Unconfigured Ad Widget

Collapse

سلسلة السيرة النبوية

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • المـــــــوج
    عضو
    • Aug 2005
    • 84

    سلسلة السيرة النبوية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأعزاء الكرام أعضاء ومشاركين وزوار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : هذه سلسلة السيرة النبوية للشيخ الدكتور طارق ابن محمد السويدان وقد قمت بسماعها وكتابتها وتلخيصها ثم تدقيق التلخيص لنستفيد منها ويستفيد منها طلبة العلم إن شاء الله تعالى ونبدأها بالشريط الأول رقم 1 والجهة الأولى من الشرط أ وبالله التوفيق والسداد ولا مانع من انتقاد الموضوع انتقاد علمي وتصحيح للأخطاء إن وجد ومسموح للجميع التعليق على الموضوع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    المـــوج ( الجندبي
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالسيرة النبوية

    السيرة النبوية منهج متكامل من الحياة فيه العبرة والعظة ، به تجسدت أحداث سطرت التاريخ وصاغت الأمة من خلالها منهج الإسلام الصافي النقي في السلم والحرب ، في السراء والضراء .

    فحياة المصطفى وسيرته حياة للأمة وقدوة لهم فبه يقتدون وبسنته يتبعون وللأحداث التي وقعت مؤيدة بالوحي يعتبرون فمن خلال مئات الأحداث الهامة وتفاصيلها وعبرها ننقلكم في هذه المجموعة من مواقف تتبعها وصاغها لنا الدكتور طارق ابن محمد السويدان بإسلوبه الخاص جامعا بين الحكمة والموعظة والرواية
    التاريخية المتميزة .

    ننقلكم في هذه المجموعة والتي نأمل أن تكون خير عبرة ومعين لنا في حياتنا فإلى هذه المجموعة الرائعة التي أنتجها : المركز العالمي للإعلام بالكويت ، وتملك قرطبة حقوق تسويقها لتقدمها لكم بإصدار متميز متكامل ، ففي هذا الشريط يحدثنا الدكتور طارق السويدان عن : قصة زمزم وبناء الكعبة ودخول الأديان السماوية إلى الجزيرة العربية وقصة أصحاب الفيل ودخول الفرس إلى اليمن ، ونفيدكم بأن جميع الحقوق محفوظة .

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين , اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى .

    وبعد : فهذه سلسلة من الدروس في سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي أعظم سيرة وأطهر تاريخ لسيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم هذه السلسلة من الدروس نهدف من وراءها ليس فقط لأن نعرف المسلمين بدينهم وبسيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم

    وإنما سنرى من خلال استعراضنا لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم كيف أن دراسة السيرة تعلمنا أشياء كثيرة ولعل من الأشياء التي لا ينتبه إليها كثير من الناس أنه بدون فهم السيرة لا يمكن أن يفهم القرآن . كثير من الآيات الكريمة لا يمكن أن تفهم إلا بأن نرجع إلى سبب نزولها ، وأسباب نزولها موجودة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم .

    بداية هذه السلسلة نستطيع أن نبدأها من ميلاده صلى الله عليه وسلم ولكنني أحببت أن أبدأ قبل ذلك حتى نعرف تاريخ العرب قبل أن يأتيهم هذا النور الهادي ، كيف كانوا ؟ ثم كيف صاروا بعدما جاءهم الوحي ؟
    التغيير الذي حدث في جزيرة العرب تغيير شاسع وعظيم وهائل جدا لا يستطيع أن يتبينه الإنسان إلا بأن يرى هذه السيرة المطهرة .

    والبداية صعبة إذ أن تاريخ العرب قبل الإسلام طويل لكنني أحببت أن أبدأ مع أمر من الله سبحانه وتعالى إلى نبيه الكريم إبراهيم عليه السلام ، حيث أمر الله عز وجل نبيه إبراهيم أن يأخذ زوجته هاجر وابنه الرضيع إسماعيل ويتركهم في مكة ، (( بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم )) .

    الكعبة لم تكن بنيت ، بناها إبراهيم فيما بعد ، فكان وادي مكة أو بكة ، كان واديا خاليا ليس فيه أحد ليس فيه بشر ليس فيه قرية ليس فيه مدينة ليس فيه ماء لم يكن فيه شيء ، فمشى إبراهيم عليه السلام من فلسطين الأرض المباركة إلى مكة الأرض المباركة كذلك بأمر من الله عز وجل وهناك عند البيت الحرام ، عند موضع البيت الحرام ترك زوجته هاجر وابنه إسماعيل عليهما السلام أجمعين .


    ثم انصرف ، فاستغربت هاجر ، تتركنا هنا لا أرض لا ماء لا زرع لا شيء كيف ؟ لا بشر وهذا ولد رضيع
    فتبعته تستعطفه كيف تتركنا هنا ؟ ولم يلتفت ، فأخيرا قالت له : آالله أمرك بذلك ؟ قال : نعم ، فقالت بلهجة المؤمنة الواثقة من وعد الله عز وجل : إذا لن يضيعنا . ــ ما دام هذا أمر من الله ، الله سبحانه وتعالى لن يضيعنا ، الله رؤوف بعباده ، وانصرف إبراهيم عليه السلام .

    تعرفون القصة المشهورة أن هاجر عليها السلام بدأت تبحث عن الماء أخذت تسعى بين الصفا والمروة بحثا عن الماء تصعد على الصفا تتلفت لعلها تجد ماء أو تجد أحد فلا تجد ، فتذهب إلى المروة وتتلفت وتركت ولدها عند موضع زمزم وأخذت تنتقل لعلها تجد شيئا سبع مرات وهذا اصل السعي في هذه الأثناء كان جبريل عليه السلام قد نزل وضرب بجناحه الكريمة الأرض فانشقت الأرض عن بئر زمزم ونبع الماء فكان هذا أول أمر زمزم .

    هذا كله حدث بعد تهدم سد مأرب ، وسد مأرب سد عظيم كان في اليمن واليمن هي موطن العرب الأصيل ،
    أصل العرب من اليمن ما عدا القبائل الرحل لكن العرب المتحضرة التي كانت مقيمة في مكان واحد كانت مقيمة فقط في اليمن ما كان فيه عرب إلا في اليمن فلما تهدم سد مأرب الذي كان يزودهم بالماء وكان مصدر الخير بالنسبة لهم وبدأت المجاعات بدأ الناس يهاجرون من اليمن يبحثون عن الرزق وانتشروا في الجزيرة وكل قبيلة أخذت لها موطن ،

    فثقيف ذهبت إلى الطائف والغساسنة وصلوا إلى تخوم الشام أطراف الشام ، أما المناذرة فوصلوا إلى حدود العراق وهكذا انتشروا في الجزيرة ،

    في هذه الأثناء عندما خرق جبريل عليه السلام الأرض بجناحه فانفجرت زمزم كانت قبيلة من قبائل العرب تبحث عن ماء تسكن حوله هي قبيلة جرهم وكانت مارة قرب مكة ، لما ظهر الماء بدأت الطيور تحوم فرأوا الطيور ،

    قالوا : ما هذه الطيور ما عهدنا أن هنا ماء ، فأرسلوا من ينظر الخبر فوجد الماء فذهبوا إلى مكة فوجدوا هاجر عليها السلام وابنها إسماعيل عليه السلام عند الماء وكانوا أصحاب خلق ما هجموا وسيطروا على الماء كانوا يستطيعون ذلك ولأنهم كانوا أصحاب خلق استأذنوا هاجر ،

    قالوا : هذا الماء لك فهل تأذنين لنا أن نسكن عند هذا الماء ونعطيك أجرة على هذا الماء ؟ فقالت : نعم ، فمن هنا كان مصدر رزق هاجر عليها السلام ورزق ابنها إسماعيل ، الله سبحانه وتعالى سخره لهم ،

    ففعلا سكنت قبيلة جرهم في مكة وبنت زمزم ــ بنت حوضا لزمزم ــ ، وما كانت الكعبة بنيت حتى ذلك الوقت وإسماعيل عليه السلام ما كان عربيا كان من فلسطين ، وإبراهيم عليه السلام جاء من فلسطين وأصلهم من شمال العراق فما كانوا يتكلمون أصلا العربية فتعلموا العربية وتعلم إسماعيل العربية من جرهم ،

    ولما كبر تزوج من جرهم ولذلك تسمى سلالة إسماعيل عليه السلام العرب المستعربة ما كانوا أصلا عربا تعربوا وإسماعيل عليه السلام هو أبو النبي صلى الله عليه وسلم لما كبر إسماعيل عليه السلام جاء أمرا تاليا من الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام أن يبني الكعبة مع ابنه إسماعيل عليه السلام

    طبعا في خلال هذه الفترة كان إبراهيم عليه السلام يزور هاجر ويزور ابنه إسماعيل من فترة إلى أخرى لما صار عمره إسماعيل ستة عشر سنة جاءت الأوامر ببناء الكعبة ففعلا بنى الكعبة

    والله سبحانه وتعالى أمره أمر إسماعيل وإبراهيم أن يبنيها على قواعد آدم أو شيث ابن آدم (( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة))

    الكعبة بنيت في زمن آدم عليه السلام ثم تهدمت ولذلك هي أول بيت وضع للناس فلما جاءت الأوامر إلى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أن يبنوها أمرهم الله عز وجل أن يبنوها على قواعد شيث ابن آدم أو آدم ففعلا حفروا فوجدوا القواعد فبنوا الكعبة على هذه القواعد فكان هذا أصل بناء الكعبة

    فلما وصلوا إلى حجر الزاوية الذي منه سيقوم باقي البناء ويعتمد عليه البناء كان إبراهيم عليه السلام يبحث عن حجر قوي ليكون في هذا المكان فأرسل ابنه إسماعيل يبحث عن هذا الحجر فذهب إسماعيل يبحث ويبحث فما وجد حجرا مناسبا فرجع يخبر أباه فوجد إبراهيم عليه السلام عنده حجر مناسب


