شعر: صالح علي العمري
ثار القريض.. وصوت القدس يشجيني *** واسترسل الدمع من وجدان محزونِ
تطاول الليل حولي، والهموم لظى *** كأن في الصدر نيران البراكينِ
فنفّسي يا قوافي الشعر عن كبدي *** فالهمُّ يٌفْرج بالشكوى إلى حينِ
محمداً : أيَّ ذنبٍ جئت تحمله *** حتى قُتلت على عين الملايين
يا "درّة " المجد قد فجّرت في شرفٍ *** شرارة الثأر في وجه الشياطين
يا للأبوّة .. و الأشجان تخنقها *** والموت يبرق من أنياب تنيّنِ
صيحاتك اليوم أبكت كلّ ذي كبدٍ *** كأنها صيحة الأقصى تناديني
محمداً: أيّ جرحٍ صغت في كبدي *** وما الذي بعد هذا الخطب يبكيني؟!
كأنما طلقات الحقد في جسدي *** فالغيظُ يفتك بي فتك السكاكين
ماذا أثرتَ على الوجدان من شجنٍ *** والقدس قبلك مغلول الذراعين؟!
و في جفونك أحزانٌ مسطرةٌ *** للأرض والعرض والإحراق والهونِ
و خلف صوتك آهاتٌ معذبةٌ *** من ليل "صبرا" وذكرى "دير ياسين"
دموع عينيك تحكي ألف مجزرةٍ *** من صنع "جولدا" ومن صولات شارونِ
وفي الجدار دماءُ العزّ زاكيةً *** في دفقها خلّدت ظلم الملاعين
وفي المحيا سؤال حائرٌ قلقٌ *** أين الفداءُ؟! وأين الحب في الدين؟!
أين الرجولة.. والأحداث داميةٌ *** أين الفتوح على أيدي الميامين؟!
ألا نفوسٌ إلى العلياء نافرةٌ *** توّاقةٌ لجنان الحور و العين؟!
محمد لجوار الله في شممٍ *** ها قد ترحلت عن دنيا المجانين..
يا غيرتي أين أنتِ أين معذرتي *** ما بال صوت المآسي ليس يشجيني
أين أختفت عزّة الإسلام من خلدي *** ما بالها لم تعد تغذو شراييني؟!
ما بالنا ما حفظنا عهد خالقنا *** أم هل خُلقنا لتفريخٍ و تسمين؟!
كيف النجاة ودور الله قد هُتكت *** وقدسنا عند رب العرش يشكيني؟!
كرامة الأمة العصماء قد ذبحت *** وغيبت تحت أطباقٍ من الطين
لكنّها سوف تحيا من جماجمنا *** و سوف نسقي ثراها بالشرايينِ
نفديك بالروح يا أقصى.. وحيَّ هلاً *** بميتةٍ في سبيل الله تحييني
في ذمة الله يا روح الشهيد.. فما *** ماتتْ.. وقد نال فضلا غير ممنونِ
تألقي يا طيور الخلد واحتفلي *** بالروح.. واسري بها بين البساتين
يا من تطامن للأفعى و ملمسها *** وبين أنيابها سمُّ الثعابين
آمنتُ بالحربِ يا جند السلام.. فهل *** ألّفتمُ بين نيرانٍ و " بنزينِ "
لي موعدٌ فيك يا أقصاي أنشده *** موثّقٌ في عُرى شرعي وفي ديني
يا نفرة القدس.. يا أبطال أمتنا *** ما أجمل القتل في أحفاد صهيونِ
أحيوا الجهاد وشدوا العزم، وانتظروا *** إشراق خيبرَ أو أنسام حطّين
لا ترقبوا عند باب القرد مرحمةً *** "إن السفينة لا تجري على" الطين!!
يا مالك الملك.. يا رحمن يا سندي *** من أمره الحق بين الكاف والنون
يا من أنرت على المختار غربته *** في ظلمة الغار يدعو ثاني اثنينِ
أدعوك دعوة نوحٍ عند مظلمةٍ *** أدعوك دعوة أيوبَ وذي النونِ
سخر لها يا إله الكون معتصما *** كما مننت على موسى بهارون..
محمدا: أي جرح فيك يدميني!! *** وأي سلوى على الأيام تنسيني!!
ما زال مرآك في ذهني يقلبني *** على صفيحٍ من الجمرات تصليني
لكن تهون لأجل القدس أفئدةٌ *** و كلِّ حبّةِ رملٍ من فلسطينِ
لي في عُلاك عزاءٌ أستطيبُ به *** لكن إذا ضاع قدسي من يعزيني؟!