Unconfigured Ad Widget

Collapse

البيت الأبيض وهوليود: العنف للجميع!

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    البيت الأبيض وهوليود: العنف للجميع!

    قبيل سقوط بغداد بأيام ..شنّ الممثل الأمريكي (مايكل مور) هجومًا لاذعا على (جورج بوش) وسياسته العدوانية غير المبررة ضد العراق، وذلك حين صعد لاستلام جائزة (الأوسكار) التي حصل عليها عن فيلمه حول تجارة السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية .
    والعجيب أن يأتي ذلك من (مايكل مور)، لأن فيلمه الذي حصل بسببه على جائزة (الأوسكار) يمكن القول إنه يؤصل لثقافة العنف في المجتمع الأمريكي، فمحور الفيلم هو افتتان أميركا بالسلاح. تساءل (مور) في فيلمه: لماذا يقتل الناس بالسلاح في أمريكا أكثر مما يقتلون خارجها ؟ وتناول حالات كثيرة، منها على سبيل المثال حالة ذلك الطفل ذي السنوات الست الذي أطلق النار على طفلة في مثل عمره فقتلها. إننا نتساءل في سياق تأمل هذه المعاني: إلى أي حد يمثل ما رأيناه على أرض العراق اليوم فيضاناً لثقافة العنف الأمريكية خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية، وامتداداً لشرور هذه الثقافة ؟ · إن العراق لم يكن أول ضحايا ذلك الفيضان وهذا الامتداد. ألم تضرب اليابان بقنبلتين ذريتين في يومين لن تنساهما ذاكرة الإنسانية من شهر أغسطس 1945، على الرغم من أن الولايات المتحدة - وفقاً للرأي السائد بين المحللين العسكريين- كانت قد كسبت الحرب من الناحية الفعلية ؟ ألم تحرق فيتنام عمداً على أيدي القوات الأمريكية بدعوى حماية النظام الحاكم في جنوب فيتنام من خطر الشيوعية ؟ ألم تلجأ إدارات أمريكية شتى إلى القوة المفرطة -دون مبرر ودون سند قانوني- في حالات كثيرة يتعب المرء في إحصائها؟
    إن المجتمع الأمريكي ككل تشيع فيه ثقافة العنف، وإلا ما كنا قد بدأنا بالإشارة إلى (مايكل مور) وموقفه الذي لا يعبر عن حالة فردية بقدر تعبيره عن تيار قوي داخل المجتمع الأمريكي. كما أن القول إن ما جرى في العراق ولا يزال يجري من عدوان وسفك للدماء، وما جرى في أوطان أخرى كثيرة قبل ذلك على يد إدارات أمريكية متعاقبة يعد فيضاناً لثقافة العنف الأمريكية، وامتداداً لشرورها خارج الولايات المتحدة، ألا يعني هذا أننا إزاء حالة نفسية تدفع رجال الإدارة الأمريكية إلى الحرب على العراق، وتصيبهم بهوس العدوان عليه، ولكن ينبغي التأكيد على أمرين: أولهما: أن هؤلاء الساسة متأثرون في سعيهم لتحقيق مصالحهم بثقافة العنف؛ بمعنى أنهم يؤمنون بأن القوة - والقوة وحدها- هي الكفيلة بتحقيق هذه المصالح وضمانها. أما الأمر الثاني: فهو أن شيوع ثقافة العنف لدى قطاع واسع من المجتمع الأمريكي يسهل دون شك لأباطرة الحرب الأمريكية تمرير منطقهم إلى بؤر مؤثرة داخل هذا المجتمع، ومن ثم ضمان تأييد قسم يعتد به من الرأي العام الأمريكي لسياساتهم العدوانية تجاه العالم·

