ماذا قالت هذه المرأة لأبنتها في ليلة عرسها
اليوم يا بنتي تدخلين دنيا جديدة عليك دنيا سمعت كثيراً عنها من صديقاتك وقريباتك ولمستها في أخواتك ، ولكن كل هذا لا يعني أنك عرفت دنيا الزواج والحياة الزوجية إلا كمعرفة من وقف على شاطئ اليم دون أن تخوض فيه ، وشتان بين من يسبح في البحر ومن يسبح على البر .
اليوم تتركين العش الذي درجت فيه والأهل الذين عشت بينهم وكبرت ، وبدأ تنقشين في خيالك أحلاماً وأماني ورؤى لعالم جديد ، تخيلت فيه كل صغيرة وكبيرة ، وحلمت أحلاماً وردية عن البيت والزوج والأطفال وقد يكون بيتك هذا تجسيداً لتلك الأماني والأحلام التي ملأت خاطرك ، أو قد يكون البون شاسعاً بين ما كنت تحلمين به وبين الحقيقة ، فالخيال دائماً يا بنيتي مجنح بألف ، والحقيقة تسير على الأرض ، فأرجو ألا تصدمك الحقيقة إذا رأيت اختلافاً كبيراً بين عاداتك وعادات زوجك وطباع كل منكما في المأكل والمشرب والملبس والنوم وطريقة التفكير والنظرة للأمور ، وقد يكون هذا مخالفاً لما عهدته في بيت أهلك ، فلا تقفي مكتوفة اليدين تندبين حظك ، بل حاولي أن تقربي المسافة بينكما ، فالطريق الطويل يبدأ بخطوة واحدة ، وكل عادة يمكنك أن تجاريه فيه إذا كانت مقبولة ، فلا مانع أن تصبح عادتك ولا تنخدعي بالمثل القائل : زوجك على ما عودته ، فالرجل ليس كما سمعت صلصالاً يمكن أن تشكيله حسب ما تريدين ، ولا طيناً تصيرينه وعاء خزفياً تفرغين فيه عاداتك وأخلاقك وطباعك ، فكل فرد في العالم له خصائص وميزات ورغبات وحاجات ونزعات تختلف عن غيره مهما بدا الشبه قريباً في الظاهر ، فالناس أشباه وشتى في الشيم ، فقد يتشابهون ظاهراً ويختلفون خلقاً وباطناً ، حتى أنت تختلفين عني في أشياء كثيرة ، فما بال في زوجين مختلفين تماماً ومن بيئتين مختلفتين في الثقافة ونمط التفكير والنمط الأسري ودرجات التعليم والحياة الاجتماعية ، إن الزوجة الذكية هي التي تجعل " شعرة معاوية " بينها وبين زوجها دائماً فلا تنصهر شخصيتها وتذوب أمامه ، بل تأخذ أحسن ما عنده ، وتجعله يشرب أحسن ما عندها ، دون إكراه أو إلزام أو تعنت أو مكروه ، بل بطريقة غير مباشرة ودون أن يشعر .
وأعلمي يا بنتي أن الرجل الشرقي حساس جداً وعنتري ، لا يأخذ من زوجته شيئاً من طباعها وعاداتها إذا لمس منها ضغطاً أو إكراهاً .
وليكن أمام عينيك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم { لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } .
فكوني معه على الزمن لا تكوني مع الزمن عليه ، امنحيه السكن والسكون والطمأنينة والأمن النفسي والدفء الأسري ، ولا تظني أن الزواج ملابس وحليا ومنتزهات وسهرات وكلمات معسولة فقط ، بل تأكدي وتيقني أن هذا لن يستمر طويلاً ، لأن لكل جديد فرحة ، وهذا الانبهار لن يدون فالمسؤولية ثقيلة والزوج بحاجة لرعاية خاصة واهتمام فريد يشعره أنه لا يمكنه أن يستغني عنك أبداً ، لا تتركي الجوع يعضه كسلاً أو أهمالاً ، كما لا تثقي كثيراً بأن ( الطريق إلى قلب الرجل معدته ) ، وكوني وسطاً بين ذلك ، فالطريق إلى قلب الزوج الألفة والمودة والرحمة .
