قراءة في قصيدة الشاعر محمد فرج "رسالة إلى ولدي عبد الله
اتكاءة حزينة ..تحدوها معان فلسفية شفافة
الباحة ـ علي آل صمدة
اتكاءة حزينة ..تحدوها معان فلسفية شفافة
الباحة ـ علي آل صمدة
الشاعر العذب محمد فرج الغامدي ..جاء بهذا النص الباكي الحزين الدامع الذي حوّل حروفه نازفة وكلماته ثائرة والقوافي هاجرة واوزانها صارخة ..كل من قرأ القصيدة تحركت اشجانه وتمايلت كمدا اغصانه وتناثرت احزانه، اللافت في هذا النص ان الشاعر لم يطلب التعاطف معه في مشاركة آلامه لا ..بل ارغمنا عنوة المشاطرة والبكاء !!حتى دلفنا في الولوج بحرقة ولوعة حتى في منتصف النص تلك الحكاية " الشعرية " وحوارية اللهفة مع الطبيب زاد من عمق الاسى وحلم المنى إلا من لحظة رحمة من الرحمن ومنة من المنان سبحانه ..نقرأ هذا النص الصورة الجميلة الملحقة في سماء الشعر وسديم القوافي وكذا المثل عندما ادخله والمهم كيف انه وظفه لصالح النص .هذا النص قصيدة الشاعر محمد فرج الغامدي التي حملت عنوان " والى ولدي الأوسط " عبد الله ""لم اكملها " مع التحية " جاءت الرسالة رسالة لكل من اعاقه مرض ابنه فهي هنا تدعو الى الشمولية والثبات على مبدأ الحزن مع الامل والالم مع الرجاء !! تحاول الاعين في هذا النص ويصيب الرأس الوجع من فرط ثورة الشاعر وشقاه ..هي حالة مرضية ارغمت الشاعر ونحن معه على البكاء حد النحيب !! ثمانية عشر بيتا كل بيت يحكي معاناة لوحدها فيها فلسفة الكاتب وحكمة الحكيم ومرتضي الرضي والقبول ..بحق محمد في هذا النص حلق بنا في بحور الاحزان فقرض فينا الأسى ونهش بمخالب كلماته حدقه العينين فسالت دموعنا مختلطة مع دمائنا لتكتب شافاك الله يا » عبد الله " لندخل الى صلب والنص لنكشف للقارئ الكريم نتفاً من خفايا واسرار هذا النص الذي بحق حرك الاشجان وذهب الفرح وادلهمت الاحزان في نص محمد فرج الهتان :
أولا : العجب من الحظ
عجبا لهذا الحظ كيف عصاني *****واضاف لي حزنا إلى أحزاني
وأصابني في فلذة احببتها ***** وأحطتها بعناية الرحمن
ارســاء التهم هكذا جزافا دون حسيب أو رقيب يدخل في الحضور !!الا ان الشاعر هنا اورد السؤال يصيغه التعجب في الحظ فعندما نقيس بمقياس الدين نجد ان هناك جزعاً " مبطن " من الاقدار والقضاء حتى لو كان ظاهره العجب فقط " انظر كيف اورد الشاعرهنا العصيان وكأنه يرمز الى معاندة الحظ كما سيأتي في قادم الابيات الا ان الاضافة بعد عصيان الحظ من غياهب الاحزان ينفي عن الشاعر الجزع والقنوط لاسمح الله !! فالتعجب من الحظ وعصيانه وكأنه يرمز ربما الى محاباة الاخرين على مايبدو !!ومما يؤكد ما قلنا سابقا اتيانه بكلمة " اصابني " أي الحظ وهول الاحزان وكأن سهام الحظ اصابته في مقتل في ولده عبد الله وعبرة من شدة وفرط حبه له " فلذة احببتها " هنا في الشطر الثاني من البيت يؤكد ان الشاعر " ايمانه بالقضاء والقدر " وعدم جزعه وعبر عنها باتقان ان الاحاطة لن تكتمل إلا بعناية الرحمن عز وجل في علاه .