    قال : من أين لك هذا ؟ قال هو من عند الله فكان هذا هو الحجر الأسود الذي نزل من الجنة فكان حجرا من الجنة في بناء الكعبة وبنيت الكعبة بعد ذلك من هذا الحجر

    وكان إبراهيم عليه السلام كلما بنى جزءا من الكعبة رجع قليلا ليتأمل البناء وينظر هل البناء مستوي أو غير مستوي ؟ فكان يقف فترات طويلة في هذا المكان فكان هذا مقام إبراهيم عليه السلام (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))

    مقامه في تأمله بيت الله عز وجل كيف هو مستو في البناء ، ولذلك تجدونه بعيدا شيئا ما عن الكعبة لأنه منه كان يتأمل استواء البناء ،

    بنيت الكعبة والآن هذا بيت حجر كيف يأتي الناس إليه ؟ فهنا الله سبحانه وتعالى أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن بالحج إلى بيت الله الحرام ، فإبراهيم عليه السلام قال : يا رب وما يبلغ صوتي ؟ ــ صوتي كيف سيصل إلى الناس ؟ ــ قال : يا إبراهيم إنما عليك الأذان وعلينا البلاغ ، أنت عليك الأذان أنت مأمور بالأذان كيف يبلغ ؟ هذا أمر آخر هذا أمر الله عز وجل ،

    وفعلا ذهب إبراهيم عليه السلام إلى جبل عرفة وصعد على جبل عرفة وأخذ يؤذن بالحج ، ومن هنا منزلة عرفة أنها كانت موطن الأذان بالحج ، وأذن إبراهيم عليه السلام بالحج وبلغ صوته مشارق الأرض ومغاربها
    معجزة من الله عز وجل ، كل الناس سمعوا صوته وأوقع الله في نفوس الناس حب الكعبة وتعظيم الكعبة ، وقع في نفوسهم هكذا معجزة إلهية ،

    وبدأوا يحجون إلى الكعبة من أنحاء الأرض وخاصة من جزيرة العرب ، فهكذا بدأ الحج بمعجزة إلهية وهكذا بدأ تعظيم الكعبة وإلا كيف بيت يكون له هذه المكانة ؟ لكنهه كلها معجزات من الله سبحانه وتعالى ،

    عظمت الكعبة وبدأ الحج إليها وانتشر أمر التوحيد دين إبراهيم عليه السلام بين الناس وكانت العرب كلها على التوحيد ، كل العرب موحدين ليس فيهم كافر كلهم على دين إبراهيم عليه السلام ،

    ومرت الأيام إلى أن جاء رجل اسمه عمرو ابن لحي وكان سيدا لقبيلة خزاعة ، خزاعة نازعت جرهم ، نازعت جرهم على الكعبة على حكم مكة وحدث القتال العظيم بين خزاعة وجرهم وهزمت جرهم وخرجوا من مكة وسيطرت خزاعة وبقايا جرهم بقوا في مكة لكن سيطرت خزاعة على مكة ،

    لما جرهم شعرت بالهزيمة أرادت أن تعطل على خزاعة أمر مكة ، مكة عظمتها بالكعبة لكن عيشها على زمزم فطمروا زمزم ، دفنوا زمزم ولم يعد لها أثر فلما انهزمت جرهم وفروا وما بقي منهم إلا قليل سيطرت خزاعة لكن لم يجدوا أثرا لزمزم فكانوا يضطرون أن يجلبوا الماء من خارج مكة ، لكنهم سيطروا على مكة لكن زمزم اندثرت إلى أن حفرها عبد المطلب فيما بعد ، لكن هذا أمر دفن زمزم بسيطرت خزاعة على مكة ،

    سيطرت خزاعة على مكة 300 وقيل 500 سنة وهم مسيطرين على مكة وكان يرأسهم عمرو ابن لحي ، وعمرو ابن لحي كان سيد مكة بلا منازع ، وكان لا يرد له أمر وكان من أغنى الناس وأكرم الناس فكان يطعم الحجيج وحده وكان يسقي الحجيج وحده هكذا كان أمر عمرو ابن لحي وكان كلام عمروا ابن لحي في الناس في خزاعة وفي مكة وفي حجاج مكة كالشرع لا يرد ، ــ ما يأمر بأمر فيرد عمرو ابن لحي ــ ،


    في يوم من الأيام سافر عمرو ابن لحي إلى الشام وهناك عند تخوم الشام وجد قبيلة تسمى العماليق وكانوا يعبدون الأصنام وما كان العرب يعرفون الأصنام كانوا على التوحيد ، فقال : ما هؤلاء ؟ قالوا : هؤلاء يطعمونا إذا جعنا ويعينونا إذا ظلمنا وينصرونا ويسقونا الماء ويقربونا إلى الله زلفى ،فتعجب من هذا وساغ له الأمر ،


    قال : أعطوني أحدها لعله يعيننا نحن نحتاج الماء في مكة ، فقالوا : نعم ، فأعطوه صنم يقال له : هبل ، فكان أول صنم أدخل في الجزيرة ، نقله عمرو ابن لحي إلى مكة وهناك لما وضع عمرو ابن لحي ، لما وضع هبل بدأ يأمر الناس بعبادة هبل فأطاعه الناس ،

    ثم بدأ يصدر أوامر أخرى فأدخل آلهة أخرى على جزيرة العرب وأمر كل قبيلة تتخذ لها صنم تعبده عند الكعبة ثم زاد الأمر فقال : وأنتم في أماكنكم لازم تعبدون ، لكن لا يجوز أن تعبدوا إلا صنم من مكة فيجب على كل واحد يأخذ معه حجر من مكة يعبده ، فأخذ العرب يأخذون الأحجار من مكة إلى أماكنهم ويعبدونها ، وبدأت عبادة الأصنام تنتشر بأوامر عمرو ابن لحي ،

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في صحيح مسلم وغيره يقول : (( رأيت عمر ابن لحي في النار يجر أمعاءه في النار أول من بدل دين العرب ))

    كان العرب كلهم على التوحيد أول من بدل دينهم هذا الرجل الخبيث عمر ابن لحي ، ثم غير التلبية كان العرب يلبون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، فزادها : لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك ، ــ ما عندك شريك إلا شريك أنت تملكه ، لكنه لكن شرك فأضاف على التلبية تلبية الشرك ،

    ثم سن لهم سنة الأنعام التي لا تمس الأنعام المقدسة فأوجد لهم البحيرة وأوجد لهم الحامي وأوجد لهم السائبة
    ، مثلا الحامي هو : البعير الذي ولد له عشرة فحول فيقال لهم أي بعير يولد له عشرة فحول حمى ظهره فلا يركب ولا يذبح ولا يمس ويقدس ، شيطان أدخل عليهم هذه الأمور ، فأدخل عليهم هذه المسائل وانتشرت الأصنام ،

    وكانت أعظم الأصنام التي انتشرت بعد هبل ، انتشر :
    ود : وكانت تعبده بني كلب
    وسواع : لبني هذيل
    ويغوث : لطيء وأهل جرش
    ويعوق : لهمذان
    ونسر : لليمن
    هبل : فكان لقريش

    وأما أعجب الآلهة فإساف ونائلة ، إساف رجل من أهل اليمن ونائلة بنت من أهل اليمن كانا متحابين تقدم إساف لخطبة نائلة أبوها رفض فتواعدا على اللقاء في الحج عند الكعبة فالتقيا في الحج وفي غفلة من الناس فجر بها عند الكعبة ،

    فهذه معصية عظيمة عند الكعبة فالله سبحانه وتعالى مسخهما حجرين بقدرة إلهية وإعجاز إلهي فعندها أخذ إساف ونائلة عبرة لمن يعتبر ووضع إساف على الصفا ، ووضعت نائلة كحجر على المروة عبرة لمن يعصي الله عند الكعبة ، ولما مرت الأيام لما جاء عمر ابن لحي أمر بنقل إساف ونائلة ، ونسوا الناس ما هي القصة إلا بعض الناس قليل ، نسوا ما هي قصة إساف ونائلة فأمر بنقلهم من الصفا والمروة إلى الكعبة ثم أمر بعبادتهما ، هكذا كان العرب وهكذا كانت آلهتهم ،

    عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يحدثون عنه أنه كان لما في أيام خلافته كان يجلس للناس فأحيانا هكذا بدون سبب يجدونه يبكي وأحيانا وبدون سبب ظاهر يجدونه يضحك حتى تجرأ أحدهم فسأله ، قال : يا أمير المؤمنين نراك تبكي ثم نراك تضحك ما هي القصة ؟ قال : أما بكائي فإنا كنا في الجاهلية نكره البنات ،

    ــ هكذا حياتهم يعظمون الذكور ويحتقرون الإناث ــ حتى نعرف عندما جاء الإسلام ما عمل لما جاء وكرم المرأة ؟ فكان من شدة كرههم للبنات أنه إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ، كما يصف الله عز وجل ،

    فيقول : فبشرت بأنثى فحزنت حزن شديد وكظمت غيظي وانتظرت ، صبرت وأنا كاره لهذه البنت حتى صار عمرها ست سنوات وأنا كرهها في قلبي فما صبرت فلما صار عمرها ست سنوات أخذتها معي إلى الصحراء وأخذت أحفر حفرة ثم وضعت بنتي وهي حية في الحفرة وأخذت أرمي عليها التراب والتراب ــ مع الغبار ــ يصيب لحيتي وهي تنفض الغبار عن لحيتي حتى دفنتها حية ، هكذا كانوا يفعلون ببناتهم (( وإذا المؤودة سئلت , بأي ذنب قتلت )) كانوا يئدون البنات ، وأد البنات يعني : دفن البنات وهن أحياء وهي حية يدفنونها ,

