( لطول الموضوع أفضل قطع الإتصال قبل البدء بالقراءة )
لن أتحدث هنا عن دور هذه البلاد في تذليل جميع الصعاب لحجاج وقاصدي بيت الله الحرام .. فقد تحدث عنها القاصي قبل الداني ولمس مجهوداتها البعيد والقريب .. بل سأتحدث هنا عما يقوم به أبناء هذه البلاد المقدسة من بذل الغالي والنفيس لحجاج بيت الله الحرام إكمالاً لنهج قيادة هذه البلاد الطاهرة .
أعود لأذكر أن حديثي هنا ينصب عما يقوم به شباب هذا الوطن لخدمة ضيوف الرحمن ، وسأعرض جزء يسير من القصص والوقائع التي رأيتها ـ إن لم أعايشها ـ عرفاناً وتقديراً لأبناء هذا الوطن الغالي فلنبدأ حسب تسلسل الأحداث على النحو التالي :
في اليوم السابع من ذي الحجة :
سيارة أمن تقف جواري ، يخرج منها أحد ضيوف الرحمن متجهاً نحوي ليقول : " أشكر رجال الأمن ،، أشكر أبناء هذه البلاد المقدسة ،، أشكركم جميعاً يا من غمرتموني بكرمكم "
بهذه الجمل والعبارات بدأ الحاج السوري الجنسية الطاعن بالسن حديثه معي وقد لامست شفتاه إبتسامة رضا .. وغازلت عيناه نظرة إبهار وإعجاب بما رأى .. فذكر لي ذاك الحاج أنه بعد فقده لحملته بالحرم المكي وبعد أن ضل طريق العودة لمسكنه قام أحد أبناء هذه البلاد بتقديم وجبة العشاء للحاج ومن ثم إيصاله إلى أحد رجال الأمن ليقابل أحد الضباط ( برتبة مقدم كما ذكر ) قائلاً : " أنا ضيفكم أخي .. تهت عن رفقاتي ، تحسنوا تساعدوني ؟ " . وفي أثناء أخذ رجل الأمن عنوان مسكن الحاج أمر أحد مساعديه بتجهيز سيارة أمن لنقل الحاج إلى مسكن إقامة حملته .
وبعد أن أنهى الحاج قصته تدلت خصل من الشعر الأبيض من رأسه بعد أن طأطأ به فلم تكن دمعته التي خرجت على إستحياء والتي لم يملك لمداراتها حيله وكأنها ضلت الطريق ، أقول لم تكن إلا تعبير صادق على عجز عن رد الوفاء .
في اليوم الثامن من ذي الحجة :
حاج يسير دون نعل وسط الزحام بعد أن فقد زوجته التي تحتفظ له بنعليه .. يتقدم منه أحد الشباب ليقدم نعليه لهذا الحاج والذي وقف محدقاً في ذلك الشاب نتيجة صنيعه ذلك وكأنه لا يرى وسط الحشود سواه ، وبعد نقاش ذكر الحاج أن هذا الصنيع وهو ما يعرف بالإيثار كان يسمع به فقط وغير معروف في بلدهم حتى خيل إليه أن الإيثار من أساطير الأولين .
في اليوم التاسع من ذي الحجة :
في عرفات .. قبل غروب الشمس :
ـ مجموعات من الشباب إتجهوا إلى سيارات بيع المياه والعصائر واللبن والخبز ليشتروا جميع ما بداخلها ويتم توزيعها للحجاج مجاناً .
ـ مجموعة أخرى أحضرت وجبات طعام مغلفه وبكميات كبيره لتوزيعها كذلك للحجاج مجاناً .
ـ مجموعة من الشباب كانت تسير سوية كل فرد منها يجيد لغة وذلك لمساعدة الحجاج ، ومن ضمن اللغات التي يتحدث بها أفراد تلك المجموعة : الإنجليزية ـ الفرنسية ـ الأوردو ـ الفارسية ـ بعض لغات إندونيسيا وماليزيا .
في الطريق إلى مزدلفة .. بعد غروب الشمس :
شابان يحملان مسناً أفريقياً (يكاد أن يكون عظمة فوق جلده ) بين أيديهما دون كلل أو ملل متجهين به إلى مزدلفة وبجانبهم تسير زوجته المسنة وقد ارتدت الزي الإفريقي المشدود على جسدها النحيل ( كأنها بهذا الزي تحاول أن تجمع عظامها التي تأبى أن تجتمع ) ، تبادلنا أرقام الجوال لتقديم المساعدة عند الضرورة بعد أن تم تزويدهم بعربتين للعجزة .
