الأحياء العشوائية عقار سكني يصنع الجريمة ببصمة وافدة
أدار الندوة - راشد الزهراني
متابعة - فيصل المران -
الأحياء العشوائية والتستر على المتخلفين من أصحاب السوابق وتفعيل نظام الرهن العقاري والدور المشترك بين رجال الأعمال وبين المؤسسات الحكومية سواء التمويلية أو الأمنية والتعديات على أملاك الغير بدون وجه حق، كانت تلك بعض محاور الندوة التي استضافت فيها (الجزيرة) مسؤولين ورجال الأعمال على مدى ساعتين تحدثوا فيها بكل شفافية عن هذه الأزمات، وأثرها في حركة عجلة التنمية العمرانية وكذلك دور جهات الاختصاص تجاه المتسللين على أراضي الغير.
مما أوقوع المحتاجين من ذوي الظروف المادية في وحل من الضياع وتكبد الخسائر وركزت الندوة بشكل كبير على قضية السكن العشوائي التي باتت تعد أحد ابرز المناظر التي شوهت جماليات المعمار في العروس.
فإلى تفاصيل الندوة.
بداية رحب الزميل راشد الزهراني مدير الندوة بالسادة الضيوف وسرد محاور الندوة، بعدها تحدث نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة عبد الله الأحمري حيث قال: إن الأحياء العشوائية بجدة ليست حديثة وإنما موجودة منذ مطلع التسعينيات الهجرية لان المدينة تفتقد إلى المساكن، ولم تقم الأمانة منذ تلك الفترة بمنح المواطنين أراضي سكنية من أجل البناء عليها أو الاستفادة من بنك التنمية العقاري والجهات التمويلية، حيث وصلت أسعار الشقق إلى 50 ألف ريال مما أصبح صعبا على ذوي الدخل المتدني الإيجار بهذه الأسعار المرتفعة، وبالتالي اضطرت هذه الشريحة إلى الخروج إلى البناء في المناطق المتصحرة بأطراف محافظة جدة من أجل استقرارهم وعوائلهم بهذه المناطق ثم استمر الحال على هذا المنوال ما يقارب الثلاثين عاما.
لا يمكن محاسبة ساكني العشوائية
وأضاف الأحمري قائلاً: إن هناك مخططات المنح ولم تصلها الخدمات بكل أنواعها من إنارة وأرصفة وغيرها من الخدمات الأخرى، وبالتالي لا يمكن محاسبة ساكني الأحياء العشوائية أو هذه الشريحة التي اضطرت إلى التعمير في مناطق أخرى بدلا من مخططات المنح، ونحن نؤيد عملية الهيكلة والتنظيم والمخططات غير العشوائية ودخول الخدمات الأمنية والتطويرية وتعويض المواطنين تعويضا يضمن إيجاد البديل أو السكن المناسب له ولعائلته.. وتابع الأحمري: هيكلة وتنظيم الأحياء العشوائية وإعادة تخطيطها يصب في مصلحة الجميع من خلال محاربة العشوائية والقضاء على كل سلبيات هذه الأحياء ويستطرد: دعوني أتحدث عن مشكلات العشوائيات من السكان غير السعوديين حيث اعتبره ناقوس خطر يخرق جدار الأمن الاجتماعي وكذلك الاقتصادي، فهناك أحياء عشوائية ينتشر فيها مخالفو الأنظمة الأمنية وقد وصل بهم الحد إلى ارتكاب بعض الجرائم المحرمة كالسطو والسرقات وممارسة السحر والشعوذة والتعدي على حقوق الآخرين وممارسات لبعض الرذيلة وغيرها، على الرغم من أن الجهات الأمنية لم تغفل عن هذا الجانب ولكن ضيق المكان وتقارب المنازل بشكل غير حضاري وبعضها أصبح اوكارا وبؤر فساد وهذا ما حد من صعوبة عمليات الدوريات الأمنية وكذلك رجال الجوازات؛ لذلك يجب تضافر الجهود والعمل تحت مظلة واحدة والبدء بتطهير مثل هذه الأحياء التي كان بدايتها مشروع تطوير منطقة خزام و- إن شاء الله - نجد مشروعات مماثلة له في جدة وكذلك مدن المملكة. وأوضح الأحمري بأن مسؤولية التنمية السكانية أو العمرانية هي مسؤولية مشتركة تبدأ من وزارة التخطيط ومؤسسة الإحصاء والتعداد السكاني ومؤسسة التأمينات الاجتماعية ومؤسسة التقاعد والأمانة لحل المشكلة وإيجاد البديل للمواطنين، ومن خلال ذلك ينظر في ظروف بعض المواطنين أو العاطلين ومساعدتهم حتى لا يكونوا عرضة لبعض المخالفات وبعد ذلك يمكن محاسبة المخالفين وفق الأنظمة واللوائح التنظيمية، ويمكن بهذه الطريقة أن نحفظ المواطنين ونجنب الكثير منهم التعرض لمثل هذه المخالفات ومنها العشوائية.
العشوائية موجودة في كل أنحاء العالم
يرى المهندس حسين بن راجح الزهراني عضو اللجنة العقارية بغرفة جدة أن المناطق والأحياء العشوائية موجودة في كثير من أنحاء العالم ولها أسباب كثيرة من أهمها عدم وجود وحدات سكنية كافية للمواطنين وضعف القدرة المالية لبعض شرائح المجتمع خاصة ذوي الدخل المحدود أو الذين أقل منهم، وفي كثير من الدول تغض بعض الحكومات الطرف عن هذه الأحياء لعدم قدرتها على إعادة هيكلتها أو تنظيمها وإعطاء مواطنيها فرصة السكن في ظل عدم وجود البديل لها ولعل توفير السكن يأتي في مصاف الخدمات التي تقدمها الدول لشعوبها من تعليم وصحة وغيرها من الخدمات.. ويضيف الزهراني: لعل من الأسباب الجوهرية لظهور الأحياء العشوائية هي عدم تمكين المواطن من السكن بالطرق النظامية، وبالتالي تولدت العشوائية تدريجيا حتى وصلت إلى هذا الحال.. وأضاف الزهراني: ما يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة من محاربة للأحياء العشوائية هو قرار سليم لمعالجة مثل هذه المشكلة.. وابان: القرار جاء بعد العديد من الدراسات والخطط لمعالجة هذه المشكلة التي باتت بحاجة إلى اتخاذ قرار سريع لحسمها، وأضاف أن مفهوم الإزالة لدى عدد من المواطنين هو مفهوم خاطئ حيث أوضح أن الإزالة ستكون لبعض الأجزاء في بعض المناطق أو الأحياء والأجزاء الأخرى ستكون لها إعادة هيكلة وتنظيم مستشهدا بما يحدث في منطقة خزام كأول الأحياء العشوائية التي يتم الآن إعادة تنظيمها وتخطيطها، حيث اعتبرها من أهم أحياء جدة لما تتميز به من موقع استراتيجي معتبرا أن إعادة تنظيمها أصبح ضرورة ملحة لكي تصبح متنفسا لأهالي المدينة وعشاق البحر الأحمر. وأضاف الزهراني: تطوير52 حيا عشوائيا أو أكثر بجده يعتبر نقلة نوعية للمحافظة.
بناء وحدات سكنية خارج وسط المدينة
كما يرى المهندس الزهراني أن الأمانة أو الجهة المنفذة لأي مشروع لا يمكن أن تقدم على أية إزالة أو تطوير لبعض الأحياء العشوائية إلا بعد عدة دراسات وخطط واضحة لإيجاد البديل المناسب للمقيمين بهذه الأحياء، وأوضح أن البديل يتمثل في تعويض المواطنين بمبلغ مجز يتناسب مع أسعار سوق الإنشاءات.. وتابع: كذلك يمكن خلق بديل عبر بناء وحدات سكنية لهم خارج وسط المدينة وبيعها عليهم، وأضاف أن من أهم الحلول لمعالجة المشكلة زيادة المساحات أو الوحدات السكنية في عملية العرض وبالتالي تقل نسبة الطلب، وأضاف أن توصيل الخدمات للمنح الحكومية سيسهم في استقطاب شريحة كبيرة من المواطنين المستفيدين منه. كذلك عملية توزيع القطع ذات المساحات الكبيرة وإشراك اكثر من مواطن يعتبر من العوامل المساعدة في عملية زيادة العرض ونقص الطلب، مؤكداً أن التوسع الرأسي أفضل من الأفقي لكثير من المخططات.
تعدٍّ على أملاك الحكومة والأملاك الخاصة
وفي مداخلته قال المهندس طارق لنفون مدير إدارة المشروعات بأمانة جدة إن جدة تعتبر من أكبر مناطق مكة المكرمة حيث يوجد بها ما يقارب 52 حيا عشوائيا، كما أن خلال 15 سنة إلى الـ 20 سنة الماضية تولدت العشوائية من خلال تعدي بعض المواطنين على الاحتلال أو السكن بالأراضي الحكومية أو التعدي على أملاك أو أراض خاصة لبعض المواطنين، كذلك سهولة الشراء بهذه الأراضي لرخص ثمنها وبالتالي تصبح في متناول الجميع وتقام عمليات البناء عليها بطرق غير نظامية مما ولد عملية العشوائية حتى في بعض المخططات التجارية في بعض الأحياء، وبالتالي هي ليست أملاكا رسمية لملاكها ويتم بيعها بوثائق بين المتداولين لهذه الأحياء أو المخططات العشوائية، مضيفا أن من يقوم بالشراء والبيع في هذه الأراضي يعرف أنها ليست نظامية ويعي قيمة المخالفات المترتبة عليها وغالبا ما تكون مثل هذه الأراضي هي الملاذ الوحيد لأصحاب الدخل المحدود ولقدرته على التملك فيها بسبب رخص أسعارها.
