(نسبه الرسول صلى الله عليه وسلم وما قبل نبوته) :
هو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق ، فلنسبه من الشرف أعلى ذروة ، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان ( قبل إسلامه) بين يدي ملك الروم ، فأشرف القوم قومه ، وأشرف القبائل قبيلته ، وأرف الأفخاذ فخذه .
فهو محمد بن عبدالله ، بن عبد المطلب ، بن هاشم ، بن عبدمناف ، بن قصي ، بن كلاب ، بن مرة ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر ، بن مالك ، بن النضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة ، بن إلياس ، بن مضر ، بن نزار ، بن معد ، بن عدنان .
إلى هاهنا معلوم الصحة ، متفق عليه بين النسابين ، ولا خلاف فيه البتة ، وما فوق ( عدنان ) مختلف فيه . ولا خلاف بينهم أن( عدنان ) من ولد إسماعيل عليه السلام ، وإسماعيل : هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم .
وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجهاً ، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : هذا القول إنما هو ملتقى من أهل الكتاب ، مع أنه باطل بنص كتابهم ، فإن فيه : إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بِكره ، وفي لفظ وحيده ، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده ، والذي غرّ أصحاب هذا القول أن في التوراة التي بأيديهم : اذبح ابنك إسحاق ، قال : وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم ، لأنها تناقض قوله : اذبح بكرك و وحيدك ، ولكن اليهود حسدت بني إسماعيل على هذا الشرف ، وأحبوا أن يكون لهم ، وأن يسوقوه إليهم ، ويتحاوزوه لأنفسهم دون العرب ، ويأبى الله إلا أن يجعل فضله لأهله . وكيف يسوغ أن يقال : إن الذبيح إسحاق ، والله تعالى بشر أم إسحاق به وبابنه يعقوب ، فقال تعالى عن الملائكة : إنهم قالوا لإبراهيم لما أتوه بالبشرى (( وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ )) [ هود : 71،70 ] فمحال أن يبشرها بأنه يكون لها ولد ، ثم يأمر بذبحه ، ولا ريب أن يعقوب عليه السلام داخل في البشارة ، فتناول البشارة لإسحاق ويعقوب في اللفظ الواحد ، وهذا ظاهر الكلام وسياقه ....الخ (من ص71 إلى ص 74) .
ولنرجع إلى المقصود من سيرته صلى الله عليه وسلم وهديه وأخلاقه فلا خلاف أنه ولد صلى الله عليه وسلم بجوف مكة، وأن مولده كان عام الفيل ، وكان أمر الفيل تقدِمة قدّمها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وبيته الشريف ، و إلا فأصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كتاب ، وكان دينهم خيراً من دين أهل مكة إذ ذاك ، لأنهم كانوا عباد أوثان ، فنصرهم الله على أهل الكتاب نصراً لا صنع للبشر فيه ، إرهاصاً وتقدمة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي خرج من مكة ، وتعظيماً للبيت الحرام .
واختلف في وفاة أبيه عبدالله ‘ هل توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل ، أو توفي بعد ولادته ؟ على قولين أصحهما : أنه توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل .
والثاني : أنه توفي بعد ولادته بسبعة أشهر . ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة " بالأبواء " منصرفها من المدينة من زيارة أخوله ، ولم يستكمل إذ ذاك سبع سنين .
وكفله جده عبد المطلب وتوفي ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمان سنين ، وقيل ست ، وقيل عشر ، ثم كفله عمه أبو طالب ، واستمرت كفالته له ، فلما بلغ ثنتي عشرة سنة ، خرج به عمه إلى الشام ، وقيل : كانت سنه تسع سنين ، وفي الخرجة رآه بحيرى الراهب ، وأمر عمه ألا يقدم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود ، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة ، ووقع في كتاب الترمذي وغيره أنه بعثه مع بلالا ، وهم من الغلط الواضح ‘ فإن بلالا إذ ذاك لعله لم يكن موجوداً ، وإن كان ، فلم يكن مع عمه ، ولا مع أبي بكر ، وذكر البزار في " مسنده " هذا الحديث ، ولم يقل : وأرسل معه بلالاً ، ولكن قال : رجلاً .
فلما بلغ خمساً وعشرين سنة ، خرج إلى الشام في تجارة فوصل إلى " بصرى " ثم رجع ، فتزوج عقب رجوعه خديجة بنت خويلد . وقيل : تزوجها وله ثلاثون سنة . وقيل : إحدى وعشرون ، وسنها أربعون ، وهي أول امرأة ماتت من نسائه ، ولم ينكح عليها غيرها ، وأمره جبريل أن يقرأ عليها السلام من ربها .
ثم حبب الله إليه الخلوة ، والتعبد لربه وكان يخلو بـ" غار حراء " يتعبد فيه الليالي ذوات العدد ، وبغضت إليه الأوثان ودين قومه ، فلم يكن شيء أبغض إليه من ذلك .
