قد يقول احدنا أن هذا رقم مبالغ فيه و لا يستوعبه العقل و حينها أحيل بعقله و نظره إلى كتاب الإحصاء السنوي الصادر من وزارة التخطيط الذي سجل تلك الإحصاءات ضمن إحصاءات أخرى تعني بنشاط الجريمة .
نعم الرقم كبير و لكن ليس فيه مبالغة إذا نظرنا لواقع مجتمعنا المعاصر ، المجتمع الذي لا زال يعيش على وقع الخطاب الاجتماعي الخاص بعقود ما قبل الثمانينات الميلادية ، فذلك الخطاب لازال يوهمنا بأننا مجتمع محافظ و ملتزم بالضوابط الشرعية المحكمة لحياتنا الاجتماعية اليومية ، و أسفا لذلك الخطاب الذي لا زال يراوح مكانه و يرفض مجاراة الحياة المعاصرة المتسارعة في خطاها ، أو خطأها ، و نتائج ذلك الخطاب أنه صنع مجتمعا لا يقبل النقد و لا يؤمن بضرورة رؤية وجهه الأخر .
لنعود إلى تلك الأرقام بالتفصيل المناطقي ، لنجد ان المنطقة الشرقية تتصدر قائمة المآسي بحصدها 40 % من مجموع الحالات في المملكة ! ، نعم فقد سجلت الشرقية 239 حالة من إجمالي 596 حالة
في المملكة و جاءت بعدها منطقة الرياض 102 حالة ، ثم منطقة مكة المكرمة 77 حالة و القصيم 50 حالة و عسير 47 حالة و المدينة المنورة 16 حالة و جازان 14 حالة و الجوف 13 حالة و تبوك 11 حالة و نجران 10 حالات و حائل 9 حالات و الحدود الشمالية 5 حالات و أخيرا الباحة 3 حالات ..
و للمشكك حرية جمع تلك الأعداد السابقة ليصل للإجمالي المذكوره أعلاه أو الرجوع إلى الكتاب المعني .
و قبل الخوض في التوزيع المناطقي للحالات ، أشير إلى أن نسبة الزيادة في الحالات خلال عامي 1997 و 2000 شملت 276 حالة أي بمعنى زيادة بمقدار 86 % و للذي يعزو تلك الحالات إلى الوافدين من العمالة الآسيوية ، أذكره بان حملة الجوازات ضد مخالفي نظام الإقامة ساهمت بشكل كبير خلال تلك الفترة في تخفيض اعداد العمالة في المملكة كما أن العمالة الوافدة لا ترتكز اقامتها في المنطقة الشرقية حتى نحصد ذلك الرقم .
و في التوزيع المناطقي يتساءل المرء عن أسباب تركز حوالي نصف الحالات في المنطقة الشرقية ؟!
و هو الأمر الذي أود ان أتناوله من خلال خبرتي البسيطة التي اكتسبتها في عملي الصحفي السابق في صحيفة الوطن و أحدد الأمر بأنه يرتكز في الشرقية في مواقع محددة التي أستطيع القول بأنها في محافظة القطيف ، فخلال عملي الصحفي كنت أتابع بكثب القضايا الأمنية و أراقبها و أنقلها إلى الصحيفة من باب المهنية و هو ما سمح لي بالتعرف على بعض الأسباب من خلال مجالسة العديد من أقارب و أصدقاء ضحايا تلك الحالات ، ففي القطيف تسجل أغلب الحالات لدى الفتيات ، سن المراهقة ، و تتم الحالات بالتهام أقراص عديدة من الدواء أو شرب محلول غسيل أو ما شابه ذلك .. و كانت تلك الحالات تتفق على جانب واحد في اسباب حدوثها و الذي يندرج تحت عبارة ( الكبت الاجتماعي ) من خلال تعامل أولياء الأمور مع بناتهم .. هذا في جانب حالات الفتيات في القطيف و هو أمر يقل تدريجيا في مدن و محافظات المنطقة و بأسباب متقاربة .