وبعد تلك اللحظات بدأ الإرهاق يدب مفاصلي ويتجلى على ملامحي مما جعلني أعود أدراجي للمنزل ..
اليوم العاشر من ذي الحجة :
أقبل فصل الصيف زائراً لجسدي النحيل فأنهكني المرض وإرتفاع درجة الحرارة وخارت قواي جميعها مما منعني من إكمال المسير .
ولكوني أنقل ما أراة أحببت أن أشير إلى حالتي هذه والتي لا تمت للموضوع بصلة لأشرح أسباب عدم نقلي للأحداث والصور الرائعة التي قام بها شبابنا بأيام العيد والتي أخبرني بها إخوة لي .
اليوم الثالث عشر من ذي الحجة :
إتصال هاتفي من الشابين اللذين تم تزويدهما بالعربتين في طريقهم لمزدلفة لإرجاعها بعد أن تكفلا بطواف الحاجين طواف الإفاضة وطواف الوداع وإرجاعهما إلى حملتهما ( سأحتفظ بإسم دولتهما لغرض في نفسي ) .. ما أجمل صنيعهما
فمن هنا ، ومن هذا المنبر .. أتقدم بشكري لأبناء هذا الوطن الذين جندوا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن وساروا على نهج ولاة الأمر لتذليل جميع الصعاب التي قد تواجه حجاج بيت الله ..
فشكراً لكم على ما قدمتموه من خدمات للضيوف من نصح وإرشاد ، من مد يد العون لكل محتاج ، من السعي لسقيا الحجاج وإطعامهم ، من مساعدة للعجزة والمرضى ، من إنتشال العاثرين وسط الزحام ، من إيصال الضائعين والبحث عن التائهين .. فنعم ما قمتم به من عمل تبتغون به وجه الله .
ومن هنا أيضاً .. ومن هذا المنبر .. أرفع أكف الدعاء لله بأن يحفظ هذا البلد وأبناءه آمنين مطمئنين ، وأن ينصرهم على من عاداهم ، وأن يزيدهم رخاءً ونعمة إنه هو الوالي ونعم النصير ..
لن أتحدث هنا عن دور هذه البلاد في تذليل جميع الصعاب لحجاج وقاصدي بيت الله الحرام .. فقد تحدث عنها القاصي قبل الداني ولمس مجهوداتها البعيد والقريب .. بل سأتحدث هنا عما يقوم به أبناء هذه البلاد المقدسة من بذل الغالي والنفيس لحجاج بيت الله الحرام إكمالاً لنهج قيادة هذه البلاد الطاهرة .
أعود لأذكر أن حديثي هنا ينصب عما يقوم به شباب هذا الوطن لخدمة ضيوف الرحمن ، وسأعرض جزء يسير من القصص والوقائع التي رأيتها ـ إن لم أعايشها ـ عرفاناً وتقديراً لأبناء هذا الوطن الغالي فلنبدأ حسب تسلسل الأحداث على النحو التالي :
في اليوم السابع من ذي الحجة :
سيارة أمن تقف جواري ، يخرج منها أحد ضيوف الرحمن متجهاً نحوي ليقول : " أشكر رجال الأمن ،، أشكر أبناء هذه البلاد المقدسة ،، أشكركم جميعاً يا من غمرتموني بكرمكم "
بهذه الجمل والعبارات بدأ الحاج السوري الجنسية الطاعن بالسن حديثه معي وقد لامست شفتاه إبتسامة رضا .. وغازلت عيناه نظرة إبهار وإعجاب بما رأى .. فذكر لي ذاك الحاج أنه بعد فقده لحملته بالحرم المكي وبعد أن ضل طريق العودة لمسكنه قام أحد أبناء هذه البلاد بتقديم وجبة العشاء للحاج ومن ثم إيصاله إلى أحد رجال الأمن ليقابل أحد الضباط ( برتبة مقدم كما ذكر ) قائلاً : " أنا ضيفكم أخي .. تهت عن رفقاتي ، تحسنوا تساعدوني ؟ " . وفي أثناء أخذ رجل الأمن عنوان مسكن الحاج أمر أحد مساعديه بتجهيز سيارة أمن لنقل الحاج إلى مسكن إقامة حملته .