يتبع في الحلقة القادمة إنشاء الله ............
هو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق ، فلنسبه من الشرف أعلى ذروة ، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان ( قبل إسلامه) بين يدي ملك الروم ، فأشرف القوم قومه ، وأشرف القبائل قبيلته ، وأرف الأفخاذ فخذه .
فهو محمد بن عبدالله ، بن عبد المطلب ، بن هاشم ، بن عبدمناف ، بن قصي ، بن كلاب ، بن مرة ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر ، بن مالك ، بن النضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة ، بن إلياس ، بن مضر ، بن نزار ، بن معد ، بن عدنان .
إلى هاهنا معلوم الصحة ، متفق عليه بين النسابين ، ولا خلاف فيه البتة ، وما فوق ( عدنان ) مختلف فيه . ولا خلاف بينهم أن( عدنان ) من ولد إسماعيل عليه السلام ، وإسماعيل : هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم .
وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجهاً ، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : هذا القول إنما هو ملتقى من أهل الكتاب ، مع أنه باطل بنص كتابهم ، فإن فيه : إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بِكره ، وفي لفظ وحيده ، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده ، والذي غرّ أصحاب هذا القول أن في التوراة التي بأيديهم : اذبح ابنك إسحاق ، قال : وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم ، لأنها تناقض قوله : اذبح بكرك و وحيدك ، ولكن اليهود حسدت بني إسماعيل على هذا الشرف ، وأحبوا أن يكون لهم ، وأن يسوقوه إليهم ، ويتحاوزوه لأنفسهم دون العرب ، ويأبى الله إلا أن يجعل فضله لأهله . وكيف يسوغ أن يقال : إن الذبيح إسحاق ، والله تعالى بشر أم إسحاق به وبابنه يعقوب ، فقال تعالى عن الملائكة : إنهم قالوا لإبراهيم لما أتوه بالبشرى (( وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ )) [ هود : 71،70 ] فمحال أن يبشرها بأنه يكون لها ولد ، ثم يأمر بذبحه ، ولا ريب أن يعقوب عليه السلام داخل في البشارة ، فتناول البشارة لإسحاق ويعقوب في اللفظ الواحد ، وهذا ظاهر الكلام وسياقه ....الخ (من ص71 إلى ص 74) .
ولنرجع إلى المقصود من سيرته صلى الله عليه وسلم وهديه وأخلاقه فلا خلاف أنه ولد صلى الله عليه وسلم بجوف مكة، وأن مولده كان عام الفيل ، وكان أمر الفيل تقدِمة قدّمها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وبيته الشريف ، و إلا فأصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كتاب ، وكان دينهم خيراً من دين أهل مكة إذ ذاك ، لأنهم كانوا عباد أوثان ، فنصرهم الله على أهل الكتاب نصراً لا صنع للبشر فيه ، إرهاصاً وتقدمة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي خرج من مكة ، وتعظيماً للبيت الحرام .
واختلف في وفاة أبيه عبدالله ‘ هل توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل ، أو توفي بعد ولادته ؟ على قولين أصحهما : أنه توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل .
والثاني : أنه توفي بعد ولادته بسبعة أشهر . ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة " بالأبواء " منصرفها من المدينة من زيارة أخوله ، ولم يستكمل إذ ذاك سبع سنين .
وكفله جده عبد المطلب وتوفي ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمان سنين ، وقيل ست ، وقيل عشر ، ثم كفله عمه أبو طالب ، واستمرت كفالته له ، فلما بلغ ثنتي عشرة سنة ، خرج به عمه إلى الشام ، وقيل : كانت سنه تسع سنين ، وفي الخرجة رآه بحيرى الراهب ، وأمر عمه ألا يقدم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود ، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة ، ووقع في كتاب الترمذي وغيره أنه بعثه مع بلالا ، وهم من الغلط الواضح ‘ فإن بلالا إذ ذاك لعله لم يكن موجوداً ، وإن كان ، فلم يكن مع عمه ، ولا مع أبي بكر ، وذكر البزار في " مسنده " هذا الحديث ، ولم يقل : وأرسل معه بلالاً ، ولكن قال : رجلاً .
فلما بلغ خمساً وعشرين سنة ، خرج إلى الشام في تجارة فوصل إلى " بصرى " ثم رجع ، فتزوج عقب رجوعه خديجة بنت خويلد . وقيل : تزوجها وله ثلاثون سنة . وقيل : إحدى وعشرون ، وسنها أربعون ، وهي أول امرأة ماتت من نسائه ، ولم ينكح عليها غيرها ، وأمره جبريل أن يقرأ عليها السلام من ربها .
ثم حبب الله إليه الخلوة ، والتعبد لربه وكان يخلو بـ" غار حراء " يتعبد فيه الليالي ذوات العدد ، وبغضت إليه الأوثان ودين قومه ، فلم يكن شيء أبغض إليه من ذلك .
يتبع في الحلقة القادمة إنشاء الله ............