قلب من بنقلان
رواية الامير سيف الاسلام بن سعود التي طرحها مؤخرا والتي قدمتها لنا دار الفارابي وتعد من الاعمال التي تجاهلها الاعلام السعودي رغم قوتها واقتحامها ابوابا كانت مؤصدة فابرز ما تميزت به هذه الرواية الشفافية في الطرح وسرد الاحداث بشخصيات حقيقة معروفة
حيث ان شخصيات هذه الرواية تدور حول امه ( مريم البلوشية ) التي خطفت في مقتبل عمرها من بلوشستان ( مسقط راسها ) بايدي تجار البشر لتباع في ارض المملكه حيث ياخذنا الكاتب بنسمات قلمه الى القصة الحقيقة التي عاشتها والدته والظروف التي امتزجت بحياتها بخليط من الشقاء والشوق والحنين الى ارض الصبا , حيث كانت بداية الرواية تمثل مرثية لما حصل في مسقط راس امه من الزلزال المدمر الذي حصل في
صيف 2001
قد حرص الكاتب على اظهار شخصية الملك سعود بين سطور روايتة واظهار الدور التي لعبتها الاحداث بالجمع بين مريم البلوشية والملك سعود ,رواية تجسدت فيها المعاني الحقيقة للالم والشوق ولكن مالبتث هذه الرواية الا ان سحبت من الاسواق ولذلك لحساسيتها حيث قوبلت بلوم شديد وخاصة من بعض الاسرة الحاكمة , والعجيب في الامر ان الكاتب عندما سئل عن سبب سحب الرواية قال المجتمع السعودي حتى ومع التطورات والتغيرات الملحوظة التي يعيشها في سنواته الاخيرة, الا أنه يظل في بعض الاحيان لا يتقبل شفافية القول او الطرح
-دعنا نبدأ من عملك الروائي الأول "قلب من بنقلان" الذي أثار ضجة كبيرة ، لماذا كتبت هذا العمل؟
الانسان عندما يكتب أمرا ما، لا يسأل لماذا كتبه , والكاتب عندما يتطرق لقضية معينة ليسأل عن أسباب تطرقه لهذه القضية. كتبت هذه الرواية في لحظات اقرب ما تكون للحظات البوح او للحظات الانفعال العاطفي . مرّ في ذهني افكار وددت ترجمتها لرواية يشاركني القراء فيها . الرواية جاءت بعد شعور تلبسني تجاه قضية معينة رأيت انه لا بد من كتابتها.
-هناك من رأى انك قصدت من خلف الرواية تبيان دور الملك سعود ؟
صدقني وانا اكتب سطور هذه الرواية لم يخطر على بالي ما تسأل عنه . ما ورد عن دور الملك سعود "رحمه الله" جاء نتيجة تقاطع الاحداث التي مرت بها بطلة الرواية مع فترة حكم الملك سعود , وبالتالي لا يمكن فصل الاحداث عن بعضها بعضا. هناك قضايا تاريخية اخرى , لو وددت الحديث عنها لا يمكن فصل اجزاء منها عن بعضها بعضا , فلا يمكن على سبيل المثال ان تتحدث عن علي ابن ابي طالب ولا تمر على ذكر معاوية رضي الله عنه , فالاحداث او السير للاثنين متداخلة لا يمكن فصلها عن بعض.
بالاضافة الى ذلك فانا لا ارى ما يمنع ابدا تبيان دور الملك سعود , فهذا ملك له من الانجازات والمواقف ما يشهد لها التاريخ وتعد مرتعا خصبا ومباحا لخوض الباحثين فيه , لذلك لا ادري لماذا يعد هذا الموضوع "تابو" يستغرب من طرحه او الخوض فيه.
-وماذا تسمي تركيزك في الفصل السابع الذي يعتبر اطول فصول الرواية على شخصية الملك سعود وابراز مآثره؟ لسبب بسيط أن البطلة عاشت جزءا كبير من حياتها ومرت بكثير من الاحداث في الفترة التي كانت فيها مع الملك سعود . قبل ذلك كانت البطلة تعيش طفولة لم يكن فيها الكثير من الابهار ؛ حتى خطفت من بلوشستان , ونزعت من أرضها , لتذهب بعدها للمملكة , وتعيش مع الملك سعود , وهناك عاشت الكثير من عمرها , وكانت شاهدة على الكثير من الأحداث .على هذا الأساس من الطبيعي ان يستحوذ الحديث عن الملك سعود"رحمه الله" على المساحة الاكبر.
-في نقطة أخرى , قبل أن ترى هذه الرواية النور .. ألم تحاول استشارة قريب أو صديق نظرا لحساسيتها؟ اطلاقا , كما تعرف أن الاستشارة لمثل هذه الأعمال قد تفقدها أهميتها أو طابعها, لأن " المشير" ربما يطلب منك حذف فصل او الاستغناء عن بعض السطور , وعلى هذا اتخذت القرار وسرت في تنفيذه دون العودة لأحد .
- وكم استغرق العمل حتى خرج بهذا الشكل؟
ثلاث سنوات .
-العمل ظهر فجأة واختفى فجأة . هل سحبته أم طلب منك سحبه من المكتبات؟ انا الذي قمت بسحبه من الأسواق ولم يفرض علي احد سحبه.
