحدة يفعل نصف الأفعال لأنه لا يستطيع أن يقوم بجميع هذه الأفعال في نفس اللحظة أو في لحظة واحدة. فكلما ذهب إلى نصف الطريق غيّر رأيه إلى أمر آخر لهول هذا الأمر، يريد الرجل أبحث عن رجل يقرأ عليه، فهو لا يريد، أقدم له الدواء لا يريد، أطلب منه الوصية لا يريد أحتضنه لا يريد أقبله لا يريد، فلا يستطيع أن يفعل شيئاً وذلك لعظم هذا الأمر ولهول هذا الموقف والحدث. لذلك نقف مثل هذه الوقفة "وقيل منْ (سكت النبي صلى الله عليه وسلم سكتة خفيفة ثم قرأ) راق". إذاً ربما هو قد انشغل باله عن الكلمات ربما لعظم هذا الأمر وزيادة على ذلك تلعثم وزيادة على ذلك من شدة هذا الأمر لا يعلم ماذا يفعل؟ هل يبحث له عن قارئ؟ وفي منتصف الطريق يحاول أن يغير رأيه.
    الحكمة الرابعة: أو الإشارة الرابعة وهو أنه يرى الروح تخرج ولا يستطيع أن يفعل شيئاً، ربما يسلك آخر السبل "وقيل منْ" يبحث عن القارئ، لا يستطيع أن يكمل لأن الروح تخرج، يقول :" وقيل منْ " ثم يجهش بالبكاء لا يستطيع أن يخرج الكلمات، وبعد ذلك قال :" راق" هل من راق له؟ فلا يستطيع أن يكمل هذه الكلمات لأنه يرى أحب الناس إليه يحتضر أمامه. لذلك الله عز وجل لم يقل: وقال لألا يُفْهم من ذلك أنه رجل واحد وما يتصرف هذا التصرف بل ربما مجموعة من الرجال أو من النساء، فقيل يُفهم منها ربما رجل ربما جموع من النساء والرجال والأطفال.
    وقفة واحدة " وقيل من" تفهم أن الأمر عظيم وأن الخَطْبَ جلل لا تستطيع أن تتكلم، تتلعثم بالكلمات والبال منشغل تجهش بالبكاء، لا تعلم ماذا تفعل؟ هل تفعل هذا؟ أم تفعل ذاك؟ لعظم هذا الأمر لذلك الله عز وجل في هذه السورة بيّن عظم هذا الأمر، وأن الأمر عظيم، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وقيل منْ (ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم سكتة خفيفة ثم قرأ) راق، فهذه الإشارة تحمل كل هذه المعاني بل ربما تزيد على هذه الحكم.
    الوقفة الثالثة:
    السكتة اللطيفة في كتاب الله تعالى في سورة الحاقة أن الكافر يقول:" ما أغنى عني ماليه & هلك عنّي سلطانية &" وقف النبي صلى الله عليه وسلم :" ما أغنى عني ماليه (ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم سكتة غير طبيعية ثم قرأ) هلك عنّي سلطانية ".
    الحكمة الأولى: أو الإشارة الأولى، هذه الآية تتكلم عن يوم القيامة فالآية السابقة تتكلم عن الموت، والتي قبلها تتكلم عن ما في القلب عند قدوم الناس إلى الله عز وجل. هذه الآية تقف فيها عندما تقرأ :" ما أغنى عني ماليه & هلك عنّي سلطانية &"، ولكي تُفهم هذه الآية يجب أن تقرأ سورة الحاقة من البداية، إلى أن نصل إلى الآية " إذا نفخ في الصور نفخة واحدة (أي عند قيام الساعة قبل البعث فهذه نفخة الصعقة) & وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة & فيومئذ وقعت الواقعة & وانشقت السماء فهي يومئذ واهية & والمَلَكُ على أرجائها ( لِمَ؟ لكي يأتي الله عز وجل يوم القيامة للفصل بين الناس، هذا الموقف العصيب وهو موقف الحساب، فعندما تنفخ النفخة الأولى يصعق الناس بأجمعهم ثم تنفخ نفخة ثانية وهي نفخة الفزعة أي قيام من القبور كأنهم جراد منتشر يقومون حفاة عراة غرلا (أي مختونين) ثم بعد ذلك نفخة ثالثة تجمع الناس إلى أرض المحشر كل العالم يحضر من جن وإنس فالناس تصفهم الملائكة، وكذلك الرسل يصفون صفوفا، وكذلك الملائكة كل مجموعة تصف مع أشكالها وأصنافها الزناة مع الزناة والظلمة مع الظلمة والسرّاق مع السرّاق والعصاة مع العصاة والمؤمنين مع المؤمنين الكل يصف مع أمثاله فالمرء مع من أحب من مؤمن أو كافر ثم يجاء بجهنم لها سبعون ألف زمام يحمل كل زمام سبعون ألف مَلَك لعظم جهنم فلها شهيق وزفير كأنها تنادي الناس، فعندها توضع الموازين تُنشر الصحف، فتطيش الصحف من كثرتها ثم يجاء بعد ذلك بالعرش) ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية (ثم يجيء الله بعد ذلك للفصل بين الناس، ويجيء في ظلل من الغمام (أي السحاب الأبيض الرقيق كأنها بشارة من عند الله عز وجل على قدومه) وتجيء الملائكة لتخبر بقدوم الله عز وجل هذا أمر عظيم والخطب جلل، فالناس من شدة الموقف والرعب يجثون على ركبهم خضوعاً لله تبارك وتعالى، فالملائكة يحفون من حول العرش والرسل يقولون : اللهم سلّم، سلّم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ثم يجاء من بين الناس يدفع دفعاً ليحاسبه الله عز وجل) & يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية & فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه & إني ظننت أني ملاق حسابيه… إلى قوله "وأما من أوتي كتابه بشماله (يعطى كتابه لأنه فاجر فيعطى بشماله من خلف ظهره فيقال له: ألم تفعل كذا ؟ ألم تفعل كذا؟ فيقول: لا يا ربي ما فعلت، يكذب على الله فتشهد عليه الملائكة فلا يصدقها وفي الصحيفة أنه فعل وفعل فيكذبها أيضا والأرض تشهد عليه فلا يصدقها فيقول: لا أقبل إلا من نفسي، فالله سبحانه وتعالى يقفل على فيه وتكلمنا أيديهم تشهد عليه أرجلهم، فيأخذ كتابه أمام العالم يُفضح والأبصار كلها شاخصة إليه، يعلن على رؤوس الأشهاد فلان ابن فلان في نار جهنم خالدا مخلدا فيها) فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه & ولم أدر ما حسابية (رعب الآن قلبه متطاير كله رعب وخوف فالنتيجة قد أتت في نار جهنم وكله رعب ماذا سيفعل به في النار وقد فُضِح وافتضح) & يا ليتها كانت القاضية & ما أغنى غني ماليه (لشدة هذا الأمر والكلام الذي يخرجه، والتعب والنصب الذي يشعر به بعد هذا الحساب وبعد هذا التقرير بين يدي العظيم الجبار وصاحب الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة من ذلت له القياصرة والأكاسرة وخنعت له في مثل هذا الموقف لا تسمع إلا همسا، فبـعد هذا كـله ينتهي النفس فيريد أن يستعيد نفسه فتوقف لحظة لعله يستعيدها)& هلك عنّي سلطانية &".
    الحكمة الثانية: أو الإشارة الثانية، فهو الإنسان عندما يتعلق بأحب المخلوقات إليه سواء من مال أو من امرأة أو من رجل أو من ولد أو من دنيا أو من تجارة أو من بيت عندما يتعلق هذا التعلق الشديد لهذه المخلوقات ثم يرى يوم القيامة بأن هذه هي سبب هلاكه، فيتوقف لأنه في هذه اللحظة تجتمع عنده كل هذه الحوادث من معاصي ومن ترك للطاعات بسبب المال مثلاً فيتذكر كل هذه الأحداث في مثل هذا الموقف. فعندما يقول: "هلك عني ماليه" الآن يستعيد كل ما فعل ماله في معصية الله عز وجل، وفي تركه للطاعات. ويقال: أنه في رجل قد جمع مالاً فأوعى ولم يدع صنف من أصناف المال إلا اتخذه ثم ابتنى قصرا وجعل عليه حجابا وحراسا، ثم جمع أهله وعياله وصنع لهم طعاما وقعد على سريره ووضع إحدى رجليه على الأخرى ويراهم وهم يأكلون ثم قال: يا نفس، تنعمي سنين فقد جمعت لك ما يكفيكِ فما فرغ من كلامه حتى أقبل مَلَك الموت على هيئة رجل عليه خلقان من ثياب (أي ثياب مقطعة) فقرع الباب بشدة عظيمة فوثب إليه الغلمان (أي الحشم والخدم) فقالوا له: ويلك، ما شأنك؟ ومن أنت؟ فقال: ادعوا لي مولاكم. قالوا: إلى مثلك يخرج مولانا! قال: نعم. فأخبروا مولاهم، فقال: هلاّ فعلتم به كذا وكذا؟ فأغلقوا الباب. فقرع الباب بشدة أعظم من الأولى، فوثب إليه الحرس. فقال: أخبروه أني ملك الموت. فلما سمعوه أُلقي عليهم الرعب، ووقع على مولاهم الذل والخشوع. فقال: قولوا له يدخل، فقولوا له قولاً لينا. فدخل، فقال ملك الموت: اصنع بمالك ما أنت صانع، فإني لست بخارج عنك حتى أَخرج بنَفَسِك. فأمر بماله فجُمِعْ، الآن تذكر ماله، فلما رأى المال قال: لعنك الله من مال، فأنت شغلتني عن عبادة ربي، ومنعتني عن النظر لنفسي فأنطق الله عز وجل المال فقال: لِمَ تسبني؟ وبي جلست مجالس الملوك، وبي نكحت المتنعمات (أي تزوجت المتنعمات)، وبي فعلت وفعلت، وكنت تنفقني في سبيل الشر فلا أمتنع منك، ولو أنفقتني في سبيل الخير وطريق البر لنفعتك اليوم ثم قبض ملك الموت روحه فسقط هذا الرجل ميتاً بين أهله وبين ماله وبين حشمه وخدمه في اللحظة التي قال: يا نفس، تنعمي سنين فقد جمعت لك ما يكفيكِ. ففي هذه اللحظة التي تذكر المال تذكر كل ما فعله ماله، فكذلك الإنسان عندما تذكر المال قال:" ما أغنى غني ماليه"، اجتمعت كل الحوادث الآن في رأسه، وتذكر كل ما فعل به المال، فسكت سكتة أخذ يتندم من هذا المال الذي أدى به الهلاك ثم قال:" هلك عنّي سلطانية "، فذكر السبب الثاني ثم انقطع المشهد فسُمع صوت عظيم يقول: "خذوه فغلوه (أي غلوه وصفّدوه) & ثم الجحيم صلّوه & ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه (طولها سبعون ذراعا هذه السلسلة، فاسلكوه: فادخلوها من فمه وأخرجوه من أسته، ويجر ويدع إلى نار جهنم يدفع بها دفعاً). فعندما تذكر المال توقف وتذكر كل أحوال المال، فشعر بحشرجة في الصدر فما استطاع أن يتكلم، ثم بعدها جهش بالبكاء فترة طويلة قبل أن يذكر السبب الثاني، ثم قال: "هلك عنّي سلطانية".