    وليس غريباً أن تتقدم صناعة الأفلام الأمريكية وتنتشر، معتمدة على ثقافة العنف بكل قيمها ومفاهيمها وأخلاقها، ذلك أنها بنت الثقافة الاستعمارية التي يتربع فيها الإنسان الأبيض على عرض العالم بدعوى أنه "الأقوى" و"الأعلم"، و"الأغنى".. وحيث إن كل ثقافة هي وليدة مجتمع وبيئة محلية وتاريخية، وبما أن النظام الثقافي لا يغير من بنيته العميقة، وإنما يعيد توزيع عناصرها بشكل واع أو غير واع، لذلك فإنه يمكن اعتبار ثقافة العنف التي جسدتها الأفلام الأمريكية تحويراً وإعادة تشكيل للأيديولوجية الاستعمارية الغربية التي أثرت في بناء عقلية عميقة جداً، أولها: بتشكيل العقلية والمخيلة الإنسانية، وتغيير الذوق والرؤى والتطلعات، وثانيها: بتسخير العلم من أجل التفوق في تصنيع وتطوير أدوات الحرب والعنف، وذلك لتحقيق أهداف شتى تركزت أخيراً في هدف جامع مانع هو السيطرة على العالم، والتي نراها تتحقق بأم أعيننا هذه الأيام.
    إن ثقافة العنف، مع ذلك أضرت بالنسج الاجتماعي للغرب نفسه، وأخلت بتوازنات الفرد النفسية والعقلية.. وقد أنذر الباحثون والمفكرون طويلاً مما توحي به ثقافة العنف المتوسلة بالفن والحبكة والإثارة من أفكار وأخلاق أصابت الجهاز القيمي للحضارة الغربية، مما يخشى أن يؤدي بها إلى الانهيار الذي تنبأ به (شينجلر) منذ أكثر من قرن..، لكن هذا الانهيار ـ على ما يبدو ـ هو أقرب إلى المجتمعات التابعة منه إلى المجتمعات الغالبة.. فاختلاف المنظومة الثقافية: (الأخلاقية، والمعرفية) العملية غالباً ما يؤدي إلى رفض الثقافات دمج قيم العنف في بنية مفاهيمها وقيمها الخاصة.. ولكن هذه الثقافات لا يمكنها أن تحصن نفسها ضد تسلل تلك القيم التي اكتسبت صفة (العالمية) بما توسلت به من الإبداع الفني والتقني والإيحائي؛ فيسبب لها فشلا في ضبط معاييرها، مما يضطر الجهاز المفاهيمي لتلك الثقافات إلى تحوير قيم ثقافة العنف تلك بغية استيعابها، جزئياً أو كلياً، داخل إطارها الخاص.. وهنا تأخذ تلك القيم أشكالاً يمكن تبرير (شرعيتها) ـ خاصة إذا لم توجه إلى المجتمع المحلي ـ ويتكئ (نص العنف) على نصوص أخرى مقدسة وغير مقدسة، ويتعلل بممارسات الثقافة السائدة التي يحكمها التمييز وعقدة الاستعلاء.
    إن طغيان الحضارة السائدة وتجبرها، وتهميشها الآخر وبغيها عليه، لابد أن يؤدي إلى انقلاب السحر على الساحر.

    قام الطبيب النفسي الفرنسي – من أصول أفريقية- (فرانز فانون) بفضح
    الجذور التي تدفع الغير لرفض الممارسات الأمريكية كقوة استعمارية مهيمنة اقتصاديا وعسكريا، وسحقها للإنسان في سياق تقديم تبرير ذلك ، مبينا كذب الادعاءات التي تبرر بها القوى الاستعمارية ممارساتها العنيفة، وإلقاءها المسؤولية على عاتق الشعوب الأخرى.
    وقام في كتابه (المعذبون في الأرض) بتحليل جذور العنف في المجتمعات المستعمرة ضد القوى الاستعمارية؛ استنادا إلى تجربة الثورة الجزائرية التي خاض غمارها إلى جانب الجزائريين، وأكد فيها أن عنف السكان الأصليين يعود إلى الرد على العنف الممارَس ضدهم في نوع من حماية الذات، واستشراف مستقبل جعل منه المستعمر أفقا مظلما.
    يستطيع المشاهد أن يلمس ما ذهب إليه (فانون)، وما يؤكده الواقع بالعودة إلى جذور العنف الأمريكي، كما قدمته السينما فيما يُطلق عليه "أفلام الغرب الأمريكي" التي وصل إنتاجها إلى عشرات الآلاف من الأفلام، وموضوعها الدائم تصوير الحرب التي يخوضها الأمريكي الأبيض (الخيَّر المظلوم الشجاع) ضد (وحشية وحقارة ونذالة) السكان الأصليين، أو ما أُطلق عليهم ظلما "الهنود الحمر" الذين يقومون دوما بالاعتداء على الأمريكي المسالم الساعي إلى العيش، وتكوين ثروته الخاصة؛ لتبرير كمٍّ من المجازر الوحشية التي ارتكبوها - وما زالوا بطرق أخرى- بحق السكان الأصليين.
    وتتجاهل هذه الأفلام بشكل كلي وجود السكان الأصليين قبل الوصول الأوروبي إلى أمريكا بآلاف السنيين، وكذلك تتجاهل الأسباب التي دفعت السكان الأصليين إلى العنف، والذي يعود بشكل أساسي لرد على العنف الأوروبي، الذي مورِس ضدهم بالاستيلاء على أراضيهم ومصدر عيشهم، وإبادة حضارات لهم عظيمة مثل حضارة (الأزتيك) وقتل الملايين في سبيل الحصول على الذهب والفضة، ونهب البلاد، وتحويلها إلى أوروبا، رغم الترحاب والمسالمة التي استُقبِلوا بهما من السكان الأصليين.