- لماذا؟
المجتمع السعودي حتى ومع التطورات والتغيرات الملحوظة التي يعيشها في سنواته الاخيرة, الا أنه يظل في بعض الاحيان لا يتقبل شفافية القول او الطرح , لهذا رأيت أنه من المناسب "ارقاد" هذه الرواية .
-هل هناك مخطط لاعادتها للمكتبات خاصة وان هناك اشاعات تقول إن الامير سيف الاسلام بصدد اعادة روايتة للاسواق؟
في الوقت الحاضر لا اعتقد.. لكن لدي مشاريع روائية اخرى , ونزل للاسواق مؤخرا روايتي الجديدة "طنين" وهي بشهادة النقاد من افضل ما كتب عن الدولة السعودية الاولى والثانية .
-هل تعرضت لضغوط لسحب الرواية؟
اطلاقا , انا شعرت انه من غير المناسب توزيع الرواية في اجواء مليئة ـ للاسف ـ بالتوجس .. الكاتب يفرح عندما يرى أثر عمله الادبي في عيون الاخرين , اما عندما يرى التوجس والاسئلة الكثيرة تتطاير من هنا وهناك , يرى انه من الافضل التريث , انا الان في حالة تريث.
-ألم تشعر بان هناك ربما من يتوجس من العمل قبل ان تطرحه؟
قبل هذا العمل لم يكن هناك نوعية مشابهه لما طرحت لأقيس عليه. كل ما أعتقد قوله انه لم يكن هناك في تاريخ العمل الادبي في السعودية نوع من الطرح الجريء ؛ كما طرحت في هذه الرواية.
-بعد خروج الرواية لم يعاتبك احد من داخل الاسرة؟
هناك عتب , وهناك كثير من التشجيع, لكن الاصداء الجيدة للرواية اسعدتني كثيرا . هنا , اوضح لك امرا , أن القراء اثنان , قارئ يحكم على العمل قبل قراءته عن طريق السمع , وقارئ يبحر بين سطور العمل , وانا يعنيني النوع الثاني واهتم برأيه وأسعد به كثيرا سواء كان بالسلب او الايجاب.
-وانت تكتب هذا العمل الجريء جدا .. ثم تفكر في طرحه . ألم يدر بخلدك وانت الامير ابن الملك حفيد الملك المؤسس انك خضت في امور بالغة الحساسية وتحدثت عما سكت عنه غيرك؟
انا ارى انه لا يوجد شيء مسكوت عنه. وكل ما كتب في الرواية لا يوجد به ما يخجل اطلاقا . اما قضية الرق فهي قضية شرعية في الاسلام ومعترف بها ؛ والنبي صلى الله عليه وسلم تزوج من ماريا القبطية . بل نحن العرب أبناء سيدة من الرقيق وهي ام اسماعيل عليه السلام . الى جانب ذلك فقد ورد الرق في القرآن في عدة مواضع منها قصة سيدنا يوسف عليه السلام الذي اخذ من الجب رقيقا ثم استعبد في السجن ومن بعد استعبد ايضا على يد العزيز. هذه القصص كانت تذكر , والعرب تتناقلها وتتحدث عنها دون مواربة.
-لكن ألا ترى ان التطرق لمثل هذه القضايا في مجتمع كالمجتمع السعودي امر صعب؟
للاسف , إن المجتمع السعودي في شفافيته يعود للوراء , فاذا كان القرآن مصدرنا قد تطرق لقضية الرق , والعرب السابقون تناقلوها وتحدثوا عنها , فما المشكلة في التطرق لهذه القضية. انا عندما بدأت بكتابة الرواية , ذكرت شيئا لا يخجل منه ولا يتوارى عنه , ولم يخالجني اي شعور يمنعني عن الافصاح عن هذا الموضوع.
-تحدثت عن والدتك مريم الطفلة التي خطفت من ارضها . لماذا ركزت على والدتك اي لماذا لم تنقل الرواية باحداثها وتفاصيلها على اسم اخر لا تذكر انه والدتك . هل هو بحث عن الاثارة والانتشار وتحقيق اصداء اكبر؟ كانت الاستعارة فيما مضى شائعة , اما خوفا ,او تسترا ,او أن ظروف المجتمعات لا تسمح , الان مع الانفتاح والشفافية في التعامل مع القضايا التي بدأت تطرح في السعودية سواء اقتصادية او سياسية او اجتماعية.ارى انه من المضحك ان تطرح عملا روائيا يؤرخ لفترة باسماء مستعارة . هذا تحايل, وانا صريح . لا احب استغفال او الضحك على احد.
-هناك من يقول إن الامير سيف الاسلام بدأ الرواية بأغنية حزينة مؤثرة , ثم بدأ ببكاء المرأة التي كف بصرها , ومضى في الرواية بطرحه الجريء لاستعطاف القارئ , من اجل تمرير الفكرة الرئيسية ــ وهي ذكر مآثر الملك سعود؟
سمعت هذا الاتهام من قبل . العمل الادبي تختلط فيه الاحداث .. , فبعض الاحداث تفرض نفسها ,على سبيل المثال "البؤساء" بدأ باتهام ظالم بالسرقة لاحد الاشخاص , ثم تأتي الاحداث بسرد تفاصيل الثورة الفرنسية وما حدث بعد الثورة الفرنسية بشكل ممتع اجاد فيه كاتب العمل هيغو. عندما بدأ الرواية بقصة مؤثرة وهي الانتزاع من الارض والخطف من الاهل والاحباب . اعتقد انه يضاف للرواية ولا ينتقص منها. وصدقني انا لا اسعى لكسب عطف القارئ بقدر ما اسعى لتوضيح حقيقة وامتاع المتلقي.