وبعد أن أنهى الحاج قصته تدلت خصل من الشعر الأبيض من رأسه بعد أن طأطأ به فلم تكن دمعته التي خرجت على إستحياء والتي لم يملك لمداراتها حيله وكأنها ضلت الطريق ، أقول لم تكن إلا تعبير صادق على عجز عن رد الوفاء .
في اليوم الثامن من ذي الحجة :
حاج يسير دون نعل وسط الزحام بعد أن فقد زوجته التي تحتفظ له بنعليه .. يتقدم منه أحد الشباب ليقدم نعليه لهذا الحاج والذي وقف محدقاً في ذلك الشاب نتيجة صنيعه ذلك وكأنه لا يرى وسط الحشود سواه ، وبعد نقاش ذكر الحاج أن هذا الصنيع وهو ما يعرف بالإيثار كان يسمع به فقط وغير معروف في بلدهم حتى خيل إليه أن الإيثار من أساطير الأولين .
في اليوم التاسع من ذي الحجة :
في عرفات .. قبل غروب الشمس :
ـ مجموعات من الشباب إتجهوا إلى سيارات بيع المياه والعصائر واللبن والخبز ليشتروا جميع ما بداخلها ويتم توزيعها للحجاج مجاناً .
ـ مجموعة أخرى أحضرت وجبات طعام مغلفه وبكميات كبيره لتوزيعها كذلك للحجاج مجاناً .
ـ مجموعة من الشباب كانت تسير سوية كل فرد منها يجيد لغة وذلك لمساعدة الحجاج ، ومن ضمن اللغات التي يتحدث بها أفراد تلك المجموعة : الإنجليزية ـ الفرنسية ـ الأوردو ـ الفارسية ـ بعض لغات إندونيسيا وماليزيا .
في الطريق إلى مزدلفة .. بعد غروب الشمس :
شابان يحملان مسناً أفريقياً (يكاد أن يكون عظمة فوق جلده ) بين أيديهما دون كلل أو ملل متجهين به إلى مزدلفة وبجانبهم تسير زوجته المسنة وقد ارتدت الزي الإفريقي المشدود على جسدها النحيل ( كأنها بهذا الزي تحاول أن تجمع عظامها التي تأبى أن تجتمع ) ، تبادلنا أرقام الجوال لتقديم المساعدة عند الضرورة بعد أن تم تزويدهم بعربتين للعجزة .
وبعد تلك اللحظات بدأ الإرهاق يدب مفاصلي ويتجلى على ملامحي مما جعلني أعود أدراجي للمنزل ..
اليوم العاشر من ذي الحجة :
أقبل فصل الصيف زائراً لجسدي النحيل فأنهكني المرض وإرتفاع درجة الحرارة وخارت قواي جميعها مما منعني من إكمال المسير .
ولكوني أنقل ما أراة أحببت أن أشير إلى حالتي هذه والتي لا تمت للموضوع بصلة لأشرح أسباب عدم نقلي للأحداث والصور الرائعة التي قام بها شبابنا بأيام العيد والتي أخبرني بها إخوة لي .
اليوم الثالث عشر من ذي الحجة :
إتصال هاتفي من الشابين اللذين تم تزويدهما بالعربتين في طريقهم لمزدلفة لإرجاعها بعد أن تكفلا بطواف الحاجين طواف الإفاضة وطواف الوداع وإرجاعهما إلى حملتهما ( سأحتفظ بإسم دولتهما لغرض في نفسي ) .. ما أجمل صنيعهما
فمن هنا ، ومن هذا المنبر .. أتقدم بشكري لأبناء هذا الوطن الذين جندوا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن وساروا على نهج ولاة الأمر لتذليل جميع الصعاب التي قد تواجه حجاج بيت الله ..
فشكراً لكم على ما قدمتموه من خدمات للضيوف من نصح وإرشاد ، من مد يد العون لكل محتاج ، من السعي لسقيا الحجاج وإطعامهم ، من مساعدة للعجزة والمرضى ، من إنتشال العاثرين وسط الزحام ، من إيصال الضائعين والبحث عن التائهين .. فنعم ما قمتم به من عمل تبتغون به وجه الله .
ومن هنا أيضاً .. ومن هذا المنبر .. أرفع أكف الدعاء لله بأن يحفظ هذا البلد وأبناءه آمنين مطمئنين ، وأن ينصرهم على من عاداهم ، وأن يزيدهم رخاءً ونعمة إنه هو الوالي ونعم النصير ..
تعليق