    لقد احتاج الأمر إلى شرح لمدة ساعة عن موضوع هذه الوقفات والله عز وجل أشار إليها فقط بلحظة ثانية، حتى كل هذه المعاني تجتمع عندك. لذلك عندما سمع العرب كلام الله عز وجل وهذه الآيات مكيات (أي نزلت في مكة) فعندما سمعها الوليد بن مغيرة قال له أبو جهل: يا أبا الوليد قل في هذا الكلام قولاً، فقال: إن قريش قالت: إنك قد تنفّق بضاعتك، (أي يدفع لك لتستمع إليه). فقل بالقرآن قولا يسمعه الأول والآخر. قال: ماذا أقول؟ فأخذ يفكر فترة طويلة، قال: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله (أي أدق الأمور فيه) لمغدق (بالخير)، وإنه ليعلو (هذا القرآن) ولا يعلا عليه، وإنه لحطّم ما تحته. قال: قد احترقنا بمثل هذه الكلمات فقل فيه قولاً يسمعه الأول والآخر، نظر الوليد، قال: شاعر، قال: والله إني أعلم الناس بالشعر ما هو بشاعر. قال: كاهن، والله إني أعلم الناس بالكهانة ما هو بكاهن. قال: مجنون، قال: إني أعلم بالناس بالجنون ما هو بمجنون. فقدّر التقدير الأول ثم فكّر وقدّر التقدير الثاني ثم فكّر وقدّر التقدير الثالث ثم قال بعد ذلك: إن هذا إلا سحر يؤثر، إن هذا إلا قول البشر. فقال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ذرني (أي لا تتدخل، الأمر بيني وبينه) ومن خلقت وحيدا (أي وحيد أبيه، وقد رزقه الله بالأموال والبنين الكثير)& وجعلت له مالاً ممدودا & وبنين شهودا & ومهدت له تمهيدا & ثم يطمع أن أزيد (ثم بعد هذا الكفر يريد أن أزيد، فلم يقل الله عز وجل أزيدا (كممدودا، شهودا، تمهيدا، امتداد) فهذا دليل على انقطاع الزيادة) & كلا (لن أزيد، لن أزيده الهداية بعد أن أعرض عن الله عز وجل) إنه كان لآياتنا عنيدا & سأرهقه صعودا & إنه فكر وقدّر (قال: شاعر) & فقتل كيف قدر (قال: كاهن) & ثم قتل كيف قدر (قال: مجنون) & ثم نظر & ثم عبـس وبسر & ثم أدبر واستكبر & فقال إن هذا إلا سحر يؤثر (يشير ويستهزأ بكتاب الله عز وجل)& إن هذا إلا قـول البشر & سأصليه سقر & وما أدراك ما سقر & لا تبقي ولا تذر & لواحة للبشر (تلوّح له من بعد) & عليها تسعة عشر (من الملائكة لا يستطيع الخروج منها فصيحة مَلَك أهلكت أمة بأكملها فكيف بتسعة عشر على نار جهنم).
    فهذا عظمة لكلام الله عز وجل، فلا نشعر بهذه العظمة إذا ما تفحصنا كلام الله وإذا ما أعرضنا عن التدبر. مَن مِنّا قال مثلما قال الوليد بن المغيرة؟ مَن مِنّا شعر بعظمة القرآن كما شعر الوليد بن المغيرة؟ مَن مِنّا فعل كما فعلت قريش عندما قام النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يصلي عند الكعبة فصلى خلفه عدد قليل من الصحابة (بداية ظهور الإسلام) والمنتديات كانت بالقرب من الكعبة فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة النجم ورؤوس قريش تسمع فالكل سكت وصمت، ففي هذه السورة الله يستهزأ بآلهتهم وهم يسمعون، كما إنه بعد ذلك قرّعهم ووبخهم وهم يسمعون، وذلك لبلاغة وعظم هذا القرآن، إلى أن وصل إلى الآية: "فاسجدوا لله واعبدوا" فالأمر كان للمسلمين فسجد النبي صلى الله عليه وسلم فخرّ الصحابة خلفه سجود فقامت قريش قالوا: والله ما ينبغي لمثل هذا الكلام إلا وإن تخر له الجباه فخرت له الجباه ساجدة لله تعالى، قريش كافرة لم تتحمل بلاغة القرآن وعظمته فسجدت إلا كافر واحد جاحد قال: لا أسجد، فقال: إذا الجسد لم يسجد لله والله لأجعلن هذه الجبهة تذعن لله تبارك وتعالى وتذعن لمثل هذا الكلام فأخذ حفنة من التراب فجعلها على جبهته قال: والله لأذلنك ذلاً لمثل هذا الكلام. لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى إلى الله عز وجل قال: يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا. فهجرنا حفظ كتاب الله، وتدبر معانيه، والقيام بكتاب الله، والاستشعار بهذه الآيات، وتطبيق كلام الله تبارك وتعالى.
    والحمد لله رب العالمين.

