كثر الحديث عن الهيبة ، وجعلوا لازمها التجهّم والتجعّد ، ثم نقَّبوا عن الأئمة ونحوهم ، وانتقوا كل الآثار الدالة على بكائهم وحزنهم حتى جعلوها ديدن حياتهم ، بل إنهم نسوا أو تناسوا آثاراً وردت عنهم تدل على دماثة أخلاقهم وخِفَّة ظلهم ، و حجبوا صوراً وأمثلة عن أئمة قد اشتهروا بذلك .
فهذا الأعمش الإمام المشهور ، اشتهر بين العلماء بمزحه وطرفته ، ومع ذلك لم تضره تلك الصفة في دينه ، حتى قال عنه الإمام يحي بن سعيد القطان: " كان من النساك ، وهو علاّمة الإسلام " وقال وكيع عنه : " اختلفت إليه قريباً من سنتين ما رأيته يقضي ركعة وكان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى " .
بل انظر إلى ابن قدامة رحمه الله فقد قتل مخالفيه بابتسامة عريضة تطفئ لهيب الخصومة بينهم ، حتى كان البعض يُقْبِل للمناظرة " والمشاجرة" فإذا رأى ابن قدامة وما عليه من تلك الابتسامة ترك ما عليه من شحناء وبغضاء .
ثم جعل البعض الابتسامة سبباً لتجرؤ الناس على العلماء والدعاة ، وليت هؤلاء أتحفونا ببعض الآثار التي تدل على ذلك الوجَل ، وأخشى أن يأتوا بعد زمن فيقولوا : ما تجرأ الأعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تفريق الصدقات إلا بسبب ابتسامته وهشاشته له .
وقد بدر مثل هذا التفكير إلى زوجة أبي ذر رضي الله عنهما أجمعين فقد قالت : ( كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا حَدَّثَ حَدِيثًا تَبَسَّمَ فَقُلْتُ لَا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّكَ أَيْ أَحْمَقُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَوْ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا إِلَّا تَبَسَّمَ ) رواه أحمد .
لقد أصبحت خشونة الأخلاق سمة بارزة وعلامة فارقة لبعض شباب الصحوة ، مما ترتب على هذا سؤتان :
أولاهما : وحشة أصابت الناس منهم ، مما جعل خوف الآباء سداًّ دون هداية الأبناء ، ولا غرابة في ذلك فالناس هذه الأيام قد أصابتهم لوثة الإعلام العربي ، ذلك الإعلام الذي صور شباب الصحوة بأنياب دامية وقرون ناطحة كأنهم من وحوش الغاب سواء استخدم في ذلك الأفلام أو اللقاءات أو التقارير أو حتى الكاريكاتير ، فكانت هذه الصور محل شك أمام الناس ، ولكنهم بعد المخالطة لبعض الشباب ارتقت تلك الصور من المظنون إلى المقطوع ومن الحُلْم إلى العِلْم .
ثم نتج عن ذلك السؤة الأخرى : وهي تولي وجوه أولئك الأقوام إلى شِطْر أناس أظهروا التدين وتمسحوا به وحُق عليهم الوصف بأنهم من " المخرِّفين المحرِّفين " ، ولكنهم يجيدون فن التعامل ، ولهم في استخدام مهارة الاتصال بالناس حَذاقة ولباقة ، فملكوا الناس عقلاً وشعوراً فوثق فيهم الناس ، ووكَلوا لهم دينهم وشرعهم ، ثم تحكموا في حياة الناس حلاً وتحريماً ، فكانت لهم الريادة والقيادة في توجيه وتحريك الشارع المسلم .
وإذا جلس الأخيار بينهم تذاكروا جهود النصارى واليهود والرافضة والبوذيين وغيرهم ، ثم أخذوا في لطم الخدود وشق الجيوب همّاً وغمّاً من الجهود المنحرفة ، وحزناً على آثار تلك الأعمال .
ولو رأى هؤلاء كيف بلَغ النصارى مبلغهم في دعوة دينهم لوجدوا العجب ، فالدين قائم على خرافات يمجُّها كل من فيه ذرة من عقل ، ومع ذلك تجد الإقبال من الشعوب الجاهلة عليه ، وسبب ذلك هَشّ وبَشّ و ابتسامة عريضة تعلو محياهم أثناء علاج الفقراء أو إطعامهم .