حل مشكلة العشوائية
يرى المهندس لنفون أن حل هذه المشكلة يتمثل في تكوين لجان من الأمانة ووزارة الشؤون البلدية والقروية وغيرها من الجهات في حال إذا كانت الأراضي المعتدى عليها أراضي حكومية، فإما أن يعوضوا باعتبارها كمنحة وطنية إذا لم يسبق لهم منحة وبالتالي إمكانية التمليك بهذه المناطق.ويتابع لنفون: البديل لإيجاد وحدات سكنية للمواطنين هو البحث في المناطق التي تكون خارج المحافظة وليست وسط المحافظة مثل منطقة الجنوب أو الخمرة على سبيل المثال أو في شمال جدة، ويتم إخبار المواطنين في تلك المناطق أو المواقع بعد شرائها من أصحابها أو المالكين لهذه المخططات من قبل الأمانة أو الجهة المسؤولة عن المشروع.
التمدد العشوائي يصل المخططات الحديثة
وفي مداخلة للمقاول فهاد المرزوقي رئيس مجلس إدارة شركة المقاولات العقارية قال: إن سبب العشوائيات يعود لعدم قدرة المواطنين على التملك داخل المدينة بسبب ارتفاع الأسعار مما اضطرهم لإيجاد البديل في المناطق المجاورة للمدينة والبحث عن أقل التكاليف في عملية الشراء والتملك، إضافة إلى جشع بعض سماسرة العقار عبر المبالغة في أسعار بعض المخططات مما أسهم بشكل كبير في انتشار العشوائية وكذلك عدم وصول الخدمات لمخططات المنح كان سببا ضمن الأسباب التي أسهمت في انتشار الأحياء العشوائية بجدة.بينما يرى العقاري يحيى عسيري رئيس شركة الصفقة الأولى للعقار والمقاولات أن يؤخذ بعين الاعتبار عدم تكرار أحياء عشوائية قادمة وإيجاد حلول مناسبة تسهم في عدم تكرار المشكلة مرة أخرى وقال: هنالك مخططات حديثة أصبحت ضمن قائمة الأحياء العشوائية على الرغم من ارتفاع أسعارها حيث وصل سعر المتر فيها إلى 3000 ريال وأصبحت مداخلها عبارة عن ممرات صغيرة لا تعكس مستوى التطور لهذه المخططات، مضيفا أن العشوائية لم تقف فقط على الأحياء وإنما امتدت إلى بعض الادارت الخدمية مثل المدارس والصحة وغيرها من الإدارات الأخرى التي تحتاج إلى إعادة النظر.وهناك بعض الحلول التي قد تسهم في حل مشكلة العشوائية من أبرزها إيجاد مساكن أو وحدات سكنية مناسبة للمواطنين وتزويدها بكل الخدمات اللازمة وكذلك العمل في منظومة مشتركة بين عدة جهات مثل المؤسسة العامة للتقاعد ومؤسسات التأمينات الاجتماعية وبنك التنمية العقاري وذلك بعد استشارة وزارة التخطيط لتقوم بعمل الإعداد والدراسة وتقديم الحلول.
أنظمة الأمانة في المصلحة العامة
وطلب المهندس طارق لنفون المداخلة قائلا: هناك مواطنون ينقصهم الوعي الاجتماعي وهذا ما سبب الكثير من المخالفات والأنظمة التي تضعها الأمانة التي هي من صالح المواطن نفسه وخاصة في مسألة التعديات في مشروعات البناء، فمثلاً من متطلبات الأمانة وضع ارتدادات ما بين بناية وبناية ونتفاجأ بوجود تعد في البناء لدرجة التصاق المباني مع بعضها البعض وهذا لا يتوافق مع أسس التطوير العمراني وكذلك نجد أن بعض المباني قد حدد البناء فيها دورين وملحقا ونتفاجأ بوجود عمارة أربعة إلى خمسة أدوار ويأتي صاحب العمارة ليدفع الغرامة دون حساب للعواقب، ولو نظرنا إلى أنظمة الأمانة وتعليماتها نجدها كلها تصب في مصلحة المواطن من خلال المسكن الملائم.
تقلبات أنظمة الأمانة يدفع ثمنها المواطن
وطالب العقاري يحيى عسيري عبر مداخلة له الأمانة بالخروج عن أنظمتها المتغيرة التي عرقلت الحراك العمراني وهذا بسبب تغير وضع بنود المخالفات، فعند استخراج تصريح البناء يوضح لطالبي التصريح بأن هناك غرامات مالية لكل مخالفة وان على المتر المخالف رسوما 500 ريال وقد يضطر صاحب المشروع إلى بعض التعديات بسبب ظروفه الأسرية على الرغم من انه يعمل حساب هذه الغرامات وبعد الانتهاء من مشروعه وحلول وقت طلب إدخال التيار يفاجأ برسوم المخالفة التي قد قسمت ظهره حيث تغيرت الرسوم من 500 للمتر الواحد إلى 1800 ريال للمتر فبدل أن يدفع 50 ألفا يجبرونه على أن يدفع 700 ألف ريال، فالأمر بحاجة إلى إعادة نظر.
وتابع عسيري: هناك نقطة مهمة وهي لماذا يجبر المواطن على أن يبني نظام فلة وقد يكون لدى هذا المواطن أبناء متزوجون وظروفهم المادية تحتم عليهم السكن مع والدهم، فإنه من الأولى أن يبني عمارة دورين وملحق مكونة من خمس إلى ست شقق ويستفيد وأسرته فهنا أقول ان الأمانة لا تراعي الخصوصيات الاجتماعية أكثر من خصوصيات المظاهر للمدينة فلماذا هذا التعقيد فقط في محافظة جدة دون غيرها من مدن المملكة؟
متطلبات الأمانة وراء البناء العشوائي
يرى المقاول فهاد المرزوقي أن الأمانة في الشؤون الهندسية خصصت مكاتب معتمدة لإنشاء عمليات الخرائط والكروكي وتصريح البناء ولكن الأسعار متفاوتة وليست في متناول الجميع، حيث وصلت أسعارها إلى مبالغة خيالية جداً وكذلك تغيرات وضع الرسومات والكروكي يجب أن يكون على نظام القوقل وفحص التربة على الرغم من أنها فحصت أثناء تنفيذ المخطط واعتماده، لكن الأمر يبدو تعجيزا أمام ذوي الدخل البسيط.. ويضم فهاد صوته مع العسيري بأن محافظة جدة هي الوحيدة تعاني من أنظمة الأمانة المتقلبة، وهناك من المواطنين من وقفوا حائرين أمام استخراج التصريح وبين توفير المبلغ لسد حاجة البناء مما جعلهم يختاروا الخيار الآخر والبناء بطريقة عشوائية وبدون تصريح واستعانوا على دفع الرشاوى لمراقبي البلدية وكانت منازلهم قائمة وبأحسن حال وما التصاريح الا كضريبة تستفيد منها الأمانة والمكاتب الهندسية.
مخططات نموذجية ورسوم لا تتعدى10%
يتناول المقاول فهاد المرزوقي جانب الحديث قائلا: هناك عدد من رجال الأعمال والمستثمرين في قطاع الإسكان بالمملكة قد رفعوا دراسة للجهات المسؤولة تتمحور حول طرح منافسة عامة بين الشركات العقارية لتطوير وتهيئة البنية التحتية في مخططات عقارية تحدد من قبل الجهات الحكومية المعنية، وتستهدف الدراسة العمل على تطوير المخططات المختارة في مدن المملكة ومن ثم البيع للمواطنين برسوم لا تتعدى 10% من قيمة الأرض السوقية كمقابل خدمات تطوير البنية التحتية التي ستقوم بها تلك الشركات. وأضاف المرزوقي أن هذه المبادرة تستهدف أن لا يتحمل المواطن سوى 10% من قيمة الأرض، وبذلك هي تعمل على حل مشكلة تملك المواطنين للأراضي بأسعار مناسبة وهو ما يعني بالتالي توجيه القدرة المالية لهم إلى عمليات البناء وأن تنفيذ هذه المبادرة من شأنه المساهمة في حل أزمة الإسكان في المملكة وتوفير مساكن لذوي الدخل المحدود والمتوسط ويخطط لأن يستفيد منها نحو 500 ألف مواطن في مناطق المملكة وطرحت الدراسة وضع معايير مناسبة تضمن للشركات بعد التعهد لها بتطوير المخططات الحكومية تحقيق هامش ربحي معقول من عمليات التطوير مقابل حصول المواطن على الأرض المطورة بتكلفة معقولة، وتابع المرزوقي: عمليات بناء المساكن ستكون عن طريق جهات التمويل المتخصصة في الإنشاء، حيث لوحظ خلال الدراسات التي قامت بها الشركات المختصة في هذا المجال أن معظم المنح السكنية لا تكون مخدومة أو مطورة وتكبد الجهات المعنية عناء كبيرا في إيجاد بنية تحتية. وأضاف: المبادرة تسهم في دفع عجلة التنمية في مجال الإسكان وجعل الأحياء السكنية أحياء نموذجية تخدم جميع شرائح المجتمع واستغلال المرافق الصحية والتعليمية ولا سيما أن توجه الدولة الجديد وبالأخص في قطاع التعليم هو تأسيس شركة مختصة يمكنها المساهمة في المرافق التعليمية لغرض خدمة السكان.
