لحظة غياب الشمس من كل يوم كانت كلحظة ولادة يوم جديد وولادة عام جديد , انصرفت يا عامي وأنا ما أزال أحمل في خلايا عقلي المترهل شيئا من الذكرى وأشياء تجعلني أعجب من نفسي ومن خورها , إنها ذكرى تسلب مشاعري وتجعلني غير قادر على المسير ولو خطوة واحدة للأمام , ذكريات حرصت كل الحرص أن تجعلني عكس التيار إن لم أتشبث بشيء وأتعلق به قذفتني بعيدا لف قضبان الهم الطاغي والحزن الفتاك . ورغم هذه الذكريات السوداء التي يتمتع بها فؤادي فلا يزال عندي ذكريات تلونت بلون الورد وتعطرت بالفل واكتسب غلافها بلون السماء الصافي . لكنها لا تكاد ترى بالعين المجردة وهي تغوص وتغوص في أوحال الشعور المر القاسي .نعم الذكرى تحد عنيف في وجه النسيان بالنسبة لي وهي ترجمة أخرى لمعنى الوجود . كما أنها سم زعاف من استحكم منه قتله .
كلمة تجر خلفها أطنانا من الكلمات على سفينة الذكريات تجعلني أتأمل أوراق الذكريات حينما أتعمد فتح ملفات الواقع إشاحة بالوجه عنه ودسا للألم في قلب الألم. وحتى مع كل هذا لن نستطيع تغيير الحقائق لو أردنا ذلك أبدا لأننا سنجد حائط المتناقضات يلوح لنا من أمام أعيننا عندها سنقف مرغمين على ذلك .
كم من الصعب على الإنسان أن يفارق محبيه , وكم من المحزن حين يفارق المرء روحه في يوم من الأيام . عندها تصبح جميع الأماكن كأنها مرآة لكنها لا تعكس صورا حقيقية بل تعكس ماهو قلب الحقيقة تعكس جرحا عميقا مؤلما ووجه ترنح كالسكران من الداخل فكأن ذلك الغياب جلاد يضرب بسوط الغربة بلا هوادة فيدب في عقر النفس الإحساس بالانكسار المدمر حينها تتوه الكلمات وتبقى بعض الحروف التي لم تعد تعني شيئا بل أصبحت خاوية جوفها فيا للمصيبة حين تختنق المعاني في زحمة الأنانية واللامبالاة لأعود مرة أخرى مكسور الجناح لأعلن الحداد على ذلك الأمل المفقود والذي بت معه كالضمئآن يجري لاهثا خلف السراب ولن يجد الماء طالما أنه معدوم من أصله ولن أنسى أو أتناسى كل من كان سببا في انتحار الآمال على مشنقة الحياة . في زمن أصبحت المشاعر مجرد كذبة ودسيسة يقبع خلفها آلاف من أشواك الحنظل التي تحمل في طياتها مزيدا من الجراثيم .فلا عجب إن أنا ترددت بين الحياة والموت فالسنين تمضي وأنا كما أنا أشعر بالأسى والضياع يلفني من كل الجهات بسواده الذي يشتد يوما بعد يوم كلما قربت من النهاية .بعدها لا نملك إلا الصمت ثم الصمت تلو الصمت فتختلج وتغتلي الأشجان في دواخلنا المكبوتة ثم ما تلبث أن تنسكب دما قانيا على أوراق دفتر الأيام إن كان لي أيام يمتليء الدفتر ولكن يا ترى إلى من سأبعثها وكيف لي أن أبثها لأعود بعدها دون أي إجابات فألوذ بالصمت المطبق .
