حين نتحدث إليكم أيها الشرفاء فإننا نتحدث بقلوب يقلقها الشعور بالقهر والحزن والخوف ، ويهدئها الشعور بالاعتزاز والرضى والأمل ...
لقد أصبحت الحرب جزءاً من حياتكم فتكيفتم معها وألفتم وقعها وتحملتم مرارتها وآلامها ، ولعل كثيراً من محبيكم والمتعاطفين معكم لم يخوضوا هذه التجربة ، فلا يزال في قلوبهم غضاضة وطراوة تفزع من هذه المعاناة وتستفظعها .
وحين نتحدث إليكم فإننا نحن شركاؤكم في السراء والضراء ، والشدة والرخاء، فمصابكم في كل بيت وحزنكم في كل قلب ، ودموعكم في المآقي ، ومعاناتكم أصبحت طُعْماً نقتاته صباح مساء .
كما أن مكاسبكم التي تنالون بها من عدوكم ، هي مكاسب لكل مسلم غيور ، ولكل مظلوم على ظهر هذه الأرض ، فمن آذته آلة الحرب الأمريكية الباغية وملحقاتها، فهو يرى في صنيعكم انتقاماً ربانياً بأيدي بعض عباده من أولي البأس الشديد أمثالكم يصبه تعالى على من طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد .
تذوب حشاشات العواصم حسرة
إذا دميت في كف بغداد أصبع
ولو بردى أنت لخطب أصابها
لسالت بوادي النيل للنيل أدمع
لقد عبر إخوانكم عن التمازج والتفاؤل مع قضيتكم العادلة أصدق تعبير ، ولقد وجدت بعض الحكومات نفسها منساقة باضطرار مع عواطف جماهيرها لتظهر من حسن المقال مالا يستر رديء الفعال !
أيها الأحبة في العراق !
إنكم تقاتلون عدواً تخطى غيركم إليكم ، وربما تخطاكم إلى غيركم ، فمطامعه لا تقف عند حد ، فأعظموا فيه النكاية ، واستميتوا ، فدىً لكم من لا يقدر صنيعكم ، ولا تظنوا بنفس ولا مال ، فاليوم يوم الملحمة ، وليس بمستنكر عليكم وأنتم أهل الإسلام والفداء أن تصنعوا للعلج الكافر عقدة اسمها ( عقدة العراق ) تنسيه عقدة فيتنام ، وتكف يده القذرة عن الامتداد إلى جيوب الناس !
أيها العراقيون :
إن أمتكم مهما تخلفت في ميادين الحياة مما جرأ عليها عدوها فلن تتخلف في ميدان التضحية والإقدام والفدائية ، ولقد استخف بكم عدوكم حين زج بعشرات الآلاف من جنوده لتدنيس أرضكم الطيبة .
قد شمرت عن ساقها فشدوا
وجدت الحرب بكم فجدوا
فشدوا وأروهم كيف يكون الاستبسال ، وأذيقوهم قسوة الصحراء !
إنما الإسلام في الصحرا امتهد
ليــــجيء كل مســــــــلم أسد
ليس كالمسلم في الخلق أحد
ليس خلق اليوم بل خلق الأبد !
إن الإسلام هو الذي يلهم أهله البسالة ويربيهم على معنى البطولة والاستشهاد .. فلا يموتن أحد منكم إلا وقد خطف معه من أرواح هؤلاء المغتصبين ، ولكن هو إلى الجنة إن شاء الله وهم إلى النار وبئس القرار .
ولقد أعطتنا العمليات الاستشهادية جرعة من التفاؤل والأمل إن لم يكن بنصر ساحق بينهم ، فبنكاية تلحق المستعمرين الكافرين ، والعاقبة بعد للمتقين .
أيها العراقيون :
إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ؛ بدعائهم واستنصارهم كما قال إمام المجاهدين عليه الصلاة والسلام ...
فليكن في قلوبكم عزمُ صادق وإرادة قاطعة ، حاكمكم ومحكومكم ، وغنيكم وفقيركم وكل من له شيء من الولاية على فرد فما فوقه أن يسارع في رفع جميع المظالم في النفس والمال والأرض والعرض ، وأن لا يحتقر من ذلك شيئاً وإن قل ، ولا يعطي نفسه فرصةً للتأويل والتعذير .
فإذا غيرتم هذا ولو بإرادة جازمة يعلمها ربكم في نفوسكم وقلوبكم فسوف يغير الله ما بكم ، ويدفع عنكم الظلم الطارئ عليكم من خارج أرضكم .
أيها العراقيون :
يقول ربكم تبارك وتعالى : ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم ) .
فليعلم الله في قلوبكم جميعاً وخصوصاً عليتكم وأولي الأمر منكم وأهل الرتبة والجاه توجهاً صادقاً إلى تحكيم شريعته واقتفاء سنة نبيه عليه الصلاة والسلام وإعلان ذلك بين الناس بلا تردد ولا جمجمة ، ولا انتظار .
وليكن من أول ذلك إنفاذه في خاصة نفوسكم وبيوتكم وأشخاصكم واعتماد اللغة الشرعية في إعلامكم وسركم وإعلانكم .
إنكم إن استجمعتم هذه النية واعتمدتم هذه الخطة حضيتم بعون لا مثيل له ومدد لا انقطاع له ليس من العالم الإسلامي المتعاطف معكم فحسب ، بل من ربكم الذي هو مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء ، ويولج الليل بالنهار ويولج النهار بالليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويقول للشيء كن فيكون .
فيا أهل العراق كافة لا تفوتوا هذه الفرصة التاريخية وأعلنوها صيحة سماوية خالصة ربانية أن الإسلام منهجكم ، والشريعة حكمكم ، والمسلمين كافة إخوانكم .
يا أهل العراق :
لقد وفد إليكم من أبناء الإسلام النجباء من لم تسعهم الأرض وهم يشهدون القصف المجرم عليكم ، فانطلقوا وقد باعوا لله نفوساً كريمة ، يطلبون الشهادة في سبيل الله ، ويرومون قتل المعتدين المتجرئين وهم يعلمون أن العديد البشري لديكم من المدربين المسلحين كثير ، ولكنهم يأبون إلا المشاركة والتعبير عن التضامن في إحدى صوره النبيلة وقد قيل :
يجود بالنفس إن ضن البخيل بها
والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وجدير بقوم كهؤلاء أن يكون لهم من حسن الرعاية والتوظيف ما يتناسب مع طبيعة الموقف والمعركة والمرحلة التي تمر بها الأمة وتمر بها هذه المنطقة الملتهبة خاصة وأنتم تواجهون اليوم عدواً قوياً مدججاً يستثمر كل ما يملك من الطاقات ويجندها مادياً وإعلامياً ،فليكن لكم به مشغل أي مشغل وحذار من الانجرار إلى معارك جانبية قد يغري بها الشيطان عند المضايق .
كلأكم الله برعايته ، وتولاكم بعنايته ، وحقن دمائكم ، وحفظ أعراضكم وأموالكم وبلادكم ، ورد عدوكم ، وهداكم إلى محبته وطاعته ورشده آمين .