هذا الموضوع كتبه الأستاذ : الحمداني قبل فترة وذلك بعد أن تم إقصاء بطرس غالي من رئاسته لهيئة الأمم المتحدة ، وأنا أورده هنا لعلمي بأن أستاذنا الفاضل الحمداني لن يلحقني اللوم في ذلك ، مع العلم بأنني احتفظت بهذا الموضوع لما رأيته فيه من واقعية في الطرح ، ومن نهج سلكه الكثير من أبناء الدول العربية ، والنتيجة هي ضمن الموضوع .
نص الموضوع
في عام 1910 أقدم شاب مصري نصراني يُدعى " إبراهيم الورداني " على اغتيال شخص يُدعى " بطرس غالي " ، و رغم أن مبدأ الإغتيال مبدأ منبوذ و مرفوض في جميع الأديان و الأعراف .. إلا أن هذا الإغتيال كان فخرا وطنيا تغنى به الشعب المصري بكافة طوائفه و شرائحه ، وسُمّي الكثير من المواليد على اسم هذا البطل الوطني .. حتى اشتهرت أهزوجة شعبية تقول :
قولوا لعين الشمس ما تحماشي … أحسن غزال البر صابح ماشي
و سبب هذا الإبتهاج و الفرح الشعبي العارم أن " بطرس غالي " كان يمثل طابورا خامسا للإستعمار الإنجليزي في مصر في تلك الفترة ، فقد كان وراء معاهدة 1899 التي خولت لبريطانيا السيطرة الكاملة على السودان ، و أنه كان وراء محاولة تمديد إمتياز قناة السويس لبريطانيا 40 عاما أخرى ، أما ثالثة الأثافي .. و قاصمة الظهر فقد كانت مأساة قرية " دنشواي " عام 1906 حينما خرج بعض الضباط الإنجليز في رحلة صيد إلى الصعيد فأصابوا بعض الأهالي بالرصاص فقتلوا إمرأة وأحرقوا قمحها ، ونشبت معركة بينهم وبين الأهالي مات من جرّائها أحد الضباط الإنجليز من ضربة شمس حينما فر إلى العراء . و أقيمت محكمة جائرة يترأّسها هذا الخائن الصليبي .. و حكم بإعدام أربعة من الأهالي و السجن المؤبد لثلاثة و الباقي أحكام متفاوتة من السجن و الجلد بصورة وحشية أما الناس . فاستشاطت الجماهير غضباً .. و تفجّرت حنقاً على هذه الخيانة الكبرى و الظلم الفادح ، حتى قام الشاب " إبراهيم الورداني " باغتيال هذا الخائن رغم أنه من أبناء ملته .. فكلاهما نصراني قبطي .
ودار الزمان دورته فإذا بحفيد هذا الخائن المسمى على إسمه " بطرس غالي " يقفز بسرعة الصاروخ في المناصب الأكايمية و السياسية المصرية ، ثم يقفز إلى العالمية كأمين عام للأمم المتحدة يدفعه في ذلك جناحان : الأول : صليبيته و تحدره من أسرة لها سجل عريق في الخيانة ، والثاني : زوجته اليهودية ! .
و تمر البشرية - تحت رئاسته للأمم المتحدة - بأبشع مذابح تعرض لها شعب في هذا العصر وهي مذابح الشعب البوسني المسلم على يد الصرب الصليبيين .. تلك المذابح التي يُعتبر عندها " هولوكوست " هتلر نزهة سياحية ! عشرات الألوف من المدنيين يذبحون ذبح النعاج من غير تفريق بين طفل أو امرأة أو شيخ .. ومعسكرات مخصصة لإغتصاب النساء المسلمات اللاتي أُهدرت أعراضهن بأبشع صورة عرفتها البشرية .. كل هذا وغيره كثير تحت سمع و بصر الأمم المتحدة التي ترفض رفضا حازما تزويد المسلمين بالسلاح كي يستكمل الصرب حرب الإبادة .. و الأمين العام للأمم المتحدة " بطرس غالي " جالس ينظر إلى التلفاز يمطّ شفتيه ويقول : " يبدو أن أطفال البوسنة بصحة جيدة " !!