-الفصل السابع يعتبر اقل من نصف الرواية قليلا ، تحدثت فيه عن الملك سعود كثيرا . هل كنت تقصد هذا التركيز للحديث عن جوانب مضيئة في حياة الملك سعود اغفل ذكرها في السعودية؟
الحديث عن الملك سعود كما قلت جاء نتيجة تقاطع الاحداث للبطلة التي عاشت جزءا كبيرا من احداث حياتها مع الملك سعود . كما لا ننكر أن للمك سعود تاريخا يجب ان يحكى لانه تعرض لظلم تاريخي , ويجب على الباحثين المخلصين ان يتعرضوا لتاريخ هذا الرجل.
-لكن عند الرغبة في الحديث لا يجد الكتاب متسعا ، كما حدث مع الكاتب داوود الشريان عندما كتب في زاويته "اضعف الايمان" ومنعت الحياة من دخول السعودية واوقف عن الكتابة؟
اذكر هذه القصة مع الاستاذ داوود ولا أعلم لماذا. هناك قصة حدثت في اوربيت في برنامج عماد الدين اديب عندما استضاف الشيخ احمد زكي يماني وقال عن الملك سعود كلاما لا يجوز , وعندما ابتغيت الرد عليه وافق الشيخ احمد اضافة الى ادارة اوربيت ولكن فوجئنا بايقاف المقابلة . انا ارى ان هناك توجها غير مستغرب في الدولة الكريمة - لاظهار تاريخ الملك سعود وانصافه ولكن هناك شيئا لا اعرف ماذا اسميه في عدم انصاف ما كان في عهده.
-الا يتحمل ابناء الملك سعود جزءا في عدم ابراز مآثر والدهم؟
نحن نتحمل مسؤوليات كبيرة ويكفي ان هذا الرجل لم يعمل له مؤسسة خيرية حتى الان.
-دعنا نعود للرواية ، هناك استطراد كبير في الرواية على سبيل المثال كتبت عن عُمان اكثر من اربعين صفحة؟ انا من الناس المسكونين بالاماكن والازمنة. اقول لك من الصعب ان تتحدث عن تاريخ ابن عباد في الاندلس دون ان تذكر الممالك العربية حوله ودون ان تتحدث عن تاريخ قرطبة وغرناطة واشبيلية, ودون ان تذكر تاريخ بني الاحمر والاخرين هنا وهناك. الاستطراد عن ذكر عمان ليس لمجرد الاستطراد فقد كانت بطلة الرواية تريد ان تعرف عن تاريخ عمان ولماذا كانت هذه البلد تحديدا فيما مضى منطلقا لتجارة العبيد.
-ايضا هناك مأخذ عليك في الرواية انك اسقطت علمك على روايات والدتك ، فالافكار الكبيرة التي وردت على لسانها لم يكن من الممكن ان تأتي على لسان فتاة حظها من التعليم قليل؟
انا اعترف ان هناك تدخلات كثيرة مني في الرواية. هناك بعض الاحداث غير المترابطة اعدت صياغتها الى جانب صياغة بعض الالفاظ لسبب ان كل ما يقال بالعامية لا يمكن اسقاطه في الرواية.
-ايضا من المآخذ ان لغة الرواية لغة اكاديمية طغت فيها لغة الدكتور على لغة الاديب؟
لا اظن والدليل ان هناك صغارا دمعت عيونهم عند اخر فصول الرواية . ولا اظن وربما توافقني ان هناك اكاديميا يجعل اعين الناس تدمع.
-بدأت الرواية بالبكاء والمشهد الموثر عقب الزلزال الذي ضرب ديار صبا والدتك , لماذا بدأت بالبكاء؟ انا نقلت ما حدث فقد كانت تسعى لان لا تتذكر بلوشستان كثيرا لكن عندما حدث الزلزال الذي وقع صيف 2001 كان بمثابة الحدث الذي تجددت معه كل الذكريات.
-اذا فكرة الرواية تشكلت بعد هذا الزلزال ومع بكاء والدتك التي تذكرت الاهل والارض؟
نعم و هذا ماحدث.
-ما هو الدافع الذي دفع الامير سيف الاسلام للاتجاه للادب وكتابة الرواية؟
منذ الصغر لدي ميل للكتابة وكتبت مشاريع عدة لكنها لم تر النور. عندما كبرت فكرت بالكتابة واكتب الان في صحيفة عكاظ . ايضا قبل روايتي صدر لي كتاب اسمه " تنهيدة العرب الاخيرة " عبارة عن مقالات من ضمنها الحديث عن تاريخ الدولة الاسلامية في الاندلس وانهيارها.
