Unconfigured Ad Widget

Collapse

فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا

Collapse
X
 
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    فلا تعجل عليهم انما نعد لهم عدا

    إن الأحداث التي تمر بها أمتنا الإسلامية ومنطقة الخليج بوجه خاص لتوجب على كل مسلم أن يشارك بما يستطيع من قول الحق للدفاع عن دينه وأمته التي تتعرض لأخطر أزمة مرت عليها في تاريخها الحديث إن لم يكن في تاريخ الأمة على الإطلاق ، لقد علمنا الإسلام عقيدة القضاء والقدر وأنه لا يتحرك في الكون صغير ولا كبير إلا بإذن الله سبحانه وبأمره ( الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ) فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك . لك الحمد في السراء والضراء . لك الحمد فأنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق . لك الحمد فنحن عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك نواصينا بيدك ماضٍ فينا حكمك عدل فينا قضاؤك . لك الحمد أنت المتصرف وحدك في الكون فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن ، اعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ، اللهم فأجعل لنا من أمرنا رشداً وفرجاً ومخرجاً ، اللهم اهدنا الصراط المستقيم في جميع أقوالنا وأفعالنا وأحوالنا .
    أيها الأخوة القراء في هذا المقال الذي هو بعنوان " فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدَّا" سيكون الحديث فيه عن أربع قضايا : -
    أولاً : لمحة عن تسلسل الأحداث الجارية .
    ثانياً : سنة الله سبحانه في الأمم المكذبة .
    ثالثاً : مكر الله بالقوم المجرمين .
    رابعاً : نصائح عامة للأمة .

    أولاً : - لمحة عن تسلسل الأحداث الجارية :
    هذه لمحة موجزة نبين فيها تسلسل الأحداث التي أحاطت بأمتنا اليوم فبعـــــد قيام ما يســــمى " الإنتفاضة الأولى " للمجاهدين في فلسطين وبداية مرحلة ( أطفال الحجارة ) حينما استيقظ المجاهدون في فلسطين وأعدوا ما استطاعوا من قوة لمواجهة الاحتلال الصهيوني أحست دولة الكفر والطغيان ، ودولة اليهود أن بقاءها أصبح معدوداً وأنها تمر بمرحلة خطيرة ولأن القوم قد تعلموا من تاريخهم أنه لا بد لهم من مسابقة الأحداث والتخطيط المنظم لتلافي الأخطار المحدقة بهم قبل وقوعها أوعلى الأقل تأخيرها ، ولأن اليهود يعلمون حقيقة عضب الله عليهم وأنهم لا قرار لهم بدون المكروتجييش الآخرين في صفهم كما ذكرالله عنهم ذلك بقوله : " ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " وكذلك فهم يعلمون أن بداية زوالهم سيكون مع بداية أول طلقة جهادية في فلسطين ، ومن ثم فقد تداعى القوم وبذلوا جهوداً حثيثة مع شركائهم وحلفائهم الأمريكيين وبعض الأوربيين ليجدوا مخرجاً من هذه الأزمة الخانقة وبعد تفكير طويل وتخطيط ماكر وجدوا أن الحل هو في ضرب الفسطينين بعضهم ببعض ليتم لهم خنق أنفاس المجاهدين ببني قومهم وليسلم اليهود من شرر المعركة وحتى يكون وقودها من الفلسطينين سواءً أكانوا من الحركات الجهادية أم من الحركة العلمانية ، وبدأ فصل