يعيش المسلمين هذه الأيام أسوأ واصعب اللحظات في حربهم الأزلية ضد أعدائهم ، وهذا سببه الرئيسي ليس في قوة الأعداء ولكن في الضعف الواضح الذي يعاني منه جسد الأمة المتهالك نتيجة للبعد عن الله سبحانه وتعالى ...
وقد أدى ذلك إلى الإحباط الذي يعاني منه المسلمين اليوم وفقد الثقة في قدراتهم التي لو استثمرت بالشكل الصحيح لتغيرت المعادلة ولانقلبت الموازين ولظهر الحق وزهق الباطل بعون الله وحده ...
نتيجة لهذا الإحباط فقد لجأ الناس وبصورة غريبة لاستطلاع الغيب والبحث في جنبات المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله وذلك عن طريق تتبع الرؤى والأحلام وتصديقها والبحث عن البشائر من خلالها وما سوف تؤول له الأمور في المستقبل من هزيمة طائفة وانتصار أخرى أو نزول البلاء أو جلاءه مما أتاح الفرصة الكاملة للسحرة والمنجمين والدجالين لبث تفسيراتهم وتنبؤاتهم الخاصة عن المستقبل بطريقة بعيدة كل البعد عن الإسلام .
أنا هنا لا أنكر وجود الرؤيا الصادقة ولكن ذلك له ضوابط يجهلها كثير من الناس الذين خلطوا بين الرؤيا الصادقة الحق وبين الأحلام ومنها ما ذكره الله في القرآن الكريم ( أضغاث أحلام ) فأصبحوا يأخذون كل الأحلام على أنها رؤيا صادقة ويفسرونها ويصدقونها تصديقاً كاملاً ويعلقون عليها الآمال والطموحات ويركنون إلى انتظار تحقيقها إن كان فيها خيراً وإن كانت شراً يشفقون منها ويترددون بسببها ، ومنهم من ينتظر نزول معجزة من رب العزة تحل جميع مشاكلهم صغيرها وكبيرها حتى في ابسط أمور الحياة بدلاً من العمل الجاد على تحقيق التطلعات بالجد والمثابرة والاستعداد للمواجهة بالارتباط بالله والتمسك السليم بمنهجه تعالى ثم بالعزيمة الصادقة ..
ولعل من الشواهد على ذلك ما أثير قبل عدة أسابيع عن تلك المرأة التي اتصلت بالشيخ الرومي ( مفسر الأحلام ) وأخبرته أنها رأت في المنام أنها ترضع القمر ففسر ذلك (( أن المهدي المنتظر قد ولد )) بعد أن بكى بكاءَ شديداً مما تلت عليه من الرؤيا حسب ناقل الخبر ... !!
وهذه الواقعة كذب وافتراء أنكرها الشيخ تماماً ومع ذلك فلا تزال تسري في المجتمع بشكل مخيف وغيرها كثير ، والمتابع للقنوات الفضائية يرى العجب من ذلك وبخاصة من أخواتي النساء اللاتي باتت حياتهن تتوقف تماماً عند الأحلام التي يرينها أو يسمعن عنها والتي لا أراها تختلف كثيراً عن الأبراج التي يؤمن بها المسيحيين والنصارى إيماناً مطلقاً .
للموضوع أبعاد ومحاور كثيرة أتمنى اكتمالها لاحقاً والبركة فيكم .
مع وافر التحيه
تعليق