-يلاحظ عليكم انتم الروائيين السعوديين انكم تبدأون نتاجكم الروائي بسيركم كما حدث معك في نقل سيرة والدتك او كما حدث مع القصيبي في شقة الحرية التي تحدث فيها عن جزء من حياته في مصر كما يقال او كما كان مع الدكتور تركي الحمد الذي تحدث كما يقال ايضا عن انتماءاته الفكرية في بداية شبابه؟
ما كتبته لم يكن سيرة ذاتية بل جزء من الذات لان فيها احداثا كثيرة متداخلة , وما طرح فيها يختلف عن طرح الاساتذة الافاضل القصيبي والحمد . انا اعتقد ان "قلب من بنقلان" اقرب للبوح وملامسة هموم النفس البشرية اكثر من السيرة.
-هناك من رأى ان هذه الرواية صرخة من سيف الاسلام للقول بان الأمراء أناس يتألمون ويحزنون ويفرحون وان ليس كل شيء متاح لهم؟
لامست بسؤالك الجرح , فالامراء ليس هم الناس الذين يولدون وفي افواههم ملاعق من ذهب, ليسوا هم الناس الذين يولدون وهم غير محرومين وكل شيء موفر لهم . بل هم اناس مثلهم مثل خلق الله عندهم امال, وطموحات ,وخيبات, يفرحون ويتألمون .
-دار الفارابي التي طبعت روايتك دار عرف عنها أنها طبعت كتب الشيوعيين واليساريين , هل للامير سيف الاسلام علاقة بهذه التوجهات ومن هذا توجه لطباعة روايته في هذا الدار ؟
عندما طبعت الرواية في هذه الدار لم يخطر في بالي هذا الذي تقوله كنت ابحث عن دار تطبع الكتاب وتوصلت مع دار الفارابي الى اتفاق وعلى ضوئه بدأت الطبعة. للاسف نحن مسكونون بالاسئلة فعندما يذهب كاتب للفارابي قالوا عنه شيوعي وعندما يذهب لدار الساقي قالوا ضد المملكة وعندما يذهب لدار رياض الريس قالوا له موقف من البلد. " والله اذا ودنا بطباعة كتاب ودخلنا في مثل هذه الاسئلة فلن ننتهي".
-روايتك رغم ما فيها من بوح ورغم قوة طرحها الا ان الاعلام السعودي تجاهلها تماما.. لماذا؟
هنا مربط الفرس , انا لا اعتب على من عاتبني من جهات لها علاقة بالاحداث , او لها ارتباط معين بتاريخ معين ورد في الرواية. انا اعتب على من يدعون للشفافية والانفتاح وحين نمارس ما يدعون له يتجاهلون ما نكتب . انا اعتب على نقادنا الذين لم يمروا على ذكر الرواية سوى بالسلب او الايجاب. للاسف ان هذه الرواية نقدت في معظم البلاد العربية وتقاعس نقادنا حتى عن الاشارة الى اسمها.
-لو نبتعد عن الرواية قليلا انت استاذ اجتماع ، بودي ان اسألك عن المجتمع السعودي.. لماذا بقي مجتمعا كل شخص فيه يحمل ثقافته القبلية او المناطقية ، لم يتمدن المجتمع على الرغم من حمل افراده للشهادات العليا , كل احتفظ بثقافته الاصلية . ألم يكن هناك خليط بين الثقافات تنتج مجتمعا جديدا؟
السبب هو تلك النوعيات من الثقافة الاولية وطرق التعليم ومخرجاته التقليدية.
-كيف تنظر لدعاوى الليبراليين بانهم مهمشون في الوقت الذي اخذ الاسلاميون الدثور والاجور على الرغم من انهم سبب كل الفتن التي مرت بالبلد ابتداء بانشقاق الاخوان في السبلة وتمرد جهيمان العتيبي في الحرم وانتهاء بارهاب القاعدة؟
المملكة قامت على الاسلام والدعوة السلفية جزء من تركيبة البلد ولايمكن مطالبة الدولة بمناقضة نفسها . انا اتمنى لهذا البلد السعيد بحكامه واهله وشعبه ان يكون بداية لانطلاق الاسلام المستنير الذي يذكرنا بعصر الرشيد والمأمون عندما كنا نرى الاتجاهات الفكرية المختلفة في بلاط الخلفاء تكتب وتتحدث عن الخلق والكون والساعة . لماذا لا نستقطب هذا الاندفاع السلفي في اتجاه طيب لمشروع وسطي تطرحه نخب مثقفة في الدولة وفي خارجها لنعمل مشروعا وسطيا يقينا شر الشرر المتطاير.
بالاضافة الى ذلك فانني اخالفك الرأي في اطلاق مصطلح "اسلاميون" على جماعات تسعى للهدم اكثر من سعيها للبناء. الاسلام دين عظيم بريء من كل ما يسبب الأذى والانشقاق , يجب ان نتوخى الحذر في انتقاء مصطلحاتنا واستخدامها.
-لكن ألاترى ان المشروع الوسطي سيكون صعبا في ظل وجود تيارات كل منها يريد ضرب الاخر لا الحوار معه ؟ صحيح للاسف ، فيصعب طرح هذا المشروع في ظل وجود متشددين سواء اسلاميين او ليبراليين , لكن اعتقد في ظل وجود عقلاء من الطرفين سيكون هناك حوار وسيثمر ويؤدي لنتائج جيدة تصب في مصلحة الوطن وافراده.
-هل تعتقد ان هناك وجودا حقيقيا لليبرالية في السعودية؟
اظن ان هناك بداية مشروع تقية ليبرالية.