حجم سوق العقار 1.2 تريليون ريال
ويضيف العقاري يحيى عسيري بأن سوق العقار بالمملكة يعد الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أنه لا توجد إحصائية رسمية لكن بعض المحللين يقدر حجم السوق في الوقت الحالي بنحو 1.2 تريليون ريال. وأن قيمة عمليات بناء الوحدات السكنية الجديدة في السعودية تبلغ نحو 484 مليار ريال بحلول عام 2010 مشيراً إلى أن صدور تشريعات جديدة للرهن العقاري يعطي دفعة قوية لقطاع العقار ويعمل على توفير التمويل اللازم ويطلق جماح الطلب على العقار السكني في المملكة.
ويضيف العسيري أن الدراسة أكدت أنه من أجل استيفاء الطلب على العقار حتى عام 2020 سيتم بناء نحو 2.62 مليون وحدة سكنية جديدة، بمتوسط 162.750 ألف وحدة سكنية سنوياً موضحا أن الطلب على العقار في السعودية يتصف بالاستدامة.
الزكاة على الأراضي البيضاء
وتطرق عبد الله الأحمري لمشكلة الأراضي البيضاء التي شغلت مواقع استراتيجية وسط المدينة حيث قال: نحن نلتمس بأن تسن عدة قوانين مثل إقرار قانون الضرائب والزكاة على الأراضي البيضاء التي يحجم المستثمرون عن استخدامها وفي حال تطبيق هذه القوانين ستتعرض تلك الأراضي لموجة بيع كبيرة ويوضح الأحمري بأن نسبة 30% من المواطنين يمتلكون مساكنهم الخاصة، ويحجم الكثير منهم عن شراء العقارات السكنية بسبب ارتباطهم بقروض شخصية ولعدم وجود قدرة شرائية ويتفق الخبراء الاقتصاديون عموما على حدوث تصحيح مرتقب في أسعار العقار في ظل الظروف الراهنة غير أن النسبة المحتملة لهذا التصحيح لم تكن محددة حيث تراوحت في التقديرات بين 20 - 60 %.
حاسبوا مسوقي الأراضي غير الشرعية
وفي مداخلة توضيحية قال يحيى عسيري إن هناك نوعا من تملك الأراضي بطرق غير شرعية إما بوضع اليد من قبل المواطنين أو من قبل رجال أعمال والاستيلاء عليها إما بالسكن أو بعملها مخطط وبيعها للآخرين وبعد البيع والبناء تقوم قائمة الأمانة ولجنة التعديات بعمليات الهدم والإزالة دون التحقيق مع واضع اليد المتسبب في هذه الإشكالية، والنوع الثاني من تملك الأرض هو الإحياء وهذا من أحياها منذ زمن طويل وقد يمتلك الحجج أو بدون حجج المهم انه معروف لدى جيرانه بأن هذه الأرض له وليست لأحد وهذه الأراضي اعتبرها بمثابة تملك ارض بالإحياء وفي الشرع تكون ملكه، لذا نطالب الجهات المختصة في الأمانة ولجنة التعديات بوضع آليات رقابية والتحقيق مع مسوقي الأراضي غير الشرعية ومعاقبتهم وفرض الغرامات عليهم بتعويض الضحايا خسائرهم.
صندوق التنمية العقاري
قطع عبد الله الأحمري جانب الحديث متطرقا لصندوق التنمية العقاري والمؤسسات التمويلية الأخرى حيث قال: إن دور صندوق العقار قاصر حتى الآن ولم يعط الفائدة المرجوة منه الذي حدد من اجلها وما زال يعطي القليل ويرهن الكثير، فمثلاً يرهن منزلا قيمته مليون ونصف المليون مقابل 300 ألف ريال وكذلك الدفعات التي يقدمها لم تساعد المستفيد حيث إن الدفعة الأولى التي يقدمها الصندوق للمقترض تكون 30 ألف ريال ويحيرونه بشروط تعجيزية قد تكبدها ديون تصل إلى 120 ألف ريال حتى يستحق الدفعة الثانية وهذا يعتبر إجحافا، فنحن بحاجة إلى تحديث للأنظمة التي تواكب دخولنا مع منظمة التجارية العالمية.. كما أن المكرمة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله التي ضخت في بنوك التسليف عشرة مليارات حيث استفاد منها البعض والعشرات لم يستفيدوا ولو أن العشرة مليارات ضخت في بناء مساكن وسلمت لعدد من المتقدمين لكانت الفائدة أفضل.
إنشاء بنك حكومي للتمويل
وفي مداخلته طالب العقاري يحيى عسيري بزيادة القروض إلى 400 ألف كحد أدنى كما طالب بإعادة النظر في طرق تسليم الدفعات بحيث تسلم دفعة واحدة في حالة شراء عقار بيت أو شقة وكذلك الرهن، ويجب أن يكون هناك تعاون بين الصندوق والبنوك المحلية التي تقرض عملاءها بحيث يقتصر الرهن على الصندوق وبهذا يضمن البنك حقوقه بحيث يتفق البنك والصندوق بأن لا يتم إخلاء طرف الرهن الا بعد إرسال خطاب للبنك بالإفادة.وأضاف العسيري: من المفترض وضع سقف محدود للفائدة لا سيما أن البنوك المحلية محدودة العدد، وإذا رغبت البنوك في استمرارية رفع الفائدة على المدى الطويل فإنه من الضروري رفع قيمة القرض العقاري الذي يقدم للمواطن فبقاؤه على نفس الرقم سيخلف خسائر كبيرة في قطاع المقاولات، فلا يوجد بنك يقدم قرضًا إلا وأخذ عليه كل الضمانات الممكنة التي تعطيه حق استعادة أمواله ما عدا حالات الوفاة، لذا أتمنى إنشاء بنك حكومي يمول المواطن من خلال تحويل راتبه ثم يستقطع منه القسط مع الفائدة بصورة أقل، وبالتالي تخفض البنوك سعر الفائدة فينتعش سوق العقار والمقاولات.
شركات أجنبية تسوق عقارات وهمية
حذر الأحمري في مداخلة أخرى له من شركات أجنبية ومحلية تسوق عقارات وهمية على المواطنين. وكشف عن وجود قضايا قائمة في الجهات القضائية لمواطنين تعرضوا لعمليات نصب واحتيال من شركات عقارية وهمية, من خلال عرض خرائط ومخططات للراغبين في امتلاك الوحدات السكنية أو الأراضي السكنية والتجارية. وقد طالب الأحمري التوجه لتكوين لجان للحد من عمليات النصب والاحتيال بالتنسيق مع هيئة الاستثمار ووزارة التجارة ووزارة الشؤون البلدية والقروية لتكوين منظومة متكاملة وتوحيد القنوات ووضع مرجعية عقارية موحدة للمواطنين, نظرا لتداخل المسؤوليات وللتأكد من الشركات العقارية والإعلانات. وقال إن هناك شركات عقارية وهمية باعت نحو 140% من حجم المشروعات في المخططات والخرائط التي يتم عرضها على المواطنين بهدف تحقيق المكاسب المالية من خلال النصب والاحتيال على .
وعن أسباب انتشار الشركات العقارية الوهمية قال الأحمري: ان الأسباب تعود إلى ضعف الوعي وتهافت المواطنين على الإعلانات والاستثمار العقاري دون التأكد من مصداقية تلك الشركات والتأكد من كل أصول الشركات العقارية ونظامية الشركات ورأس المال الشركات العقارية الأجنبية العاملة في السوق السعودية.
شقق وهمية للبيع
ويضيف يحيى عسير: هناك سلوكيات أخرى تمارس من قبل ضعاف النفوس حيث يوجد العديد من القضايا لدى المحاكم ضد أفراد باعوا شققا سكنية لا يملكونها وهي قضايا عقارية سائدة تتعلق بشقق التمليك وبيع شقق سكنية لم يتم تسليمها لأصحابها بعد قبض قيمتها، وأضاف العسيري أن عمليات النصب والاحتيال تتعلق بأفراد يسوقون لشقق سكنية لا يملكونها مما أدى إلى رفع قضايا بين المستثمرين والملاك الحقيقيين لتلك الوحدات. وتابع: لذا يجب التحقق من ملكية البائع للوحدات السكنية وشقق التمليك وهل هو المالك الحقيقي أم لا ؟ مع الاطلاع على الوكالة في حال تسويق الوكيل للمشروع مشيراً إلى مخاطرة المستثمرين في تلك المشروعات حال عدم التحقق من المستندات النظامية والتأكد من الملكيات للمسوقين.. واستطرد: يجب أيضاً أن نرتقي إلى مستوى المسؤولية والتأكد من مستندات الشركات العقارية في الجهات الحكومية ومن الموقع المالي لتلك الشركات والحسابات البنكية ومدى مصداقيتها لعدم إشغال الجهات القضائية والحكومية.
