السلام عليكم ورحمة الله ..
قام ديفيد من فراشه على عجل، ابتسم وهو يطالع المرآة بإحدى عينيه المثقلتين بالنوم، ثم أردفها بابتسامة أخرى يعرف سبب تراقصها على شفتيه، فاليوم ستكون تقليعته مع بقية أفراد الشلة تقليعة غير طبيعية، خصوصا وأن اليوم أول أيام عيد الأضحى المبارك..
فرغ ديفيد من وضوئه ثم أرتدى الثوب المغربي الذي يناسبه كثيرا حين يكون في المنزل، ثم تصفح بعض المنتديات الإلكترونية على عجل ليتوصل إلى آخر الموضات والصيحات التي تنتشر بين أوسط المحتفلين بعيد الأضحى المبارك، وانتبه أخيراً من تصفحه على نداء والدته له كي ينزل إلى غرفة الطعام ليشارك أفراد عائلته الطعام..
أكل ما تيسر من المرقوق بعد أن سمى بالله، وأخذ قسمه من ورق العنب الشامي، ولم ينسَ أن يأكل التبولة، وينهي وجبته التي تناولها مع أفراد عائلته بأكل المهلبية الحجازية التي تتقنها أمه جيدا، ثم غسل يديه واستاك (استخدم السواك) ، وقبل أن يخرج من المنزل توجه نحو المرايا التي على المدخل، فأحسن وضع العقال فوق الشماغ، وأحكم إغلاق أزرار الدشداشة الكويتية التي أعجبه موديلها، وقبل أن يهم بالخروج تذكر دعاء الخروج من المنزل الذي أصبح يردده دائما عند كل خروج له من منزله..
توجه ديفيد نحو المرآب، وعشق الموتر بعد أن رفع صوت المسجل عالياً ( شريط نداء وحداء ) وهو مصمم وعازم على المضي قدما في مخططه الذي قرر تنفيذه مساء البارحة ووضع له ما يلزم من ترتيبات لازمة، ثم مر في طريقه على أصحابه في المقهى، أخذ معه مايكل وجون وروبرتو مقنعا إياهم بالتوجه معه إلى الوجهة التي يريدها دون أن يفصح لهم عنها، وأصحابه بطبيعة الحال لم يستغربوا من هيئة ديفيد أو من الصوت الصادر من المسجل لأنهم اعتادوا منه على التقليعات الغريبة بصورة دائمة..
وصل ديفيد بالكورفيت الحمراء عند مدخل السوق الكبير في المدينة "شيكاغو سنتر" ، نزل مع أصحابه إلى المدخل الرئيسي للسوق، وقبل أن يتفرقوا جمعهم وأملى عليهم ماهو بصدد القيام به وألح عليهم بصدق أن يقبلوا معاونته ومساعدته في مشروعه الذي أشغل باله كثيرا خصوصا وأن عددهم الرباعي سيساعد كثيرا على إنجاح المشروع الذي يتطلب توفر أكثر من متعاون..
وبعد أن أقتنعوا ووعدوه خيرا، أخرج من شنطة السيارة مجموعة كبيرة من المطويات الإسلامية، وكان قد نوّع في الإختيار حتى يشمل التوزيع كافة الطبقات الموجودة بالسوق من النساء والرجال، حيث جمع في المطويات بين أحكام الحج وأحكام الأضحية وأحكام صلاة العيد وغيرها، وبمجرد ما دلفوا إلى السوق بدأوا بالنصح والتذكير، ولم ينسوا توزيع المطويات التي بحوزتهم على أغلب مرتادي السوق الـذين أعترتهم الدهشة من هذا التقليع الغريب الذي لم يعهدوه في بلادهم ولم يألفوا مشاهدته إلى في بلـــ...
مهلاً..
مهلاً..
مهلاً أخي القارئ الكريم..
مهلاً أختي القارئة الكريمة..
المعذرة إن قطعت عليكم هذه الرواية الركيكة..
ولكن أحبتي .. هل يعقل أن نسمع عن هذه الحادثة؟
هلا سيأتي يوم نسمع فيه عن شباب من الغرب قاموا بتقليد المسلمين في لباسهم، وهيئاتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وأعيادهم؟
لا أظن أن هذا سيتحقق، لا أظن أن فتاة نصرانية أو شاباً يهودياً قد يتنازل عن قيمه ومبادئه لكي يقلد العرب والمسلمين في أمورهم وعاداتهم، بل برأيي سيكون هذا ثامن المستحيلات، خصوصاً وأنهم يرون الشعوب الإسلامية أقل شأناً وقدراً من أن ينزلوا إلى مستواها كي يقلدوها في المظهر والملبس والمأكل والمعيشة، وهذا الرأي الذي يحملونه عن المسلمين للأسف الشديد تسببنا به نحن، أو تسبب به ثلة ممن يلعقون أقدام الحضارة الغربية الزائفة صباحاً ومساءً بلا هدف أو غاية، سوى مزيد خضوع وركوع أمام الغرب وما يبثه من سموم وأفكار خبيثة..
فلماذا بعد ذلك نرى شباب المسلمين وفتياتهم وقد أتقنوا وبرعوا في تقليد الغرب في كل شيء، حتى في أعيادهم واحتفالاتهم التي قد تضر بالعقيدة والدين دون وعي منهم أو إدراك، بل تعدى الأمر إلى تقليدهم في أديانهم، وهذا ما أصبحنا نشاهده من حركات مخزية يقوم بها بعض شباب الإسلام في الشوارع والتجمعات، ووصل الأمر كذلك لملاعب كرة القدم، والمتابع يعرف ذلك جيدا..
سبحانك ربي،،
تقليد أعمى بغيض، وجري بجشع ونهم خلف حضاراتهم الزائفة الدنيئة، وكأن أعياد المسلمين قد ولّت واندثرت حتى يستبدلها من طُمست قلوبهم وعميت عن الحقيقة بأعياد المشركين، وما عيد الكريسمس عنا ببعيد، وبعده بأيام قلائل يطل علينا عيد رأس السنة، وفيما بين هذين العيدين نجد العزة الإسلامية في نفوس هؤلاء المساكين قد نزلت إلى أدنى مستوياتها حين يحتفلوا بهذه الأعياد ويحرصوا على المباركة لبعضهم البعض بها، وكأن الكتاب والسنة لم ينهيا عن موالاة الكافرين ومحاباتهم في عقائدهم وأعيادهم..
يا فتيات الإسلام، ويا شباب أمة التوحيد..
هل من عودة مشرّفة إلى ديننا وعقيدتنا، وإلى أعيادنا؟
هل من انتصار تحققونه على الأعداء في نفوسكم وأفكاركم..
هاهي الاحتفالات في كل حدب وصوب تنتشر هنا وهناك احتفالاً بعيد الكريسمس، وبعده بأيم قليلة ستدق الطبول من جديد إحتفالا بعيد رأس السنة الميلادية الجديدة، فهل سنجد من شبابنا وفتياتنا بُعداً عن هذين العيدين وصرفاً للهمم والغايات نحو مقاصدٍ أسمى وأشرف، خاصة وأن هذين العيدين يصادف حضورهما هذه السنة في أيام هي خير أيام السنة بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر، يعني عشر ذي الحجة" ..
أسأل المولى القدير أن يكفينا شر أنفسنا والشيطان، وشر أعدائنا، وأن يوفق المسلمين للإعتزاز بدينهم ونبذ أعياد الكافرين وما يوصل إليها، إنه سميع مجيب..
وعذراً على الاطالة..
م
ن
ق
و
و
و
ل
للفائدة