و برأيي الخاص أن تركز الحالات في الشرقية لدى الفتيات له أسباب عديدة .. أعتقد أن في مقدمتها الحالة التي تعيشها المنطقة من انفتاح اجتماعي متزايد و هو الأمر الذي يمكن وصفه بالانفتاح الذي رمى عباءة القيم الاجتماعية والمسلمة المحافظة خلفه و انطلق جريا وراء المظاهر العصرية للحياة الاجتماعية المتحررة ، كما يوجد نسبيا في محافظة جدة ، فالشرقية المجتمع المحافظ بدأ ينسلخ تدريجيا من عالم المحافظة الاجتماعية سعيا للوصول إلى مستوى الانفتاح الذي تعيشه محافظة جدة و هو الأمر الذي خلق تصادما بين الجيلين الذي تعيشهم المنطقة ، جيل من هم فوق سن الأربعين ( المحافظ ) و الجيل الحالي ( المنفتح نسبيا) ، و ذلك التصادم أفرز حدوث حالات مشابهة سبقها و لاحقها عصيان و تمرد بين الطرفين و ليس بالمستغرب في ذلك التضاد أن يسجل ذلك العدد المرتفع في المنطقة ذاتها من بد المناطق، وقبل ذلك كله لابد من الإيمان بان ضعف الوزاع الديني هو العامل الرئيسي في تلك الحالات .
كان ذلك جانبا من حالات المنطقة الشرقية و توضيحا لأحد أهم الأسباب التي تعيشها المنطقة اجتماعيا و هو السبب الاجتماعي الذي ينطبق لدى بقية المناطق و لكن بنسب قليلة جدا ، يمكن الرجوع إلى الاحصائيات أعلاه ، ففي المناطق الأخرى ، حالات الفتيات موجودة نتيجة لوجود الصراع بين الطرفين المذكورين ولكنها محدودة لتنامي الوزاع الديني لدى الجيل الثاني وقصر المسافة الثقافية والاجتماعية بين الجيلين .
و لبقية الحالات أسباب أخرى ، فإذا نظرنا لحالات الوافدين من العمالة الآسيوية ، فهي على كل حال ضعيفة نسبيا في ناحية الوازع الديني ، مما أنتج عنها اتخاذ العامل الآسيوي قرار الانتحار بكل سهولة و لا يتجاوز الأمر حبل على المروحة ، حلقة طاش ما طاش مثال واقعي ، و لكن لماذا يقرر الوافد الانتحار ؟ ! ، السبب لا يتجاوز حالتين الأولى التعامل القاسي و الاضطهاد الذي يلقاه من رب العمل و الثانية فقدان حبيبته في كيرلا أو مانيلا !! .
و تبقى لدينا حالات المواطنين من الشباب و من هم أكبر من ذلك ، فلتلك الحالات أسباب مختلفة ولكنها في المجمل ترتبط بعوامل نفسية شديدة ، فلا نجد أن الحالة تقتصر على المرض النفسي لصاحبها بل يقترن معها سبب أخر ينمي لدى صاحبها عزيمة اتخاذ القرار ، فمدمن المخدرات إذا لم يجد ما يسد رغبته من المخدر و هو يعاني في نفس الوقت من مرض نفسي لا يجد بدا من اتخاذ ذلك القرار و العاطل عن العمل سواء من لم يجد وظيفة أو مفصول للتو و هو مريض نفسي أيضا ، فذلك القرار يتجه إليه بسهولة و يسيطر على شعوره و غالبا ما تنحصر حالات المواطنين على هذين العاملين ، بالترتيب ، فالمدمن أولا و العاطل ثانيا .
تلك كانت قراءة متواضعة من شاب عشريني ، امتهن لفترة قصيرة مهنة الصحافة و أطلع من خلالها على الجانب الأخر للمجتمع ، الجانب الذي نغض الطرف عن رؤيته و أحيانا نفقأ أعيننا حين تجبر على رؤيته .
ملحوظة خاصة : تلك الحالات لم تشهد كلها وفاة بل كان بينها محاولة .. ولكن يعتبر الأمر رسميا انتحار . .