جديد في القضية الفلسطينية إذ بدأ مشوار السلام الزائف وعقدت له المؤتمرات والتي من أهمها مؤتمر مدريد واستمر تخطيط القوم ومكرهم ووصلوا إلى مرحلة كادت أن تكون نهاية لمرحلة الجهاد الفلسطيني إذ استطاعوا بالتعاون مع حلفائهم وأنصارهم من المنافقين أن يحيطوا مِعْصَم المجاهدين بسوار من أهل الغدر والخيانة ، ولكن الله سبحانه كان لهم بالمرصاد فأبطل كيدهم كما قال سبحانه :" فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب " فقتِل رابين بأيدي اليهود واختل توازن منطقة الشرق الأوسط حيث تولى الحكم في تركيا في تلك الفترة حزب الرفاه فكان ذلك لصالح المسلمين وكان فيه تخفيف من الله ورحمةٌ وفَشِل وقتها مؤتمر شرم الشيخ الذي كان برعاية أمريكية وكان من المقرر فيه أن تجتمع المنطقة بكاملها لمحاربة الدعاة المصلحين واحباط كل محاولة لدعم المجاهدين في فلسطين وغيرها وهكذا أخي الحبيب فإن الله سبحانه ينصر عباده المؤمنين من حيث لا يشعرون . " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " . " كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين " . وجاءت حكومة نتنياهو (1) ذلك العدو الشرس الذي أسس وخطط مع فريقه المعروف باسم ( فريق بيبي الحديدي ) للتأكيد على أن الحوار مع العرب يجب أن يتم من مواقع القوة فقط ، الأمر الذي يتطلب الحفاظ على التفوق العسكري والاقتصادي الدائم لإسرائيل على العالم العربي ، بل وحتى الإسلامي ، واقترح نتنياهو التخلي عن العملية السلمية وعن اتفاقات أوسلو مع الفلسطينين وأقنع ذلك الفريق الماكر ساسة اليهود بأن العراق هو العدو اللدود المستقبلي لهم بما يملكه من إمكانات مالية وبشرية وفكرية فهو الجزء المتبقي من العالم العربي الذي يمكن من خلاله نشوء قوة للمسلمين تهدد أمن وسلامة اليهود في المنطقة ولذلك سعى هذا الفريق لإقناع إدارة كلينتون بذلك ولكنه فشل فانتقل إلى التخطيط لمرحلة ما بعد كلينتون ووجدوا بغيتهم في الرئيس بوش وفريقه العسكري الذي يحمل أفكار اليمين اليهودي الصهيوني ليصبح " ربيباً لليهود وابناً باراً لهم في تنفيذ مخططات غدرهم ومكرهم وتناغم الفريقان فريق بوش الأهوج مع فريق شارون الأحمق لتنفيذ أفكار المنظر نتنياهو . وفي ظل هذه التطوارت عادت جحافل المجاهدين بقوة لتبدأ مرحلة ما يسمى " الإنتفاضة الثانية " والتي قلبت معادلات الصهاينة حيث وجدوا أنفسهم مرة ثانية في شراك المجاهدين أولئك الذين لا يهابون الموت ودخل اليهود في سلسلة من الجرائم والهزائم السياسية والعسكرية والاقتصادية والأخلاقية وانهارت اسطورة التفوق العسكري الإسرائيلي لعدم قدرته على مواجهة- أطفال الحجارة - المجاهدين وحاملي البنادق الصابرين فهم دائماً يرددون : الله مولانا ولا مولى لكم . قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فما أسرع اقبالهم على الجنات .
    عند هذا المأزق وجد اليهود أن أقصر طريق للخروج من الأزمة هو افتعال أزمةٍ مجاورةٍ تستطيع من خلالها توريط بوش وإدارته لنجدة الصهاينة من المأزق فكانت العراق هي أفضل دولة مناسبة لذلك ليضرب الصهاينة عصفورين بحجر واحد .