    سؤال: عند الوصل في هذه الآيات التي تتطلب الوقف أي التي فيها سكتة خفيفة، هل عند وصلها تحتمل معنى آخر؟
    الجواب: الأصل هو الوصل فهو أمر طبيعي، لكن الوقف هو الأمر غير طبيعي، أما عن وصلها هل تحتمل معنى آخر؟ لا أدري ربما. عند العرب الزيادة في الشيء زيادة في المعنى والعكس صحيح، فالوصل ليس بزيادة ولكن طبيعة، فالوقفة أو السكتة هي الزيادة.
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
  • احمد البشيري
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1513

    #2
    أخي في الله/علي الدوسي.......... بارك الله لنا فيك وفي علمك وأثابك على ما تقدمه لنا فأنت بحق وربي مكسب لمنتدانا, فكم والله أستفدنا منك فلك الأجر والثواب من الله, أسأل الله أن لا يحرمك أجر ما أمتعتنا به من مواضيع قيّمة وعالية التنسيق والجودة, فلك مني ومن جميع الأخوة الحب والتقدير والدعاء الدائم بأن يطيل الله عمرك في طاعته, وأن يصلح لك النية والذرية.

    أخي الغالي/علي......أسمح لي بأن أقتطع من هذا الموضوع الجميل مقطعا بسيطا وأجعله في المنتدى العام, ليكون شبه دعاية لهذا الموضوع فكم والله أنا حريص أن يقرأه الجميع لتعم الفائدة وتنال الأجر الوفير باذن الله, ولك خالص حبي وتقديري.