ويضيف العسيري أن اللجنة العقارية بغرفة الرياض قد بدأت تحركا لمواجهة تنامي ظاهرة المسوقين العقاريين غير السعوديين والمخالفين للأنظمة مما تنطوي عليه عمليات تسويق مشبوهة, وقد شرعت في مخاطبة عدد من الجهات الرسمية بهذا الخصوص لمواجهة أية ظاهرة سلبية في القطاع العقاري.
غياب الضمانات عطل نظام الرهن
وحول قضية الرهن العقاري يعلق عبد الله الأحمري قائلاً: لو بحثنا عن الأسباب التي قادت البنوك إلى استثمار جزءٍ من أموالها في الخارج لأدركنا أن السبب هو غياب الضمانات الكافية داخليًا والدليل هو أن أي رهن عقاري لا يتم إلا باسم أحد أعضاء مجلس الإدارة وليس باسم البنك لتلافي النظرة الربوية التي ينظر بها المجتمع إلى البنوك.. وأضاف الأحمري: بعض البنوك لديها شراكات استراتيجية أجنبية وهي التي تأخذه للاستثمار في الخارج لذلك يجب تهيئة الوضع محليًا لتوسيع مساحة استثمار البنوك، وحول التأثير المباشر على العقار قال: لن يكون التأثير كبيراً لكن كان من الأولى زيادة التسهيلات للأفراد للمحافظة على قوة قطاع العقار ولضمان استمرارية تدفقه الإنتاجي، غير أن النظرة العامة للعقار لا تدعو للخوف؛ فالاستثمارات إذا لم تصل إليه اليوم فإنها ستصله في الغد، خاصةً وأن المواطنين بحاجةٍ ماسةٍ إلى امتلاك قطع أراضٍ وسكن، وبالتالي فلن تنخفض الأسعار بصورة كبيرة على المدى المستقبلي المتوسط بقدر ما سيكون هناك طريقة تصحيحية.
طفرة كبيرة وغير مسبوقة
وحول دخول البنوك إلى سوق العقار قال المهندس حسين الزهراني ان دخول البنوك المحلية للاستثمار في المجال العقاري سيحدث سلبيات على هذا السوق، موضحا أنه يجب أن تكون البنوك ممولا فقط ويترك الاستثمار لصاحب الاختصاص من الشركات العقارية فدخول البنوك كمستثمر عقاري سيكون له اثر سلبي على المواطن وعلى صغار المستثمرين العقاريين.
وعن الرهن العقاري قال الزهراني ان تطبيقه سيضيف قيمة كبيرة للسوق ويعطي ثقة للممولين ويحفظ حقوق المستثمرين والممولين متوقعا بأنه سيكون هناك طفرة كبيرة وغير مسبوقة في السوق حتى انه يمكن هناك أزمة في المقاولات من كثر المشروعات المطلوب تنفيذها.
وأضاف المهندس حسين الزهراني أن المهتمين بالسوق العقارية السعودية يترقبون إقرار وإطلاق مجلس الوزراء القوانين العقارية الأربعة التي تمت الموافقة عليها في مجلس الشورى خلال الفترة القريبة الماضية حيث من المتوقع أن ينتهي إقرار النظام من لجنة الخبراء في مجلس الوزراء خلال ستة أشهر وسيتم تطبيقه بشكل تدريجي لمدة خمس سنوات حتى يأخذ النظام وضعه بالشكل المطلوب ويتم تصحيح ومعالجة بعض الفجوات التي قد تطرأ عليه خلال هذه الفترة.
وتابع: أتوقع أن تشهد المملكة نهضة عقارية ضخمة في حال بدء تنفيذ هذه القرارات الحساسة وعلى رأسها قانون الرهن العقاري الذي من المتوقع أن يكون له دور كبير في حل العديد من المشكلات التي يعانيها كثير من المواطنين وخاصة مشكلة الإسكان وارتفاع أسعار الإيجارات في أغلب المدن في المملكة، حيث ستسهل هذه الأنظمة لكثير من المواطنين وكذلك المستثمرين الحصول على السيولة التي تمكن أصحاب الدخل المحدود من تملك مسكنه بشكل أيسر من ذي قبل، وأما المستثمرون فسيتاح لهم الحصول على السيولة التي تتيح لهم بناء المشروعات العقارية الضخمة التي ستصعد بالاقتصاد الوطني لمصاف الدول المتقدمة.
إلا أن هناك تخوفا من إمكانية تطبيق نظام الرهن العقاري والإجراءات الأمنية لإخراج الشخص الراهن من المنزل الذي رهنه ولم يسدد الأقساط التي عليه، مشددين على أهمية وضع نظام صارم لحماية المستثمرين والشركات الممولة من تساهل المقترضين في دفع الأقساط.
وفي حال تطبيق هذه الأنظمة العقارية بشكل منظم ومقنن ومعروف لكل الشركات فستشهد المملكة حركة استثمارية ضخمة جدا على جميع القطاعات بما فيها قطاع البناء والتشييد وقطاع الإسكان، حيث إن نظام الرهن يعد أحد أهم ركائز الاستثمار، لأن توفير السيولة من قبل الجهة الممولة وضمانها برهن العقار كما هو معمول به في أغلب الدول المتقدمة هو مما سرع عجلة التنمية بشكل واضح وبارز.
الرهن العقاري سلبياته خطيرة
وفي مداخله لعبد الله الأحمري حيث قال: إقرار نظام الرهن العقاري على ما يحتويه من إيجابيات وميزات إلا أن سلبياته خطيرة ويجب الاستعداد لها، حيث إن إقرار هذا النظام سيدفع الكثير من المواطنين لرهن ما يملكون من عقارات والتنافس على الحصول على السيولة الأكبر، حيث إن هذا الأمر من شأنه أن يزيد في الأسعار بشكل كبير مثلما حصل في وقت طفرة الأسهم والتسهيلات التي قدمتها البنوك في تلك الفترة، وهذا عكس ما يتوقعه الكثير من أن الأسعار ستنزل تدريجيا بحكم توافر الكثير من العروض، فمن المتوقع أن ملاك العقارات لن يقوموا ببيع عقاراتهم بل سيقومون برهنها والحصول على السيولة وضخها في مشروعات ترد لهم القرض والمزيد من الأرباح.
من الجانب الآخر سينفس هذا النظام على كثير من المواطنين الذين يملكون على الأقل الأرض ليرهنوها ويقومون ببناء منازلهم، والاستفادة من السيولة لتسريع عملية البناء، وتكمن الخطورة في عدم مقدرة المواطن على إكمال تسديد قرضه الذي سيترتب عليه سحب الأرض من الشخص الراهن، ولا أعلم ما هي آلية الجهة الممولة للحصول على قيمة أرضها في حال تم البناء عليها، وينصح بعدم التسرع في رهن العقار خصوصا إذا كانت القوة الائتمانية لدى الشخص ضعيفة الذي يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار.
ويضيف الأحمري معظم الشباب لا يستطيعون امتلاك منازل خاصة بهم في الوضع الراهن، حيث إن أسعار الأراضي في ارتفاع مستمر وباطراد فإن هؤلاء الشباب وخاصة الموظفين منهم في القطاعين الحكومي والخاص لا يمكنهم توفير المبالغ النقدية اللازمة لشراء الأرض بطريقة النقد دفعة واحدة، فهذه الشريحة الكبيرة تنتظر إقرار نظام الرهن العقاري عله يغير من خريطة السوق العقارية قليلا وتنفرج أزمتهم.
المطالبة بتعديل نظم التمويل
ومن منبر الندوة طالب الأحمري بسرعة تعديل نظم التمويل والاستثمار العقاري وتشريعات الإسكان، وتعديل سياسات الحوافز لجذب الأموال إلى القطاع العقاري نظرا لضخامة الاحتياجات التمويلية السنوية اللازمة لبناء وحدات سكنية تفوق إمكانات صندوق التنمية العقارية، على الرغم من انه لا زالت تسهيلات التمويل العقاري متدنية في المملكة حيث تشكل ما نسبته 1.2 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 50% في الولايات المتحدة و17% في ماليزيا وأكثر من 70% في المملكة المتحدة.
* * *
ضيوف الندوة...