    وبعيداً عن الجدل حول من خطط ونفذ أحداث 11 سبتمبر وما هو دور الموساد وعملائه في المنظمات اليهودية في أمريكا وهل تم التخطيط والتنفيذ من طرف واحد أم أن التخطيط من طرفٍ استدرج الطرف الآخر للتنفيذ ليتم للعدو الماكر تطبيق استراتيجيته فإن الحقيقة التي يتفق عليها المسلمون هو أن ما حدث انتقامٌ من الله سبحانه واذلالٌ وكسر لدولة البغي والطغيان التي تجرأت حتى على الرحمن وظنت أنها لن تعجز الله هرباً . وكما قال سبحانه : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً " وبعيداً كذلك عن الجدل الدائر حول أهداف الحملة الصليبية الجديدة على العالم الإسلامي وهل الهدف هو الإستيلاء على منابع النفط أم للسيطرة والهيمنة على العالم والتحكم في مراكز ثرواته أم حماية اسرائيل أم هذه الأهداف جميعاً فإن مما يتفق عليه العقلاء من المسلمين أنها حرب على الإسلام وأهله لمحاولة القضاء على ذلك العملاق الذي بدأ يترعرع ويخرج من حدود إمكانية السيطرة عليه فهم يعرفون أنه لا بقاء لهم مع قوة الإسلام وظهوره ، وهذا ما حمل أمريكا بإصرار شديد على المضي في المعركة مهما كلفتها حتى مع وقوف العالم كله في وجهها فهي قضية استراتيجية بالنسبة لها ولم تكن أفغانستان إلا مجرد استعراض للقوة والجبروت ولكنه أمر الله الغالب وقضاؤه النافذ لحكمة يعلمها فهو الحكيم الخبير . "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"

    ثانياً : - سنن الله سبحانه في الأمم المكذبة .
    أيها الأخوة الفضلاء وإذا كانت الأحداث بهذا التخطيط الماكر وكنا نحن المسلمين المستهدفين من هذا التخطيط الذي لم نستعدّ َله ولم نأخذ له العدة فقد ابتلينا والله المستعان بداء التباطؤ وأن تكون أفعالنا وخططنا ردود أفعال وإلا فقد كان بالإمكان التخفيف من وقع المصيبة لو كنا على مستوى الأحداث و مع هذا فظننا بالله عظيم ويقيننا به سبحانه أنه يدافع عن أوليائه الصادقين ، وسنن الله سبحانه لا تتغير ولا تتبدل وهي ماضية في الآخرين كما كانت في الأولين . والقرآن حين يتحدث عن حال الأمم الماضية ومعاملتها لأنبياء الله ورسله وطغيانها وتكذيبها لهم وما حلَّ بهذه الأمم المكذبة من الهلاك والدمار إنما مقصوده تعزية المؤمنين وتثبيتهم ومواساتهم والتأكيد لهم بأن الله يدافع عنهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهو إنذار وتحذير وأخذٌ للعبرة من إهلاك الأمم السابقة الحذر من الوقوع في أسباب الهلاك . فعلى سبيل المثال فهذه عاد طغت وبغت وكذبت رسولها هود عليه السلام أولئك الذين وصف الله قوتهم بقوله : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد . إرم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد " ولكنهم تجبروا وتكبروا وقالوا لنبيهم استهزاء واستهتاراً " من أشد منا قوة " فرد الله عليهم بقوله : " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون . فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ". وهذا فرعون يقول تجبراً وطغياناً " يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غير فأوقد لي يا هامان على الطين فأجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين . واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون . فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فأنظر كيف كان عاقبة الظالمين " ويصف لنا ربنا سبحانه حال هذا الطاغي المتجبر وإذلاله لموسى عليه السلام ولقومه وعدم مبالاته بهم وذلك بعد هزيمته السياسية في مقابلة حجج موسى عليه السلام : " فأرسل فرعون في المدائن حاشرين . إن هؤلاء لشرذمة قليلون . وإنهم لنا لغائظون . وإنا لجميع حاذرون ". فكانت النتيجة ما أخبرنا الله عن حالهم :" فأخرجناهم من جنات وعيون . وكنوز ومقام كريم . كذلك وأورثناها بني إسرائيل . فأتبعوهم مشرقين . فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون . قال كلا إن معي ربي سيهدين . فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم . وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين . ثم أغرقنا الآخرين ". وهكذا فإننا حين نستقرئ ما ذكره الله عن حال الأمم المكذبة نجد أن سنة الله ماضية فيهم بأنْ دمرهم تدميراً ولكنْ لكل أجل كتاب " ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون " " فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عداً " وكما قال سبحانه :" وكم قصمنا من قرية كانت ظالمةً وأنشأنا بعدها قوماً آخرين . فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون . لا تركضوا وأرجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون . قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين . فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين ".