ونختم حديثنا هذا بنصيحة خاصة من النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه وهي للدعاة عامة ، فقد قال له : ( لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) رواه مسلم . قال الإمام النووي رحمه الله : " فِيهِ الْحَثّ عَلَى فَضْل الْمَعْرُوف , وَمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ , حَتَّى طَلَاقَة الْوَجْه عِنْد اللِّقَاء " .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العاملين .
فهذا الأعمش الإمام المشهور ، اشتهر بين العلماء بمزحه وطرفته ، ومع ذلك لم تضره تلك الصفة في دينه ، حتى قال عنه الإمام يحي بن سعيد القطان: " كان من النساك ، وهو علاّمة الإسلام " وقال وكيع عنه : " اختلفت إليه قريباً من سنتين ما رأيته يقضي ركعة وكان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى " .
بل انظر إلى ابن قدامة رحمه الله فقد قتل مخالفيه بابتسامة عريضة تطفئ لهيب الخصومة بينهم ، حتى كان البعض يُقْبِل للمناظرة " والمشاجرة" فإذا رأى ابن قدامة وما عليه من تلك الابتسامة ترك ما عليه من شحناء وبغضاء .
ثم جعل البعض الابتسامة سبباً لتجرؤ الناس على العلماء والدعاة ، وليت هؤلاء أتحفونا ببعض الآثار التي تدل على ذلك الوجَل ، وأخشى أن يأتوا بعد زمن فيقولوا : ما تجرأ الأعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تفريق الصدقات إلا بسبب ابتسامته وهشاشته له .
وقد بدر مثل هذا التفكير إلى زوجة أبي ذر رضي الله عنهما أجمعين فقد قالت : ( كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا حَدَّثَ حَدِيثًا تَبَسَّمَ فَقُلْتُ لَا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّكَ أَيْ أَحْمَقُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَوْ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا إِلَّا تَبَسَّمَ ) رواه أحمد .
لقد أصبحت خشونة الأخلاق سمة بارزة وعلامة فارقة لبعض شباب الصحوة ، مما ترتب على هذا سؤتان :
أولاهما : وحشة أصابت الناس منهم ، مما جعل خوف الآباء سداًّ دون هداية الأبناء ، ولا غرابة في ذلك فالناس هذه الأيام قد أصابتهم لوثة الإعلام العربي ، ذلك الإعلام الذي صور شباب الصحوة بأنياب دامية وقرون ناطحة كأنهم من وحوش الغاب سواء استخدم في ذلك الأفلام أو اللقاءات أو التقارير أو حتى الكاريكاتير ، فكانت هذه الصور محل شك أمام الناس ، ولكنهم بعد المخالطة لبعض الشباب ارتقت تلك الصور من المظنون إلى المقطوع ومن الحُلْم إلى العِلْم .
ثم نتج عن ذلك السؤة الأخرى : وهي تولي وجوه أولئك الأقوام إلى شِطْر أناس أظهروا التدين وتمسحوا به وحُق عليهم الوصف بأنهم من " المخرِّفين المحرِّفين " ، ولكنهم يجيدون فن التعامل ، ولهم في استخدام مهارة الاتصال بالناس حَذاقة ولباقة ، فملكوا الناس عقلاً وشعوراً فوثق فيهم الناس ، ووكَلوا لهم دينهم وشرعهم ، ثم تحكموا في حياة الناس حلاً وتحريماً ، فكانت لهم الريادة والقيادة في توجيه وتحريك الشارع المسلم .
وإذا جلس الأخيار بينهم تذاكروا جهود النصارى واليهود والرافضة والبوذيين وغيرهم ، ثم أخذوا في لطم الخدود وشق الجيوب همّاً وغمّاً من الجهود المنحرفة ، وحزناً على آثار تلك الأعمال .
ولو رأى هؤلاء كيف بلَغ النصارى مبلغهم في دعوة دينهم لوجدوا العجب ، فالدين قائم على خرافات يمجُّها كل من فيه ذرة من عقل ، ومع ذلك تجد الإقبال من الشعوب الجاهلة عليه ، وسبب ذلك هَشّ وبَشّ و ابتسامة عريضة تعلو محياهم أثناء علاج الفقراء أو إطعامهم .
ونختم حديثنا هذا بنصيحة خاصة من النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه وهي للدعاة عامة ، فقد قال له : ( لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) رواه مسلم . قال الإمام النووي رحمه الله : " فِيهِ الْحَثّ عَلَى فَضْل الْمَعْرُوف , وَمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ , حَتَّى طَلَاقَة الْوَجْه عِنْد اللِّقَاء " .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العاملين .
تعليق