    أما سر ضحكي فإني خرجت يوما من مكة ــ وكانوا إذا خرجوا من مكة يأخذون معهم حجر حتى يعبدونه ــ ،
    يقول : فنسيت أن آخذ معي حجر من مكة فلما جئت أريد أصلي أريد أتعبد ما عندي حجر من مكة كيف أتعبد ؟
    يقول : فوجدت عندي تمر من مكة فأخذت التمر وصنعت منه تمثال وأخذت أعبد التمر فلما خلصت وجعت ما عندي إلا هذا التمر آكله ، يقول : فأكلت ربي ، ــ هكذا كانوا ، هكذا كانت جاهليتهم حتى نعرف ماذا فعل الإسلام بهم ؟

    ننتقل إلى كيف دخلت النصرانية ؟ وكيف دخلت اليهودية جزيرة العرب ؟ وكيف دخل الفرس جزيرة العرب ؟ تعرفون أنه لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان الفرس هم اللذين يحكمون اليمن فكيف حدث كل هذا ؟ وكان أهل نجران نصارى ، وكان أهل اليمن جزء منهم يهود وجزء منهم نصارى كيف حدث كل هذا ؟
    ما كان العرب فيهم هذه الأمور ,

    أما يثرب المدينة المنورة كما سميت فيما بعد وخيبر فجاءها بعض اليهود من الشام ، هاجروا من الشام وسكنوا في خيبر وسكنوا في يثرب ، لكن أكثر اليهود كانوا في اليمن ، ونجران كانت كلها على النصرانية
    وفارس كانت محتلة اليمن ، فلنتحدث كيف حدث هذا ؟

    القصة طويلة وكثير من المؤرخين يذكرونها يبدؤونها بقصة ربيعة ابن نصر ، ربيعة ابن نصر رأى رؤيا في المنام ، يذكرها كل المؤرخين تقريبا الطبري وابن كثير وابن الأثير وغيرهم كلهم يذكرون هذه الرؤيا ،

    وكان المنجمون والكهان هم المسيطرين على أمور الناس وعبادة الناس لما انتشر الشرك وانتشرت الأوهام وانتشر الكفر وانتشر الدجل صار الكهان والمنجمين لهم شأن ، فربيعة ابن نصر استعان بالمنجمين في قصة طويلة ، خلاصتها أنهم ذكروا له أن الأحباش سيحتلون اليمن هذا تأويل الرؤيا التي رآها ربيعة ابن نصر ،

    قال لهم : متى يحدث ذلك ؟ قالوا : 60 إلى 70 سنة ، فخاف على أهله وذريته وأولاده أن يتحكم بهم الأحباش فأمر بأن أهله كلهم ينتقلون من اليمن إلى العراق فسكنوا الحيرة وسيطروا عليها ، والنعمان ابن المنذر الملك المشهور من سلالة ربيعة ابن نصر ، فهكذا انتقل النعمان ابن المنذر وأهله انتقلوا إلى الحيرة وسيطروا عليها بسبب هذه الرؤيا ،

    مات ربيعة ابن نصر جاء من بعده ابنه ثم توالى الحكم في أبناءه الذين بقوا، أبقى ابنه يحكم واستمر الأمر إلى أن جاء أحد أبناء ربيعة ابن نصر اسمه : تبان أسعد ، وكان يسمى تبع ، ــ كانت ملوك اليمن تلقب بتبع ، ملوك الروم تلقب بقيصر ، ملوك فارس كسرى ، وملوك الحبشة النجاشي ، كل مكان لهم لقب ، ملوك اليمن يسمونهم تبع (( وقوم تبع )) فهذا تبع ، معنى تبع : ملوك اليمن ،

    فكان أشهر حكام اليمن : تبان أسعد بلغ شأوا عظيما وكان ملكا عظيما غنيا كريما وسيطر على كل اليمن ، كانت كل اليمن تخضع له وأخذ يسافر من مكان إلى مكان للسياحة وللتجارة فذهب من اليمن كان في طريقه إلى الشام وترك في طريقه إلى الشام ترك ابن من أبناءه في يثرب للتجارة مع أهل يثرب وذهب إلى الشام ،

    أثناء ذهاب تبع إلى الشام حدث خلاف بين ابن تبع وأهل يثرب فقتلوه لما وصل الخبر لتبع رجع ليعاقب أهل يثرب على ما فعلوه بابنه وبدأ القتال بين يثرب وبين أهل اليمن واستمر الأمر قتال ،

    وكان من أعجب ما رآه تبع ليس من ناحية القتال لكن من ناحية الكرم ، كان أهل المدينة أهل يثرب من شدة كرمهم كانوا يقاتلونه في النهار فإذا صار الليل وانفصل الجيشان كانوا يرسلون له الطعام والموائد يكرمونه فتعجب ، أي كرم هذا الإنسان يكرم أعدائه ؟ من يبلغ هذه الدرجة من الكرم ؟

    لكنه كان مصرا على أخذ ثأر ابنه بينما هو كذلك إذ خرج اثنين من علماء اليهود الذين كانوا أصلا في الشام وجاءوا هاجروا إلى يثرب فخرجوا إلى تبع وطلبوا الحديث معه فجلسوا إليه ، فقالوا له : ماذا تريد ؟ قال : أخرب يثرب ، قالوا : ما تستطيع والله يهلكك الله قبل أن تخربها ، قيل كيف عرفتم ؟

    قالوا : هذه مهجر نبي ، هذا المكان سيهاجر إليه نبي ، فسألهم كيف عرفوا ؟ قالوا : هذا موجود عندنا في التوراة (( ألم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ))

    ــ بني إسرائيل عندهم الآيات الكثيرة التي تشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يعرفونه ، يجدونه عندهم في التوراة ــ ، فلما رأى ذلك تعجب ما هي التوراة ؟ وبدأوا يشرحوا له ما هي التوراة ، وبدأوا يشرحون له التوحيد فدخل هذا في قلبه فتهود تبع ، آمن بدين اليهود وترك المدينة وذهب إلى مكة ,

    كانت هذيل تكره أهل مكة ، قبيلة هذيل تكره أهل مكة وكانوا يكرهون أيضا أهل اليمن فأرادوا أن يوقعوا بين تبع وبين أهل مكة فيتخلصوا من الاثنين أعدائهم ، فذهبوا إلى تبع وهو في طريقه ،

    قالوا له : هل لك إلى الجواهر والذهب والكنوز ؟ قال : نعم ، ــ من يترك الذهب والجواهر والكنوز ؟ ــ
    قالوا : في هذه القرية بيت يعظمه قومها ، ــ عن الكعبة ــ مملوء بالجواهر مدفونة فيه الجواهر واللآليء والذهب ، ــ وفعلا الكعبة كانت بعض العرب تدفن فيها الكنوز تعظيما للكعبة حتى أن كان فيها غزالين من ذهب ،

    فالرجل طمع فجهز نفسه حتى يهجم على مكة ويهدم الكعبة ويخرج كنوزها وفعلا أمر الجيش بالاستعداد , الأحبار اليهود الاثنين كانوا قد ذهبوا معه حتى يعلمون قومه اليهودية فأحسوا بالحركة ، وجاءوا إليه
    ما شأنك ؟ قال لهم : أريد أهجم على هذه القرية آخذ الذهب الذي فيها ، قالوا : والله ما أراد الهذليين إلا هلاكك ، قال : كيف ؟ قالوا : ما علمنا بيتا لله على الأرض إلا هذا البيت ، ــ هذا أعظم بيت ولو أردت هدمه الله يهلكك ــ ، فتعجب قال : ما تأمروني ؟ قالوا : عظمه وطف به ، قال : وأنتم لماذا ما تطوفون ولماذا لا تعظمونه ؟ قالوا : نفعل لولا أن قومه ملئوه بالأصنام ، ونحن علماء ما ينبغي لنا ذلك ،

    ففعلا تبع سمع كلامهم وذهب على مكة وعظم الكعبة وأخذ يطوف بها ونام في مكة ورأى رؤيا في المنام أنه يكسوا الكعبة ــ يغطي الكعبة بالثياب ــ ما كانت الكعبة تكسى كانت بناء بدون كسوة ــ ، فأمر فصنعت كسوة للكعبة من صوف فغطيت بها الكعبة ، ثم رأى رؤيا في المنام أنه يغطيها بأفضل من ذلك فأمر بأن تغطى بالملائي وهي ثياب رقيقة فاخرة من ثياب اليمن فكانت أول كسوة للكعبة ، أول من كسى الكعبة تبع تبان أسعد ابن أبي كرب ،

    ثم في كل عام كانت العرب تكسوا الكعبة وكانوا يضعون كسوة فوق كسوة واستمر هذا الأمر كسوة فوق كسوة إلى قريش إلى زمن عبد المطلب حين شعرت العرب أن هذه الملائل من ثقلها ستهدم الكعبة فأمروا بنزعها وأخذوا يضعون كسوة في كل عام وهذا قصة الكسوة كيف دخلت الكسوة على الكعبة ،

    بعد ما رجع تبان أسعد ( تبع ) إلى اليمن دعا قومه لليهودية فأبوا ورفضوا وكانوا يعبدون من ضمن عبادتهم يقدسون النار فقالوا : نتحاكم إلى النار وكان عندهم نار في بيت إذا اختصم اثنين يذهبون إلى هذه النار ويفتحون الباب فتخرج النار مع اندفاعها تخرج فمن تصيبه النار أولا هو الظالم ، والثاني هو الذي له الحق ، هكذا كانت عقيدتهم وهكذا سول لهم الكهان والدجالين

    المهم قالوا نتحاكم إلى النار فسأل الحبرين ، قالوا له : افعل ، فأخذ الحبرين التوراة وأخذوا يقرؤون ووقفوا أمام الباب ، والكهنة الذين كانوا يتبعونهم أهل اليمن وقفوا أمام الباب فلما فتح الباب جاءت النار على الكهنة ففروا وهربوا ، فعاتبهم قومهم قالوا كيف تفرون ؟ هذا حكم ما يصلح أن تفرون ارجعوا ،