رواية الامير سيف الاسلام بن سعود التي طرحها مؤخرا والتي قدمتها لنا دار الفارابي وتعد من الاعمال التي تجاهلها الاعلام السعودي رغم قوتها واقتحامها ابوابا كانت مؤصدة فابرز ما تميزت به هذه الرواية الشفافية في الطرح وسرد الاحداث بشخصيات حقيقة معروفة
حيث ان شخصيات هذه الرواية تدور حول امه ( مريم البلوشية ) التي خطفت في مقتبل عمرها من بلوشستان ( مسقط راسها ) بايدي تجار البشر لتباع في ارض المملكه حيث ياخذنا الكاتب بنسمات قلمه الى القصة الحقيقة التي عاشتها والدته والظروف التي امتزجت بحياتها بخليط من الشقاء والشوق والحنين الى ارض الصبا , حيث كانت بداية الرواية تمثل مرثية لما حصل في مسقط راس امه من الزلزال المدمر الذي حصل في
صيف 2001
قد حرص الكاتب على اظهار شخصية الملك سعود بين سطور روايتة واظهار الدور التي لعبتها الاحداث بالجمع بين مريم البلوشية والملك سعود ,رواية تجسدت فيها المعاني الحقيقة للالم والشوق ولكن مالبتث هذه الرواية الا ان سحبت من الاسواق ولذلك لحساسيتها حيث قوبلت بلوم شديد وخاصة من بعض الاسرة الحاكمة , والعجيب في الامر ان الكاتب عندما سئل عن سبب سحب الرواية قال المجتمع السعودي حتى ومع التطورات والتغيرات الملحوظة التي يعيشها في سنواته الاخيرة, الا أنه يظل في بعض الاحيان لا يتقبل شفافية القول او الطرح
-دعنا نبدأ من عملك الروائي الأول "قلب من بنقلان" الذي أثار ضجة كبيرة ، لماذا كتبت هذا العمل؟
الانسان عندما يكتب أمرا ما، لا يسأل لماذا كتبه , والكاتب عندما يتطرق لقضية معينة ليسأل عن أسباب تطرقه لهذه القضية. كتبت هذه الرواية في لحظات اقرب ما تكون للحظات البوح او للحظات الانفعال العاطفي . مرّ في ذهني افكار وددت ترجمتها لرواية يشاركني القراء فيها . الرواية جاءت بعد شعور تلبسني تجاه قضية معينة رأيت انه لا بد من كتابتها.
-هناك من رأى انك قصدت من خلف الرواية تبيان دور الملك سعود ؟
صدقني وانا اكتب سطور هذه الرواية لم يخطر على بالي ما تسأل عنه . ما ورد عن دور الملك سعود "رحمه الله" جاء نتيجة تقاطع الاحداث التي مرت بها بطلة الرواية مع فترة حكم الملك سعود , وبالتالي لا يمكن فصل الاحداث عن بعضها بعضا. هناك قضايا تاريخية اخرى , لو وددت الحديث عنها لا يمكن فصل اجزاء منها عن بعضها بعضا , فلا يمكن على سبيل المثال ان تتحدث عن علي ابن ابي طالب ولا تمر على ذكر معاوية رضي الله عنه , فالاحداث او السير للاثنين متداخلة لا يمكن فصلها عن بعض.
بالاضافة الى ذلك فانا لا ارى ما يمنع ابدا تبيان دور الملك سعود , فهذا ملك له من الانجازات والمواقف ما يشهد لها التاريخ وتعد مرتعا خصبا ومباحا لخوض الباحثين فيه , لذلك لا ادري لماذا يعد هذا الموضوع "تابو" يستغرب من طرحه او الخوض فيه.
-وماذا تسمي تركيزك في الفصل السابع الذي يعتبر اطول فصول الرواية على شخصية الملك سعود وابراز مآثره؟ لسبب بسيط أن البطلة عاشت جزءا كبير من حياتها ومرت بكثير من الاحداث في الفترة التي كانت فيها مع الملك سعود . قبل ذلك كانت البطلة تعيش طفولة لم يكن فيها الكثير من الابهار ؛ حتى خطفت من بلوشستان , ونزعت من أرضها , لتذهب بعدها للمملكة , وتعيش مع الملك سعود , وهناك عاشت الكثير من عمرها , وكانت شاهدة على الكثير من الأحداث .على هذا الأساس من الطبيعي ان يستحوذ الحديث عن الملك سعود"رحمه الله" على المساحة الاكبر.
-في نقطة أخرى , قبل أن ترى هذه الرواية النور .. ألم تحاول استشارة قريب أو صديق نظرا لحساسيتها؟ اطلاقا , كما تعرف أن الاستشارة لمثل هذه الأعمال قد تفقدها أهميتها أو طابعها, لأن " المشير" ربما يطلب منك حذف فصل او الاستغناء عن بعض السطور , وعلى هذا اتخذت القرار وسرت في تنفيذه دون العودة لأحد .
- وكم استغرق العمل حتى خرج بهذا الشكل؟
ثلاث سنوات .
-العمل ظهر فجأة واختفى فجأة . هل سحبته أم طلب منك سحبه من المكتبات؟ انا الذي قمت بسحبه من الأسواق ولم يفرض علي احد سحبه.
