في تاريخ البشرية ما سمع بمثلها أبدا ... هي رحلة قصير وقتها ، طويل مداها ، عظيم شأنها ، آمنا بها يقيناً وصدقناها تصديقاً لا شبهة فيه ...
إنها رحلة الإسراء والمعراج ...
بعد انتهاء رحلة الطائف وما حدث للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة واتم التسليم من تكذيب من أهل الطائف رجع عليه السلام إلى مكة بعد أن استجار بأحد سادات مكة ليطوف بالكعبة ... وبعد أن رفض العالم كله تلك الرسالة الخالدة ورفضته الدنيا بأسرها وكذبه أهلها استقبلته السماء في رحلة هي أعظم رحلة في التاريخ واصدقها من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى سدرة المنتهى ....
فإلى تفاصيل تلك الرحلة العظيمة من قول المصطفى عليه السلام :
حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه قال فركبته حتى أتيت بيت المقدس قال فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل صلى الله عليه وسلم اخترت الفطرة "
إلى السماء الدنيا
" ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير"
وفي رواية " فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمنه أسودة وعن يساره أسودة قال فإذا نظر قبل يمينه ضحك واذا نظر قبل يساره بكى قال : فقال مرحباً بالنبي الصالح والإبن الصالح ، قال قلت يا جبريل من هذا ؟ قال هذا آدم صلى الله عليه وسلم وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى "
السماء الثانية [/COLOR]
" ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما فرحبا ودعوا لي بخير "
[
COLOR=blue]السماء الثالثة
" ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من أنت قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم إذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير"
السماء الرابعة
" ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قال وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير قال الله " ورفعناه مكانا عليا "
السماء الخامسة
" ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون صلى الله عليه وسلم فرحب ودعا لي بخير"
السماء السادسة
" ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسى صلى الله عليه وسلم فرحب ودعا لي بخير"
وفي رواية " فلما خلصت فإذا انا بموسى عليه السلام ، قال : هذا موسى ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ،قال فلما تجاوزت بكى ، قيل ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بعث بعدي ثم يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي "
السماء السابعة
" ثم عرج إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه "
وفي حديث آخر عن لقاء إبراهيم عليه السلام ليلة الإسراء أنه صلى الله عليه وسلم قال :
" لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " .
سدرة المنتهى
ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال قال فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها فأوحى الله إلي ما أوحى "
فرض الصلاة على محمد
" ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى صلى الله عليه وسلم فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف على أمتي فحط عني خمسا فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا قال إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف قال فلم أزل ارجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام حتى قال يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه "
وقــــفــــــات
1- الإسراء والمعراج حقيقة وليس رؤيا منام .
2- أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرى ربه عز و جل كما في الحديث من صحيح مسلم
" حدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود عن الشعبي عن مسروق قال
كنت متكئا عند عائشة فقالت يا أبا عائشة ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية قلت ما هن قالت من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية قال وكنت متكئا فجلست فقلت يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني ألم يقل الله " ولقد رآه بالأفق المبين " " ولقد رآه نزلة أخرى " فقالت أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض فقالت أو لم تسمع أن الله يقول " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " أو لم تسمع أن الله يقول " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم .... " إلى آخر الرواية .
3- جميع العبادات فرضت في الأرض إلا الصلاة لعظم أمرها فرضت في السماء .
4- البراق خلق خلقه الله وصفه الرسول عليه السلام في الحديث السابق
" حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجاً ملجماً ليركبه فاستصعب عليه ، و قال له جبريل : ما يحملك على هذا ؟ فو الله ما ركبك أحد قط أكرم على الله عز و جل منه ، قال : فارفض عرقاً .
5- بلغنا سلام سيدنا ونبينا إمام التوحيد إبراهيم عليه السلام على لسان سيد الخلق أجمعين فعليه وعلى محمد أفضل السلام وأتم التسليم ووصيته الخالدة أن الجنة تحتاج منا الغراس وان تربتها طيبة وغراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر .
6- سدرة المنتهى فيها من الجمال والحسن ما يقف عن وصفه البشر .
* أرجو عموم الفائدة والله تعالى أعلم .
----------------------------------------------------------
صحيح مسلم
كتاب : كتاب الإيمان
باب : باب الإسراء برسول الله إلى السماوات وفرض الصلاة .
رقم الحديث :162
الجزء :1
الصفحة :145
----------------------------------------------------------
تعليق