    وإذا تأملت أخي الكريم حال الولايات المتحدة الأمريكية وما هي عليه فإن سنن الله سبحانه تجمع على أنها تنتظر عقاباً الهياً مدمراً يمزقها تمزيقاً . فما بلغت أمة في الطغيان والجبروت والكذب والإفساد في الأرض والصدِّعن سبيل الله ومعاداة أولياء الله ومطاردتهم وتعذيبهم بأشدِّ الأسلحة فتكاً وتدميراً . أقول ما بلغت أمةٌ في ذلك ما بلغته أمريكا عليها من الله ما تستحق . وإليك عرض موجز لأسباب الهلاك التي يمكن أن نستقرأها من حال هذه الدولة الكافرة ( من أراد التفصيل فليعد للمقال الذي في مجلة البيان – العدد 179 – ص 84 – د سامي الدلال) .
    1. الكفر والصد عن سبيل الله ومطاردةُ المجاهدين والدعاة والمصلحين والمؤسسات الخيرية والتضييق عليهم بالأساليب غير المباشرة سابقاً عن طريق عملائها أو بالأساليب المباشرة الآن بعناصر مخابراتها دون حياء أو خجل ، وفي الحديث : " من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب " فكيف وهي تعادي كل أولياء الله بل وتعادي الربَّ سبحانه استكباراً وعناداً . قال تعالى : " لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد . متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد" " ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين" .
    2. التأله : فقد أدعت أمريكا لنفسها من القدرات ما لا يليق إطلاقه إلا على الله تعالى ، فهي تتعامل مع الدول الأخرى ولسانُ حالها يقول : " أنا ربكم الأعلى " " أنا أفعل ما أشاء " " من أردتُ بقاءه أبقيته ومن أردت إهلاكه أهلكته " وكأنها هي المتصرفة في تدبير شؤون الكون . ولذلك قال بوش في خطابه للرئيس مشرف ( رئيس باكستان ) أمامك خياران : إما أن تدخل في حلف الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب وإما أن نعيد باكستان إلى العصر الحجري . ولهذا فهي تنتظر ما حل بفرعون وقومه : " ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون" .
    3. الظلم : - لا يختلف اثنان على الحجم الهائل للظلم الذي أوقعته أمريكا على الدول والشعوب والأفراد فهي رائدة الظلم على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري فقد نهبت ثروات الأمم والشعوب وتسلطت على المنظمات الدولية ذات الطابع الدبلوماسي والاقتصادي كهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والبنك الدولي ومن يخرج عن رأيها ترهبه بالقوة العسكرية وبالتجويع فهي الدولة الوحيدة التي استخدمت أشد الأسلحة فتكاً ( القنبلة الذرية ) في اليابان وهي الرائدة في تصنيع وتصدير الأسلحة الكيميائية والجرثومية وهكذا ولدت مع الظلم حيث مارس المستعمرون الأوائل حرب إبادة على السكان الأصليين من الهنود الحمر واستمر مسلسلها الإجرامي الدامي في فيتنام والصومال وأفغانستان وغيرها والآن على المسلمين في العراق . فقد ذكر أحد العسكرين الروس أن حجم ما صُبَّ على العراق من القنابل والصواريخ في الخمسة الأيام الأولى يعادل أربعة أضعاف حجم القنبلة التي ضَربت اليابان . أطنان من القنابل دون تمييز أو رحمة وبشكل مستمر ترعب به النساء والشيوخ والأطفال فلا أمن ولا نوم ولا أمان فويل لها من الرحمن ثم انظر أخي الحبيب إلى مطاردتها للدعاة والمجاهدين في فلسطين وكشمير والفلبين وأفغانستان والشيشان وفي كل مكان ترفع فيه راية الجهاد شتت شملهم وأرملت نساءهم ويتمت أطفالهم . كل ذلك ضدَّ الشعوب الإسلامية بغية القضاء على دينها وامتصاص ثرواتها والهيمنة على ممتلكاتها واستثماراتها والسيطرة على أراضيها فقد احتلت البر والبحر والجو . إنه ظلم عالمي تقوده أمريكا لم يشهد له العالم مثيلاً على مرِّقرونِه وتعاقب دهوره فهل بدأت نهايتها كما قال سبحانه : " وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون " " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين " " فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد " .
    4. البطر : وهو كفر النعمة ويكون بأحد أمرين إما بجحد المنعم بها وإما بعدم شكره واستخدامِها في غير ما خلقت لأجله . كصناعة الخمر من العنب وغيره وكالمتاجرة بالجنس وتصنيع أسلحة الدمار الشامل وذلك لإخضاع الأمم ظلماً وعدواناً وبطراًوغير ذلك . والمتأمل لأسلوب ومنهج حياة الأمريكيين يرى أن جميع هذه الطامات الكفرية موجودة فيهم ، كل بحسبه فهي الرائدة في جميع أنواع الكفر والفساد بدءاً من أفلام الجنس والخلاعة والرعب ونهايةً بالتباهي بالقوة وأسلحة الدمار الشامل ولسان حالهم يقول إنهم هم القوة العظمى فهي تجول في البحار والأجواء والبراري بحاملات الطائرات والمدمرات والصواريخ شرقاً وغرباً وهذا هو البطر بعينه والذي هو من أسباب اهلاك الله للأمم " وكأين من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنا نحن الوارثين ".
    5. الاستكبار والغرور : - إن الحرب العالمية الثالثة تقودها أمريكا وتسميها حرباً على الإرهاب وهي حرب على الإسلام وهذا من أعظم الاستكبار في الأرض فمن يحارب دين الله وأولياءه فقد استكبر وعتا عتواً كبيراً . لقد كانت في عتوها واستكبارها تستعرض قوتَها الهائلة في أفغانستان ، ذلك البلد الفقير الممزق فهل كان يحتاج كل هذا الطغيان وحجم القنابل بكل أنواعها دون رحمة ببني الإنسان وها هي اليوم تعود لتصب جام غضبها على المسلمين في العراق ذلك البلد المحاصر عشرات السنين فما ذنب شعب العراق فحسبنا الله ونعم الوكيل . قال تعالى : " وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً" . هذه بعض أسباب هلاكهم ولعله قريباً إن شاء الله وما ذلك على الله بعزيز فقد أهلك الله أمماً بذنب واحد فكيف إذا اجتمعت هذه الأسباب وغيرها . إنه والله الهلاك الأكيد " ولكنكم تستعجلون ". ونريد نصراً على طبق من ذهب دون جهاد أو تضحية .

    ثالثاً : مكرالله بالقوم المجرمين .