1 - نائب رئيس اللجنة العقارية ومسؤول التثمين بغرفة جدة - عبد الله الأحمري
2 - مدير عام فرع صندوق التنمية العقاري بمنطقة مكة المكرمة - المهندس حسين بن راجح الزهراني
3 - مدير إدارة المشروعات بأمانة جدة المهندس طارق لنفون
4 - رئيس مؤسسة الصفقة الأولي للمقاولات والتسويق والتمليك العقاري بالمنطقة الغربية - يحيى عسيري
5 - رئيس مؤسسة سناكو للتسويق والتمليك العقاري الأستاذ فهاد المرزوقي
أدار الندوة - راشد الزهراني
متابعة - فيصل المران -
الأحياء العشوائية والتستر على المتخلفين من أصحاب السوابق وتفعيل نظام الرهن العقاري والدور المشترك بين رجال الأعمال وبين المؤسسات الحكومية سواء التمويلية أو الأمنية والتعديات على أملاك الغير بدون وجه حق، كانت تلك بعض محاور الندوة التي استضافت فيها (الجزيرة) مسؤولين ورجال الأعمال على مدى ساعتين تحدثوا فيها بكل شفافية عن هذه الأزمات، وأثرها في حركة عجلة التنمية العمرانية وكذلك دور جهات الاختصاص تجاه المتسللين على أراضي الغير.
مما أوقوع المحتاجين من ذوي الظروف المادية في وحل من الضياع وتكبد الخسائر وركزت الندوة بشكل كبير على قضية السكن العشوائي التي باتت تعد أحد ابرز المناظر التي شوهت جماليات المعمار في العروس.
فإلى تفاصيل الندوة.
بداية رحب الزميل راشد الزهراني مدير الندوة بالسادة الضيوف وسرد محاور الندوة، بعدها تحدث نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة عبد الله الأحمري حيث قال: إن الأحياء العشوائية بجدة ليست حديثة وإنما موجودة منذ مطلع التسعينيات الهجرية لان المدينة تفتقد إلى المساكن، ولم تقم الأمانة منذ تلك الفترة بمنح المواطنين أراضي سكنية من أجل البناء عليها أو الاستفادة من بنك التنمية العقاري والجهات التمويلية، حيث وصلت أسعار الشقق إلى 50 ألف ريال مما أصبح صعبا على ذوي الدخل المتدني الإيجار بهذه الأسعار المرتفعة، وبالتالي اضطرت هذه الشريحة إلى الخروج إلى البناء في المناطق المتصحرة بأطراف محافظة جدة من أجل استقرارهم وعوائلهم بهذه المناطق ثم استمر الحال على هذا المنوال ما يقارب الثلاثين عاما.
لا يمكن محاسبة ساكني العشوائية
وأضاف الأحمري قائلاً: إن هناك مخططات المنح ولم تصلها الخدمات بكل أنواعها من إنارة وأرصفة وغيرها من الخدمات الأخرى، وبالتالي لا يمكن محاسبة ساكني الأحياء العشوائية أو هذه الشريحة التي اضطرت إلى التعمير في مناطق أخرى بدلا من مخططات المنح، ونحن نؤيد عملية الهيكلة والتنظيم والمخططات غير العشوائية ودخول الخدمات الأمنية والتطويرية وتعويض المواطنين تعويضا يضمن إيجاد البديل أو السكن المناسب له ولعائلته.. وتابع الأحمري: هيكلة وتنظيم الأحياء العشوائية وإعادة تخطيطها يصب في مصلحة الجميع من خلال محاربة العشوائية والقضاء على كل سلبيات هذه الأحياء ويستطرد: دعوني أتحدث عن مشكلات العشوائيات من السكان غير السعوديين حيث اعتبره ناقوس خطر يخرق جدار الأمن الاجتماعي وكذلك الاقتصادي، فهناك أحياء عشوائية ينتشر فيها مخالفو الأنظمة الأمنية وقد وصل بهم الحد إلى ارتكاب بعض الجرائم المحرمة كالسطو والسرقات وممارسة السحر والشعوذة والتعدي على حقوق الآخرين وممارسات لبعض الرذيلة وغيرها، على الرغم من أن الجهات الأمنية لم تغفل عن هذا الجانب ولكن ضيق المكان وتقارب المنازل بشكل غير حضاري وبعضها أصبح اوكارا وبؤر فساد وهذا ما حد من صعوبة عمليات الدوريات الأمنية وكذلك رجال الجوازات؛ لذلك يجب تضافر الجهود والعمل تحت مظلة واحدة والبدء بتطهير مثل هذه الأحياء التي كان بدايتها مشروع تطوير منطقة خزام و- إن شاء الله - نجد مشروعات مماثلة له في جدة وكذلك مدن المملكة. وأوضح الأحمري بأن مسؤولية التنمية السكانية أو العمرانية هي مسؤولية مشتركة تبدأ من وزارة التخطيط ومؤسسة الإحصاء والتعداد السكاني ومؤسسة التأمينات الاجتماعية ومؤسسة التقاعد والأمانة لحل المشكلة وإيجاد البديل للمواطنين، ومن خلال ذلك ينظر في ظروف بعض المواطنين أو العاطلين ومساعدتهم حتى لا يكونوا عرضة لبعض المخالفات وبعد ذلك يمكن محاسبة المخالفين وفق الأنظمة واللوائح التنظيمية، ويمكن بهذه الطريقة أن نحفظ المواطنين ونجنب الكثير منهم التعرض لمثل هذه المخالفات ومنها العشوائية.
العشوائية موجودة في كل أنحاء العالم
يرى المهندس حسين بن راجح الزهراني عضو اللجنة العقارية بغرفة جدة أن المناطق والأحياء العشوائية موجودة في كثير من أنحاء العالم ولها أسباب كثيرة من أهمها عدم وجود وحدات سكنية كافية للمواطنين وضعف القدرة المالية لبعض شرائح المجتمع خاصة ذوي الدخل المحدود أو الذين أقل منهم، وفي كثير من الدول تغض بعض الحكومات الطرف عن هذه الأحياء لعدم قدرتها على إعادة هيكلتها أو تنظيمها وإعطاء مواطنيها فرصة السكن في ظل عدم وجود البديل لها ولعل توفير السكن يأتي في مصاف الخدمات التي تقدمها الدول لشعوبها من تعليم وصحة وغيرها من الخدمات.. ويضيف الزهراني: لعل من الأسباب الجوهرية لظهور الأحياء العشوائية هي عدم تمكين المواطن من السكن بالطرق النظامية، وبالتالي تولدت العشوائية تدريجيا حتى وصلت إلى هذا الحال.. وأضاف الزهراني: ما يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة من محاربة للأحياء العشوائية هو قرار سليم لمعالجة مثل هذه المشكلة.. وابان: القرار جاء بعد العديد من الدراسات والخطط لمعالجة هذه المشكلة التي باتت بحاجة إلى اتخاذ قرار سريع لحسمها، وأضاف أن مفهوم الإزالة لدى عدد من المواطنين هو مفهوم خاطئ حيث أوضح أن الإزالة ستكون لبعض الأجزاء في بعض المناطق أو الأحياء والأجزاء الأخرى ستكون لها إعادة هيكلة وتنظيم مستشهدا بما يحدث في منطقة خزام كأول الأحياء العشوائية التي يتم الآن إعادة تنظيمها وتخطيطها، حيث اعتبرها من أهم أحياء جدة لما تتميز به من موقع استراتيجي معتبرا أن إعادة تنظيمها أصبح ضرورة ملحة لكي تصبح متنفسا لأهالي المدينة وعشاق البحر الأحمر. وأضاف الزهراني: تطوير52 حيا عشوائيا أو أكثر بجده يعتبر نقلة نوعية للمحافظة.
بناء وحدات سكنية خارج وسط المدينة
كما يرى المهندس الزهراني أن الأمانة أو الجهة المنفذة لأي مشروع لا يمكن أن تقدم على أية إزالة أو تطوير لبعض الأحياء العشوائية إلا بعد عدة دراسات وخطط واضحة لإيجاد البديل المناسب للمقيمين بهذه الأحياء، وأوضح أن البديل يتمثل في تعويض المواطنين بمبلغ مجز يتناسب مع أسعار سوق الإنشاءات.. وتابع: كذلك يمكن خلق بديل عبر بناء وحدات سكنية لهم خارج وسط المدينة وبيعها عليهم، وأضاف أن من أهم الحلول لمعالجة المشكلة زيادة المساحات أو الوحدات السكنية في عملية العرض وبالتالي تقل نسبة الطلب، وأضاف أن توصيل الخدمات للمنح الحكومية سيسهم في استقطاب شريحة كبيرة من المواطنين المستفيدين منه. كذلك عملية توزيع القطع ذات المساحات الكبيرة وإشراك اكثر من مواطن يعتبر من العوامل المساعدة في عملية زيادة العرض ونقص الطلب، مؤكداً أن التوسع الرأسي أفضل من الأفقي لكثير من المخططات.
تعدٍّ على أملاك الحكومة والأملاك الخاصة
وفي مداخلته قال المهندس طارق لنفون مدير إدارة المشروعات بأمانة جدة إن جدة تعتبر من أكبر مناطق مكة المكرمة حيث يوجد بها ما يقارب 52 حيا عشوائيا، كما أن خلال 15 سنة إلى الـ 20 سنة الماضية تولدت العشوائية من خلال تعدي بعض المواطنين على الاحتلال أو السكن بالأراضي الحكومية أو التعدي على أملاك أو أراض خاصة لبعض المواطنين، كذلك سهولة الشراء بهذه الأراضي لرخص ثمنها وبالتالي تصبح في متناول الجميع وتقام عمليات البناء عليها بطرق غير نظامية مما ولد عملية العشوائية حتى في بعض المخططات التجارية في بعض الأحياء، وبالتالي هي ليست أملاكا رسمية لملاكها ويتم بيعها بوثائق بين المتداولين لهذه الأحياء أو المخططات العشوائية، مضيفا أن من يقوم بالشراء والبيع في هذه الأراضي يعرف أنها ليست نظامية ويعي قيمة المخالفات المترتبة عليها وغالبا ما تكون مثل هذه الأراضي هي الملاذ الوحيد لأصحاب الدخل المحدود ولقدرته على التملك فيها بسبب رخص أسعارها.