نحن لا نلوم بطرس غالي على جناية جده في جريمة لم يشهدها أو يكون له يد فيها .. فالله سبحانه وتعالى يقول : " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، وكذلك لا نلوم بطرس غالي في دوره في المؤامرة المحبوكة ضد الشعب البوسني المسلم من العالم الغربي بأسره للحيلولة دون إنشاء كيان إسلامي في أوروبا .. فهذا ما يمليه عليه دينه كصليبي حاقد يبغض الإسلام ، أو هو في أحسن أحواله شخص وصولي لا يكترث بالمباديء لأن الغاية عنده تبرر الوسيلة .. ولكن ماذا عن أمريكا التي وضعته في هذا المنصب .. هل شكرت له فضله و خدماته الجليلة لكل قضاياها .. أم تنكرت له ؟
يجيب هو عن ذلك في مذكراته السياسية التي ألفها مؤخرا عن تجربته التي خاضها في منصب الأمين العام للأمم المتحدة بعنوان " خمس سنوات في بيت من زجاج " ( و قد عرضت جانبا منها مجلة الهلال في آخر عدد لها ) ، ففي مذكراته لا يفتأ يعبّر عن مدى محبّته لأمريكا فيقول : " إنني أشاطر أمريكا في المثل والمباديء التي تساندها ، ولقد دفعت ثمناً سياسياً لذلك في الماضي ، فبعد أن جرى تأميم قناة السويس بواسطة ناصر ، وُصفت بأنني مناصر لأمريكا ، ولم يسمح لي بالسفر إلى الخارج " ، وفي موضع آخر يقول عن توليه منصب رئيس لجمعية الصداقة المصرية السوفيتية و يعلل سعيه لهذا المنصب : " وهو منصب سعيت إليه بالتحديد لأني من أنصار أمريكا ( ! ) ، ولم أكن أريد أن يذهب هذا المنصب إلى شخص ربما يذهب يقوّض السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط " .
و يشير كذلك إلى دوره حينما تسلم منصب الأمانة العامة للأمم المتحدة و تفانيه في خدمة أمريكا إلى درجة تعيين من تريدهم أمريكا في الأمم المتحدة رغم معارضة الدول الأخرى ، ولكن ما كانت مكافأته من قِبل أمريكا ؟ المكافأة كانت صفعات موجعة متتالية فقد عارضت أمريكا إعادة ترشيحه باستخدام حق الفيتو ! و طردته شر طردة ، ولكنه قام بمحاولات كثيرة بالتباكي لاستدرار عطف الإدارة الأمريكية مُعدّداً تضحياته الجليلة في سبيلها وقال لوارن كريستوفر : " أنت محام مرموق فلماذا لا تتولى الدفاع عني لدى الرئيس كلينتون ؟ " فأجابه : " أنا محامي الرئيس ولست محاميك ( ! ) " ، أما العجوز الشمطاء " مادلين أولبرايت " فقد كانت أكثر وقاحة وصراحة إذ قالت عنه " إنه أضحوكة ، وهدف للنكات ( !! ) " ، و لكنه لم ييأس وحاول استجداء عطفها بشتى السبل .. ولكنها فاجأته بصفعة جديدة مباغتة قائلة : " لماذا لا تتخلى عن هذا المنصب بكرامة ؟؟ " ..
وفي الختام يتوصل هذا الأكاديمي والسياسي المخضرم إلى نتيجة لا تفوت تلميذ سنة أولى سياسة فيقول : " لقد استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن أدرك تمام الإدراك أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تؤمن بالدبلوماسية ، فالقوة تكفي ، إن الضعفاء وحدهم يعتمدون على الدبلوماسية " . في الحقيقة أن أمريكا لا تعرف إلا مصالحها فقط ، فقد فات هذا المسكين أن كل من قدم لأمريكا من خدمات جليلة عبر التاريخ من رؤساء الدول تخلّت عنهم بكل برود عندما انتهت مهمتهم مثلما حصل مع " ماركوس " في الفلبين ، و " الشاه " في إيران ، فما بالك بفرد مثل غالي ؟ وهذا لا يفوت المتابع البسيط لمجريات السياسة ولكن نشوة الكرسي يبدو أنها أعمته عن هذه الحقائق لأن " غالي " ظن بالفعل أنه " غالي " عند أمريكا !! … فإلى مزبلة التاريخ من أوسع أبوابها يا غالي .. وعذرا للإطالة .. ودمتم سالمين ..