ثانيا : بداية الهجوم
هي بذرة راقبت سيرنموها ***** فترعرعت ونمت على احضاني
هي بذرة للهّ كم راقبتها ***** تنمو رويدا في انتظار حناني
هجم الزمان يريد خطفك من يدي ***** فوقفت اردع سهمه بسناني
هجم الزمان ولم يراع طفولة ***** بيضاء لم تعتد على العصيان
هنا تكرار حسن فالاولى حماية ونمو والثانية الترقب والانتظار ويؤكد سيرالوجع حثيثا فالابن المدلل ينمو بمراحله الطبيعية والشاعر يؤمل ومع كل ضحكة وحبوة يطير فرحا فالمسافة بينهما قصيرة جدا ماهي الا لحظات فيرتمي في احضانه هانئا حبورا والفرح ويراقص جدران البيت ..هنا اتيان الزمان ليس طبيعيا عليه وعلى عبد الله !! بل أتى بصورة فنية جيدة وعبر عنها بشيء من لوازمه بكلمة " هجم " وكأنه وحش كاسر يريد الخطف وهذه من صفاته، الذي اعجبني في هذه " التوأمة " الروحية العاطفية الوثيقة وبين الرباط المادي المحترس والتي عبر عنها قوله " من يدي " ومما يؤكد قولنا رد ذلك الهجوم بأغلى شيء في جسمه هو " وجهه وبالاخص اسنانه " واتيان الشاعر بكلمة " سهمه " يؤكد ان هذا الوحش الكاسر " الــزمــان " استخدم جميع الاسلحة المسموحة والمحظورة !!في البيت الرابع من هذا المقطع مع تكرار الهجوم اتى بصورة فريدة وربما غير مسبوقة في ورود الشعراء وهي الامرين الاول : الطفولة البريئة الغاية في الحسن والجمال بمعنى لاتعرف تناقضات الكبار ومراوغاتهم وعبر عنها بذكاء اختياره بكلمة " بيضاء " الثاني : طواعية والميول دون المقاومة والصمود فهي دائمة الرضى ولم تعتد على العصيان
ثالثا : المحبة الخالصة
أعلمت عبد الله أنك مهجتي ***** وسواد عيني بل وكل كياني
أعلمت أنك قد سكنت بخافقي ***** وسلبت لبي وامتلكت حناني
اعتقد أن مسمى " الانفجار العاطفي " الخفايا والاطمئنان البكاءومعرفة ماخلف البكاء هو ما رمى اليه الشاعر في هذين البيتين السابقين هي ثورة مشاعرفاضت احاسيس شاعر وسكبت نقطا في كل حرف منها فثارت في وجه القارئ حرقه وآسى ولوعه !!هناكرر كلمتي " أعلمت " الغرض منها اليقين بالمحبة الخالصة لولده ..هنا الشاعر يقرر " بحنكة ودهاء " !! ان حبه لولده تملّك كيانه اي من مشاش رأسه الى أخمص قدميه وهذا معلوم بالضرورة كل اب ومشاعره العاطفية لولده ولكن لماذا صورها الشاعر هنا؟ تأتي الاجابة ليؤكد لنفسه وربما عندما يناجي ولده المريض انه حاول بشتى الطرق والامكنة صد هذا المرض الذي نخر جسد ولده " عبد الله " ولكن ليس حيلة لديه لذلك زاد حبه وتعلقه به مؤكدا بحرفي " أنك " المهجة وسواد العين وكل الكيان ومن قبل ومن بعد سكن الخافقين وهذه صورة جيدة ومنها سلب العقل وامتلاك الجنان ..بحق محمد فرج هنا فجر فينا ينابيع البكاء !! ومحاولة كشف ذبول ولده هذه من ناحية الناحية الاخرى عملية الركض فيها اقتباس حسن من قرءاتنا المجيد في قوله تعالى " اركض برجلك .." وفي كلا الحالتين يطلب الشفاء مع اختلاف المضمون ! صدمه المعرفة بحقيقة المرض طبعا الشاعر هنا لم يصرّ ح بها تركها عملا فضمنها داخل الابيات ان مرض ولده عضال وخطير جدا هذا ما يعزز ما قلناه سابقا ان الشاعر استجد المشاعر للبكاء من اول وهلة من مقدمة ابياته ! هنا الرجوع الفطري في وقت الشدائد اذا ادلهمت السبل الى الواحد المنان بالدعاء وهنا يؤكد حقيقة الدعاء وفضله وانه عبادة والاجمل من ضمن روائــع النص توظيف المثل في اثناء المعاناة وكأنه يريدان يخفف على نفسه هول المرض وتبعاته وانه شارف على الانهزام والاستلام .