حل مشكلة العشوائية
يرى المهندس لنفون أن حل هذه المشكلة يتمثل في تكوين لجان من الأمانة ووزارة الشؤون البلدية والقروية وغيرها من الجهات في حال إذا كانت الأراضي المعتدى عليها أراضي حكومية، فإما أن يعوضوا باعتبارها كمنحة وطنية إذا لم يسبق لهم منحة وبالتالي إمكانية التمليك بهذه المناطق.ويتابع لنفون: البديل لإيجاد وحدات سكنية للمواطنين هو البحث في المناطق التي تكون خارج المحافظة وليست وسط المحافظة مثل منطقة الجنوب أو الخمرة على سبيل المثال أو في شمال جدة، ويتم إخبار المواطنين في تلك المناطق أو المواقع بعد شرائها من أصحابها أو المالكين لهذه المخططات من قبل الأمانة أو الجهة المسؤولة عن المشروع.
التمدد العشوائي يصل المخططات الحديثة
وفي مداخلة للمقاول فهاد المرزوقي رئيس مجلس إدارة شركة المقاولات العقارية قال: إن سبب العشوائيات يعود لعدم قدرة المواطنين على التملك داخل المدينة بسبب ارتفاع الأسعار مما اضطرهم لإيجاد البديل في المناطق المجاورة للمدينة والبحث عن أقل التكاليف في عملية الشراء والتملك، إضافة إلى جشع بعض سماسرة العقار عبر المبالغة في أسعار بعض المخططات مما أسهم بشكل كبير في انتشار العشوائية وكذلك عدم وصول الخدمات لمخططات المنح كان سببا ضمن الأسباب التي أسهمت في انتشار الأحياء العشوائية بجدة.بينما يرى العقاري يحيى عسيري رئيس شركة الصفقة الأولى للعقار والمقاولات أن يؤخذ بعين الاعتبار عدم تكرار أحياء عشوائية قادمة وإيجاد حلول مناسبة تسهم في عدم تكرار المشكلة مرة أخرى وقال: هنالك مخططات حديثة أصبحت ضمن قائمة الأحياء العشوائية على الرغم من ارتفاع أسعارها حيث وصل سعر المتر فيها إلى 3000 ريال وأصبحت مداخلها عبارة عن ممرات صغيرة لا تعكس مستوى التطور لهذه المخططات، مضيفا أن العشوائية لم تقف فقط على الأحياء وإنما امتدت إلى بعض الادارت الخدمية مثل المدارس والصحة وغيرها من الإدارات الأخرى التي تحتاج إلى إعادة النظر.وهناك بعض الحلول التي قد تسهم في حل مشكلة العشوائية من أبرزها إيجاد مساكن أو وحدات سكنية مناسبة للمواطنين وتزويدها بكل الخدمات اللازمة وكذلك العمل في منظومة مشتركة بين عدة جهات مثل المؤسسة العامة للتقاعد ومؤسسات التأمينات الاجتماعية وبنك التنمية العقاري وذلك بعد استشارة وزارة التخطيط لتقوم بعمل الإعداد والدراسة وتقديم الحلول.
أنظمة الأمانة في المصلحة العامة
وطلب المهندس طارق لنفون المداخلة قائلا: هناك مواطنون ينقصهم الوعي الاجتماعي وهذا ما سبب الكثير من المخالفات والأنظمة التي تضعها الأمانة التي هي من صالح المواطن نفسه وخاصة في مسألة التعديات في مشروعات البناء، فمثلاً من متطلبات الأمانة وضع ارتدادات ما بين بناية وبناية ونتفاجأ بوجود تعد في البناء لدرجة التصاق المباني مع بعضها البعض وهذا لا يتوافق مع أسس التطوير العمراني وكذلك نجد أن بعض المباني قد حدد البناء فيها دورين وملحقا ونتفاجأ بوجود عمارة أربعة إلى خمسة أدوار ويأتي صاحب العمارة ليدفع الغرامة دون حساب للعواقب، ولو نظرنا إلى أنظمة الأمانة وتعليماتها نجدها كلها تصب في مصلحة المواطن من خلال المسكن الملائم.
تقلبات أنظمة الأمانة يدفع ثمنها المواطن
وطالب العقاري يحيى عسيري عبر مداخلة له الأمانة بالخروج عن أنظمتها المتغيرة التي عرقلت الحراك العمراني وهذا بسبب تغير وضع بنود المخالفات، فعند استخراج تصريح البناء يوضح لطالبي التصريح بأن هناك غرامات مالية لكل مخالفة وان على المتر المخالف رسوما 500 ريال وقد يضطر صاحب المشروع إلى بعض التعديات بسبب ظروفه الأسرية على الرغم من انه يعمل حساب هذه الغرامات وبعد الانتهاء من مشروعه وحلول وقت طلب إدخال التيار يفاجأ برسوم المخالفة التي قد قسمت ظهره حيث تغيرت الرسوم من 500 للمتر الواحد إلى 1800 ريال للمتر فبدل أن يدفع 50 ألفا يجبرونه على أن يدفع 700 ألف ريال، فالأمر بحاجة إلى إعادة نظر.
وتابع عسيري: هناك نقطة مهمة وهي لماذا يجبر المواطن على أن يبني نظام فلة وقد يكون لدى هذا المواطن أبناء متزوجون وظروفهم المادية تحتم عليهم السكن مع والدهم، فإنه من الأولى أن يبني عمارة دورين وملحق مكونة من خمس إلى ست شقق ويستفيد وأسرته فهنا أقول ان الأمانة لا تراعي الخصوصيات الاجتماعية أكثر من خصوصيات المظاهر للمدينة فلماذا هذا التعقيد فقط في محافظة جدة دون غيرها من مدن المملكة؟
متطلبات الأمانة وراء البناء العشوائي
يرى المقاول فهاد المرزوقي أن الأمانة في الشؤون الهندسية خصصت مكاتب معتمدة لإنشاء عمليات الخرائط والكروكي وتصريح البناء ولكن الأسعار متفاوتة وليست في متناول الجميع، حيث وصلت أسعارها إلى مبالغة خيالية جداً وكذلك تغيرات وضع الرسومات والكروكي يجب أن يكون على نظام القوقل وفحص التربة على الرغم من أنها فحصت أثناء تنفيذ المخطط واعتماده، لكن الأمر يبدو تعجيزا أمام ذوي الدخل البسيط.. ويضم فهاد صوته مع العسيري بأن محافظة جدة هي الوحيدة تعاني من أنظمة الأمانة المتقلبة، وهناك من المواطنين من وقفوا حائرين أمام استخراج التصريح وبين توفير المبلغ لسد حاجة البناء مما جعلهم يختاروا الخيار الآخر والبناء بطريقة عشوائية وبدون تصريح واستعانوا على دفع الرشاوى لمراقبي البلدية وكانت منازلهم قائمة وبأحسن حال وما التصاريح الا كضريبة تستفيد منها الأمانة والمكاتب الهندسية.
مخططات نموذجية ورسوم لا تتعدى10%
يتناول المقاول فهاد المرزوقي جانب الحديث قائلا: هناك عدد من رجال الأعمال والمستثمرين في قطاع الإسكان بالمملكة قد رفعوا دراسة للجهات المسؤولة تتمحور حول طرح منافسة عامة بين الشركات العقارية لتطوير وتهيئة البنية التحتية في مخططات عقارية تحدد من قبل الجهات الحكومية المعنية، وتستهدف الدراسة العمل على تطوير المخططات المختارة في مدن المملكة ومن ثم البيع للمواطنين برسوم لا تتعدى 10% من قيمة الأرض السوقية كمقابل خدمات تطوير البنية التحتية التي ستقوم بها تلك الشركات. وأضاف المرزوقي أن هذه المبادرة تستهدف أن لا يتحمل المواطن سوى 10% من قيمة الأرض، وبذلك هي تعمل على حل مشكلة تملك المواطنين للأراضي بأسعار مناسبة وهو ما يعني بالتالي توجيه القدرة المالية لهم إلى عمليات البناء وأن تنفيذ هذه المبادرة من شأنه المساهمة في حل أزمة الإسكان في المملكة وتوفير مساكن لذوي الدخل المحدود والمتوسط ويخطط لأن يستفيد منها نحو 500 ألف مواطن في مناطق المملكة وطرحت الدراسة وضع معايير مناسبة تضمن للشركات بعد التعهد لها بتطوير المخططات الحكومية تحقيق هامش ربحي معقول من عمليات التطوير مقابل حصول المواطن على الأرض المطورة بتكلفة معقولة، وتابع المرزوقي: عمليات بناء المساكن ستكون عن طريق جهات التمويل المتخصصة في الإنشاء، حيث لوحظ خلال الدراسات التي قامت بها الشركات المختصة في هذا المجال أن معظم المنح السكنية لا تكون مخدومة أو مطورة وتكبد الجهات المعنية عناء كبيرا في إيجاد بنية تحتية. وأضاف: المبادرة تسهم في دفع عجلة التنمية في مجال الإسكان وجعل الأحياء السكنية أحياء نموذجية تخدم جميع شرائح المجتمع واستغلال المرافق الصحية والتعليمية ولا سيما أن توجه الدولة الجديد وبالأخص في قطاع التعليم هو تأسيس شركة مختصة يمكنها المساهمة في المرافق التعليمية لغرض خدمة السكان.