    فرجعوا مرة ثانية وبدأت العملية مرة أخرى ففتح الباب مرة ثانية فجاءت النار جهة الكهنة مرة أخرى ، فصمدوا فأكلتهم النار ، حرقتهم النار فتهود أهل اليمن دخلت اليهودية في اليمن ، ــ فكان هذا كما يروي المؤرخين نحن لا نعلم لكن هذا القصة الوحيدة التي عندنا في كيف دخلت اليهودية إلى اليمن ؟ ،

    دارت الأيام ومات تبان أسعد وحكم من بعده ابنه حسان ، وحسان توسع في ملكه وزاد عظمته واغتر غرورا عظيما بنفسه فخرج وجهز جيش عظيم وقال والله لأغزون العرب والعجم أحكم الأرض ، ــ غرور لما الإنسان يسيطر عليه الغرور هكذا يظن أنه يستطيع أنه يفعل كل شيء ــ

    من أعظم دولة في العالم ؟ قالوا : الفرس ، قال : أبدأ بهم ، ــ أول واحد أقضي عليه كسرى فجهز جيشه وذهب ليغزو الفرس أعظم دولة في الأرض في ذلك الوقت ، وفي الطريق الجماعة الوجهاء الأعيان الذين معه متضايقين لكن خائفين ،
    من يستطيع أن يغزوا الفرس ؟ من نحن حتى نهاجم الفرس لكن هذا مغرور ما أحد قادر يوقفه وكان حذرا جدا ما يدخل عليه أحد حتى من الوجهاء والأعيان إلا يفتش ، فليسوا قادرين يعملوا له شيء وما كان أحد يدخل عليه بدون تفتيش إلا أخوه عمر ابن تبع ،

    فقالوا : نكلم عمر فاجتمع مجموعة من الوجهاء والأعيان في مجلس عمر فحدثوه قالوا : تخلصنا من حسان ونعطيك الملك من بعده أنت تحكم ، فطمع فتآمر معهم على قتل أخيه إلا واحد منهم رفض اسمه ذو رعين ، قال لعمر : والله يا عمر ليس فيه أحد قتل أخاه إلا أصابه الغم والحزن ــ تسيطر عليه الكآبة ــ ، لا تقتل أخاك ،

    لكنه طمع في الملك فأصر ، فهنا ذو رعين كتب كتاب وجاء إلى عمر قال له : ضع هذا الكتاب أمانة عندك استخرجه متى ما طلبته أنا ، قال : نعم ، وفعلا عمر دخل على أخيه حسان وفي غفلة كان معه خنجر ما هو مفتش فقتل أخاه ، ــ وكانوا يستطيعون يعزلوه وكانوا يستطيعوا أن يفعلوا شيء آخر لكنه طمع في الملك حتى ما ينافسه ذاك الرجل فقتل أخاه ورجع ،

    وسيطرت عليه الكآبة حتى ما استطاع أن ينام وأرهق إرهاق شديد ومرض بسبب عدم النوم والأرق وأخذ يجيب الأطباء ويجيب المنجمين فكلهم أجمعوا وقالوا : هذا بسبب قتل أخيك ما فيه أحد يرتكب هذه الجريمة إلا وتصيبه الكآبة ،

    فما الحل ؟ قالوا : ليس لك حل إلا أن تقتل كل من أشار عليك بقتل أخيك ، فقال : أفعل ، فكل الذين شاوره الذين تآمروا قتلهم كلهم حتى جاء يقتل ذو رعين ، فقال له ذو رعين قبل ما تقتلني أنا تركت عندك كتاب أمانة أخرجه فأخرجه ، قال : افتحه واقرأه ، ففتحه فإذا فيه بيتين شعر :

    ألا من يشتري سهرا بنوم
    سعيد من يبيت قرير عين

    من يعوض السهر بالنوم والسعيد ليس هو الذي عنده فلوس ، هذا ملك لكن ما هو قادر ينام ، السعيد هو من يبيت قرير عين مطمئن راضي ،

    فأما حمير غدرت وخانت ( حمير أهل اليمن )
    فمعذرة الإله لذي رعين

    أنا كنت قلت لك : لا تقتل أخاك فتذكر قال : نعم صدقت فعفا عنه فكانت هذه الأبيات سببا في نجاة ذي رعين ، ولما مات عمر تنازع أبناء ربيعة ابن نصر على الملك وتفرقت اليمن ، تمزقت اليمن وبدأ الصراع والقتال بين أهل اليمن ،

    في هذه الفترة في هذه الفوضى السياسية المنتشرة جاء رجل اسمه : الخنيعة ذي شناتر ، والخنيعة هذا كان قطاع طرق حرامي مجرم وعنده عصابة معه فاستطاع يزيد من أعضاء عصابته مع هذه الفوضى السياسية حتى جهز منهم جيش صغير ووثب على العاصمة وسيطر على قصر الملك وحكم اليمن هكذا في غفلة في ظل الصراع السياسي استطاع أن يفعل هذه الفعلة ،

    وكان فاجرا شديد الخبث شديد الظلم يكرهه كل الناس وفي قصة طويلة خلاصتها أن أحد أبناء تبان أسعد أحد أبناء تبع اسمه ذو نواس ، استطاع أن يتسلل على الخنيعة فيقتله بالخنجر وسيطر ذو نواس مرة أخرى على اليمن ورجع الملك لأبناء تبع مرة أخرى ، في هذه الفترة لما حكم ذو نواس حدث حادث صغير جدا في نجران لكنه كان سببا في أحداث عظيمة حدثت في الجزيرة ،

    رجل نصراني راهب من رهبان النصارى على التوحيد ، والنصارى فيهم موحدين إلى اليوم من أقسام النصرانية ناس يسمونهم الموحدين (( يونيتيريانز )) إلى هذا اليوم موجودين ، فكان هذا الرجل نصراني موحد على دين المسيح عليه السلام على التوحيد ، كان خارجا من الشام يدعوا على الله عز وجل في أفريقيا فوثبت عليه عصابة فأسرته وباعوه لرجل من نجران فأخذه الرجل معه إلى الجزيرة ، وهذا الراهب اسمه فيميون ،
    ففيميون صار عبدا عند هذا النجراني وكان يخدم سيده لكنه كان يتعبد في أوقات فراغه وكان شديد العبادة وكانت له كرامات فدخل عليه سيده في يوم من الأيام فوجد عنده حوله نور في الليل ، قال : ما شأنك وما دينك ؟ فقام يشرح له النصرانية ودين النصرانية ، فالرجل تردد ،

    وكانت نجران يعبدون شجرة عملوها إله ، فهنا فيميون سأل سيده قال : أرأيت إن أهلك إلهي إلهك تعبد إلهي ؟
    قال له : والله إذا إلهك يغلب إلهي طبعا أعبد إلهك ، قال له : إذا واعد الناس ولتروا ماذا يفعل إلهي بإلهكم ؟ فتواعد الناس وتجمعوا عند الشجرة فجلس فيميون يتعبد ويدعوا الله عز وجل وما زال يدعوا الله ويدعوا الله عز وجل حتى استجاب الله دعائه فانزل صاعقة على الشجرة فأحرقتها فراح إله نجران فدخلت نجران في النصرانية ، وتنصروا وهذا سر دخول نجران في النصرانية ،

    واحد من نجران اسمه عبد الله ابن ثامر ومجموعة من أصحابه ومعهم بعض الرهبان هاجروا من نجران إلى اليمن فسكنوا في اليمن يتعبدون بالسر يخافون اليهود ،

    الملك ذو نواس كان عنده سحرة يستعملهم وأراد أن يعلم أحد الشباب على السحر حتى يكون ساحرا عظيما فانتقى أعظم السحرة وكان يسكن على قمة جبل وانتقى شاب فطن ذكي جدا فاختاره ليكون ساحرا يكون يتعلم السحر فكان يرسله كل يوم إلى الساحر في الجبل ليتعلم وأحد الرهبان الذين جاءوا من نجران كان ساكن في الطريق على الجبل

    فكان هذا الشاب في طريقه هذا الغلام في طريقه إلى الساحر يمر على الراهب فيسمع قراءته وتمتمته فأعجب فكان يجلس إليه ، يجلس إليه يسمع ثم أخذ يتعلم منه ويذهب إلى الساحر ويتعلم ومع الأيام كره السحر وكره هذا الكفر وبدأ لا يروح عند الساحر فقط يذهب على الراهب ، والساحر أرسل يخبر الملك ذو نواس ابن تبان أسعد قال له : هذا انقطع ،

    فالملك سأل الغلام فرفض يخبره تتبع الملك الخبر عرف أنه يذهب عند هذا الراهب فأخذ يحقق مع الراهب وأخذ يعذب الراهب حتى يترك دينه رفض الراهب فقتل الراهب ، ثم أخذ يعالج أمر الغلام هذا الذي يريده أن يصير ساحر ، فانقلب عليه وحاول أن يقنعه ليس فيه فائدة ، وعذبه ليس فيه فائدة ، فأمر بقتله

    فأخذوه في قارب ، أخذوه حرس الملك في قارب وذهبوا ليغرقوه في البحر وفي نصف البحر هاج الموج وانقلب القارب وغرق الجنود ونجا الغلام ،

    ثم أمر الملك أن يؤخذ الغلام فيرمى من فوق الجبل فأخذه الجنود والناس تنظر صعدوه فوق الجبل لما أرادوا يلقونه حدث زلزال فاهتز الجبل وسقط الجنود وقتلوا كلهم ونجا الغلام ،


    الجهة الأخرى من الشريط رقم 1 : ب

    وكل ما جاء يقتله بطريقة ليس قادر ، وأخيرا الغلام قال له : لن تستطيع قتلي إلا بطريقة واحدة ، قال له : ما هي ؟ قال له : تجمع الناس وتعلقني على شجرة ، تصلبني على شجرة ثم تأخذ نبلي وسهمي وتقول : بسم الله رب الغلام وتضربني فإذا ضربتني قتلتني ،