- لماذا؟
المجتمع السعودي حتى ومع التطورات والتغيرات الملحوظة التي يعيشها في سنواته الاخيرة, الا أنه يظل في بعض الاحيان لا يتقبل شفافية القول او الطرح , لهذا رأيت أنه من المناسب "ارقاد" هذه الرواية .
-هل هناك مخطط لاعادتها للمكتبات خاصة وان هناك اشاعات تقول إن الامير سيف الاسلام بصدد اعادة روايتة للاسواق؟
في الوقت الحاضر لا اعتقد.. لكن لدي مشاريع روائية اخرى , ونزل للاسواق مؤخرا روايتي الجديدة "طنين" وهي بشهادة النقاد من افضل ما كتب عن الدولة السعودية الاولى والثانية .
-هل تعرضت لضغوط لسحب الرواية؟
اطلاقا , انا شعرت انه من غير المناسب توزيع الرواية في اجواء مليئة ـ للاسف ـ بالتوجس .. الكاتب يفرح عندما يرى أثر عمله الادبي في عيون الاخرين , اما عندما يرى التوجس والاسئلة الكثيرة تتطاير من هنا وهناك , يرى انه من الافضل التريث , انا الان في حالة تريث.
-ألم تشعر بان هناك ربما من يتوجس من العمل قبل ان تطرحه؟
قبل هذا العمل لم يكن هناك نوعية مشابهه لما طرحت لأقيس عليه. كل ما أعتقد قوله انه لم يكن هناك في تاريخ العمل الادبي في السعودية نوع من الطرح الجريء ؛ كما طرحت في هذه الرواية.
-بعد خروج الرواية لم يعاتبك احد من داخل الاسرة؟
هناك عتب , وهناك كثير من التشجيع, لكن الاصداء الجيدة للرواية اسعدتني كثيرا . هنا , اوضح لك امرا , أن القراء اثنان , قارئ يحكم على العمل قبل قراءته عن طريق السمع , وقارئ يبحر بين سطور العمل , وانا يعنيني النوع الثاني واهتم برأيه وأسعد به كثيرا سواء كان بالسلب او الايجاب.
-وانت تكتب هذا العمل الجريء جدا .. ثم تفكر في طرحه . ألم يدر بخلدك وانت الامير ابن الملك حفيد الملك المؤسس انك خضت في امور بالغة الحساسية وتحدثت عما سكت عنه غيرك؟
انا ارى انه لا يوجد شيء مسكوت عنه. وكل ما كتب في الرواية لا يوجد به ما يخجل اطلاقا . اما قضية الرق فهي قضية شرعية في الاسلام ومعترف بها ؛ والنبي صلى الله عليه وسلم تزوج من ماريا القبطية . بل نحن العرب أبناء سيدة من الرقيق وهي ام اسماعيل عليه السلام . الى جانب ذلك فقد ورد الرق في القرآن في عدة مواضع منها قصة سيدنا يوسف عليه السلام الذي اخذ من الجب رقيقا ثم استعبد في السجن ومن بعد استعبد ايضا على يد العزيز. هذه القصص كانت تذكر , والعرب تتناقلها وتتحدث عنها دون مواربة.
-لكن ألا ترى ان التطرق لمثل هذه القضايا في مجتمع كالمجتمع السعودي امر صعب؟
للاسف , إن المجتمع السعودي في شفافيته يعود للوراء , فاذا كان القرآن مصدرنا قد تطرق لقضية الرق , والعرب السابقون تناقلوها وتحدثوا عنها , فما المشكلة في التطرق لهذه القضية. انا عندما بدأت بكتابة الرواية , ذكرت شيئا لا يخجل منه ولا يتوارى عنه , ولم يخالجني اي شعور يمنعني عن الافصاح عن هذا الموضوع.
-تحدثت عن والدتك مريم الطفلة التي خطفت من ارضها . لماذا ركزت على والدتك اي لماذا لم تنقل الرواية باحداثها وتفاصيلها على اسم اخر لا تذكر انه والدتك . هل هو بحث عن الاثارة والانتشار وتحقيق اصداء اكبر؟ كانت الاستعارة فيما مضى شائعة , اما خوفا ,او تسترا ,او أن ظروف المجتمعات لا تسمح , الان مع الانفتاح والشفافية في التعامل مع القضايا التي بدأت تطرح في السعودية سواء اقتصادية او سياسية او اجتماعية.ارى انه من المضحك ان تطرح عملا روائيا يؤرخ لفترة باسماء مستعارة . هذا تحايل, وانا صريح . لا احب استغفال او الضحك على احد.
-هناك من يقول إن الامير سيف الاسلام بدأ الرواية بأغنية حزينة مؤثرة , ثم بدأ ببكاء المرأة التي كف بصرها , ومضى في الرواية بطرحه الجريء لاستعطاف القارئ , من اجل تمرير الفكرة الرئيسية ــ وهي ذكر مآثر الملك سعود؟
سمعت هذا الاتهام من قبل . العمل الادبي تختلط فيه الاحداث .. , فبعض الاحداث تفرض نفسها ,على سبيل المثال "البؤساء" بدأ باتهام ظالم بالسرقة لاحد الاشخاص , ثم تأتي الاحداث بسرد تفاصيل الثورة الفرنسية وما حدث بعد الثورة الفرنسية بشكل ممتع اجاد فيه كاتب العمل هيغو. عندما بدأ الرواية بقصة مؤثرة وهي الانتزاع من الارض والخطف من الاهل والاحباب . اعتقد انه يضاف للرواية ولا ينتقص منها. وصدقني انا لا اسعى لكسب عطف القارئ بقدر ما اسعى لتوضيح حقيقة وامتاع المتلقي.