حجم سوق العقار 1.2 تريليون ريال
ويضيف العقاري يحيى عسيري بأن سوق العقار بالمملكة يعد الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أنه لا توجد إحصائية رسمية لكن بعض المحللين يقدر حجم السوق في الوقت الحالي بنحو 1.2 تريليون ريال. وأن قيمة عمليات بناء الوحدات السكنية الجديدة في السعودية تبلغ نحو 484 مليار ريال بحلول عام 2010 مشيراً إلى أن صدور تشريعات جديدة للرهن العقاري يعطي دفعة قوية لقطاع العقار ويعمل على توفير التمويل اللازم ويطلق جماح الطلب على العقار السكني في المملكة.
ويضيف العسيري أن الدراسة أكدت أنه من أجل استيفاء الطلب على العقار حتى عام 2020 سيتم بناء نحو 2.62 مليون وحدة سكنية جديدة، بمتوسط 162.750 ألف وحدة سكنية سنوياً موضحا أن الطلب على العقار في السعودية يتصف بالاستدامة.
الزكاة على الأراضي البيضاء
وتطرق عبد الله الأحمري لمشكلة الأراضي البيضاء التي شغلت مواقع استراتيجية وسط المدينة حيث قال: نحن نلتمس بأن تسن عدة قوانين مثل إقرار قانون الضرائب والزكاة على الأراضي البيضاء التي يحجم المستثمرون عن استخدامها وفي حال تطبيق هذه القوانين ستتعرض تلك الأراضي لموجة بيع كبيرة ويوضح الأحمري بأن نسبة 30% من المواطنين يمتلكون مساكنهم الخاصة، ويحجم الكثير منهم عن شراء العقارات السكنية بسبب ارتباطهم بقروض شخصية ولعدم وجود قدرة شرائية ويتفق الخبراء الاقتصاديون عموما على حدوث تصحيح مرتقب في أسعار العقار في ظل الظروف الراهنة غير أن النسبة المحتملة لهذا التصحيح لم تكن محددة حيث تراوحت في التقديرات بين 20 - 60 %.
حاسبوا مسوقي الأراضي غير الشرعية
وفي مداخلة توضيحية قال يحيى عسيري إن هناك نوعا من تملك الأراضي بطرق غير شرعية إما بوضع اليد من قبل المواطنين أو من قبل رجال أعمال والاستيلاء عليها إما بالسكن أو بعملها مخطط وبيعها للآخرين وبعد البيع والبناء تقوم قائمة الأمانة ولجنة التعديات بعمليات الهدم والإزالة دون التحقيق مع واضع اليد المتسبب في هذه الإشكالية، والنوع الثاني من تملك الأرض هو الإحياء وهذا من أحياها منذ زمن طويل وقد يمتلك الحجج أو بدون حجج المهم انه معروف لدى جيرانه بأن هذه الأرض له وليست لأحد وهذه الأراضي اعتبرها بمثابة تملك ارض بالإحياء وفي الشرع تكون ملكه، لذا نطالب الجهات المختصة في الأمانة ولجنة التعديات بوضع آليات رقابية والتحقيق مع مسوقي الأراضي غير الشرعية ومعاقبتهم وفرض الغرامات عليهم بتعويض الضحايا خسائرهم.
صندوق التنمية العقاري
قطع عبد الله الأحمري جانب الحديث متطرقا لصندوق التنمية العقاري والمؤسسات التمويلية الأخرى حيث قال: إن دور صندوق العقار قاصر حتى الآن ولم يعط الفائدة المرجوة منه الذي حدد من اجلها وما زال يعطي القليل ويرهن الكثير، فمثلاً يرهن منزلا قيمته مليون ونصف المليون مقابل 300 ألف ريال وكذلك الدفعات التي يقدمها لم تساعد المستفيد حيث إن الدفعة الأولى التي يقدمها الصندوق للمقترض تكون 30 ألف ريال ويحيرونه بشروط تعجيزية قد تكبدها ديون تصل إلى 120 ألف ريال حتى يستحق الدفعة الثانية وهذا يعتبر إجحافا، فنحن بحاجة إلى تحديث للأنظمة التي تواكب دخولنا مع منظمة التجارية العالمية.. كما أن المكرمة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله التي ضخت في بنوك التسليف عشرة مليارات حيث استفاد منها البعض والعشرات لم يستفيدوا ولو أن العشرة مليارات ضخت في بناء مساكن وسلمت لعدد من المتقدمين لكانت الفائدة أفضل.
إنشاء بنك حكومي للتمويل
وفي مداخلته طالب العقاري يحيى عسيري بزيادة القروض إلى 400 ألف كحد أدنى كما طالب بإعادة النظر في طرق تسليم الدفعات بحيث تسلم دفعة واحدة في حالة شراء عقار بيت أو شقة وكذلك الرهن، ويجب أن يكون هناك تعاون بين الصندوق والبنوك المحلية التي تقرض عملاءها بحيث يقتصر الرهن على الصندوق وبهذا يضمن البنك حقوقه بحيث يتفق البنك والصندوق بأن لا يتم إخلاء طرف الرهن الا بعد إرسال خطاب للبنك بالإفادة.وأضاف العسيري: من المفترض وضع سقف محدود للفائدة لا سيما أن البنوك المحلية محدودة العدد، وإذا رغبت البنوك في استمرارية رفع الفائدة على المدى الطويل فإنه من الضروري رفع قيمة القرض العقاري الذي يقدم للمواطن فبقاؤه على نفس الرقم سيخلف خسائر كبيرة في قطاع المقاولات، فلا يوجد بنك يقدم قرضًا إلا وأخذ عليه كل الضمانات الممكنة التي تعطيه حق استعادة أمواله ما عدا حالات الوفاة، لذا أتمنى إنشاء بنك حكومي يمول المواطن من خلال تحويل راتبه ثم يستقطع منه القسط مع الفائدة بصورة أقل، وبالتالي تخفض البنوك سعر الفائدة فينتعش سوق العقار والمقاولات.
شركات أجنبية تسوق عقارات وهمية
حذر الأحمري في مداخلة أخرى له من شركات أجنبية ومحلية تسوق عقارات وهمية على المواطنين. وكشف عن وجود قضايا قائمة في الجهات القضائية لمواطنين تعرضوا لعمليات نصب واحتيال من شركات عقارية وهمية, من خلال عرض خرائط ومخططات للراغبين في امتلاك الوحدات السكنية أو الأراضي السكنية والتجارية. وقد طالب الأحمري التوجه لتكوين لجان للحد من عمليات النصب والاحتيال بالتنسيق مع هيئة الاستثمار ووزارة التجارة ووزارة الشؤون البلدية والقروية لتكوين منظومة متكاملة وتوحيد القنوات ووضع مرجعية عقارية موحدة للمواطنين, نظرا لتداخل المسؤوليات وللتأكد من الشركات العقارية والإعلانات. وقال إن هناك شركات عقارية وهمية باعت نحو 140% من حجم المشروعات في المخططات والخرائط التي يتم عرضها على المواطنين بهدف تحقيق المكاسب المالية من خلال النصب والاحتيال على .
وعن أسباب انتشار الشركات العقارية الوهمية قال الأحمري: ان الأسباب تعود إلى ضعف الوعي وتهافت المواطنين على الإعلانات والاستثمار العقاري دون التأكد من مصداقية تلك الشركات والتأكد من كل أصول الشركات العقارية ونظامية الشركات ورأس المال الشركات العقارية الأجنبية العاملة في السوق السعودية.
شقق وهمية للبيع
ويضيف يحيى عسير: هناك سلوكيات أخرى تمارس من قبل ضعاف النفوس حيث يوجد العديد من القضايا لدى المحاكم ضد أفراد باعوا شققا سكنية لا يملكونها وهي قضايا عقارية سائدة تتعلق بشقق التمليك وبيع شقق سكنية لم يتم تسليمها لأصحابها بعد قبض قيمتها، وأضاف العسيري أن عمليات النصب والاحتيال تتعلق بأفراد يسوقون لشقق سكنية لا يملكونها مما أدى إلى رفع قضايا بين المستثمرين والملاك الحقيقيين لتلك الوحدات. وتابع: لذا يجب التحقق من ملكية البائع للوحدات السكنية وشقق التمليك وهل هو المالك الحقيقي أم لا ؟ مع الاطلاع على الوكالة في حال تسويق الوكيل للمشروع مشيراً إلى مخاطرة المستثمرين في تلك المشروعات حال عدم التحقق من المستندات النظامية والتأكد من الملكيات للمسوقين.. واستطرد: يجب أيضاً أن نرتقي إلى مستوى المسؤولية والتأكد من مستندات الشركات العقارية في الجهات الحكومية ومن الموقع المالي لتلك الشركات والحسابات البنكية ومدى مصداقيتها لعدم إشغال الجهات القضائية والحكومية.