ورجعت تأسرني الحقيقة والمنى ***** مذبوحة والذكريات اماني
ورجعت احمل في الفؤاد مرارة ***** وعلى جدار الصمت جرح زماني
هنا الشاعر يواصل سكب الوجع فيض الحرمان ومعاتبة الزمان ..فجعل الحقيقة اسر قيدته من محاولة انكارها ورغم انها قد يوجه المنى هنا صورة فنية " قاتمة " واستجلاها بامان الذكريات ومرارة الاسى حملا اثقل فؤاده وحرك اشجانه وتقلبت معها جمرات قيضت اركان زمانه .. اكملت خمسا من سنين مودتي فرأيت في عينيك " فجراً داني " في هذا البيت تأكيد ما قلناه سابقا ان يقرر الشاعر عمر " عبدالله " خمس سنوات طفل في عمر الزهور وهنايكمن عجب الشاعر من الحظ وهجوم الزمان غير المبرر من وجهة نظر الشاعر !! في الشطرالثاني من البيت السابق صور فنية رائعة وهي تشبيه عيني ولده بالفجر وعنونه بالقريب الداني وهنا اقتباس من جيل من الشاعر في كلمة " داني " وربما أتى الشاعر بكلمة " الفجر " ليأمل في الله عز وجل في بلوغ فجر الشفاء !
رابعا : الأعراض
وذبلت لا أدري اداء نافذ ***** أو ربما لشقاوة الصبيان
هنا تشبيه جيد وكأن هناك علاقة بين ذبول الوردة المتفتحة العبقة وبين الطفولة البريئة " البيضاء " فيجمعهما الصفاء والنقاء وهنا كذلك استفهام تعجبي هو هذا الجسم الهزيل هو بداية الداء ام وهو الاغلب وان كنا نتمنى مثله ان يكون شقاوة الصبيان !
خامسا : محاورة الطبيب
فركضت استجدي الطبيب وليتني ***** لم استمع فحديثه اعياني
ماذا اقول وهل لمثلي حيلة ***** إلا دعاء الواحد المنان
قد قيل في الامثال قول محكم ***** سبق الحسام بلاغة الشجعان
هنا رغم قصرالحوار بين الطبيب والشاعر إلا أنه يعبر عن اللهاث .