    إن من سنن الله سبحانه الواضحة الجلية أنه سبحانه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " . " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " وكذلك فإنه سبحانه يسلط الظالم على الظالم ثم ينتقم من الجميع وإذا كانت أمريكا قد غَرِقت في الكفر والفساد فإنها كذلك قد أسرفت في المكر والكيد فما من دولة إلا ولها فيها عيون وجواسيس ومفسدون كثر يثيرون النزاعات ويراقبون التحركات ويدفعون الرشاوى للكبار وللصغار ترغيباً وترهيباً ويوقعون بين مختلف الأحزاب والجماعات والدول ويدبرون المؤامرات ويشعلون نار الحروب . وفي السنوات الأخيرة كشفوا أقنعة مكرهم وأظهروا صدق عداوتهم للإسلام والمسلمين وعرَّوا مقولة بعض المخدوعين من المسلمين بأن أمريكا دولة صديقة ونسوا أن الله سبحانه قد قال عنهم وعن أمثالهم " لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون " . " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " . إن دينهم المصلحة ، فحيثما وُجِدتْ ركبوا لنيلها الصعابَ ولوكان في ذلك تدمير أمة بكاملها . لقد اتبعت هذه الدولة الكافرة سنن الأمم المتجبرة في المكروالكيد ، ولهذا سينالها بإذن الله وقريباً إن شاء الله ما نال الأمم الماكرة من قبلها . قال تعالى " وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً " وقال تعالى : " قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " وقال سبحانه :" أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين . أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤف رحيم " . " وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " وقال تعالى : " فلما جاءهم نذير مازادهم إلا نفوراً . استكباراً في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً " . وإن من أعجب مكرالله بالأمم ما قصه الله علينا من قصة فرعون مع موسى عليه السلام وقد سبقت الإشارةُ إليها وكذلك ما قصه الله علينا من مكر الملأ من قوم ثمود مع صالح عليه السلام يوم تجبروا واستكبروا فقال تعالى عنهم : " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون . قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون " روى ابن كثير رحمه الله عنده الآية عن عبد الرحمن بن أبي حاتم أنه قال : لما عقروا الناقة قال لهم صالح : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " قالوا زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث ، وكان لصالح عليه السلام مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي غار هناك ليلاً فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ففرغنا منهم ، فبعث الله عليهم صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا ، فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ولا يدرون مافُعل بقومهم ، فعذب الله هؤلاء ههنا وهؤلاء ههنا ، وأنجى الله صالحاً ومن معه ثم قرأ : " ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون . فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون " . أي قوم يعلمون الحقائق ويتدبرون وقائع الله في أوليائه وأعدائه فيعتبرون بذلك " وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون " . وأمريكا اليوم تمكر بالمسلمين وتخادعهم وتدعي أنها تريد بهم الخير والديمقراطية وإخراجهم من ظلم قادتهم وحكامهم وهي كاذبة ماكرة في كل ذلك فهي التي صنعت كثيراً من هذه الأنظمة ودعمتها ولا زالت في ظلمها وطغيانها وهل النظام البعثي إلا صنيعة من هذه الصنائع وما ذلك إلا ليكون لها الأمر والنهي في بلاد المسلمين فتضرب هذه الدولة بتلك حسب مصالحها وترغب دولة وترهب أخرى وهكذا ولذلك فلعل من مكر الله بهذه الدولة الطاغية ( أمريكا ) أنها الآن جاءت لتصطلي بنار حزب البعث ويصطلي هو بنارها ولعل الله يرحم من بينهم من المسلمين المستضعفين ومع هذا فإن هدفهم الحقيقي من هذه الحملة ليس النظام البعثي وإنما خوفهم من ذلك العملاق الذي بدأ يستيقيظ ويَقُضُّ مضاجعَ الكفر والطغيان حتى في العراق فهناك إقبالٌ على الدعوة وعودةٌ إلى الله ولذلك فإن أمريكا ومن معها من دول الكفر يسابقون الأحداث ليُحكموا قبضتَهم على هذه الأمة المسلمة في عُقر ديارهم وليحيطوا بمصدر هدايتهم ونسي أولئك الكفرة المجرمون أن الله غالب على أمره وأن من يُغالبِ الله يُغلبْ وأنه المهزوم المدحور الهالك لا محالة . " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون . هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " ومن ثم فإن سنة الله الماضية في أهل المكروالتي ستطوى بإذن الله أمريكا وحلفائها المعتدين عاجلاً إن شاء الله غيرآجل ستكون في أمرين :-
    أ- سرعة مجيئها . قال تعالى : " إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكراً إن رسلنا يكتبون ما تمكرون " وقال تعالى " قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بينانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " وهنا تجد أنه عقب بالفاء والتي لا تراخي فيها وإنما تعني إلإسراع في العقوبة .