نص الموضوع
في عام 1910 أقدم شاب مصري نصراني يُدعى " إبراهيم الورداني " على اغتيال شخص يُدعى " بطرس غالي " ، و رغم أن مبدأ الإغتيال مبدأ منبوذ و مرفوض في جميع الأديان و الأعراف .. إلا أن هذا الإغتيال كان فخرا وطنيا تغنى به الشعب المصري بكافة طوائفه و شرائحه ، وسُمّي الكثير من المواليد على اسم هذا البطل الوطني .. حتى اشتهرت أهزوجة شعبية تقول :
قولوا لعين الشمس ما تحماشي … أحسن غزال البر صابح ماشي
و سبب هذا الإبتهاج و الفرح الشعبي العارم أن " بطرس غالي " كان يمثل طابورا خامسا للإستعمار الإنجليزي في مصر في تلك الفترة ، فقد كان وراء معاهدة 1899 التي خولت لبريطانيا السيطرة الكاملة على السودان ، و أنه كان وراء محاولة تمديد إمتياز قناة السويس لبريطانيا 40 عاما أخرى ، أما ثالثة الأثافي .. و قاصمة الظهر فقد كانت مأساة قرية " دنشواي " عام 1906 حينما خرج بعض الضباط الإنجليز في رحلة صيد إلى الصعيد فأصابوا بعض الأهالي بالرصاص فقتلوا إمرأة وأحرقوا قمحها ، ونشبت معركة بينهم وبين الأهالي مات من جرّائها أحد الضباط الإنجليز من ضربة شمس حينما فر إلى العراء . و أقيمت محكمة جائرة يترأّسها هذا الخائن الصليبي .. و حكم بإعدام أربعة من الأهالي و السجن المؤبد لثلاثة و الباقي أحكام متفاوتة من السجن و الجلد بصورة وحشية أما الناس . فاستشاطت الجماهير غضباً .. و تفجّرت حنقاً على هذه الخيانة الكبرى و الظلم الفادح ، حتى قام الشاب " إبراهيم الورداني " باغتيال هذا الخائن رغم أنه من أبناء ملته .. فكلاهما نصراني قبطي .
ودار الزمان دورته فإذا بحفيد هذا الخائن المسمى على إسمه " بطرس غالي " يقفز بسرعة الصاروخ في المناصب الأكايمية و السياسية المصرية ، ثم يقفز إلى العالمية كأمين عام للأمم المتحدة يدفعه في ذلك جناحان : الأول : صليبيته و تحدره من أسرة لها سجل عريق في الخيانة ، والثاني : زوجته اليهودية ! .
و تمر البشرية - تحت رئاسته للأمم المتحدة - بأبشع مذابح تعرض لها شعب في هذا العصر وهي مذابح الشعب البوسني المسلم على يد الصرب الصليبيين .. تلك المذابح التي يُعتبر عندها " هولوكوست " هتلر نزهة سياحية ! عشرات الألوف من المدنيين يذبحون ذبح النعاج من غير تفريق بين طفل أو امرأة أو شيخ .. ومعسكرات مخصصة لإغتصاب النساء المسلمات اللاتي أُهدرت أعراضهن بأبشع صورة عرفتها البشرية .. كل هذا وغيره كثير تحت سمع و بصر الأمم المتحدة التي ترفض رفضا حازما تزويد المسلمين بالسلاح كي يستكمل الصرب حرب الإبادة .. و الأمين العام للأمم المتحدة " بطرس غالي " جالس ينظر إلى التلفاز يمطّ شفتيه ويقول : " يبدو أن أطفال البوسنة بصحة جيدة " !!