سادسا : حبس الدموع
وتحجرت بين المحاجر دمعة ***** لم استطع اخفاءها لثواني
هنا الشاعر خارت قواه ونحن معه حاول جاهدا كتم الانفاس وتوارى الدموع الا انها غالبته بعد مد وجزر ومعركة حامية الوطيس بين عينيه والدمعات !!إلا أنها في النهاية هزمته " ونحن رافعين " الراية البيضاء
سابعا : النهاية والرجاء
سر أيها الزمن المعذب بالفتى ***** نحو النهاية مشعلا وجداني
خذ من حياتي كل ساعات الهنا ***** واكتب لعبد الله عمر ثاني
هنا تتجلى بوضوح صريح النهاية ومواصلة كنه المرض وحقيقة الاستشفاء منه ملقا على قارعة القوافي صلات القرب من ولده المريض فيطلب من زمنه البائس " وجه نظر الشاعر " السير ومناداته قريبا أم كان بعيدا فهذا الزمن وصفه الشاعر بحرفنه " معذبا " بالفتى وهنا قصدت البعيد الى ان تقرب النهاية شاملة الوجدان وهنا يطلب الرجاء من الزمن ان يأخذ كل ساعات هناه بفرحه وسعادته واحلى ايامه الحلوه لتزرع في جسد " عبد الله " معلقة عمرا ثاني وهنا دلال واضحة لمعاودته البكاء مع الرجاء والامل في الله سبحانه وتعالى
من وحي القراءة
وفق الشاعر كثيرا في اختيار " نونية القافية " التي توحي بالوجع والانــين والاسى والبكاء . القنوط والجزع لايدعو اليه الاسلام بل حرمه وان كان الشاعر لم يصرّح بذلك بيانا ولكنه تعجب فقط هنا يستحضرني قول الشاعر الفقيه
دع الأيام تفعل ما تشاء ***** وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي ***** فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جَلداً ***** وشيمتك السماحة والسخاء
عاطفة الشاعر صادقة وملتهبة أحرقت كل من قرأ أبياته واكتوى بنارها
صحيفة البلاد يوم الاثنين 4/8/1427هـأولا : العجب من الحظ
عجبا لهذا الحظ كيف عصاني *****واضاف لي حزنا إلى أحزاني
وأصابني في فلذة احببتها ***** وأحطتها بعناية الرحمن
ارســاء التهم هكذا جزافا دون حسيب أو رقيب يدخل في الحضور !!الا ان الشاعر هنا اورد السؤال يصيغه التعجب في الحظ فعندما نقيس بمقياس الدين نجد ان هناك جزعاً " مبطن " من الاقدار والقضاء حتى لو كان ظاهره العجب فقط " انظر كيف اورد الشاعرهنا العصيان وكأنه يرمز الى معاندة الحظ كما سيأتي في قادم الابيات الا ان الاضافة بعد عصيان الحظ من غياهب الاحزان ينفي عن الشاعر الجزع والقنوط لاسمح الله !! فالتعجب من الحظ وعصيانه وكأنه يرمز ربما الى محاباة الاخرين على مايبدو !!ومما يؤكد ما قلنا سابقا اتيانه بكلمة " اصابني " أي الحظ وهول الاحزان وكأن سهام الحظ اصابته في مقتل في ولده عبد الله وعبرة من شدة وفرط حبه له " فلذة احببتها " هنا في الشطر الثاني من البيت يؤكد ان الشاعر " ايمانه بالقضاء والقدر " وعدم جزعه وعبر عنها باتقان ان الاحاطة لن تكتمل إلا بعناية الرحمن عز وجل في علاه .
