Unconfigured Ad Widget

Collapse

بحركة مناورة وتطويق سياسية أقرب إلى نوع العمليات العسكرية التي كانت تُجرى في احتلال ا

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    بحركة مناورة وتطويق سياسية أقرب إلى نوع العمليات العسكرية التي كانت تُجرى في احتلال ا

    بحركة مناورة وتطويق سياسية أقرب إلى نوع العمليات العسكرية التي كانت تُجرى في احتلال العراق، فاجأت الولايات المتحدة العالم بنقل أرض المعركة من العراق إلى سوريا، فكان للأمر وقع (الترويع) على شعوب وحكومات العالم العربي، ودول وشعوب العالم كذلك، حتى قيل إن التسمية الأمريكية للحملة العدوانية على العراق بـ(الصدمة والترويع) قد اتضح معناها بعد تهديد سوريا، حيث كانت (الصدمة) في العراق، أما(الترويع) فكان المقصود به سوريا .
    على نحو مفاجئ خرج (رامسفيلد) وبعده بوش، وبين هذا وذاك كان هناك عشرات الناطقين الرسميين الذين خرجوا في تجريدة إعلامية من التهديدات والاتهامات لسوريا، مستخدمة نفس قاموس الاتهامات التي سيقت لتبرير العدوان على العراق. وتلا كل هؤلاء (كولن باول) –أحد الحمائم في الإدارة الأمريكية كما يتصور الذين لا يصدقون درجة العدوانية الأمريكية- ليعلن -ومن الكويت تحديداً –لما لذلك من مغزى، وهو أن الولايات المتحدة تفكر في فرض حصار اقتصادي على سوريا..وبينما اكتفى (باول) بذلك، تسارع الحديث عن سيناريوهات عسكرية للعدوان على سوريا، غير أن الأمور استدارت بنفس السرعة، فلم يمضِ وقت طويل حتى خرج بوش ليقول: إن سوريا فهمت الرسالة!.
    على الجانب السوري كان الرد بنفي الاتهامات الأمريكية، غير أن الأهم هو أن سوريا أخذت تكتيك الهجوم -بدلا من الدفاع الذي ميز الموقف العربي عموماً، والعراقي خصوصا قبل الحرب- وكان شكل الهجوم هو بالتقدم لمجلس الأمن بمشروع قرار يربط التفتيش على أسلحة سوريا بالتفتيش على أسلحة الكيان الصهيوني، غير أنها في الوقت نفسه أعلنت عن فرض تأشيرات دخول على العراقيين إلى أراضيها، ومنعها دخول المجاهدين العرب، ومن هنا جاءت تصريحات (جورج بوش) وكأنها إعلان بانصياع سوريا، فهل انتهى الأمر؟ بالطبع لا، والعكس هو الأصح !.



    لماذا سوريا ؟

    يبدو مهما أولا أن نتفهم لماذا سوريا؟. وواقع الحال أن الأسباب متعددة ومتنوعة، فهناك ما هو مباشر (أي ما يرتبط بوقائع العدوان على العراق)، وهناك ما هو مرتبط بالاستراتيجية الأمريكية الشاملة في المنطقة. فتطورات ما جرى في العراق رتبت أهمية خاصة للضغط على سوريا، سواء باعتبارها الدولة الوحيدة التي سمحت للمتطوعين العرب بالمرور عبر أراضيها إلى العراق، أو للقلق من أن تتحول الحدود السورية العراقية إلى مكان للإمداد والتموين للمقاومة العراقية، في ضوء تصاعد اليقين الأمريكي بأن العراقيين اختاروا المقاومة طويلة الأمد على معركة فاصلة في بغداد. وفي الثانية فإن الاستراتيجية الأمريكية -التي ستركز في مرحلة ما بعد احتلال العراق على الإسراع بإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية، كما كان الحال بعد نهاية عدوان 91 على العراق- تعتبر سوريا حجر عثرة في طريقها، باعتبار أن سوريا هي البلد الحاضن للمنظمات الجهادية، وهي الدولة الممر بين حزب الله وإيران، وهي الدولة السند المباشر لحزب الله في لبنان إلخ .
    كان الضغط على سوريا ذا أهمية تكتيكية، وذا أبعاد استراتيجية أيضاً، ومن ثم فإن من يتابع الاتهامات الموجهة ضد سوريا يجد أن الولايات المتحدة -وبصفة مؤكدة- لم تستهدف من خلف هذه التهديدات التمهيد للحرب، بل كان هدفها هو الحصول على نصر سياسي، ونتائج لعدوانها على العراق، كما استهدفت بصفة مؤكدة استثمار وضع الارتباك العربي لإنجاز بعض أهدافها التكتيكية مجاناً، ويتّضح ذلك من متابعة التصريحات والتهديدات الأمريكية، فقد انقسمت إلى نوعين: الأول ذو صفة عامة يذكر بنفس التصريحات والشعارات التي جرى على أساسها خوض العدوان على العراق، والثاني ذو طبيعة عملية جزئية ومحددة.
    في الشق الأول كان هناك حديث عن امتلاك سوريا أسلحة دمار شامل، وكان هناك اتهام بامتلاك صواريخ سكود ..إلخ، أما في الجانب العملي فقد كانت هناك مطالب عملية، منها طرد المنظمات الجهادية من الأراضي السورية، ومنها الانسحاب من لبنان، كما كان هناك طلب بمنع دخول قيادات عراقية من بقايا نظام (صدام حسين) إلى أراضيها، أي أن الولايات المتحدة هددت بالحرب، وقدمت المبررات الاستراتيجية لها، لكنها في الوقت نفسه طرحت مطالب عملية أمام القيادة السورية لإنجازها.
    ومن ثم فإن المدقق لما جرى يرى أن ما تم حله ليس إلا جانباً يسيراً أو مباشراً أو وقتياً من القضايا التي من أجلها هددت الولايات المتحدة بشن الحرب، بينما لا يزال الجانب الأهم والأخطر كما هو دون حل، ومن ثم فإن أسباب العدوان على سوريا لا تزال كما هي، بل إن الأزمة الأخيرة زادت من ضرورات الحرب، بعد اختبار القوى الذي جرى.