    فالملك أطاعه فأمر الناس أهل اليمن يجتمعون وصلب الغلام وأخذ النبل والسهم من الغلام وضرب : بسم الله رب الغلام فأصاب الغلام فقتله ، والناس الآن بدأوا يتحدثون ، قالوا : ما استطاع أن يقتله بكل جبروته وبكل جنوده ما استطاع أن يقتله ما استطاع أن يقتله إلا بإذن رب الغلام ،

    فدخل النصرانية من أهل اليمن عشرين ألف في ذلك اليوم ، انظر إلى هذا الغلام الصالح الذي ضحى بنفسه ليدعوا الناس ويهدي الناس ، واستشهد من أجل الدعوة فأي موقف عظيم ذلك ،

    والملك غضب ، غضب شديد ذو نواس غضب ، غضب شديد جدا ، كيف يدخلون النصرانية هؤلاء ويعاندون أمره ؟ فأمر بحفر الأخدود ، والأخدود حفرة كبيرة جدا وأمر بوضع الخشب فيها وأمر بإشعال النار فيها قال : ترجعون عن دينكم وإلا أرميكم في النار ؟

    فرفضوا أن يعودوا عن دينهم فأخذ يرميهم في النار في قصة عظيمة مشهورة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة في البخاري وغيره وذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم ،

    حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن واحدة من النساء اللاتي كن يرمونهم في النار كان معها طفيل رضيع ، طفل صغير رضيع فخافت كيف ترمي نفسها في النار وترمي ولدها في النار فترددت ، فنطق الطفل في المهد وهي من المعجزات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا في البخاري : (( فنطق الطفل في المهد وقال : يا أماه ألقي نفسك فإنك مقبلة على الجنة ))

    هذا المشهد العظيم إلقاء النصارى في النار ذكره الله عز وجل في القرآن العظيم : (( والسماء ذات البروج ، واليوم الموعود ، وشاهد ومشهود ))

    الشاهد : هم الذين كانوا يشهدون هذا المنظر
    والمشهود : هذا المنظر ورمي المؤمنين في النار

    (( قتل أصحاب الأخدود )) كيف قتلوا ؟
    (( النار ذات الوقود ، إذ هم عليها )) ذو نواس وجماعته
    (( إذ هم عليها قعود ، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )) ما كان صراع على ملك ولا كان صراع على مال ، ما فيه شيء ، ما فعلوا شيء إلا أن دخلوا في الدين ، ما عاندوه ولا صارعوه ولا طلبوا الحكم منه ولا شيء والنقمة الوحيدة والكره الوحيد أنهم دخلوا في دين التوحيد
    (( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )) .

    من هؤلاء العشرين ألف نجا رجل واحد اسمه : دوس ذو ثعلبان هرب فتبعه جنود ذو نواس فما زالوا يطاردونه حتى دخل في أرض رملية ما استطاعوا يلحقوه فيها ففر نجا ، نجا دوس ذو ثعلبان ، فبدأ يفكر ماذا يفعل ؟ وكيف يثأر لقومه هؤلاء الذين قتلوا ؟ فكر من الذي يستطيع أن ينصره ؟ فهداه عقله إلى قيصر ،

    قيصر نصراني مثلهم وأعظم ملك بعد كسرى فظل يمشي يتنقل إلى أن وصل إلى قيصر وكلم قيصر أنه تعال انصرنا مما فعل بنا ذو نواس وكيف قتل النصارى وقيصر كان في منتهى التدين فغضب غضب شديد ، لكن اليمن بعيدة ، فقال : نحن بعيدين عنك لكن أنا أقول لك : أرسل معك رسالة إلى النجاشي والحبشة قرب اليمن وهم على النصرانية أيضا فينصرونك فقال : افعل ، فأرسل معه الرسل إلى النجاشي أن انصر دوس ذو ثعلبان ,

    وصلت الرسالة إلى النجاشي فغضب على ما فعله ذو نواس بقومه النصارى فجهز جيشا عظيما من سبعين ألف ما رأت الجزيرة جيش مثل هذا الجيش سبعين ألف يرأسهم قائدهم رجل اسمه : أرياط ، ومن بين القادة في الجيش رجل اسمه : أبرهة ،

    وفعلا تجهز الجيش وانتقوا بالسفن عبر البحر الأحمر من الحبشة إلى اليمن وبدأ القتال العظيم بين أهل اليمن بقيادة ذو نواس ابن تبع وبين أرياط وجيشه وهزم ذو نواس لكنه ما استسلم ففر فتبعوه فدخل في البحر وأبى أن يقتلوه فتبعوه في البحر فدخل دخل حتى انتحر في البحر , قال : أقتل نفسي ولا يقتلوني وكان العرب فيهم مثل هذه النخوة كيف يقتل على يد أعدائه ؟ وسيطر الأحباش على اليمن وهكذا دخل الأحباش اليمن ،

    أرياط حكم اليمن نيابة عن النجاشي والآن والي النجاشي على اليمن وبدأ يظلم الناس ظلم عظيم بمن فيهم أهل الحبشة ، وبدأ يظلم حتى أهل الحبشة حتى الجيش الذي معه تجبر فهنا أبرهة ما صبر فاستطاع أن يجمع مجموعة من قادة الجيش ويشق الجيش وأعلن الثورة على أرياط ،

    فخرج له أرياط بجيشه والتقى جيشي الحبشة ، جيشا الحبشة التقيا ، وأول ما أرادوا أن يبدأوا القتال أرسل أبرهة إلى أرياط قال له : تعال نتحدث انزع سلاحك وانزع سلاحي ونتناقش ، فقال له : نعم ، فالتقيا بدون سلاح ، قال له : علام نهلك الحبشة ؟ إذا أنا وإياك تقاتلنا سوف نقتل الأحباش مع الأحباش فيرجع أهل اليمن يسيطرون وهذا ليس فيه مصلحة لنا ، قال له : الحل عندك ؟ قال له : أنا وإياك نتقاتل والذي يغلب هو الذي يحكم ، قال : وافقت ، فانتقل الآن القتال بدلا ما يكون بين جيشين صار بين رجلين ،

    وتقاتل الرجلان واستطاع أرياط أن يضرب أبرهة ضربه لكنه فر منها فقطعت أنفه فشرم أنفه فسمي أبرهة الأشرم ، وهذا سبب تسميته الأشرم ، لكن أبرهة فورا استطاع أن يهجم مرة أخرى فقتل أرياط وسيطر أبرهة على حكم اليمن ،

    وصلت الأخبار إلى النجاشي فغضب غضب شديد جدا كيف يتقاتل الأحباش وكيف يتجرأ أبرهة يقتل أرياط واليه على اليمن ؟ فأقسم أن يأخذ جيشه ولا يرجع حتى يدوس برجليه اليمن ويجز شعر أبرهة ، ويحلق شعره علامة الذل ،

    وصلت الأخبار إلى أبرهة و أبرهة خائف لا يستطيع على النجاشي فقام أبرهة وحلق شعره ، حلق شعر نفسه وأخذ تراب من اليمن وأرسل واحد رسول معه التراب ومعه الشعر ، قال : يا نجاشي بررت قسمك هذا شعري جزينا لك إياه وهذا تراب اليمن دوس عليه ، وما فعلت ما فعلت إلا لما ظلمنا أرياط وأنا تابع لك وأنا خادمك وأنا كذا وأنا كذا فرضي النجاشي ، ــ علام القتال ما دام هذا موالي له وتابع له انتهت المسألة ، ــ وانتهت المسألة عند هذا الحال ،

    لكن أبرهة ما زال الأمر خائف فيريد أن يظهر ولائه ويريد أن يظهر مكانة النجاشي فأمر ببناء كنيسة عظيمة جدا في اليمن سماها القليس فلما بنيت الكنيسة العظيمة ، أرسل إلى النجاشي قال : قد بنيت لك كنيسة عظيمة وسآمر العرب جميعا أن يحجوا إليها ، وأرسل في قبائل العرب يأمرهم بالحج إلى القليس ، وصلت الرسالة إلى قبيلة من العرب ومجموعة من العرب يسمونهم أهل النسيء ،

    أهل النسيء , كلمة النسيء : التأخير ، نسأ الشيء أخره ، والله سبحانه وتعالى يقول : (( إنما النسيء زيادة في الكفر )) من هم هؤلاء أهل النسيء ؟ هؤلاء ناس كانوا يعظمون الكعبة أعظم تعظيم وكانت لهم مكانة خاصة عند العرب بيدهم أمر النسيء ،

    لما الله سبحانه وتعالى جعل العرب على دين إبراهيم واندثر دين إبراهيم باندثار العلماء ، ذهب العلماء واندثر الدين بقيت آثاره منها الحج ومنها السعي ومنها الوقوف على عرفة هذه بقيت ، من الذي بقي من دين إبراهيم عليه السلام تعظيم الأشهر الحرم : (( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ))

    هذه الأربعة هي : رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم ، أربعة أشهر في دين إبراهيم عليه السلام في كتاب الله عز وجل منذ خلق السموات والأرض أن هذه الأشهر الحرم لا يجوز أن يبدأ فيها القتال ، حرام أن يبدأ فيها القتال ولذلك سميت حرم ، وكان أي قتال يحدث في الأشهر الحرم يسمى حرب فجار ، فجروا فيه ، والفجار خمسة ، فجرت العرب خمسة مرات في الأشهر الحرم ،

    الفجار الخامس شهده النبي صلى الله عليه وسلم لما هوجمت مكة ، هوازن هاجمت قريش في الأشهر الحرم فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقاتل يدافع عن قومه ، يجوز الدفاع لكن لا يجوز الهجوم فالنبي صلى الله عليه وسلم قاتل في الفجار دفاعا عن قومه ، يقول : (( كنت أنبل لأعمامي يوم الفجار )) في قتال هوازن
    وكان صغيرا كان يناولهم النبال ،