    ب- شدة عذابها وتدميرها . قال تعالى : " سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون " ولذلك فإن مؤشرات مكر الله بهم بدأت تظهر ومنها على سبيل المثال :
    1- وقوع الاختلاف والتفرق داخل المجتمع الأمريكي من جهة وبينهم وبين بني قومهم من الأروبيين من جهة أخرى ، إذ وصل الأمر إلى السباب والشتائم وقريباً بإذن الله سيزداد الخلاف فالحرب الباردة بين أمريكا وأوروبا متمثلة في قطبيها ألمانيا وفرنسا قد بدأت منذ سنوات وما إن تقع الفرقة ويحدث الاختلاف في داخل أمة إلا حل بها الهلاك والدمار وكان ذلك مؤذناً بالزوال .
    2- تبين ظلمهم الواضح وبغيهم وعلوهم في الأرض وتسلط الملأ منهم وتجبرهم حتى على الإرادة الإلهية وهذا بلا شك مؤذن لهم بعذاب من الله كما قال سبحانه( )
    وقال سبحانه أيضاً ( ) وفي الحديث :" إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته "
    3. عزلتها الدولية ووقوف أكثر دول وشعوب العالم ضدها وبروز قوى مناهضة لها صراحة ولأول مرة في تاريخ مجلس الأمن تهدد دولة صديقة لأمريكا باستخدام حق الفيتو ضد المشروع الأمريكي وهي فرنسا . تلك الدولة التي انضمت مع ألمانيا العدوة القديمة ضد الصديقة التي حررتها منها . فسبحان من يدبر الأمر كما يشاء وهذا من مكر الله بأمريكا .
    4. ازدياد الحمية الإسلامية في قلوب شعوب العالم الإسلامي وتقاربهم في الرأي ولجأهم إلى الله وعودتهم إلى الدين الحق وهذا من أسباب نصر الله لهذه الأمة وخذلان الكافرين والمنافقين .
    5. ظهور انكساروذل أصحاب القلوب المريضة من الذين يسارعون في تولي الكافرين، وخوفهم الشديد من بطش أوليائهم من الكافرين والمكر بهم حتى أصبح بعض من كان بالأمس يسبح بحمد أمريكا يلعنها على الملأ ويتمنى زوالها بعد أن كان يدعوا إلى التبعية والذيلية لأمريكا بلد الحرية والمساواة !!
    6. ما حصل في عدد من الدول الإسلامية من تقدم للأحزاب الإسلامية لا سيما في تركيا إذ انتصرت الحركة الإسلامية ووصلت إلى الحكم بأغلبية مطلقة وهذا لم يكن في حسابات أمريكا إذ إنها بذلك قد خسرت ولو على المدى الطويل أقوى حليف لها في المنطقة بعد إسرائيل ، إن لم يكن أهم منها استراتيجياً .
    7. انهيار القاعدة الأخلاقية التي كانت تنادي بها أمريكا وتدَّعي أنها الزعيمة الأخلاقية للعالم فانطلاقاً من هذه القاعدة بنت صداقتها مع الآخرين وكسبت مودتها فقد كانت تزعم أنها بلد العدالة والحرية والأخلاق والمساواة وهذا ما دفع كثيراً من أصحاب العقول المتميزين في تخصصاتهم إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة وتفضيلها على غيرها من الدول لما تدَّعي من الحرية والمساواة بين أفراد شعوبها ولكنها اليوم فقدت ذلك وأصبحت زعيمة العنصرية حتى رماها بعض الساسة من الألمان بأنها نازية القرن الواحد والعشرين ، فقد أظهرت الأحداث أن ما تدعيه كذب وسراب خادع وأنها لا تمتلك من الأخلاق ما يمكنها من البقاء .
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
Working...