تحياتي للجميع
المعلومات الرئيسيه منقــــ ـــــووله وبعض التعليقات مني شخصياً قد تكون خاطئه
نعم الرقم كبير و لكن ليس فيه مبالغة إذا نظرنا لواقع مجتمعنا المعاصر ، المجتمع الذي لا زال يعيش على وقع الخطاب الاجتماعي الخاص بعقود ما قبل الثمانينات الميلادية ، فذلك الخطاب لازال يوهمنا بأننا مجتمع محافظ و ملتزم بالضوابط الشرعية المحكمة لحياتنا الاجتماعية اليومية ، و أسفا لذلك الخطاب الذي لا زال يراوح مكانه و يرفض مجاراة الحياة المعاصرة المتسارعة في خطاها ، أو خطأها ، و نتائج ذلك الخطاب أنه صنع مجتمعا لا يقبل النقد و لا يؤمن بضرورة رؤية وجهه الأخر .
لنعود إلى تلك الأرقام بالتفصيل المناطقي ، لنجد ان المنطقة الشرقية تتصدر قائمة المآسي بحصدها 40 % من مجموع الحالات في المملكة ! ، نعم فقد سجلت الشرقية 239 حالة من إجمالي 596 حالة
في المملكة و جاءت بعدها منطقة الرياض 102 حالة ، ثم منطقة مكة المكرمة 77 حالة و القصيم 50 حالة و عسير 47 حالة و المدينة المنورة 16 حالة و جازان 14 حالة و الجوف 13 حالة و تبوك 11 حالة و نجران 10 حالات و حائل 9 حالات و الحدود الشمالية 5 حالات و أخيرا الباحة 3 حالات ..
و للمشكك حرية جمع تلك الأعداد السابقة ليصل للإجمالي المذكوره أعلاه أو الرجوع إلى الكتاب المعني .
و قبل الخوض في التوزيع المناطقي للحالات ، أشير إلى أن نسبة الزيادة في الحالات خلال عامي 1997 و 2000 شملت 276 حالة أي بمعنى زيادة بمقدار 86 % و للذي يعزو تلك الحالات إلى الوافدين من العمالة الآسيوية ، أذكره بان حملة الجوازات ضد مخالفي نظام الإقامة ساهمت بشكل كبير خلال تلك الفترة في تخفيض اعداد العمالة في المملكة كما أن العمالة الوافدة لا ترتكز اقامتها في المنطقة الشرقية حتى نحصد ذلك الرقم .
و في التوزيع المناطقي يتساءل المرء عن أسباب تركز حوالي نصف الحالات في المنطقة الشرقية ؟!
و هو الأمر الذي أود ان أتناوله من خلال خبرتي البسيطة التي اكتسبتها في عملي الصحفي السابق في صحيفة الوطن و أحدد الأمر بأنه يرتكز في الشرقية في مواقع محددة التي أستطيع القول بأنها في محافظة القطيف ، فخلال عملي الصحفي كنت أتابع بكثب القضايا الأمنية و أراقبها و أنقلها إلى الصحيفة من باب المهنية و هو ما سمح لي بالتعرف على بعض الأسباب من خلال مجالسة العديد من أقارب و أصدقاء ضحايا تلك الحالات ، ففي القطيف تسجل أغلب الحالات لدى الفتيات ، سن المراهقة ، و تتم الحالات بالتهام أقراص عديدة من الدواء أو شرب محلول غسيل أو ما شابه ذلك .. و كانت تلك الحالات تتفق على جانب واحد في اسباب حدوثها و الذي يندرج تحت عبارة ( الكبت الاجتماعي ) من خلال تعامل أولياء الأمور مع بناتهم .. هذا في جانب حالات الفتيات في القطيف و هو أمر يقل تدريجيا في مدن و محافظات المنطقة و بأسباب متقاربة .