ثانيا : بداية الهجوم
هي بذرة راقبت سيرنموها ***** فترعرعت ونمت على احضاني
هي بذرة للهّ كم راقبتها ***** تنمو رويدا في انتظار حناني
هجم الزمان يريد خطفك من يدي ***** فوقفت اردع سهمه بسناني
هجم الزمان ولم يراع طفولة ***** بيضاء لم تعتد على العصيان
هنا تكرار حسن فالاولى حماية ونمو والثانية الترقب والانتظار ويؤكد سيرالوجع حثيثا فالابن المدلل ينمو بمراحله الطبيعية والشاعر يؤمل ومع كل ضحكة وحبوة يطير فرحا فالمسافة بينهما قصيرة جدا ماهي الا لحظات فيرتمي في احضانه هانئا حبورا والفرح ويراقص جدران البيت ..هنا اتيان الزمان ليس طبيعيا عليه وعلى عبد الله !! بل أتى بصورة فنية جيدة وعبر عنها بشيء من لوازمه بكلمة " هجم " وكأنه وحش كاسر يريد الخطف وهذه من صفاته، الذي اعجبني في هذه " التوأمة " الروحية العاطفية الوثيقة وبين الرباط المادي المحترس والتي عبر عنها قوله " من يدي " ومما يؤكد قولنا رد ذلك الهجوم بأغلى شيء في جسمه هو " وجهه وبالاخص اسنانه " واتيان الشاعر بكلمة " سهمه " يؤكد ان هذا الوحش الكاسر " الــزمــان " استخدم جميع الاسلحة المسموحة والمحظورة !!في البيت الرابع من هذا المقطع مع تكرار الهجوم اتى بصورة فريدة وربما غير مسبوقة في ورود الشعراء وهي الامرين الاول : الطفولة البريئة الغاية في الحسن والجمال بمعنى لاتعرف تناقضات الكبار ومراوغاتهم وعبر عنها بذكاء اختياره بكلمة " بيضاء " الثاني : طواعية والميول دون المقاومة والصمود فهي دائمة الرضى ولم تعتد على العصيان
ثالثا : المحبة الخالصة
أعلمت عبد الله أنك مهجتي ***** وسواد عيني بل وكل كياني
أعلمت أنك قد سكنت بخافقي ***** وسلبت لبي وامتلكت حناني
اعتقد أن مسمى " الانفجار العاطفي " الخفايا والاطمئنان البكاءومعرفة ماخلف البكاء هو ما رمى اليه الشاعر في هذين البيتين السابقين هي ثورة مشاعرفاضت احاسيس شاعر وسكبت نقطا في كل حرف منها فثارت في وجه القارئ حرقه وآسى ولوعه !!هناكرر كلمتي " أعلمت " الغرض منها اليقين بالمحبة الخالصة لولده ..هنا الشاعر يقرر " بحنكة ودهاء " !! ان حبه لولده تملّك كيانه اي من مشاش رأسه الى أخمص قدميه وهذا معلوم بالضرورة كل اب ومشاعره العاطفية لولده ولكن لماذا صورها الشاعر هنا؟ تأتي الاجابة ليؤكد لنفسه وربما عندما يناجي ولده المريض انه حاول بشتى الطرق والامكنة صد هذا المرض الذي نخر جسد ولده " عبد الله " ولكن ليس حيلة لديه لذلك زاد حبه وتعلقه به مؤكدا بحرفي " أنك " المهجة وسواد العين وكل الكيان ومن قبل ومن بعد سكن الخافقين وهذه صورة جيدة ومنها سلب العقل وامتلاك الجنان ..بحق محمد فرج هنا فجر فينا ينابيع البكاء !! ومحاولة كشف ذبول ولده هذه من ناحية الناحية الاخرى عملية الركض فيها اقتباس حسن من قرءاتنا المجيد في قوله تعالى " اركض برجلك .." وفي كلا الحالتين يطلب الشفاء مع اختلاف المضمون ! صدمه المعرفة بحقيقة المرض طبعا الشاعر هنا لم يصرّ ح بها تركها عملا فضمنها داخل الابيات ان مرض ولده عضال وخطير جدا هذا ما يعزز ما قلناه سابقا ان الشاعر استجد المشاعر للبكاء من اول وهلة من مقدمة ابياته ! هنا الرجوع الفطري في وقت الشدائد اذا ادلهمت السبل الى الواحد المنان بالدعاء وهنا يؤكد حقيقة الدعاء وفضله وانه عبادة والاجمل من ضمن روائــع النص توظيف المثل في اثناء المعاناة وكأنه يريدان يخفف على نفسه هول المرض وتبعاته وانه شارف على الانهزام والاستلام .
