إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان وسلم تسليماً..
أما بعد. فقد قال الله تعالى: {إنَّ عٌدَّةّ پشٍَهٍورٌ عٌندّ پلَّهٌ \ثًنّا عّشّرّ شّهًرْا فٌي كٌتّابٌ پلَّهٌ يّوًمّ خّلّقّ پسَّمّوّاتٌ وّالأّرًضّ مٌنًهّا أّرًبّعّةِ حٍرٍمِ ذّلٌكّ پدٌَينٍ پًقّيٌَمٍ فّلا تّظًلٌمٍوا فٌيهٌنَّ أّنفٍسّكٍمً وّقّاتٌلٍوا پًمٍشًرٌكٌينّ كّافَّةْ كّمّا يٍقّاتٌلٍونّكٍمً كّافَّةْ وّاعًلّمٍوا أّنَّ پلَّهّ مّعّ پًمٍتَّقٌينّ} كما في آية سورة براءة، وهذه الأشر هي الأشهر القمرية، المعتدة بسير القمر، لا بسير وطلوع الشمس، بدءاً من المحرم إلى ذي الحجة، كذا أجمع عليه المسلمون جيلاً بعد جيل. اقتفاءً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا وان من العقائد الجاهلية، والعوائد الفاسدة البدعية، والظنون الكاذبة، اعتقاد الشؤم بزمان كيوم أو شهر أو سنة، أو اعتقاد الشؤم والتطيُّر ببعض الناس كالأعمى والأبرص والأعور أو بعض المخلوقات كالغراب والبوم من الطيور، أو العقرب والفأر من الزواحف، أو الهواء والبرد والحر ونحو ذلك. ومن الناس من يتعلق قلبه بالتشاؤم من يوم الجمعة، لأنه يتلوه يوم السبت وفيه العمل والدراسة، او يتشاءم من يوم السبت كونه أول أيام الوظائف في الأسبوع.
هذا كله مخالف للعقيدة الإسلامية، باعتقاد التطير والتشاؤم من الأزمان أو بعضها أو من المخلوقات.
ولقد كان من عوائد الجواهلية الأولى التطيُّر واعتقاد الشؤم والنحوس بشهر صفر بعد شهر الله الحرام محرم، وكان لهم في شهر صفر فعلان منحصران، يقدحان في إيمانهم بالله وبقضائه وقدره، والتوكل عليه.
1 أولهما: أنهم كانوا يؤخرون وينسؤون شهر الله المحرم إلى شهر صفر ليحلوا شهر الله المحرم ويذهبوا عنه حرمته على الشهور، فيقعوا في ظلم أنفسهم، وظلم غيرهم، وهو ما عابه الله عليهم بقوله تعالى من سورة التوبة {إنَّمّا پنَّسٌيءٍ زٌيّادّةِ فٌي پًكٍفًرٌ يٍضّلٍَ بٌهٌ پَّذٌينّ كّفّرٍوا يٍحٌلٍَونّهٍ عّامْا وّيٍحّرٌَمٍونّهٍ عّامْا لٌَيٍوّاطٌئٍوا عٌدَّةّ مّا حّرَّمّ پلَّهٍ فّيٍحٌلٍَوا مّا حّرَّمّ پلَّهٍ زٍيٌَنّ لّهٍمً سٍوءٍ أّعًمّالٌهٌمً وّاللَّهٍ لا يّهًدٌي پًقّوًمّ پًكّافٌرٌينّ}.
2 والمحذور الثاني من فعل الجاهلية، أنهم كانوا يتشاءمون من شهر صفر وأنه شهر مشؤوم، فكانوا يمنعون السفر فيه ، أو الحرب فيه، وأن من سافر فيه لقي حتفه أو ما يضره. وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر» فقال أعرابي: يارسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟! فقال صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول؟!
والتشاؤم بشهر صفر أو بيوم الجمعة أو يوم السبت أو غيره من الأوقات أو بالمخلوقات أو بالطيور كله من جنس الطيرة والتطير التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وعدها شركاً كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطيرة شرك» وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل». رواه أهل السنن إلا النسائي، وروى الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قال: وكفارة ذلك أن يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك».
أو يقول كما جاء في حديث عروة بن عامر رضي الله عنه قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أحسبها الفأل، ولا ترد مسلماً ، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك». رواه أبو داود والبيهقي والبغوي وغيرهم وصححه الشيخ محمد بن عبدالوهاب وغيره.
وما هذا العلاج والدواء بهذين الدعاءين الجامعين منه صلى الله عليه وسلم إلا لعلاج ما قد يطرأ على الخاطر من أمر التطير والتشاؤم، فيدافع بالاعتقاد الحق في الله وقدره، وترك الحول والقوة بغيره سبحانه. والواقع أن الذنوب أعظم شؤماً وأعظم خطراً ويجب على المسلم أن يحفظ دينه وقلبه وعقيدته من هذه القوادح والخوارم التي تخرم إيمانه وتوحيده بالله، كما يجب عليه أن يصحح قصده وتعلقه بربه من شوائب الجهل والعوائد الفاسدة، ويتواصى بذلك مع أهله وإخوانه المسلمين، دعوةً ونصحاً ومجاهدةً لما يرد من هذه البدع والمخالفات وفق الله المسلمين لذلك، وأعاننا وإياهم على حسن عبادته وكمال التعلق به، وحمانا من ضد ذلك مما يقدح في مقاصدنا وأقوالنا وأفعالنا وهو سبحانه ولي التوفيق.