    أخوكم/احمد البشيري
    سبحان الله العظيم عدد خلقـــه
    سبحان الله العظيم مداد كلماتـــه
    سبحان الله العظيم زنة عرشـــه
    سبحان الله العظيم رضى نفســـه










    تعليق

    • حديث الزمان
      عضوة مميزة
      • Jan 2002
      • 2927

      #3

      الاستاذ الفاضل علي الدوسي تحية طيبة لك


      لا أبالغ عندما اقول غلبتنا وسبقتنا ... وتفوقت وتميزت انتقاءً وطرحاً لهذا الموضوع ( وقفات مع بلاغة القرآن ) بأسلوب أخاذ يسلب اللب ويأسر القلوب فجزاك الله عنا خير الجزاء وأجزل لك العطاء ...


      اسمح لي بهذا التصحيح في الفقرة التالية من موضوعك ( فالله عز وجل احتجب عنهم ومنعهم الله عز وجل عن الاستمتاع برؤيته بعد أن منعوا قلوبهم من الاستمتاع بمحبة الله تبارك وتعالى )

      الصحيح انه لا يصح أن نقول االله عز وجل احتجب عنهم بل حجبهم عنه تبارك وتعالى وليس العكس ... ولا أعلم كيف اوضح المعنى ...

      قال الله تعالى : ((كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) المطففين - 15

      هم الذين حجبوا عن الله تبارك وتعالى كما ذكر في الآية

      أي ان المحجوب هو الأقل درجة ( البشر ) والمحجوب عنه ( الله جل جلاله ) الأعظم درجة ... وتعالى الله علواً كبيراً أن يقارن مع أحد خلقه أبداً والله تعالى أعلم .

      -------------------------------------------

      الأخ الفاضل أحمد البشيري :

      جزاك الله عنا خير الجزاء أن شوقتنا لقراءة هذا الموضوع الذي لم أعرف قيمته الحقيقية إلا بعد أن قرأته .



      مع وافر التحية

      لكل بداية .. نهاية

      تعليق

      • أبو أحمد
        عضو مميز
        • Sep 2002
        • 1770

        #4
        [QUOTE]الرسالة الأصلية كتبت بواسطة احمد البشيري
        [B]أخي في الله/علي الدوسي.......... بارك الله لنا فيك وفي علمك وأثابك على ما تقدمه لنا فأنت بحق وربي مكسب لمنتدانا, فكم والله أستفدنا منك فلك الأجر والثواب من الله, أسأل الله أن لا يحرمك أجر ما أمتعتنا به من مواضيع قيّمة وعالية التنسيق والجودة, فلك مني الحب والتقدير والدعاء الدائم بأن يطيل الله عمرك في طاعته, وأن يصلح لك النية والذرية.

        تعليق

        • علي الدوسي
          عضو مميز
          • Jun 2002
          • 1078

          #5
          الاخ احمد الشيري اشكرك على هذا الكلام الجميل والحقية هذا من واجبنا ان نقدم ما يعم النفع والفائدة على الجميع فكفيني فخرا ردك علي وانت مشرفا عريق وجزاك الله عن كل ما قلتة بحقي وانا لا استاهل ذلك
          الاخت رهف جزاك الله كل خير على هذا الاكلام الجميل وعلى هذا التعليق ونفع بك الاسلام والمسلمين
          الاخ ابو احمد شكرا لكرورك وجزاك الله كل خير
          [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]

          تعليق

          Working...