ورجعت تأسرني الحقيقة والمنى ***** مذبوحة والذكريات اماني
ورجعت احمل في الفؤاد مرارة ***** وعلى جدار الصمت جرح زماني
هنا الشاعر يواصل سكب الوجع فيض الحرمان ومعاتبة الزمان ..فجعل الحقيقة اسر قيدته من محاولة انكارها ورغم انها قد يوجه المنى هنا صورة فنية " قاتمة " واستجلاها بامان الذكريات ومرارة الاسى حملا اثقل فؤاده وحرك اشجانه وتقلبت معها جمرات قيضت اركان زمانه .. اكملت خمسا من سنين مودتي فرأيت في عينيك " فجراً داني " في هذا البيت تأكيد ما قلناه سابقا ان يقرر الشاعر عمر " عبدالله " خمس سنوات طفل في عمر الزهور وهنايكمن عجب الشاعر من الحظ وهجوم الزمان غير المبرر من وجهة نظر الشاعر !! في الشطرالثاني من البيت السابق صور فنية رائعة وهي تشبيه عيني ولده بالفجر وعنونه بالقريب الداني وهنا اقتباس من جيل من الشاعر في كلمة " داني " وربما أتى الشاعر بكلمة " الفجر " ليأمل في الله عز وجل في بلوغ فجر الشفاء !
رابعا : الأعراض
وذبلت لا أدري اداء نافذ ***** أو ربما لشقاوة الصبيان
هنا تشبيه جيد وكأن هناك علاقة بين ذبول الوردة المتفتحة العبقة وبين الطفولة البريئة " البيضاء " فيجمعهما الصفاء والنقاء وهنا كذلك استفهام تعجبي هو هذا الجسم الهزيل هو بداية الداء ام وهو الاغلب وان كنا نتمنى مثله ان يكون شقاوة الصبيان !
خامسا : محاورة الطبيب
فركضت استجدي الطبيب وليتني ***** لم استمع فحديثه اعياني
ماذا اقول وهل لمثلي حيلة ***** إلا دعاء الواحد المنان
قد قيل في الامثال قول محكم ***** سبق الحسام بلاغة الشجعان
هنا رغم قصرالحوار بين الطبيب والشاعر إلا أنه يعبر عن اللهاث .
سادسا : حبس الدموع
وتحجرت بين المحاجر دمعة ***** لم استطع اخفاءها لثواني
هنا الشاعر خارت قواه ونحن معه حاول جاهدا كتم الانفاس وتوارى الدموع الا انها غالبته بعد مد وجزر ومعركة حامية الوطيس بين عينيه والدمعات !!إلا أنها في النهاية هزمته " ونحن رافعين " الراية البيضاء
سابعا : النهاية والرجاء
سر أيها الزمن المعذب بالفتى ***** نحو النهاية مشعلا وجداني
خذ من حياتي كل ساعات الهنا ***** واكتب لعبد الله عمر ثاني
هنا تتجلى بوضوح صريح النهاية ومواصلة كنه المرض وحقيقة الاستشفاء منه ملقا على قارعة القوافي صلات القرب من ولده المريض فيطلب من زمنه البائس " وجه نظر الشاعر " السير ومناداته قريبا أم كان بعيدا فهذا الزمن وصفه الشاعر بحرفنه " معذبا " بالفتى وهنا قصدت البعيد الى ان تقرب النهاية شاملة الوجدان وهنا يطلب الرجاء من الزمن ان يأخذ كل ساعات هناه بفرحه وسعادته واحلى ايامه الحلوه لتزرع في جسد " عبد الله " معلقة عمرا ثاني وهنا دلال واضحة لمعاودته البكاء مع الرجاء والامل في الله سبحانه وتعالى
من وحي القراءة
وفق الشاعر كثيرا في اختيار " نونية القافية " التي توحي بالوجع والانــين والاسى والبكاء . القنوط والجزع لايدعو اليه الاسلام بل حرمه وان كان الشاعر لم يصرّح بذلك بيانا ولكنه تعجب فقط هنا يستحضرني قول الشاعر الفقيه
دع الأيام تفعل ما تشاء ***** وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي ***** فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جَلداً ***** وشيمتك السماحة والسخاء
عاطفة الشاعر صادقة وملتهبة أحرقت كل من قرأ أبياته واكتوى بنارها