نحن لا نلوم بطرس غالي على جناية جده في جريمة لم يشهدها أو يكون له يد فيها .. فالله سبحانه وتعالى يقول : " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، وكذلك لا نلوم بطرس غالي في دوره في المؤامرة المحبوكة ضد الشعب البوسني المسلم من العالم الغربي بأسره للحيلولة دون إنشاء كيان إسلامي في أوروبا .. فهذا ما يمليه عليه دينه كصليبي حاقد يبغض الإسلام ، أو هو في أحسن أحواله شخص وصولي لا يكترث بالمباديء لأن الغاية عنده تبرر الوسيلة .. ولكن ماذا عن أمريكا التي وضعته في هذا المنصب .. هل شكرت له فضله و خدماته الجليلة لكل قضاياها .. أم تنكرت له ؟
يجيب هو عن ذلك في مذكراته السياسية التي ألفها مؤخرا عن تجربته التي خاضها في منصب الأمين العام للأمم المتحدة بعنوان " خمس سنوات في بيت من زجاج " ( و قد عرضت جانبا منها مجلة الهلال في آخر عدد لها ) ، ففي مذكراته لا يفتأ يعبّر عن مدى محبّته لأمريكا فيقول : " إنني أشاطر أمريكا في المثل والمباديء التي تساندها ، ولقد دفعت ثمناً سياسياً لذلك في الماضي ، فبعد أن جرى تأميم قناة السويس بواسطة ناصر ، وُصفت بأنني مناصر لأمريكا ، ولم يسمح لي بالسفر إلى الخارج " ، وفي موضع آخر يقول عن توليه منصب رئيس لجمعية الصداقة المصرية السوفيتية و يعلل سعيه لهذا المنصب : " وهو منصب سعيت إليه بالتحديد لأني من أنصار أمريكا ( ! ) ، ولم أكن أريد أن يذهب هذا المنصب إلى شخص ربما يذهب يقوّض السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط " .
و يشير كذلك إلى دوره حينما تسلم منصب الأمانة العامة للأمم المتحدة و تفانيه في خدمة أمريكا إلى درجة تعيين من تريدهم أمريكا في الأمم المتحدة رغم معارضة الدول الأخرى ، ولكن ما كانت مكافأته من قِبل أمريكا ؟ المكافأة كانت صفعات موجعة متتالية فقد عارضت أمريكا إعادة ترشيحه باستخدام حق الفيتو ! و طردته شر طردة ، ولكنه قام بمحاولات كثيرة بالتباكي لاستدرار عطف الإدارة الأمريكية مُعدّداً تضحياته الجليلة في سبيلها وقال لوارن كريستوفر : " أنت محام مرموق فلماذا لا تتولى الدفاع عني لدى الرئيس كلينتون ؟ " فأجابه : " أنا محامي الرئيس ولست محاميك ( ! ) " ، أما العجوز الشمطاء " مادلين أولبرايت " فقد كانت أكثر وقاحة وصراحة إذ قالت عنه " إنه أضحوكة ، وهدف للنكات ( !! ) " ، و لكنه لم ييأس وحاول استجداء عطفها بشتى السبل .. ولكنها فاجأته بصفعة جديدة مباغتة قائلة : " لماذا لا تتخلى عن هذا المنصب بكرامة ؟؟ " ..
وفي الختام يتوصل هذا الأكاديمي والسياسي المخضرم إلى نتيجة لا تفوت تلميذ سنة أولى سياسة فيقول : " لقد استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن أدرك تمام الإدراك أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تؤمن بالدبلوماسية ، فالقوة تكفي ، إن الضعفاء وحدهم يعتمدون على الدبلوماسية " . في الحقيقة أن أمريكا لا تعرف إلا مصالحها فقط ، فقد فات هذا المسكين أن كل من قدم لأمريكا من خدمات جليلة عبر التاريخ من رؤساء الدول تخلّت عنهم بكل برود عندما انتهت مهمتهم مثلما حصل مع " ماركوس " في الفلبين ، و " الشاه " في إيران ، فما بالك بفرد مثل غالي ؟ وهذا لا يفوت المتابع البسيط لمجريات السياسة ولكن نشوة الكرسي يبدو أنها أعمته عن هذه الحقائق لأن " غالي " ظن بالفعل أنه " غالي " عند أمريكا !! … فإلى مزبلة التاريخ من أوسع أبوابها يا غالي .. وعذرا للإطالة .. ودمتم سالمين ..