ثم هاهو الرحيل يقترب فيصيبني بالخوف . أعترف بأنني أخشى الفراق وأخشى الدموع التي تراق عند ساعة الرحيل . فجيوش الذكريات في تلك اللحظة أجدها مستعدة للزحف على مدني . وحبال مشانق العبرات علقت استعدادا لخنقي ورياح الحزن الباردة تهب في وجهي لتحبس أنفاسي . كم أخشى تلكم اللحظات عندما تقترب . عندما تتكسر موجات الثقة على صخور من نحب لترتد بصوت خافت لتشل حركة كل أجهزتنا في لحظة كنا فيها بأمس الحاجة إلى موجاتهم إنهم من نحب وهذا هو سبب الخوف لذلك نحس وكأن العالم يخوننا بأسره وتضيق الأرض بما رحبت عندها أصل بذاكرتي إلى الشيء المخيف إلى زاوية الضيق إلى نقطة الفراغ القاتل ذلك الفراغ بكل ما تعنيه الكلمة من معاني حيث نصل إلى كوارث لا نستطيع إيجاد الحلول لها فتتبخر من دواخلنا العواطف وتضمحل الذكريات فنصبح أكثر غرابة من وحوش الغاب وأكثر شراسة منها فنتخلى عن كل من نحب ليس عمدا منا ولكن رغما عنا فتموت بذلك قلوبنا وتنتحر مشاعرنا فتصبح ضحية خيانة الثقة العظمى ممن لم يكونوا أهلا لنيل شرف ووسام الثقة ضحية غرور أولائك الذين أحببناهم في لحظة غباء ووهبناهم بكل أسف على صحائف من ذهب . عندها وجدت نفسي أصرخ بعبث همجي مجنون قائلا :
سأجمع كل تأريخي
على دفتر
سأرضع كل فاصلة
حليب الكلمة الأشقر
سأكتب لايهم لمن
سأكتب هذه الأسطر
فحسبي أن أبوح بها
لأجل البوح لا أكثر
حرف لا مبالية
أبعثرها على دفتر
بلا أمل بأن تبقى
بلا أمل بأن تنشر
حروف سوف أفرطها
كقلب الخوخة الأحمر
لعل الريح تحملها
فتزرع في تنقلها
هنا مرجا هنا كرما
هنا بيتا هنا شمسا
وصيف رائع أخضر
كتابات أقدمها
لأية مهجة تشعر
سيسعدني إذا بقيت
غدا مجهولة المصدر
على دفتر
سماء مدينتي تمطر
وإني مثلها أمطر
أنا حزني رمادي
أنا وجه بدا مقفر
أنا نوع من الصبار
لا يعطي ولا يثمر
حياتي مركب هائم
تحطم قبل أن يبحر
وأيامي مكررة
كصوت الساعة المضجر
فلا صيفي أنا صيف
ولا زهري أنا يزهر
وداعا أيها الدفتر
وداعا يا صديق العمر
أيا مصباحي الأصفر
ويا صدرا بكيت عليه
أعواما ولم يضجر
ويا رعدي ويا برقي
ويا ألما تحول في
يدي خنجر
تركتك في أمان الله
يا جرحي
الذي ... أزهر..
*****************
مالك الحزين
15/12/1423هـ
كلمة تجر خلفها أطنانا من الكلمات على سفينة الذكريات تجعلني أتأمل أوراق الذكريات حينما أتعمد فتح ملفات الواقع إشاحة بالوجه عنه ودسا للألم في قلب الألم. وحتى مع كل هذا لن نستطيع تغيير الحقائق لو أردنا ذلك أبدا لأننا سنجد حائط المتناقضات يلوح لنا من أمام أعيننا عندها سنقف مرغمين على ذلك .
كم من الصعب على الإنسان أن يفارق محبيه , وكم من المحزن حين يفارق المرء روحه في يوم من الأيام . عندها تصبح جميع الأماكن كأنها مرآة لكنها لا تعكس صورا حقيقية بل تعكس ماهو قلب الحقيقة تعكس جرحا عميقا مؤلما ووجه ترنح كالسكران من الداخل فكأن ذلك الغياب جلاد يضرب بسوط الغربة بلا هوادة فيدب في عقر النفس الإحساس بالانكسار المدمر حينها تتوه الكلمات وتبقى بعض الحروف التي لم تعد تعني شيئا بل أصبحت خاوية جوفها فيا للمصيبة حين تختنق المعاني في زحمة الأنانية واللامبالاة لأعود مرة أخرى مكسور الجناح لأعلن الحداد على ذلك الأمل المفقود والذي بت معه كالضمئآن يجري لاهثا خلف السراب ولن يجد الماء طالما أنه معدوم من أصله ولن أنسى أو أتناسى كل من كان سببا في انتحار الآمال على مشنقة الحياة . في زمن أصبحت المشاعر مجرد كذبة ودسيسة يقبع خلفها آلاف من أشواك الحنظل التي تحمل في طياتها مزيدا من الجراثيم .فلا عجب إن أنا ترددت بين الحياة والموت فالسنين تمضي وأنا كما أنا أشعر بالأسى والضياع يلفني من كل الجهات بسواده الذي يشتد يوما بعد يوم كلما قربت من النهاية .بعدها لا نملك إلا الصمت ثم الصمت تلو الصمت فتختلج وتغتلي الأشجان في دواخلنا المكبوتة ثم ما تلبث أن تنسكب دما قانيا على أوراق دفتر الأيام إن كان لي أيام يمتليء الدفتر ولكن يا ترى إلى من سأبعثها وكيف لي أن أبثها لأعود بعدها دون أي إجابات فألوذ بالصمت المطبق .