المدرس بكلية أصول الدين بالرياض
منقول
أما بعد. فقد قال الله تعالى: {إنَّ عٌدَّةّ پشٍَهٍورٌ عٌندّ پلَّهٌ \ثًنّا عّشّرّ شّهًرْا فٌي كٌتّابٌ پلَّهٌ يّوًمّ خّلّقّ پسَّمّوّاتٌ وّالأّرًضّ مٌنًهّا أّرًبّعّةِ حٍرٍمِ ذّلٌكّ پدٌَينٍ پًقّيٌَمٍ فّلا تّظًلٌمٍوا فٌيهٌنَّ أّنفٍسّكٍمً وّقّاتٌلٍوا پًمٍشًرٌكٌينّ كّافَّةْ كّمّا يٍقّاتٌلٍونّكٍمً كّافَّةْ وّاعًلّمٍوا أّنَّ پلَّهّ مّعّ پًمٍتَّقٌينّ} كما في آية سورة براءة، وهذه الأشر هي الأشهر القمرية، المعتدة بسير القمر، لا بسير وطلوع الشمس، بدءاً من المحرم إلى ذي الحجة، كذا أجمع عليه المسلمون جيلاً بعد جيل. اقتفاءً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا وان من العقائد الجاهلية، والعوائد الفاسدة البدعية، والظنون الكاذبة، اعتقاد الشؤم بزمان كيوم أو شهر أو سنة، أو اعتقاد الشؤم والتطيُّر ببعض الناس كالأعمى والأبرص والأعور أو بعض المخلوقات كالغراب والبوم من الطيور، أو العقرب والفأر من الزواحف، أو الهواء والبرد والحر ونحو ذلك. ومن الناس من يتعلق قلبه بالتشاؤم من يوم الجمعة، لأنه يتلوه يوم السبت وفيه العمل والدراسة، او يتشاءم من يوم السبت كونه أول أيام الوظائف في الأسبوع.
هذا كله مخالف للعقيدة الإسلامية، باعتقاد التطير والتشاؤم من الأزمان أو بعضها أو من المخلوقات.
ولقد كان من عوائد الجواهلية الأولى التطيُّر واعتقاد الشؤم والنحوس بشهر صفر بعد شهر الله الحرام محرم، وكان لهم في شهر صفر فعلان منحصران، يقدحان في إيمانهم بالله وبقضائه وقدره، والتوكل عليه.
1 أولهما: أنهم كانوا يؤخرون وينسؤون شهر الله المحرم إلى شهر صفر ليحلوا شهر الله المحرم ويذهبوا عنه حرمته على الشهور، فيقعوا في ظلم أنفسهم، وظلم غيرهم، وهو ما عابه الله عليهم بقوله تعالى من سورة التوبة {إنَّمّا پنَّسٌيءٍ زٌيّادّةِ فٌي پًكٍفًرٌ يٍضّلٍَ بٌهٌ پَّذٌينّ كّفّرٍوا يٍحٌلٍَونّهٍ عّامْا وّيٍحّرٌَمٍونّهٍ عّامْا لٌَيٍوّاطٌئٍوا عٌدَّةّ مّا حّرَّمّ پلَّهٍ فّيٍحٌلٍَوا مّا حّرَّمّ پلَّهٍ زٍيٌَنّ لّهٍمً سٍوءٍ أّعًمّالٌهٌمً وّاللَّهٍ لا يّهًدٌي پًقّوًمّ پًكّافٌرٌينّ}.
2 والمحذور الثاني من فعل الجاهلية، أنهم كانوا يتشاءمون من شهر صفر وأنه شهر مشؤوم، فكانوا يمنعون السفر فيه ، أو الحرب فيه، وأن من سافر فيه لقي حتفه أو ما يضره. وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر» فقال أعرابي: يارسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟! فقال صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول؟!
والتشاؤم بشهر صفر أو بيوم الجمعة أو يوم السبت أو غيره من الأوقات أو بالمخلوقات أو بالطيور كله من جنس الطيرة والتطير التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وعدها شركاً كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطيرة شرك» وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل». رواه أهل السنن إلا النسائي، وروى الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قال: وكفارة ذلك أن يقول أحدهم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك».
أو يقول كما جاء في حديث عروة بن عامر رضي الله عنه قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أحسبها الفأل، ولا ترد مسلماً ، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك». رواه أبو داود والبيهقي والبغوي وغيرهم وصححه الشيخ محمد بن عبدالوهاب وغيره.
وما هذا العلاج والدواء بهذين الدعاءين الجامعين منه صلى الله عليه وسلم إلا لعلاج ما قد يطرأ على الخاطر من أمر التطير والتشاؤم، فيدافع بالاعتقاد الحق في الله وقدره، وترك الحول والقوة بغيره سبحانه. والواقع أن الذنوب أعظم شؤماً وأعظم خطراً ويجب على المسلم أن يحفظ دينه وقلبه وعقيدته من هذه القوادح والخوارم التي تخرم إيمانه وتوحيده بالله، كما يجب عليه أن يصحح قصده وتعلقه بربه من شوائب الجهل والعوائد الفاسدة، ويتواصى بذلك مع أهله وإخوانه المسلمين، دعوةً ونصحاً ومجاهدةً لما يرد من هذه البدع والمخالفات وفق الله المسلمين لذلك، وأعاننا وإياهم على حسن عبادته وكمال التعلق به، وحمانا من ضد ذلك مما يقدح في مقاصدنا وأقوالنا وأفعالنا وهو سبحانه ولي التوفيق.
المدرس بكلية أصول الدين بالرياض
منقول