فالمطاعم قدرة على ملء معدتة ، لكنها عاجزة عن ملء الفراغ النفسي الذي يجده إلى جانبك ، أحرصي على مشاركته فرحته وألمه ، ولا تقع عيناه منك إلا على أجمل منظر .
ولا يشم منك إلا أطيب ريح ، ابحثي عما يحبه فافعليه، وما يكرهه تجنبيه ، واعلمي يا ابنتي أنه ليس عيباً أو طعناً في الأنوثة أو جرحاً في الكرامة أن تحني رأسك عند هبوب العاصفة ، وتكوني أصم سميعاً ، أعمى بصيراً ، فالسنديانة القاسية يقتلعها الإعصار من جذورها ويرميها بعيداً ، فلا تقوم لها قائمة ، وتنهض السنابل الرقيقة التي تميل مع الهواء وتحني رأسها قليلاً لترفعه دائماً .
إن لكل شئ ثمناً وثمن الحفاظ على بيتك الحفاظ على أعصابك أن تفلت منك وقت هبوب الاختلاف ، فالنار لا تطفئها نار مثلها ، بل ماء يكون بارداً وسلاماً ، فالكلام أثناء الخصام حتى ولو كان ليناً يكون كرجم الحجارة .
وإياك أن تكثري من العتاب ، بل اجعليه كالملح ، إن يكون معتدلاً يطيب الطعام ، وإن يكثر فعلى الطعام السلام ، اجعلي أسرار بيتك وخلافاتك الشخصية لا تتجاوز جدران منزلك فإذا نقلت لك صغيرة وكبيرة في خصامك إلى أهلك فلن يغفروا له بعد أن يعود الوفاق إليكما إلا إذا كانت أموراُ أساسية يجب معالجتها في بدايتها حتى لا تستفحل ، عندها قد لا ينفع معها إلا إجتثاث الأصل .
عندما أزفك إلى زوجك أعلم أني اقتطع جزءاً من قلبي ولكنها سنة الحياة ، ولا تظني أني تخلصت منك بزواجك ، أو عجزت عن القيام بمسئوليتك ، فلو كانت الفتيات يغنيهن الأهل عن الزواج لاستغنت عنه بنت أفضل الخلق – الزهراء فاطمة رضي الله عنها – أو بنات الملوك والقادة والعظماء والوجهاء والأغنياء ، ولكنه حاجة نفسية لأتباع ، ولا تشترى ، ولا تستأجر ، ولا تملك إلا بالزواج .
فداري هذه النعمة حتى لا تندمي على فقدها ، لأن الاحتفاظ بالزوج أصعب كثيراً من الحصول عليه في عصر كثرت فيه المغريات ، وصار المستحيل ممكناً والتخمين يقيناً ، ولم يعد في حساب بعض الأزواج اعتبار للأسرة أو العائلة أو المكانة الاجتماعية أو كلام الناس أو خوف الله ، وأصبح الضمير غائباً ، وارتفعت أسهم الأنانية ، فهبطت أسهم الإيثار والصدق والصبر والتروي الذي حل محله السرعة والنزق والطيش وضيق الأفق ومحدودية الرؤية .
قلبي معك ودعواتي لك بأني تحبي زوجك وأهله كحب أسرتك ، وخاصة حماتك أم زوجك ، فأحبيها لأنها أعطتك قطعة منها ، واحترميها كما تريدين أن يحترم زوجك أمك ، وتذكري قول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم 00000 فطالما استعبد الإحسان إنساناً
وإياك والغيرة منها أو من أخواته ، فكما تدين تدان ، أتمنى لك زواجاً سعيداً ومديداً مع زوجك ، وأن يكون رفيق دربك الطويل ، بارك الله لكما وجمع بينكما بخير ، وإياك وطاعته في معصية ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
المرجع مجلة الشقائق ـ الأسرة
اليوم يا بنتي تدخلين دنيا جديدة عليك دنيا سمعت كثيراً عنها من صديقاتك وقريباتك ولمستها في أخواتك ، ولكن كل هذا لا يعني أنك عرفت دنيا الزواج والحياة الزوجية إلا كمعرفة من وقف على شاطئ اليم دون أن تخوض فيه ، وشتان بين من يسبح في البحر ومن يسبح على البر .