و برأيي الخاص أن تركز الحالات في الشرقية لدى الفتيات له أسباب عديدة .. أعتقد أن في مقدمتها الحالة التي تعيشها المنطقة من انفتاح اجتماعي متزايد و هو الأمر الذي يمكن وصفه بالانفتاح الذي رمى عباءة القيم الاجتماعية والمسلمة المحافظة خلفه و انطلق جريا وراء المظاهر العصرية للحياة الاجتماعية المتحررة ، كما يوجد نسبيا في محافظة جدة ، فالشرقية المجتمع المحافظ بدأ ينسلخ تدريجيا من عالم المحافظة الاجتماعية سعيا للوصول إلى مستوى الانفتاح الذي تعيشه محافظة جدة و هو الأمر الذي خلق تصادما بين الجيلين الذي تعيشهم المنطقة ، جيل من هم فوق سن الأربعين ( المحافظ ) و الجيل الحالي ( المنفتح نسبيا) ، و ذلك التصادم أفرز حدوث حالات مشابهة سبقها و لاحقها عصيان و تمرد بين الطرفين و ليس بالمستغرب في ذلك التضاد أن يسجل ذلك العدد المرتفع في المنطقة ذاتها من بد المناطق، وقبل ذلك كله لابد من الإيمان بان ضعف الوزاع الديني هو العامل الرئيسي في تلك الحالات .
كان ذلك جانبا من حالات المنطقة الشرقية و توضيحا لأحد أهم الأسباب التي تعيشها المنطقة اجتماعيا و هو السبب الاجتماعي الذي ينطبق لدى بقية المناطق و لكن بنسب قليلة جدا ، يمكن الرجوع إلى الاحصائيات أعلاه ، ففي المناطق الأخرى ، حالات الفتيات موجودة نتيجة لوجود الصراع بين الطرفين المذكورين ولكنها محدودة لتنامي الوزاع الديني لدى الجيل الثاني وقصر المسافة الثقافية والاجتماعية بين الجيلين .
و لبقية الحالات أسباب أخرى ، فإذا نظرنا لحالات الوافدين من العمالة الآسيوية ، فهي على كل حال ضعيفة نسبيا في ناحية الوازع الديني ، مما أنتج عنها اتخاذ العامل الآسيوي قرار الانتحار بكل سهولة و لا يتجاوز الأمر حبل على المروحة ، حلقة طاش ما طاش مثال واقعي ، و لكن لماذا يقرر الوافد الانتحار ؟ ! ، السبب لا يتجاوز حالتين الأولى التعامل القاسي و الاضطهاد الذي يلقاه من رب العمل و الثانية فقدان حبيبته في كيرلا أو مانيلا !! .
و تبقى لدينا حالات المواطنين من الشباب و من هم أكبر من ذلك ، فلتلك الحالات أسباب مختلفة ولكنها في المجمل ترتبط بعوامل نفسية شديدة ، فلا نجد أن الحالة تقتصر على المرض النفسي لصاحبها بل يقترن معها سبب أخر ينمي لدى صاحبها عزيمة اتخاذ القرار ، فمدمن المخدرات إذا لم يجد ما يسد رغبته من المخدر و هو يعاني في نفس الوقت من مرض نفسي لا يجد بدا من اتخاذ ذلك القرار و العاطل عن العمل سواء من لم يجد وظيفة أو مفصول للتو و هو مريض نفسي أيضا ، فذلك القرار يتجه إليه بسهولة و يسيطر على شعوره و غالبا ما تنحصر حالات المواطنين على هذين العاملين ، بالترتيب ، فالمدمن أولا و العاطل ثانيا .
تلك كانت قراءة متواضعة من شاب عشريني ، امتهن لفترة قصيرة مهنة الصحافة و أطلع من خلالها على الجانب الأخر للمجتمع ، الجانب الذي نغض الطرف عن رؤيته و أحيانا نفقأ أعيننا حين تجبر على رؤيته .
ملحوظة خاصة : تلك الحالات لم تشهد كلها وفاة بل كان بينها محاولة .. ولكن يعتبر الأمر رسميا انتحار . .
تحياتي للجميع
المعلومات الرئيسيه منقــــ ـــــووله وبعض التعليقات مني شخصياً قد تكون خاطئه
تعليق