-الفصل السابع يعتبر اقل من نصف الرواية قليلا ، تحدثت فيه عن الملك سعود كثيرا . هل كنت تقصد هذا التركيز للحديث عن جوانب مضيئة في حياة الملك سعود اغفل ذكرها في السعودية؟
الحديث عن الملك سعود كما قلت جاء نتيجة تقاطع الاحداث للبطلة التي عاشت جزءا كبيرا من احداث حياتها مع الملك سعود . كما لا ننكر أن للمك سعود تاريخا يجب ان يحكى لانه تعرض لظلم تاريخي , ويجب على الباحثين المخلصين ان يتعرضوا لتاريخ هذا الرجل.
-لكن عند الرغبة في الحديث لا يجد الكتاب متسعا ، كما حدث مع الكاتب داوود الشريان عندما كتب في زاويته "اضعف الايمان" ومنعت الحياة من دخول السعودية واوقف عن الكتابة؟
اذكر هذه القصة مع الاستاذ داوود ولا أعلم لماذا. هناك قصة حدثت في اوربيت في برنامج عماد الدين اديب عندما استضاف الشيخ احمد زكي يماني وقال عن الملك سعود كلاما لا يجوز , وعندما ابتغيت الرد عليه وافق الشيخ احمد اضافة الى ادارة اوربيت ولكن فوجئنا بايقاف المقابلة . انا ارى ان هناك توجها غير مستغرب في الدولة الكريمة - لاظهار تاريخ الملك سعود وانصافه ولكن هناك شيئا لا اعرف ماذا اسميه في عدم انصاف ما كان في عهده.
-الا يتحمل ابناء الملك سعود جزءا في عدم ابراز مآثر والدهم؟
نحن نتحمل مسؤوليات كبيرة ويكفي ان هذا الرجل لم يعمل له مؤسسة خيرية حتى الان.
-دعنا نعود للرواية ، هناك استطراد كبير في الرواية على سبيل المثال كتبت عن عُمان اكثر من اربعين صفحة؟ انا من الناس المسكونين بالاماكن والازمنة. اقول لك من الصعب ان تتحدث عن تاريخ ابن عباد في الاندلس دون ان تذكر الممالك العربية حوله ودون ان تتحدث عن تاريخ قرطبة وغرناطة واشبيلية, ودون ان تذكر تاريخ بني الاحمر والاخرين هنا وهناك. الاستطراد عن ذكر عمان ليس لمجرد الاستطراد فقد كانت بطلة الرواية تريد ان تعرف عن تاريخ عمان ولماذا كانت هذه البلد تحديدا فيما مضى منطلقا لتجارة العبيد.
-ايضا هناك مأخذ عليك في الرواية انك اسقطت علمك على روايات والدتك ، فالافكار الكبيرة التي وردت على لسانها لم يكن من الممكن ان تأتي على لسان فتاة حظها من التعليم قليل؟
انا اعترف ان هناك تدخلات كثيرة مني في الرواية. هناك بعض الاحداث غير المترابطة اعدت صياغتها الى جانب صياغة بعض الالفاظ لسبب ان كل ما يقال بالعامية لا يمكن اسقاطه في الرواية.
-ايضا من المآخذ ان لغة الرواية لغة اكاديمية طغت فيها لغة الدكتور على لغة الاديب؟
لا اظن والدليل ان هناك صغارا دمعت عيونهم عند اخر فصول الرواية . ولا اظن وربما توافقني ان هناك اكاديميا يجعل اعين الناس تدمع.
-بدأت الرواية بالبكاء والمشهد الموثر عقب الزلزال الذي ضرب ديار صبا والدتك , لماذا بدأت بالبكاء؟ انا نقلت ما حدث فقد كانت تسعى لان لا تتذكر بلوشستان كثيرا لكن عندما حدث الزلزال الذي وقع صيف 2001 كان بمثابة الحدث الذي تجددت معه كل الذكريات.
-اذا فكرة الرواية تشكلت بعد هذا الزلزال ومع بكاء والدتك التي تذكرت الاهل والارض؟
نعم و هذا ماحدث.
-ما هو الدافع الذي دفع الامير سيف الاسلام للاتجاه للادب وكتابة الرواية؟
منذ الصغر لدي ميل للكتابة وكتبت مشاريع عدة لكنها لم تر النور. عندما كبرت فكرت بالكتابة واكتب الان في صحيفة عكاظ . ايضا قبل روايتي صدر لي كتاب اسمه " تنهيدة العرب الاخيرة " عبارة عن مقالات من ضمنها الحديث عن تاريخ الدولة الاسلامية في الاندلس وانهيارها.