ويضيف العسيري أن اللجنة العقارية بغرفة الرياض قد بدأت تحركا لمواجهة تنامي ظاهرة المسوقين العقاريين غير السعوديين والمخالفين للأنظمة مما تنطوي عليه عمليات تسويق مشبوهة, وقد شرعت في مخاطبة عدد من الجهات الرسمية بهذا الخصوص لمواجهة أية ظاهرة سلبية في القطاع العقاري.
غياب الضمانات عطل نظام الرهن
وحول قضية الرهن العقاري يعلق عبد الله الأحمري قائلاً: لو بحثنا عن الأسباب التي قادت البنوك إلى استثمار جزءٍ من أموالها في الخارج لأدركنا أن السبب هو غياب الضمانات الكافية داخليًا والدليل هو أن أي رهن عقاري لا يتم إلا باسم أحد أعضاء مجلس الإدارة وليس باسم البنك لتلافي النظرة الربوية التي ينظر بها المجتمع إلى البنوك.. وأضاف الأحمري: بعض البنوك لديها شراكات استراتيجية أجنبية وهي التي تأخذه للاستثمار في الخارج لذلك يجب تهيئة الوضع محليًا لتوسيع مساحة استثمار البنوك، وحول التأثير المباشر على العقار قال: لن يكون التأثير كبيراً لكن كان من الأولى زيادة التسهيلات للأفراد للمحافظة على قوة قطاع العقار ولضمان استمرارية تدفقه الإنتاجي، غير أن النظرة العامة للعقار لا تدعو للخوف؛ فالاستثمارات إذا لم تصل إليه اليوم فإنها ستصله في الغد، خاصةً وأن المواطنين بحاجةٍ ماسةٍ إلى امتلاك قطع أراضٍ وسكن، وبالتالي فلن تنخفض الأسعار بصورة كبيرة على المدى المستقبلي المتوسط بقدر ما سيكون هناك طريقة تصحيحية.
طفرة كبيرة وغير مسبوقة
وحول دخول البنوك إلى سوق العقار قال المهندس حسين الزهراني ان دخول البنوك المحلية للاستثمار في المجال العقاري سيحدث سلبيات على هذا السوق، موضحا أنه يجب أن تكون البنوك ممولا فقط ويترك الاستثمار لصاحب الاختصاص من الشركات العقارية فدخول البنوك كمستثمر عقاري سيكون له اثر سلبي على المواطن وعلى صغار المستثمرين العقاريين.
وعن الرهن العقاري قال الزهراني ان تطبيقه سيضيف قيمة كبيرة للسوق ويعطي ثقة للممولين ويحفظ حقوق المستثمرين والممولين متوقعا بأنه سيكون هناك طفرة كبيرة وغير مسبوقة في السوق حتى انه يمكن هناك أزمة في المقاولات من كثر المشروعات المطلوب تنفيذها.
وأضاف المهندس حسين الزهراني أن المهتمين بالسوق العقارية السعودية يترقبون إقرار وإطلاق مجلس الوزراء القوانين العقارية الأربعة التي تمت الموافقة عليها في مجلس الشورى خلال الفترة القريبة الماضية حيث من المتوقع أن ينتهي إقرار النظام من لجنة الخبراء في مجلس الوزراء خلال ستة أشهر وسيتم تطبيقه بشكل تدريجي لمدة خمس سنوات حتى يأخذ النظام وضعه بالشكل المطلوب ويتم تصحيح ومعالجة بعض الفجوات التي قد تطرأ عليه خلال هذه الفترة.
وتابع: أتوقع أن تشهد المملكة نهضة عقارية ضخمة في حال بدء تنفيذ هذه القرارات الحساسة وعلى رأسها قانون الرهن العقاري الذي من المتوقع أن يكون له دور كبير في حل العديد من المشكلات التي يعانيها كثير من المواطنين وخاصة مشكلة الإسكان وارتفاع أسعار الإيجارات في أغلب المدن في المملكة، حيث ستسهل هذه الأنظمة لكثير من المواطنين وكذلك المستثمرين الحصول على السيولة التي تمكن أصحاب الدخل المحدود من تملك مسكنه بشكل أيسر من ذي قبل، وأما المستثمرون فسيتاح لهم الحصول على السيولة التي تتيح لهم بناء المشروعات العقارية الضخمة التي ستصعد بالاقتصاد الوطني لمصاف الدول المتقدمة.
إلا أن هناك تخوفا من إمكانية تطبيق نظام الرهن العقاري والإجراءات الأمنية لإخراج الشخص الراهن من المنزل الذي رهنه ولم يسدد الأقساط التي عليه، مشددين على أهمية وضع نظام صارم لحماية المستثمرين والشركات الممولة من تساهل المقترضين في دفع الأقساط.
وفي حال تطبيق هذه الأنظمة العقارية بشكل منظم ومقنن ومعروف لكل الشركات فستشهد المملكة حركة استثمارية ضخمة جدا على جميع القطاعات بما فيها قطاع البناء والتشييد وقطاع الإسكان، حيث إن نظام الرهن يعد أحد أهم ركائز الاستثمار، لأن توفير السيولة من قبل الجهة الممولة وضمانها برهن العقار كما هو معمول به في أغلب الدول المتقدمة هو مما سرع عجلة التنمية بشكل واضح وبارز.
الرهن العقاري سلبياته خطيرة
وفي مداخله لعبد الله الأحمري حيث قال: إقرار نظام الرهن العقاري على ما يحتويه من إيجابيات وميزات إلا أن سلبياته خطيرة ويجب الاستعداد لها، حيث إن إقرار هذا النظام سيدفع الكثير من المواطنين لرهن ما يملكون من عقارات والتنافس على الحصول على السيولة الأكبر، حيث إن هذا الأمر من شأنه أن يزيد في الأسعار بشكل كبير مثلما حصل في وقت طفرة الأسهم والتسهيلات التي قدمتها البنوك في تلك الفترة، وهذا عكس ما يتوقعه الكثير من أن الأسعار ستنزل تدريجيا بحكم توافر الكثير من العروض، فمن المتوقع أن ملاك العقارات لن يقوموا ببيع عقاراتهم بل سيقومون برهنها والحصول على السيولة وضخها في مشروعات ترد لهم القرض والمزيد من الأرباح.
من الجانب الآخر سينفس هذا النظام على كثير من المواطنين الذين يملكون على الأقل الأرض ليرهنوها ويقومون ببناء منازلهم، والاستفادة من السيولة لتسريع عملية البناء، وتكمن الخطورة في عدم مقدرة المواطن على إكمال تسديد قرضه الذي سيترتب عليه سحب الأرض من الشخص الراهن، ولا أعلم ما هي آلية الجهة الممولة للحصول على قيمة أرضها في حال تم البناء عليها، وينصح بعدم التسرع في رهن العقار خصوصا إذا كانت القوة الائتمانية لدى الشخص ضعيفة الذي يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار.
ويضيف الأحمري معظم الشباب لا يستطيعون امتلاك منازل خاصة بهم في الوضع الراهن، حيث إن أسعار الأراضي في ارتفاع مستمر وباطراد فإن هؤلاء الشباب وخاصة الموظفين منهم في القطاعين الحكومي والخاص لا يمكنهم توفير المبالغ النقدية اللازمة لشراء الأرض بطريقة النقد دفعة واحدة، فهذه الشريحة الكبيرة تنتظر إقرار نظام الرهن العقاري عله يغير من خريطة السوق العقارية قليلا وتنفرج أزمتهم.
المطالبة بتعديل نظم التمويل
ومن منبر الندوة طالب الأحمري بسرعة تعديل نظم التمويل والاستثمار العقاري وتشريعات الإسكان، وتعديل سياسات الحوافز لجذب الأموال إلى القطاع العقاري نظرا لضخامة الاحتياجات التمويلية السنوية اللازمة لبناء وحدات سكنية تفوق إمكانات صندوق التنمية العقارية، على الرغم من انه لا زالت تسهيلات التمويل العقاري متدنية في المملكة حيث تشكل ما نسبته 1.2 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 50% في الولايات المتحدة و17% في ماليزيا وأكثر من 70% في المملكة المتحدة.
* * *
ضيوف الندوة...
1 - نائب رئيس اللجنة العقارية ومسؤول التثمين بغرفة جدة - عبد الله الأحمري
2 - مدير عام فرع صندوق التنمية العقاري بمنطقة مكة المكرمة - المهندس حسين بن راجح الزهراني
3 - مدير إدارة المشروعات بأمانة جدة المهندس طارق لنفون
4 - رئيس مؤسسة الصفقة الأولي للمقاولات والتسويق والتمليك العقاري بالمنطقة الغربية - يحيى عسيري
5 - رئيس مؤسسة سناكو للتسويق والتمليك العقاري الأستاذ فهاد المرزوقي