    فالفجار هي المعارك التي تحدث في الأشهر الحرم ، فكان العرب لا تتقاتل في هذه الأشهر الأربعة ، رجب وحده لكن فيه ثلاثة وراء بعض ، ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ، وكان كثير من قبائل العرب تعيش على الغزو يغزون بعض يأخذون أغراض بعض ، نساء بعض ، يأسرون ، هكذا يعيشون فوضى شديدة جدا وقتال مستمر بينهم ، فكان ثلاث شهور طويلة عليهم ما فيها قتال فماذا فعل العرب ؟

    عينوا مجموعة سموهم أهل النسيء ، قالوا : هؤلاء من حقهم أن يؤخروا محرم إلى صفر ، يبدلون صفر مع محرم ، فيسير ذي القعدة حرام وذو الحجة حرام ، ثم لا يأتي محرم يأتي صفر ، إذا أهل النسيء قالوا : سنة صفر قبل محرم صار حلال ، ثم يأتي محرم فيسير فيه حرام مرة ثانية ، فالله سبحانه وتعالى يقول : هم أصلا كفار وهذا النسيء زيادة في الكفر ، يحلون الأشهر الحرم بأن يلعبوا بهذه اللعبة ،



    فنرجع إلى قصتنا : واحد من أهل النسيء ممن يعظمون الكعبة أعظم تعظيم وكانت لهم هذه المكانة في العرب وصلته الأوامر أن هذا أبرهة يأمر بالحج إلى قليس ، قال ما هذا ؟ قليس يريدها تكون بديلة للكعبة كيف ؟ فراح تسلل وذهب إلى اليمن وتسلل ودخل القليس وقضى حاجته فيها ولطخ جدرانها ، وسخها كلها وطلع ، وانتشر الخبر و أبرهة رأى المنظر غضب ، غضب شديد جدا ،

    من فعل هذا ؟ قالوا : واحد من أهل النسيء ، ما أهل النسيء ؟ قالوا : هذا ممن يعظمون الكعبة ، ما هي الكعبة ؟ قالوا : هذا البيت الذي يحج إليه العرب ، فعرف أنهم لا يحجون إلى القليس إلا إذا هدم الكعبة فأمر بإعداد جيش عظيم من أهل اليمن ليهدموا الكعبة وغادر اليمن متجه إلى مكة وترك ابنه وراءه يحكم اليمن وأخذ معه فيل عظيم اسمه محمود ليهدم به الكعبة وتوجه أبرهة مع جيشه نحو مكة ،

    في الطريق خرج له العرب يريدون أن يوقفوه والعرب ما استسلموا فأول من بدأ ذلك رجل عظيم من عظماء العرب اسمه : ذو نفر ، فذو نفر جهز جيش لكن ما كان جيش كبير وخرج ليقاتل أبرهة فقاتله أبرهة فهزم جيش ذو نفر وأسر ذو نفر وأخذه أبرهة معه في الطريق ،

    في الطريق أيضا قبيلة خثعم وصلها الخبر أن أبرهة يريد أن يهدم الكعبة فتجهزت يرأسها نفيل ابن حبيب الخثعمي وحدث القتال مع أبرهة فهزمت خثعم وأسر نفيل ،

    وصل أبرهة إلى الطائف ، فالطائف خافوا أهل ثقيف قبيلة ثقيف الذين كانوا يعيشون في الطائف خافوا، خافوا أنه يهدم الطائف ويدمر قومهم ويقتلهم فأرسلوا إليه ، قالوا نحن ليس لنا شغل بذلك تريد تذهب تهدم الكعبة اهدم الكعبة ، ولكي نثبت أنا نحن لا نريد شرا معك نرسل واحد معك يدلك أين الكعبة ، فتطوع واحد منهم اسمه أبو رغال ليدل أبرهة على مكان الكعبة ،

    العرب كلهم رافضين يدلونه فذو رغال تطوع من بين العرب خيانة ، تطوع أن يدل أبرهة على الكعبة ، فعلا أبو رغال دله على طريق الكعبة ولما اقتربوا من مكة مات ذو رغال ودفن هناك ، دفن ما بين مكة والطائف ، وجعل قبره عند العرب مرجما ترجمه العرب ، خيانة كيف يخون قومه ؟ وحتى الآن في أمثال العرب إذا أرادوا أن يقولوا فلان خائن يقولون : ذو رغال ، هذا الخيانة كيف خان قومه ويدل عدوه على هدم البيت الذي يعظمه ،

    لكن وصل أبرهة إلى الكعبة أو وصل إلى أشراف مكة ولما وصل إلى أطراف مكة كان أهل مكة يرعون الإبل فجنود أبرهة أخذوا الإبل ومن بين ما أخذوا 200 بعير لعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وكان سيد مكة بلا منازع ، فهنا وصلت الأخبار إلى أهل مكة عبد المطلب أرسل يريد أن يقابل أبرهة ، فأبرهة رفض أن يقابل أحد من العرب ، كان رافضا أن يقابل أحد من العرب

    فهنا ذهب عبد المطلب إلى ذو نفر الأسير قال له هل من حيلة للدخول على هذا الملك قال له أنا أسير ما عندي شيء لكن أنا أقول لك أنيس سائس الفيل الذي يقود الفيل ــ وكان سائس الفيل عندهم معظم مكانة كبيرة الذي يسوس الفيل ــ هذا مقرب عند أبرهة وحدثت بيني وبينه في الطريق صحبه فإن شئت كلمت لك أنيس واسطة لك للدخول على أبرهة ، قال : افعل ،

    فذو نفر كلم أنيس ، وأنيس توسط عند أبرهة فأبرهة وافق أن يسمح لعبد المطلب أن يدخل عليه ، وكان عبد المطلب جميل جدا ذو وسامة وسيم وكان شكله مهيب كل من يراه يعظمه ويهابه فلما استأذن عبد المطلب على أبرهة أذن له فلما دخل عظمه أبرهة .

    من أول ما رآه مكانته عظيمه مهابة وكان أبرهة يجلس على عرش مثل السرير كبير فأراد أن يجلسه معه على العرش لكنه خاف أن تنتقده الأحباش على هذه الفعلة فنزل من عرشه وجلس مع عبد المطلب على الأرض تعظيما لعبد المطلب .


    ثم قال له : ما عندك ؟ قال : يا أبرهة إن جنودك قد أخذوا الإبل من الناس ومن بينهم مائتين بعير لي فجئت أنشدك أن تطلق لنا إبلنا وأنعام لنا . هنا أبرهة غضب قال : والله لما رأيتك عظمتك وأكبرت شأنك حتى نزلت من العرش لك فلما تكلمت ، تكلمت في هذا الأمر ، ــ بدل ما تكلمني وتتوسل لي أني أترك هذا البيت الذي تعبده أنت ويعبده قومك تقول لي الإبل ؟ ــ ،

    فقال عبد المطلب : يا أبرهة أنا رب الإبل ــ أنا سيد الإبل ، أنا هذه الدنيا أنا أحكمها ــ أما البيت فله رب يحميه ، أنت وشأنك مع البيت ــ هذا البيت ذا كان لله الله سيأخذه ــ ،

    فهنا أبرهة تعجب من هذه القولة وأمر بإطلاق الإبل ثم قال لعبد المطلب : نحن ما جئنا لنؤذيك ولا نؤذي قومك نحن شأننا هذا لبيت نريد أن نهدم هذا البيت فإذا أردت النجاة أنت وقومك نحن لا نريد أن نؤذيكم اخرجوا من مكة اتركونا نهدم البيت ثم ارجعوا إلى مكة .

    فهنا عبد المطلب ذهب إلى مكة وأمر أهل مكة كلهم أن يخرجوا من مكة فخرج أهل مكة وجلسوا على الجبال القريبة ينظرون ماذا سيحدث للكعبة ، وأخليت مكة من الناس .

    في اليوم المشهود أمر أبرهة أن يتحرك الفيل محمود نحو الكعبة ليهدمها وفعلا بدأ الفيل يتحرك نحو الكعبة والناس تنظر ، في هذه اللحظة أفلت نفيل ، أفلت نفيل ابن حبيب الخثعمي الأسير أفلت من الأسر وانطلق نحو الفيل وتعلق بأذن الفيل وأخذ ينادي الفيل : أبرك محمود أبرك محمود فإنه بيت الله العظيم .

    فبرك الفيل جلس مكانه جاؤوا يحركونه ما تحرك بدأوا يضربونه ويخزونه ما يتحرك ، فجاء أنيس وأدار الفيل أدار وجهه فقام وجهه جهة اليمن مشى كل جهة يوجهه إليها يمشي يوجه جهة الكعبة يرفض والناس متعجبة ماذا يحدث ؟ بينما هم يعالجون أمر الفيل إذا رأوا من بعيد في السماء سواد يملأ السماء غمامة سوداء تملأ السماء فتعجبوا ما هذا ؟ فلما اقتربت فإذا هي الطير الأبابيل .

    يصفها العلماء في الأحاديث : أنها طيور صغيرة كالعصافير ليست طيور كبيرة ؟ طيور صغيرة كالعصافير كل طير معه ثلاث حجارة من طين من سجيل ، حجارة صغيرة يصفونها كحبة العدس أو حبة الفول شيء صغير .
    كل عصفور يمسك ثلاثة حجارة كل رجل حجر وفي منقاره حجر ، فلما وصلت على جيش أبرهة بدأت ترمي الحجارة ، وكل ما أصابت واحد منهم سبحان الله كأنه مرض ينتشر في جسمه ويبدأ لحمه يسقط ، اللحم يسقط يذوب ويتحلل ، وبدأ جيش أبرهة يموت هكذا ،

    أبرهة لما رأى هذا المنظر فر هرب لكن الحجارة أصابته فقتل كل من كان في جيش أبرهة (( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ، ألم يجعل كيدهم في تضليل ، وأرسل عليهم طيرا أبابيل ، ترميهم بحجارة من سجيل ، فجعلهم كعصف مأكول )) ليس لهم شأن وليس لهم قيمة ، معجزة من الله سبحانه وتعالى .