-يلاحظ عليكم انتم الروائيين السعوديين انكم تبدأون نتاجكم الروائي بسيركم كما حدث معك في نقل سيرة والدتك او كما حدث مع القصيبي في شقة الحرية التي تحدث فيها عن جزء من حياته في مصر كما يقال او كما كان مع الدكتور تركي الحمد الذي تحدث كما يقال ايضا عن انتماءاته الفكرية في بداية شبابه؟
ما كتبته لم يكن سيرة ذاتية بل جزء من الذات لان فيها احداثا كثيرة متداخلة , وما طرح فيها يختلف عن طرح الاساتذة الافاضل القصيبي والحمد . انا اعتقد ان "قلب من بنقلان" اقرب للبوح وملامسة هموم النفس البشرية اكثر من السيرة.
-هناك من رأى ان هذه الرواية صرخة من سيف الاسلام للقول بان الأمراء أناس يتألمون ويحزنون ويفرحون وان ليس كل شيء متاح لهم؟
لامست بسؤالك الجرح , فالامراء ليس هم الناس الذين يولدون وفي افواههم ملاعق من ذهب, ليسوا هم الناس الذين يولدون وهم غير محرومين وكل شيء موفر لهم . بل هم اناس مثلهم مثل خلق الله عندهم امال, وطموحات ,وخيبات, يفرحون ويتألمون .
-دار الفارابي التي طبعت روايتك دار عرف عنها أنها طبعت كتب الشيوعيين واليساريين , هل للامير سيف الاسلام علاقة بهذه التوجهات ومن هذا توجه لطباعة روايته في هذا الدار ؟
عندما طبعت الرواية في هذه الدار لم يخطر في بالي هذا الذي تقوله كنت ابحث عن دار تطبع الكتاب وتوصلت مع دار الفارابي الى اتفاق وعلى ضوئه بدأت الطبعة. للاسف نحن مسكونون بالاسئلة فعندما يذهب كاتب للفارابي قالوا عنه شيوعي وعندما يذهب لدار الساقي قالوا ضد المملكة وعندما يذهب لدار رياض الريس قالوا له موقف من البلد. " والله اذا ودنا بطباعة كتاب ودخلنا في مثل هذه الاسئلة فلن ننتهي".
-روايتك رغم ما فيها من بوح ورغم قوة طرحها الا ان الاعلام السعودي تجاهلها تماما.. لماذا؟
هنا مربط الفرس , انا لا اعتب على من عاتبني من جهات لها علاقة بالاحداث , او لها ارتباط معين بتاريخ معين ورد في الرواية. انا اعتب على من يدعون للشفافية والانفتاح وحين نمارس ما يدعون له يتجاهلون ما نكتب . انا اعتب على نقادنا الذين لم يمروا على ذكر الرواية سوى بالسلب او الايجاب. للاسف ان هذه الرواية نقدت في معظم البلاد العربية وتقاعس نقادنا حتى عن الاشارة الى اسمها.
-لو نبتعد عن الرواية قليلا انت استاذ اجتماع ، بودي ان اسألك عن المجتمع السعودي.. لماذا بقي مجتمعا كل شخص فيه يحمل ثقافته القبلية او المناطقية ، لم يتمدن المجتمع على الرغم من حمل افراده للشهادات العليا , كل احتفظ بثقافته الاصلية . ألم يكن هناك خليط بين الثقافات تنتج مجتمعا جديدا؟
السبب هو تلك النوعيات من الثقافة الاولية وطرق التعليم ومخرجاته التقليدية.
-كيف تنظر لدعاوى الليبراليين بانهم مهمشون في الوقت الذي اخذ الاسلاميون الدثور والاجور على الرغم من انهم سبب كل الفتن التي مرت بالبلد ابتداء بانشقاق الاخوان في السبلة وتمرد جهيمان العتيبي في الحرم وانتهاء بارهاب القاعدة؟
المملكة قامت على الاسلام والدعوة السلفية جزء من تركيبة البلد ولايمكن مطالبة الدولة بمناقضة نفسها . انا اتمنى لهذا البلد السعيد بحكامه واهله وشعبه ان يكون بداية لانطلاق الاسلام المستنير الذي يذكرنا بعصر الرشيد والمأمون عندما كنا نرى الاتجاهات الفكرية المختلفة في بلاط الخلفاء تكتب وتتحدث عن الخلق والكون والساعة . لماذا لا نستقطب هذا الاندفاع السلفي في اتجاه طيب لمشروع وسطي تطرحه نخب مثقفة في الدولة وفي خارجها لنعمل مشروعا وسطيا يقينا شر الشرر المتطاير.
بالاضافة الى ذلك فانني اخالفك الرأي في اطلاق مصطلح "اسلاميون" على جماعات تسعى للهدم اكثر من سعيها للبناء. الاسلام دين عظيم بريء من كل ما يسبب الأذى والانشقاق , يجب ان نتوخى الحذر في انتقاء مصطلحاتنا واستخدامها.
-لكن ألاترى ان المشروع الوسطي سيكون صعبا في ظل وجود تيارات كل منها يريد ضرب الاخر لا الحوار معه ؟ صحيح للاسف ، فيصعب طرح هذا المشروع في ظل وجود متشددين سواء اسلاميين او ليبراليين , لكن اعتقد في ظل وجود عقلاء من الطرفين سيكون هناك حوار وسيثمر ويؤدي لنتائج جيدة تصب في مصلحة الوطن وافراده.
-هل تعتقد ان هناك وجودا حقيقيا لليبرالية في السعودية؟
اظن ان هناك بداية مشروع تقية ليبرالية.