    تحول شعار الرأسمالية "دَعْهُ يعمل، دَعْهُ يمر" إلى قانون أخلاقي يدعو إلى الحرية التي يقع على عاتق المركزية الأوروبية (الأنجلو- سكسونية) أن تُعمِّمَها عالميا، وتنشرها في بقاع العالم المختلفة تحت ادعاءات تطوير هذه البلدان، وترسيخ المبادئ والأسس الإنسانية، والدفاع عن الديمقراطية الغربية بوصفها النموذج الأخلاقي، وما يعارضه يدخل في إطار الوحشية والبدائية.

    وتمهيدًا وتبريرًا لذلك كان لا بد من إعطاء الإنسان الأوروبي حقًا أخلاقيًا على العالم؛ بوصفه "بَاني حضارة" على أساس أيديولوجي تاريخي؛ فقاموا معرفيا بتدمير الخلفية الفكرية التاريخية الشرقية المصرية والكنعانية بتجليتها المسيحية التي لعبت دورًا حاسما في التمهيد للفكر الأوروبي، وعدم الاعتراف بذلك، وإعادة بناء الحضارة على أساس أوروبي بتصوير بدء الفكر المنطقي والعقلاني بالفلسفة اليونانية، متجاهلين أنها تراث مسروق من حضارات شرقية.

    ولاستكمال الصورة ببُعدها الديني تمّ تحويل صورة وملامح (السيد المسيح) من ملامح شرقية تتميز فيها المنطقة؛ إلى صورة مُقدَّسة لنموذج وملامح الشخصية الأوروبية بالشَّعر الأشقر، والملامح الآرية، والعيون الزرقاء؛ لتمحو بشكل حاسم أي تأثيرات شرقية. فأصبح مبررًا لهذا العنصر البشري القادم من أوروبا أن يفعل ما يشاء في شعوب العالم؛ لتحقيق مصالحه تحت الرايات الأيديولوجية الفكرية والتاريخية التي أشرنا لها؛ فسيطرت من خلال الحروب الاستعمارية على العالم بشكل حاسم بدءاً من القرن الخامس عشر بعد هزيمة المسلمين في الأندلس، واستيلاء الدول الأوروبية المختلفة على القارة الأمريكية الشمالية والجنوبية، وحتى زماننا الحالي.

    وجاءت السينما لتعبر عن هذه الحروب، وتقدم هذا النموذج الأوروبي المتصوَّر للعالم، وصولا إلى الحربين العالميتين ضمن اقتسام النفوذ بين الدول الاستعمارية الأوروبية، وانتقال المركزية الأوروبية إلى المركزية الأمريكية التي أصبحت مطلقة مع انهيار الاتحاد السوفييتي.
    وكان ركيزة هذه النقلة استخدام الولايات المتحدة كل قدراتها العسكرية والاقتصادية في الحرب العالمية الثانية، وفي استخدام القنبلة النووية ضد اليابان؛ لحسم المعركة لصالحها، وتحولها إلى القوة الأولى في العالم الغربي.

    وجاءت الأفلام لتقدم التبريرات الكافية للحروب الاستعمارية، واستطاعت (هوليود) أن تصور آلاف الأفلام التي تُبرز بطولة الأمريكيين، وتقدم دورهم الحضاري في الدفاع عن المبادئ الإنسانية، التي تراها بعيدًا عن موقف الشعوب الأخرى، ورؤيتها لهذه الحروب، وخصوصا الحرب العالمية الثانية التي قُتل فيها أكثر من 50 مليون إنسان.
    ولكن لم تستطع كل هذه الوسائل أن تمحو من العقل البشري استخدام القنبلة الذرية؛ فحاول الأمريكيون أن يركزوا على وحشية اليابانيين، الذين أجبروها على استخدام القنبلة، فقامت مجددًا بإعادة إنتاج فيلم (بيرل هاربر)؛ لتؤكد من جديد تبريراتها.
    وضمن السياق نفسه قامت السينما بتناول الحرب الفيتنامية في بدايتها بالتركيز على العدو الشيوعي الملحد المعادي للحرية والديمقراطية، الذي تمثله فيتنام الشمالية، والدفاع عن القيم الدينية والأخلاقية التي تمثلها فيتنام الجنوبية حليفة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة القائمة بين المعسكر الشيوعي والغربي، كغطاء تخفي به الصراع في سبيل إعادة هذه البلاد وشعوبها إلى الحظيرة الأمريكية، وحديقة مصالحها الاقتصادية.