    وزاد تعظيم البيت في نفوس العرب بيت الله الحرام وكان العرب ما عندهم تقويم ما عندهم تاريخ كانوا يؤرخون بالأحداث حرب الفجار الأولى حرب الفجار الثانية هكذا يؤرخون فأخذوا يؤرخون بعام الفيل وكانوا يقولون ثلاث سنوات قبل عام الفيل ، سبع سنوات بعد عام الفيل هكذا كان تأريخهم ، ما كان عندهم تقويم ، وفي ذلك العام ولد النبي صلى الله عليه وسلم في عام الفيل ، ولد النبي صلى الله عليه وسلم ,

    بعد مقتل أبرهة بمعجزة إلهية وتحطم جيشه ظل الحبشة مسيطرون على اليمن لأن أبرهة كان قد ترك ابنه يكسوم يحكم اليمن وبعد يكسوم بعد ما مات يكسوم تولى حكم اليمن ابن يكسوم مسروق ابن أبرهة ،

    وفي هذه الفترة ظهر شاب من سلالة ربيعة ابن نصر أهل اليمن الأصليين الذين كانوا يحكمون اليمن اسمه سيف ابن ذي يزن ، وسيف ابن ذي يزن تضايق من أن أهل اليمن العرب الأصيلين يحكمهم أناس من الحبشة وكيف أن هؤلاء الغزاة احتلوا أرض قومه وملك آباءه ، فأراد أن يفعل شيئا فوجد أنه لا قبل له ولا قدرة له على صراع الحبشة فبدأ يفكر ماذا يصنع فترك اليمن وذهب إلى الشام ، ذهب إلى الشام ليستعين بقيصر ، التقى مع قيصر فقيصر استقبله استقبالا باردا ولم يعطه شيئا والسبب في ذلك أن الأحباش كانوا على النصرانية وقيصر على النصرانية ولا يريد أن يعين أهل اليمن على أهل الحبشة وهم من دينه فلم يعنه ،

    فلما رأى سيف ابن ذي يزن أنه لن يستطيع الحصول على مساعدة من قبل قيصر فكر فصرفه ذهنه أنه لابد أن يستعين بأحد من العرب فذهب إلى النعمان ابن المنذر والنعمان ابن المنذر من أهل اليمن أصلا ، المناذرة الذين كانوا في العراق أصلا من اليمن فوجده أقرب الناس إليه وكان ملكا عظيما فذهب ليستعين بالنعمان ابن المنذر

    فالنعمان ابن المنذر قال له : أنا لا قبل لي بالحبشة الحبشة أقوياء وأنا ملكي وقدرتي لا تستطيع عليهم لكن إن شئت أن تبقى عندي فإن لي وفادة كل عام إلى كسرى ــ كل سنة أزور كسرى ــ فإن شئت تبقى معي إلى أن يحين وقت الزيارة وتذهب معي إلى كسرى فتلتقي مع كسرى وتستعين بكسرى ،

    قال : أفعل ، وفعلا جلس سيف ابن ذي يزن في الحيرة عند النعمان ابن المنذر إلى أن جاء وقت الزيارة فذهب النعمان ابن المنذر وأخذ معه سيف ابن ذي يزن ودخلوا مجلس كسرى وكان الناس يقفون في مجلس كسرى لا يجلسون

    وكان كسرى عنده ستارة يجلس وراء الستارة على العرش وكان فوق هذا السرير الذي يجلس عليه العرش الذي يجلس عليه كان فوقه تاج ، تاج عظيم ضخم جدا يصفونه يزن تسعين كيلوا فكيف يضعه على رأسه ؟
    ــ يكسر رأسه ــ

    فكان مربوط بسلسلة من ذهب في السقف فكان يجلس على العرش ويدخل رأسه في التاج ثم تفتح الستارة عن هذا المنظر الرهيب على هذا العرش المزين بالجواهر وعلى هذا التاج الضخم العظيم الذي فوق رأس كسرى
    فلما يرى الناس هذا المنظر يسجدون لكسرى والعياذ بالله يسجدون له من دون الله لكن كان هذا حال الناس مع كسرى حتى الملوك كانوا يسجدون له حتى النعمان ابن المنذر وغيره كانوا يسجدون لكسرى ،

    فسيف ابن ذي يزن في هذا المشهد ينتظرون أن تفتح الستارة عن كسرى ، فتحت الستارة عن كسرى فسجد الناس جميعا إلا سيف ابن ذي يزن ما سجد فقد طأطأ رأسه ، فغضب كسرى غضبا شديدا قال : من هذا الأحمق الذي لم يسجد لي ؟ ــ غرور ــ ،

    فأتوا بسيف ابن ذي يزن قال : لما لم تسجد ؟ قال : أذهلني ما أنا فيه عن السجود لكسرى ، قال : ماذا أنت فيه ؟ قال : الهم ، قال : ما همك ؟ فقال له قصته كيف أن الحبشة سيطروا على أرض اليمن وأخذوا ملك آباءه وأجداده ؟ وأني جئت لأستعين بك على أن تنقذ اليمن من الحبشة ،

    هنا كسرى استشار أصحابه واستشار مستشارينه ، قالوا : ما الفائدة ؟ يعني ماذا نستفيد نحن ؟ أرض للعرب أرض ما فيها خيرات فلماذا نقحم جيوش كسرى وجيوش الفرس ونقتلهم على مصلحة لسيف ابن ذي يزن ليس فيها مصلحة لنا ؟ فرفض أن يعينه ،

    لكن لأنه ابن الملوك وحتى لا تتكلم عليه الناس أمر بصرف مكافأة عشرة آلاف درهم فضة وكسوة لسيف ابن ذي يزن ، سيف ابن ذي يزن ما جاء لأجل هذا يريد ملك آباءه وأجداده فهنا أخذ الكسوة وأخذ الدراهم وخرج من مصر كسرى وعند باب القصر بدأ ينثر الفضة يرميها على الناس وتجمع الناس عليه وهو يرمي العشرة آلاف درهم على الناس فوصل الخبر إلى كسرى ،

    قال : إن لهذا الفتى لشأن أحضروه ، أرجعوه ، قال : ما شأنك إذ رميت حبوة كسرى ؟ أنا أحبيك وأعطيك وأنت ترمي بهذا الهدية ؟ قال : يا شاه شاه ــ كانوا يسمونه ملك الملوك ــ قال : ما لي بالذهب والفضة وقد جئتك من أرض جبالها الذهب والفضة ،

    يريد أن يطمعه لكي يساعده ــ يقول أنا جئتك من اليمن واليمن جبالها ذهب وفضة وأنت تعطيني فضة ماذا أفعل بالفضة ؟ ــ هنا كسرى طمع وقام يشاور جماعته ، قالوا له : والله ما بلغنا ولا سمعنا أن اليمن فيها ذهب وفضة هذا خبر جديد ، قال أما ترونه رمى الذهب والفضة ؟ واحتاروا مترددين وبدأ الطمع يسري فيهم .

    ثم أشاروا عليه برأي قالوا : إن في السجون رجالا قد أعددتهم للقتل ، ــ في السجون ناس جاءهم الدور أنهم يذبحونهم ــ فأخرجهم مع سيف ابن ذي يزن ودعه يقاتل بهم الحبشة فإذا انتصروا صارت اليمن لك وإذا قتلوا فهذا ما تريد فأنت أصلا ناوي تقتلهم .

    قال : نعم الرأي أخرجوا من في السجون ، أخرجوهم ووجدوهم ثمان مائة رجل من بين مجرمين ومن بين قطاع طرق ومن بين معارضين لكسرى فجمعوهم ثمان مائة رجل ، عين عليهم كسرى واحد من قواده اسمه وهرز وكان مقاتلا عظيما ، عينه قائد على الجيش وخرج معهم سيف ابن ذي يزن وأخرج معهم كسرى ثمانية سفن ،

    ركبوا السفن وانطلقوا في الفرات من الفرات إلى الخليج العربي ــ مروا علينا ــ ومن ثم إلى بحر العرب حتى وصلوا إلى عدن فنزلوا في ميناء عدن وكان الحبشة وصلتهم الأخبار فبدأوا يعدون الجيش للقائهم وسيف ابن ذي يزن نزل وجمع أنصاره العرب الذين كانوا معه مؤيدين له واجتمعوا لينصروا جيش الفرس وبدأ القتال ما بين جيش الفرس وبين جيش الحبشة ,

    جيش الحبشة قاده مسروق نفسه ملكهم وجيش الفرس يقوده وهرز ، وهرز هذا يصفونه يقولون : كان في منتهى القوة رجل شديد حتى يصفون أن عنده نبل هكذا يزعمون ، عنده نبل وترها ما يستطيع أحد يشده غيره من قوته فكان يراقب المعركة ، قال : هل تعرفون ملكهم ؟ قال سيف ابن ذي يزن : أنا أعرفه ، قال : أين هو ؟ قال : أترى ذلك الرجل في الديباج الذي يركب الفيل وبين عينيه ياقوتة حمراء ؟ قال : نعم ، قال : هذا هو ،

    قال : اتركوه حتى يتحول عن الفيل ، ــ خلوه ينزل من الفيل ــ بعد فترة سأل ، فقالوا : نزل عن الفيل وهو على فرس ، قال : اتركوه ، أخبروني إذا تحول عن الفرس ، بعد فترة نزل عن الفرس ركب على بغل أجلكم الله قال : على ماذا الآن ؟ قالوا : على بغلة ، قال : على بنت الحمار ؟ ذل وذل ملكه ــ وينه ــ أين هو ؟

    والبغلة ما هي سريعة في الحركة فنزل وهرز وشد نبله ثم ضربه ضربة من خلف الجيش فدخلت عند الياقوتة وخرجت من رأسه من جهة أخرى فقتل مسروق ابن أبرهة وانهزم جيش الحبشة وسيطر جيش الفرس ،

    الآن لما سيطر جيش الفرس ما سلموا الملك لسيف ابن ذي يزن أخذوه لأنفسهم وهذه عقدة عند اليمن الآن يسمونها عقدة سيف ابن ذي يزن ، أن أهل اليمن لما تصير بينهم مشاكل يستعينون بأحد من خارجهم فيزيد مشاكلهم فهي عقدة مشهورة يسمونها عقدة سيف ابن ذي يزن ،

    فنعم تخلصوا من الحبشة لكن احتلهم الفرس ، وأمر كسرى بأن يحكم على اليمن نيابة عنه رجل اسمه المرزبان ثم حكم ابنه بعد ذلك التيبجان ثم بعد ذلك عزله كسرى وأمر عليهم باذان وكلهم فرس .