    لماذا التراجع من الطرفين ؟

    رغم أن الولايات المتحدة لم تكن جادة في الحرب -في الوقت الراهن- وإنها طرحت لائحة تنفيذية لسوريا لإنجازها، إلا أن التكتيك السوري -بفتح الملف الصهيوني- كان له أثر مهم في تراجع الولايات المتحدة عن إطالة أمد تهديداتها، خاصة وأن هذا التكتيك السوري استند أيضا إلى مرونة في التعامل مع المطالب الوقتية للأمريكان..
    لقد فتحت سوريا ملف الأسلحة الصهيونية، لكن الأهم من قضية الأسلحة هو أن الولايات المتحدة أيقنت أن الخطورة في فتح ملف القضية الفلسطينية –في هذا الوقت- مع ربط القضية الفلسطينية بقضية احتلال (الجولان) وبقضية جنوب لبنان، وهو ما يعني عودة الارتباط بين قضايا الاحتلال المواجهة، وإنهاء كل ما أنجزته على هذا المستوى من تخطيطها، إضافة إلى إفساد الطبخة الأمريكية التي تجرى عبر حكومة (أبو مازن) وخارطة الطريق. خاصة وأن الدلالات خلال أيام الأزمة أكدت أن الشعوب والدول العربية لن تتعامل مع الملف السوري بنفس المنطق الذي تعاملت به مع الملف العراقي؛ بحكم أن العدوان المباشر على سوريا يعنى أن إيران باتت في المعركة (على الأقل من باب حزب الله)، وأن مصر –إن لم نقل مصر والأردن –باتت مهددة بشكل مباشر، وبصفة محققة من الكيان الصهيوني، فرغم أهمية العراق إلا أنه لم يكن عنصراً مباشراً في المرحلة الأخيرة في التوازن العسكري مع الكيان الصهيوني على عكس سوريا ..
    أيقنت الولايات المتحدة أنها بالهجوم على سوريا تفسد الأمر على نفسها، ومن ثم فعندما قدمت لها سوريا (عظمة) تتمثل في إغلاق الحدود كان التراجع، لكن ذلك لا يعني نهاية الأمر. على الجانب السوري كان التراجع أقرب إلى نظرية إبعاد النار المشتعلة، والتفكير في منع الحرائق فيما بعد. أي أنها أخذت بفكرة إيقاف نظرية الحرب المتدحرجة، التي قامت عليها فكرة الانتقال من العراق إلى سوريا، والانتظار إلى مرحلة تكون الولايات المتحدة في وضع أضعف، سواء كان ذلك بعدما تتفجر الخلافات الداخلية الأمريكية، بعد إعلان الخسائر الحقيقية خلال العدوان على العراق، أو كان ذلك بسبب نشاط المقاومة العراقية بما يضعف احتمالات شن حرب أخرى، أو لأسباب غيرها.



    الحرب القادمة

    يمكن القول إن إعادة رسم الخريطة في المنطقة تتطلب بعد العراق سوريا، وإن تصفية القضية الفلسطينية -التي بدأت انطلاقا من عدوان 91 على العراق، وكان عنوانها (مفاوضات أوسلو) وتواصلها الآن عبر خطة خارطة الطريق- تتطلب الحرب على سوريا، فكسر إرادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية يمر عبر حرب على سوريا، بعد أن أصبحت هي النقطة المحورية في استراتيجية المقاومة العربية.
    ويأتي التأكيد على أن العدوان على سوريا ضرورة استراتيجية للمخطط (الأمريكي البريطانيي الصهيوني)، وأنه ربما يكون واقعا -لا محالة- إذا لم تتحقق التوقعات بعوامل تمنعها ذلك.
    إن المطالب المقدمة إلى سوريا لا يعني تنفيذها بالنسبة لسوريا سوى الانتحار الاستراتيجي، فإذا انسحبت سوريا من لبنان فهي تفقد ما بيدها من وضع استراتيجي يحمي الجانب المكشوف لقواتها من ناحية الحدود اللبنانية، ويفقد ورقة ضغطها على الكيان الصهيوني في جنوب لبنان، أما تصفية الوجود الفلسطيني الجهادي على أرضها فهو يعني إنهاء التشتت الحادث للمجهود الحربي الصهيوني، وإمكانيات العمل خلف خطوط العدو، ويجعل -باختصار- الاستجابة السورية للمطالب المقدمة لها، والتي تجعلها في المواجهة وحدها، وعلى نطاق أرضي ضيق يجعل العدوان الصهيوني في أسهل الأوضاع لإنجاز نصر عسكري عليها.
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
Working...