    تصاعدت حدة حوادث العنف بين الطلاب في المدارس الأمريكية في السنوات الأخيرة ، وأسفرت عن مقتل وإصابة العديد من الطلاب .
    وكشفت دراسات خبراء أمريكان حول هذه الظاهرة أن العديد من الطلبة الذين يعانون من مشاكل اجتماعية عديدة، يميلون لاختيار العنف كحل لمشاكلهم مع زملائهم الطلاب!.
    وقد أكد العديد من الخبراء الأمريكيين على وجود صلة بين التصاعد الأخير لحوادث العنف في المدارس الأمريكية، وبين المشاكسات التي تحدث بين الطلاب بعضهم البعض؛ حيث إن أكثر من 80% من طلبة المدارس الأمريكية سلوكهم عدواني، ويتحرشون بزملائهم، إما بالاعتداء الجسدي، والاستهزاء، أو المضايقات والتهديدات .
    وأشار الخبراء إلى أن كلاً من (دايلان كلبيولد) و(أيريك هاريس) المسؤولَيْن عن مذبحة مدرسة (كلورادو) -التي وقعت في أبريل 1999 والتي أودت بحياة خمسة عشر شخصًا- كانا تحت تأثير مضايقات، وسخرية زملائهما في المدرسة.
    وقالت (شيريل كريزر) مديرة برنامج (الطفل الآمن)-إحدى المنظمات القومية التي تهدف إلى الحد من انتشار العنف في المدارس-: إن بعض ضحايا هذه المضايقات والمشاكسات يشعرون بالعجز، ويرون أن العنف هو الحل الوحيد لمشكلاتهم، مشيرة إلى أن مأساة (كلورادو) هي التي فتحت الباب للآخرين لتكرار ذلك، خاصة الذين يبغون منهم الانتقام على نطاق واسع.
    ومن جهته أرجع (شاك ماجيار) مختص علم نفس ظاهرة العنف إلى العزلة التي يعاني منها الطلبة، وقال: "إن العزلة وتجاهل الطلبة لبعضهم البعض يكونان أحيانا أخطر من المشاكسات التي تقع بينهم، وذلك لأنه يتم التعامل معهم وكأنهم لا وجود لهم".
    وأشار إلى أن المجتمع الأمريكي يمر بمراحل خطيرة، فهذه الحوادث لم تكن لتقع منذ 20 عامًا مضت، حيث إن أكثر الطلبة عدوانية وشغباً لم يكن ليفكر في إطلاق النار في الفصل، لكن ذلك أصبح شائعا اليوم، حيث يرى العديد من المراهقين -الذين يعانون من مشكلات- :أن العنف هو الحل، فالعنف أصبح ممكنا مثل الانتحار.
    وقد أكدت إحدى الدراسات الأمريكية على أن طالبًا من بين كل أربعة طلاب ومعلمًا من بين كل تسعة معلمين، يتعرضان لهجوم في المدارس سنويا، كما أشارت إلى أن خُمْس طلبة المدارس العامة يعتقدون أن العنف والمخدرات هما أخطر المشكلات الموجودة في مدارسهم.
    وفي النهاية ؛ فإن حضارة بُنيَ أساسها على العنف وارتكاب المجازر، ثم تلاها سحق شعوب العالم، وما زال المجتمع فيها يسمح لتجار السلاح بحق بيع السلاح الذي تُرتكب به الآلاف من الجرائم داخل المجتمع نفسه، متناقضا مع المبادئ التي يُدَّعى فيها المناداة بالحق الإنساني والحرية والديمقراطية، لا بد أن يواجه -كنتيجة طبيعية وعادلة- عنفًا مقابلاً ،يدفع المواطن الأمريكي ثمنه ، وكما يمارس الأمريكان العنف ضد غيرهم من شعوب العالم، فسوف يظلون يتعرضون لعنف مضاد.
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
Working...