اليوم تتركين العش الذي درجت فيه والأهل الذين عشت بينهم وكبرت ، وبدأ تنقشين في خيالك أحلاماً وأماني ورؤى لعالم جديد ، تخيلت فيه كل صغيرة وكبيرة ، وحلمت أحلاماً وردية عن البيت والزوج والأطفال وقد يكون بيتك هذا تجسيداً لتلك الأماني والأحلام التي ملأت خاطرك ، أو قد يكون البون شاسعاً بين ما كنت تحلمين به وبين الحقيقة ، فالخيال دائماً يا بنيتي مجنح بألف ، والحقيقة تسير على الأرض ، فأرجو ألا تصدمك الحقيقة إذا رأيت اختلافاً كبيراً بين عاداتك وعادات زوجك وطباع كل منكما في المأكل والمشرب والملبس والنوم وطريقة التفكير والنظرة للأمور ، وقد يكون هذا مخالفاً لما عهدته في بيت أهلك ، فلا تقفي مكتوفة اليدين تندبين حظك ، بل حاولي أن تقربي المسافة بينكما ، فالطريق الطويل يبدأ بخطوة واحدة ، وكل عادة يمكنك أن تجاريه فيه إذا كانت مقبولة ، فلا مانع أن تصبح عادتك ولا تنخدعي بالمثل القائل : زوجك على ما عودته ، فالرجل ليس كما سمعت صلصالاً يمكن أن تشكيله حسب ما تريدين ، ولا طيناً تصيرينه وعاء خزفياً تفرغين فيه عاداتك وأخلاقك وطباعك ، فكل فرد في العالم له خصائص وميزات ورغبات وحاجات ونزعات تختلف عن غيره مهما بدا الشبه قريباً في الظاهر ، فالناس أشباه وشتى في الشيم ، فقد يتشابهون ظاهراً ويختلفون خلقاً وباطناً ، حتى أنت تختلفين عني في أشياء كثيرة ، فما بال في زوجين مختلفين تماماً ومن بيئتين مختلفتين في الثقافة ونمط التفكير والنمط الأسري ودرجات التعليم والحياة الاجتماعية ، إن الزوجة الذكية هي التي تجعل " شعرة معاوية " بينها وبين زوجها دائماً فلا تنصهر شخصيتها وتذوب أمامه ، بل تأخذ أحسن ما عنده ، وتجعله يشرب أحسن ما عندها ، دون إكراه أو إلزام أو تعنت أو مكروه ، بل بطريقة غير مباشرة ودون أن يشعر .
وأعلمي يا بنتي أن الرجل الشرقي حساس جداً وعنتري ، لا يأخذ من زوجته شيئاً من طباعها وعاداتها إذا لمس منها ضغطاً أو إكراهاً .
وليكن أمام عينيك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم { لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } .
فكوني معه على الزمن لا تكوني مع الزمن عليه ، امنحيه السكن والسكون والطمأنينة والأمن النفسي والدفء الأسري ، ولا تظني أن الزواج ملابس وحليا ومنتزهات وسهرات وكلمات معسولة فقط ، بل تأكدي وتيقني أن هذا لن يستمر طويلاً ، لأن لكل جديد فرحة ، وهذا الانبهار لن يدون فالمسؤولية ثقيلة والزوج بحاجة لرعاية خاصة واهتمام فريد يشعره أنه لا يمكنه أن يستغني عنك أبداً ، لا تتركي الجوع يعضه كسلاً أو أهمالاً ، كما لا تثقي كثيراً بأن ( الطريق إلى قلب الرجل معدته ) ، وكوني وسطاً بين ذلك ، فالطريق إلى قلب الزوج الألفة والمودة والرحمة .