ثم هاهو الرحيل يقترب فيصيبني بالخوف . أعترف بأنني أخشى الفراق وأخشى الدموع التي تراق عند ساعة الرحيل . فجيوش الذكريات في تلك اللحظة أجدها مستعدة للزحف على مدني . وحبال مشانق العبرات علقت استعدادا لخنقي ورياح الحزن الباردة تهب في وجهي لتحبس أنفاسي . كم أخشى تلكم اللحظات عندما تقترب . عندما تتكسر موجات الثقة على صخور من نحب لترتد بصوت خافت لتشل حركة كل أجهزتنا في لحظة كنا فيها بأمس الحاجة إلى موجاتهم إنهم من نحب وهذا هو سبب الخوف لذلك نحس وكأن العالم يخوننا بأسره وتضيق الأرض بما رحبت عندها أصل بذاكرتي إلى الشيء المخيف إلى زاوية الضيق إلى نقطة الفراغ القاتل ذلك الفراغ بكل ما تعنيه الكلمة من معاني حيث نصل إلى كوارث لا نستطيع إيجاد الحلول لها فتتبخر من دواخلنا العواطف وتضمحل الذكريات فنصبح أكثر غرابة من وحوش الغاب وأكثر شراسة منها فنتخلى عن كل من نحب ليس عمدا منا ولكن رغما عنا فتموت بذلك قلوبنا وتنتحر مشاعرنا فتصبح ضحية خيانة الثقة العظمى ممن لم يكونوا أهلا لنيل شرف ووسام الثقة ضحية غرور أولائك الذين أحببناهم في لحظة غباء ووهبناهم بكل أسف على صحائف من ذهب . عندها وجدت نفسي أصرخ بعبث همجي مجنون قائلا :
سأجمع كل تأريخي
على دفتر
سأرضع كل فاصلة
حليب الكلمة الأشقر
سأكتب لايهم لمن
سأكتب هذه الأسطر
فحسبي أن أبوح بها
لأجل البوح لا أكثر
حرف لا مبالية
أبعثرها على دفتر
بلا أمل بأن تبقى
بلا أمل بأن تنشر
حروف سوف أفرطها
كقلب الخوخة الأحمر
لعل الريح تحملها
فتزرع في تنقلها
هنا مرجا هنا كرما
هنا بيتا هنا شمسا
وصيف رائع أخضر
كتابات أقدمها
لأية مهجة تشعر
سيسعدني إذا بقيت
غدا مجهولة المصدر
على دفتر
سماء مدينتي تمطر
وإني مثلها أمطر
أنا حزني رمادي
أنا وجه بدا مقفر
أنا نوع من الصبار
لا يعطي ولا يثمر
حياتي مركب هائم
تحطم قبل أن يبحر
وأيامي مكررة
كصوت الساعة المضجر
فلا صيفي أنا صيف
ولا زهري أنا يزهر
وداعا أيها الدفتر
وداعا يا صديق العمر
أيا مصباحي الأصفر
ويا صدرا بكيت عليه
أعواما ولم يضجر
ويا رعدي ويا برقي
ويا ألما تحول في
يدي خنجر
تركتك في أمان الله
يا جرحي
الذي ... أزهر..
*****************
مالك الحزين
15/12/1423هـ
تعليق