    بعث النبي صلى الله عليه وسلم واشتهر أمره في ظل حكم باذان ، وباذان كان يحكم اليمن ولما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسالته إلى كسرى أنو شروان كان الذي يحكم اليمن باذان فكسرى أنو شروان لما جاءته الرسالة من النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الرسالة ومزقها قبل أن يقرأها وأمر بقتل الرسول الذي جاء بالرسالة

    فالنبي صلى الله عليه وسلم قال : مزق رسالتي مزق الله ملكه ، كسرى من شدة غضبه قال : من هذا ؟ واحد أعرابي يطلب مني أن أتبعه ؟ ــ مثل واحد الآن في قرية من قرى الجزيرة قرية هكذا نائية لا أحد يسمع فيها ويطلب من الولايات المتحدة تتبعه ــ ،

    كسرى كان أعظم ملك في الأرض في ذلك الزمان فأرسل رسول إلى باذان قال له : فيه واحد خرج في الجزيرة ائتني به ، فباذان أرسل اثنين من عنده ما أرسل جيش أرسل اثنين أقوياء من عنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال له سلم بدون أن نرسل لك جيش ، هكذا استهزائهم بالمسلمين كانوا يعتبرون أنفسهم أعظم دولة في العالم ،

    فعندها النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه الرسولين من باذان يأمرانه أن يأتي معهما حتى يأخذاه إلى كسرى قال : كسرى أنو شروان ؟ قالوا : نعم ، قال : إن الله قد قتل كسرى الليلة ، ــ في هذه الليلة قتل كسرى ــ قالوا : إن كان قتل الليلة فمن أوصل لك الخبر ؟

    الخبر يأتي من بلاد فارس من المدائن يأخذ شهر كيف عرفت أنه قتل الليلة ؟ قال : الوحي ، قالوا : هذا ردك على رسالتنا ؟ قالوا : أخبروا باذان بذلك ، فرجعوا إلى اليمن وأخبرا باذان ، قالوا : قلنا له سلم قال : كسرى قتل ،

    الخبر لم يصل إلى باذان ، لم يصل الخبر إلى اليمن ، قال : في أي ليلة وصل هذا الخبر ؟ قالوا : في الليلة الفلانية ، قالوا : خلونا ننتظر الأخبار ، بعد أربعة عشر يوم جاء الخبر إلى اليمن أن كسرى قتل في تلك الليلة قال : والله ما يعلم ذلك إلا نبي ، فآمن باذان وأسلم ودخل بإسلامه الفرس الذين في اليمن دخلوا في الإسلام وصاروا أتباع للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا أتباع لكسرى فهكذا دخل الإسلام إلى اليمن بإسلام باذان الفارسي ، وأقره صلى الله عليه وسلم على ملكه إلى أن مات ، فلما مات حكم بعده ابنه شهر وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ملكه ،

    إلى أن خرج الأسود العنسي الذي ادعى النبوة فقتل شهر واحتل اليمن وكان هذا في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن هؤلاء الملوك الذين يدخلون في الإسلام كان يقرهم على الملك لم يكن يغيرهم فمن بين الذين أقرهم باذان رحمه الله ، فهذه قصة دخول اليمن في حكم فارس وهكذا قصتها أيضا خروجها من حكم فارس إلى حكم الإسلام .

    ننتقل إلى قصة أخرى مهمة أيضا لها ارتباط بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وهي قصة قصي ابن كلاب ، تذكرون في الدرس الماضي تحدثنا كيف كانت جرهم القبيلة المهاجرة من اليمن ؟ كيف سكنت مكة ؟ وصاهرهم تزوج منهم إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام ،

    فنحن العرب المستعربة أحفاد جرهم وإسماعيل عليه السلام وتعرب إسماعيل عليه السلام وفي ذريتهم كان أبناء إسماعيل عليه السلام ثم إن خزاعة احتلت مكة وسيطرت عليها وجرهم أكثرها خرج وبقي أبناء إسماعيل في مكة لكن ليس لهم سلطة ليس لهم قوة السلطة كانت لخزاعة .

    وبينا كيف أن عمر ابن لحي من خزاعة غير دين العرب بعد ما كانوا موحدين على دين إبراهيم غير دينهم وأدخل فيهم الشرك .

    كانت نفوس بني إسماعيل تتطلع إلى حكم مكة مرة أخرى لأن هم كانوا الذين يحكمون مكة والتخلص من خزاعة لكن خزاعة ظلوا يحكمون حوالي 500 خمس مئة سنة يحكمون مكة إلى أن جاء قصي ابن كلاب .

    قصي ابن كلاب من سلالة إسماعيل عليه السلام ، ومن سلالة إسماعيل فهر الملقب بقريش ، فلما يقال قريش هو فهر من أبناء إسماعيل عليه السلام من أحفاد إسماعيل عليه السلام ، وقصي بن كلاب من سلالة فهر وكان سيدا عظيما ، الله سبحانه وتعالى أعطاه الغنى وأعطاه المال فشرف في قومه ،

    فعندها تزوج قصي ابن كلاب من ابنة حليل رئيس خزاعة ، خطب بنت رئيس خزاعة حاكم مكة فزوجه إياها فزاد شرفه فهو من سلالة إسماعيل وزوجته بنت سيد خزاعة سيد مكة فزاد شرفه ، فلما كثر نسبه وأولاده صار عنده قوة كبيرة ومال كثير أراد أن يرجع ملك آباءه فلما مات سيد خزاعة نادى أنه هو سيد مكة واستنصر إخوانه وأقاربه وقريش وإخوانه من أمه ، وكانوا في مكان آخر خارج مكة فجاءوا ونصروه ،

    وتجمع الجيشان جيش من خزاعة وجيش من قريش والصراع على الشرف وملك مكة ، عندما التقى الجيشان وبدأ القتال وكثر القتل ، وكانوا يتقاتلون على الشرف ، الشرف بالنسبة لهم شيء عظيم جدا فكثر القتل فيهم فلما كثر القتل حتى كاد يفنيهم من كثر القتل تدخل بينهم الحكماء ،

    قالوا : نحكم ، نتفق على حكم يفصل بيننا ، فاتفق الطرفان على الحكم واتفق على رجل معمر كبير في السن اسمه يعمر ابن عوف وكان حكيما من حكماء العرب فاتفق الجميع على أن يحكمان يعمر ابن عوف وأخذوا الأيمان المغلظة وشهدوا الشهود أن الذي يحكم به يعمر ينفذ ولا أحد يعترض وحلف الجميع على ذلك ،

    وفعلا تجمع الناس عند يعمر فكل واحد بدأ يذكر حجته ويذكر قصته ، فقصي ابن كلاب قال : هذا ملك آبائي وأجدادي ، وإسماعيل جدي وهو أول من سكن مكة وزمزم حفرت له وخزاعة مغتصبين ،

    صحيح صار لهم 500 سنة لكنهم مغتصبين ، هذا ملك آبائي وأجدادي وهذه الكعبة بناها أبي ، وبدأ يذكر حجته ، وخزاعة لا يوجد حجة ، فلما انتهوا حكم يعمر قال : كل شيء لقصي ابن كلاب ، الرفادة والسقاية والحجابة والكسوة والندوة ، كل شيء كل الملك وكل شيء لقصي ابن كلاب وخزاعة ليس لها شيء ،

    فأسقط في يد خزاعة ورجع كل شيء لقصي ابن كلاب ، حكم ليس فيه مثله وعدل ، ــ صح له 500 سنة لكن ما يسقط في التقادم ــ فرجع كل شيء لقصي ابن كلاب فتجمع في يده شرف العرب كل شيء عنده ، فصار قصي ابن كلاب سيد مكة بلا منازع ، وسلمت خزاعة لأنهم حلفوا وأقسموا وأوفوا بعهودهم وعقودهم وساد قصي ابن كلاب مكة ،

    عندها أكرم الناس ، قام يسقي ويطعم ويكرم الناس حتى زاد حبه في النفوس ثم بنى لهم دار الندوة ، ودار الندوة مثل قاعة اجتماعات أو قاعة احتفالات فكانوا لا يعقدون عقدا إلا فيها ولا يعلنون حربا إلا فيها ولا يتشاورون إلا فيها ، ثم زاد الأمر وما عاد أحد يتزوج في مكة إلا في دار الندوة دار قصي ابن كلاب ، حتى زادوا في الأمر فكانت البنت الصغيرة إذا درعت ــ يعني إذا لبست الدراعة يسمونها درعت ــ لا تدرع إلا في دار الندوة ، كل شيء كان يحدث عندهم في دار الندوة ،

    وهي الدار التي اجتمع فيها زعماء قريش يوم الهجرة حتى يتخلصوا من النبي صلى الله عليه وسلم وهي الدار التي اجتمعوا فيها ليعلنوا الحرب على المسلمين ، هذه دار الندوة كل الشرف في دار الندوة كل الأحداث في دار الندوة فكانت دار قصي ابن كلاب ، وقصي ابن كلاب هو جد من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم ، جزاكم الله خيرا على حسن الاستماع سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    نسأل الله أن تكونوا قد استفدتم من هذه المادة ونأمل مواصلة الاستماع لبقية أجزاء المجموعة ومرة أخرى تحييكم قرطبة للإنتاج الفني والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Working...