فالمطاعم قدرة على ملء معدتة ، لكنها عاجزة عن ملء الفراغ النفسي الذي يجده إلى جانبك ، أحرصي على مشاركته فرحته وألمه ، ولا تقع عيناه منك إلا على أجمل منظر .
ولا يشم منك إلا أطيب ريح ، ابحثي عما يحبه فافعليه، وما يكرهه تجنبيه ، واعلمي يا ابنتي أنه ليس عيباً أو طعناً في الأنوثة أو جرحاً في الكرامة أن تحني رأسك عند هبوب العاصفة ، وتكوني أصم سميعاً ، أعمى بصيراً ، فالسنديانة القاسية يقتلعها الإعصار من جذورها ويرميها بعيداً ، فلا تقوم لها قائمة ، وتنهض السنابل الرقيقة التي تميل مع الهواء وتحني رأسها قليلاً لترفعه دائماً .
إن لكل شئ ثمناً وثمن الحفاظ على بيتك الحفاظ على أعصابك أن تفلت منك وقت هبوب الاختلاف ، فالنار لا تطفئها نار مثلها ، بل ماء يكون بارداً وسلاماً ، فالكلام أثناء الخصام حتى ولو كان ليناً يكون كرجم الحجارة .
وإياك أن تكثري من العتاب ، بل اجعليه كالملح ، إن يكون معتدلاً يطيب الطعام ، وإن يكثر فعلى الطعام السلام ، اجعلي أسرار بيتك وخلافاتك الشخصية لا تتجاوز جدران منزلك فإذا نقلت لك صغيرة وكبيرة في خصامك إلى أهلك فلن يغفروا له بعد أن يعود الوفاق إليكما إلا إذا كانت أموراُ أساسية يجب معالجتها في بدايتها حتى لا تستفحل ، عندها قد لا ينفع معها إلا إجتثاث الأصل .
عندما أزفك إلى زوجك أعلم أني اقتطع جزءاً من قلبي ولكنها سنة الحياة ، ولا تظني أني تخلصت منك بزواجك ، أو عجزت عن القيام بمسئوليتك ، فلو كانت الفتيات يغنيهن الأهل عن الزواج لاستغنت عنه بنت أفضل الخلق – الزهراء فاطمة رضي الله عنها – أو بنات الملوك والقادة والعظماء والوجهاء والأغنياء ، ولكنه حاجة نفسية لأتباع ، ولا تشترى ، ولا تستأجر ، ولا تملك إلا بالزواج .
فداري هذه النعمة حتى لا تندمي على فقدها ، لأن الاحتفاظ بالزوج أصعب كثيراً من الحصول عليه في عصر كثرت فيه المغريات ، وصار المستحيل ممكناً والتخمين يقيناً ، ولم يعد في حساب بعض الأزواج اعتبار للأسرة أو العائلة أو المكانة الاجتماعية أو كلام الناس أو خوف الله ، وأصبح الضمير غائباً ، وارتفعت أسهم الأنانية ، فهبطت أسهم الإيثار والصدق والصبر والتروي الذي حل محله السرعة والنزق والطيش وضيق الأفق ومحدودية الرؤية .
قلبي معك ودعواتي لك بأني تحبي زوجك وأهله كحب أسرتك ، وخاصة حماتك أم زوجك ، فأحبيها لأنها أعطتك قطعة منها ، واحترميها كما تريدين أن يحترم زوجك أمك ، وتذكري قول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم 00000 فطالما استعبد الإحسان إنساناً
وإياك والغيرة منها أو من أخواته ، فكما تدين تدان ، أتمنى لك زواجاً سعيداً ومديداً مع زوجك ، وأن يكون رفيق دربك الطويل ، بارك الله لكما وجمع بينكما بخير ، وإياك وطاعته في معصية ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
المرجع مجلة الشقائق ـ الأسرة